حب الوطن يدفعه للرجوع من أوربا لمصر سيرا على الاقدام
مازلت متذكر تلك القصة بكل تفاصيلها القصة التى حكاها لى جدى وانا صغير رغم مرور عشرات السنين واقتراب صفحه العمر من الانطواء
قال لى جدى
.....
..
محمد احمد شخصية جذبت انتباهى حينما كنت فى السادسه من عمرى..
كان اول تعرفى به حينما كنت ازور الجرن ذات مره سمعته ينادى على ...محمد ..حماده.....
كان عملاق قوى البنيه فارغ الطول
يحب العمل والانتظام فيه حبا شديدا فهو ياتى فى الصباح الباكر للعمل فى حفر وتطهير المصارف الزراعية
...وعندالظهيره ينشر مخلته وقد تعرفت على محتوياتها وهى برد للشاى وكوب مطلى وورقة بها قليل من الشاى والسكر بالاضافه الى قصبه متصل فى نهايتها قطعة قطن وقطعه معدينه وشظيه حجر يستخدم فى اشعال النار ...
لفت نظرى فى المخله ورقة مطوية بعناية رفض اول الاول ان يطلعنى عليها لكن بعد ان تعدد جلوسي معه واطمئن ووثق فى
اطلعنى عليها
.....
توضح الورقة انه فى 20يناير عام1915 جندت السلطات الانجليزية محمداحمد فى فرقة العمال والخياله مقابل 3 جنيه شهريا بالاضافة الى الكساء والغذاء ولم يكن يعرف ذلك الا بعد ان ارغم على توقيع ورقة التطوع
واعطوه الورقه لكى يحتفظ بها
..بعدها رحل محمد الى سيناء حيث اشتغل بتركيب سكك حديد سيناء ثم ارجعوه الى الاسكندرية حيث اركبوه مركب الى فرنسا ثم الى بلاد البلجيك حيث استمر وقتا طويلا فى حفر خنادق الجنود وتمهيد الطرق وبناء الكبارى على الانهار وكان العمل يبدا من الفجر حتى منتصف. الليل والطعام قليل والكساء بقايا ملابس الجنود وبعد اشهور طويلة فجاة توقف كل شئ وانسحب الجنود المرفقين لهم وتركهم للانفسهم فمنهم من استوطن تلك البلاد ومنهم من هام على وجهه وكان محمد احمد من الفريق الثانى
اخذ يتجول فى البلاد ويعمل فى اى عمل يوفر له طعام او اجر
يقول محمد انه كان مشغول بالعوده الى بلده وسأل عنها حتى دله الناس الى ان يسير شرقا حتى يصل تركيا ومن هناك يسال عن الطريق الى مصر
فمشى شرقا ومر فى بلاد ألالمان والنمسا والمجر والرومان وبلغاريا ثم وصل استامبول وعبر الى تر كيا
وبها كثيرا من المسلمين وفيها اشتبك فى معركة فقد فيها عينه اليسرى حين ضربه فيها جندى تركى بسونكى البندقيه
ثم اخبره القوم ان يتجه قبلى فاخترق الشام وفلسطين ثم اتجه غربا فى سيناء حيث عمل كثيرا فى جنى التين ثم عبر قناة السويس بمركب واستمر فى السير غربا حتى وصل الى منطقه بها نبات البردى والحلفا وهى قرية النوايجة واستقر فيها ..لانه لم يكن له اهل بالاسكندريه
هنا عقب جدى وقال
عرفت لماذا امتنع محمد احمد عن مخالطة اهل النوايجة فقد كان يتمتع بخبرات واسعه لم تتاح لهم
وقد احتفظ محمد طوال تلك السنوات بورقته هذه التى تخول له مطالبة الحكومه بنحو 300جنيها
غير ان هناك هاجسا أخر وهو الخشيه من تجنيد الحكومه له مره اخرى ففضل ان يظل مجهولا حتى انه تأخر فى الزواج لانه كان يترتب عليه ادراج اسمه فى دفاتر المتزوجين وبذلك يمكن للحكومه ان تتعرف على مكانه وهو ماكان يخشاه
احمد محمد ابورحاب باحث واديب
موظف فى وزارة الثقافة المصرية