مينا راضي تكتب : يَومٌ عادي

مينا راضي تكتب : يَومٌ عادي
مينا راضي تكتب : يَومٌ عادي
استَيقَظَ كأنهُ لم يَنَم. رُبَّما كان مُستَيقِظًا منذُ بدئِ الخَليقة. الغَريبُ هو أن غُرفَتهُ كانَت هادِئة، بل إنها المَكانُ المِثالي لمُمارَسةِ الوِحدة. رغمَ الهُدوءِ المُكَرَّرِ في تلك الغُرفة إلا أنه استَيقَظَ على صوتِ ارتِطامه. ها هو ذا يَسقُطُ من فراشهِ مُرتَطِمًا بإسفَلتِ الواقعِ مَرّةً أخرى. رغم تَوافُرِ الأبواب إلا أنهُ لم يَكُن يستَطيعُ الهَرَبَ من رأسهِ المُقفَل. كان مُقيَّدًا بأغلالِ الرأس مالية، مُلتَصِقًا بذلك الكُرسي الذي مازال يُطارِده. كان كل شَيءٍ يُطارِده، كَومةٌ شَرِسةٌ من الأوراق، فَراغاتٌ جائعةٌ لالتِهامِ الأجوِبة، أخطاءٌ مُتَّشِحةٌ بالصَواب، مَسؤولياتٌ لا تَكُفُّ عن التَكاثُر. نظَرَ إلى المرآةِ بعد أن غسَلَ وجههُ بمَزيدٍ من ذلك الماءَ المُخَدِّر، ارتًدى نفس البَدلةِ التي تَطلي مُحَيّاهُ بشيءٍ من الأبَّهة، ثم غادَرَ و هو يَشعُرُ بذلك المُسَدَّسِ يَكادُ يَنشَبُّ في صِدغه، غادَرَ و تركَ الفَقرَ الذي كان يَنامُ على وِسادَته بعُمق.