حسين الذكر : "مسيرة وعي كان وسيبقى هو الهدف .. لم تتوقف في البحث عن كائن وكون كل ما فيه مجهول حتى الآن "
حاورته : إلهام عيسى
- لم تبلغ البشرية بعد ذلك السر المكنون، ولا أظنها الآن، ولا في المستقبل ستصل ذروته ..
- التاريخ سفر نتعلم من عبره .. لكنه لا يبلغنا الحقيقة، ولا نبني عليه الحجج فالكثير منه مزور وموظف لغير الحقيقة .
- لا شيء يدعو للفخر أكثر من المعرفة والسلوك القويم ..
- الكتاب .. كان وسيبقى الرفيق الأول والأوحد لبلوغ كل هدف أرضي وسماوي ؛ إذ لا عبادة ولا معرفة دون كتاب ..
- الحقيقة - بمعناها الضيق - هي المصالح الأنوية وخلاف ذاك يعد نفاقاً .. أما الحقيقة المطلقة فهي التكامل نحو الله بلا حدود .
حاوره – إلهام عيسى
-من هو حسين الذكر ؟
قبل كل شيء هو إنسان تشرف أن يكون أحد نتاجات السماء المتمخضة بكرم منها على أهل الأرض .. تولد عام 1965 بغداد الكرخ .. تتلمذت ودرست ولعبت وكبرت وتثقفت في مدينة الحرية حتى أكملت الإعدادية، ثم حصلت على شهادة بكالوريوس إعلام من جامعة بغداد ،ثم نلت شهادة الماجستير بالتاريخ الحديث من معهد التراث والتاريخ العربي .. عملت بالصحافة والإعلام كاتباً ومعداً ومقدماً لعدد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ، وما زال قلمي ينبض مداده بما أحب وأتمنى، وإن لم يتحقق كثير منه على أرض الواقع .. في مسيرة ما زلنا نشكل أدواتها من أجل تحسين الحال التي نسعى إليها كأنموذج في مدينة نتمنى أن تكون فعلاً فاضلة ، ولو بالحد الأدنى من الفضيلة المتعارف عليها في حفظ حقوق الإنسان وبقية الكائنات .
-كيف تنظر إلى الحياة ؟
الحياة هبة ربانية لا يمكن أن يجود بها أحد غيره على الإنسان .. تنطوي على كثير من التجارب والألم والأمل .. قمة السعي فيها الحصول على الحكمة وإدارك ما لم يدرك .. هي أيام تُقضى، والفتى حيثما كان أسير القدر .. علينا أن نعيشها على قدر الحدث، وألا نكون أشراراً تحت أي عذر كان ، فالشر نهاية عنوان الإنسانية، وبعده تسقط المعاني السامية، ولا قيمة عند ذاك للحياة التي أفقدها الإنسان الشرير حسنها ، ونزع عنها جمالها وحيويتها ، وحرف هويتها ،بل شطب عنوانها الأسمى .
-ما وضعك الاجتماعي ؟
متزوج ، وهبني الله بفضله بناتاً وبنيناً..... فرغم صعاب مسؤوليتهم إلا أنهم يشكلون روح الدنيا وطعمها عندي شئت أم أبيت .. لدي أسرة وبيت، وأعيش في وطن برغم تقلباته أعده الأجمل بين بقاع العالم ..
- أي المطالعات تستهويك ، و ما آخر كتاب قرأته ؟
كل المطالعات جميلة ما دامت تضيف إلى معلوماتي الجديد ، وتزيدني خبرة معرفية .. وأكثر الكتب التي تستهويني ما يختص منها بالفلسفة والدين والتاريخ والاجتماع والسياسة والفن والرياضة ... وغير ذلك .. فالقراءة من أهم نعم الله على الإنسان ، ولوها لفقدت اعتباري وقيمتي .
- الضمير محسوس أم ملموس ؟
لا شيء فاصل بين الحس واللمس .. لم تبلغ البشرية بعد ذلك السر المكنون، ولا أظنها الآن، ولا في المستقبل ستصل ذروته ،وإن بلغ بعض الأفراد من أصحاب العقول الكبيرة والنفوس التواقة والفكر الصافي والروح الطاهرة تلك النتيجة .. لكنهم لم يتمكنوا من ترجمة الفحوى على أرض الواقع؛ لصعوبة ذلك ؛ لذا تحولت مخاضاتهم إلى مجرد شعارات ووصايا وحكم ما زالت تضيء لنا الدرب مع عسرته .. الضمير كائن في ذلك المكنون .. فهو حس وجداني نابع من رحمة الله، ويتناقل جيلا بعد جيل يتوراثه الإنسان كقرين للكرامة الإنسانية التي نفقدها بفقد الضمير .. أما اللمس فهو ترجمانه الحقيقي عبر فيض الخير الذي يمكن لنا أن نعبر من خلاله عن كل شيء جميل .
- مع من تفضل السفر ؟
هنا سفران الأول هو التحليق في عالم الفكر والانفصال عن الواقع في لحظات وأوقات معينة، وذلك السفر لا يحتاج إلى تأشيرة وجواز وصحبة .. فأفضل ما فيه هو الحرية وتوق الفكر وعدم الخضوع لعالم الدنيا والدنية منه تحديداً.. أما السفر إلى أماكن ومدن ودول أخرى لغرض العمل أو الاصطياف - وأظنك تقصد هذا – فبالتأكيد للزمالة والصداقة والمحبة مقاربة روحية تفرض نفسها ؛ إذ إن الطيور حتماً على أشكالها تقع ..
- كيف يكون شعورك في حالة الفرح؟
لا تعبير أفضل من شكر الله على نعمه ، فلا أظن أن للإنسان قدرة دون السماء لتحقيق أي منجز يدعو للفرح .. غير ذلك هو جهل مقيت لا أتمنى أن أخضع واقعاً في وحله .
- في حالة الحزن ؟
الحزن جزء من الحياة هو وجه من أوجه التعبير الإنساني عن الألم .. ولا يمكن أن يشكل نهاية المطاف مهما كانت الخسائر والتضحيات؛ إذ إن الدنيا لا تتوقف على جزيئية ومحطة ما .. ينبغي الصبر ولملمة الجراح، والمضي قدماً بحمد الله ، وشكره على النهوض مرة بعد مرة ..
- هل لديك هموم أم تطلعات ؟
الهموم نصف الإنسان، والباقي ينبغي أن يكون فرحاً بلا مبالغة ولا كدر ولا رضوخ .. بقدر ما هي تطلعات إنسانية ، فإذا كان الفرح شخصياً ينطوي على كثير من الذاتية التي لا تليق بمفكر، بل ولا حتى إنسان عادي .. فالكائن الإنساني الواعي ينبغي أن يكون كتلة من المشاعر والأحاسيس التي تعبر عن امتداد الفرد ، بل تتجسد من خلال بيئته وعالمه وإنسانيته .. أي إن الفرح والهم كلما كانا أعم زادت التطلعات، وسمت الأمنيات، وتعقدت الافراح، لكنها في النتيجة أجمل وأرق وأعذب من أنانية الفرد ومقت الأنا فيها .
- الشعور بالذنب ؟
الاعتراف بالخطأ فضيلة، وكلنا خطاؤون، ومن الخطأ تلمس الصح .. وعلينا دوماً أن نشعر بالذنب لأنانيتنا المفرطة ،وطموحاتنا غير المشروعة، ومن ثم نحاول أن نجسد ذلك الغفران بمنهجية تجاوز الخطأ، وعدم الوقوع فيه، ثم إشاعة ثقافة الصح والتسامح قدر الإمكان كأهم رسالة ينبغي أن ننهض بها على طريق الإصلاح العام .
- شخصية تمنيت مقابلتها ؟
كل المثل والقيم التي عشناها وقرأنا وسمعنا عنها بما تحمل من مضامين إعجازية صعبة الإتيان .. كنت وما زلت أتوق أن أتواصل معها ، ليس عبر التجسيد الشخصي المقابلاتي والصوري فحسب .. بل هناك تواصل مع من نحب، وأي أنموذجية من الأحياء والأموات من خلال الانسجام والاتساق معهم بالأفكار، والإحساس الروحي ،وهذا هو الأهم .
- من هو مثلك الأعلى في الحياة ؟
التاريخ مليء بالأنموذجية الراقية العالية التي يتمنى الإنسان أن يكون على مرتبة قريبة منها : أمثال الأنبياء والأئمة والصالحين، وكذا الفلاسفة أجمعين أخص منهم بالذكر الشهيد سقراط .
- شخصية ساعدتك ؟
( أمي وأبي رحمهما الله .. ولاحقاً زوجتي وأسرتي .. وكل أصدقائي عبر مراحلي التاريخية .. وهناك جنود مجهولون يبعثهم الله لنا لإنارة الطريق ومساعدتنا والوقوف معنا، ولهم الفضل كل الفضل في المضي قدماً حتى نبلغ محطة الختام وحسن العاقبة بإذن الله ) .
- كيف تنظر إلى التاريخ ؟
التاريخ سفر وكتاب ممدود نتعلم منه، ونستفيد من تجاربه ودروسه وعبره .. لكنه لا يمكن أن يبلغنا الحقيقة، ولا نستطيع أن نبني عليه الحجج والبراهين، فالكثير من التدوينات المكتوبة، وكذا المنقولة مزورة وموظفة لغايات وأهداف معينة مخالفة للحقيقية .. وكتبت بأيد وأقلام قوى مصلحية لا يمكن أن تبحث عن المثالية ؛ لذا فإن الوعي وحده قادر على الفرز بين الغث والسمين .. والله ولي الصالحين والهادي إلى اليقين ..
- المستقبل ؟
المستقبل ليس مجهولاً كما يتصور البعض .. فكل إنسان حتى البسيط يدرك أن نهاية كل منا الموت ، وانتهاء رحلتنا الأرضية .. لكن يجب أن ندرك أهدافنا التي نريد ونحددها وفق الإمكانات المتاحة .. فالمستقبل ليس سهماً سماوياً يتخطى المسافات ، بل هو محطات نرتقي ونصل إليها بتوفيق الله وسداده، وحسن الأخلاق والعلم ؛ لبلوغ محطاته .. عند ذاك هو خط وهدف تسعين بالمئة منه نتاج عقلنا وأحاسيسنا ومسؤولياتنا الاجتماعية والفكرية ..
- الماضي ؟
الماضي ... رحلة يجب أن نستفيد من دروسها ، فالوعظ من أهم صفات الإنسان .. ومقولة عفى الله عما سلف هي الأفضل، شريطة أن نستفيد من التجربة ، وألا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين أبداً . والتوفيق من الله في كلتا الحالتين ..
- ما الشيء الذي يشعرك بالفخر ؟
لا شيء يدعو للفخر أكثر من المعرفة والسلوك القويم المبني على العلم، ومن ثم عمل الخير، وإشاعة الثقافات والطاقات الإيجابية التي تدعو بملخصها إلى حماية الإنسان وبقية الكائنات من الظلم .. هذه ليست نبوءات، ولا شعارات، لكنها ترجمان عقل وضمير وقلب حي ..
- الخجل ؟
الخجل والحياء .. إحساس بالفشل من مرحلة وسلوك ومحطة ما .. لكن الزمن كفيل بنسيانها شريطة التعلم، وعدم العودة إليها مرتين عند ذاك تدخل مرحلة العار وعدم الغفران .
- من هم أقرب الأصدقاء إليك ؟
كل من كان رفيقي في الدرب خلال سنيّ عمري هو صديقي وعزيز علي وصاحب فضل، ولو بكلمة طيبة أو سلام أو تفقد أو عشرة ما .. أحب كل من لازمني الطريق، ولن أنسى أحدهم سيما أولئك الذين سكنوا القلوب في محطات وأزمنة متعددة، وبعضهم ما زالوا يمدونكم بالطاقة ، والإيحاء الإيجابي ،والفكر النير والأمل .. فهم منارات محطاتي، ولا رؤية صالحة دونهم . فالإنسان ضعيف دون الآخرين مهما بلغت قدراته الذاتية .
- أجمل هدية تلقيتها ؟
السلام والأمن والمحبة هدايا لن تنتهي، ولا يمكن أن تخسر ،فهي الخير الأكبر ،وهي الطريق ، والهدف الذي نسعى إليه ، فكل ما يأتي بعنوانها، وضمن مقاساتها ،يعد هدية لكل الأزمان ، فالإنسان طموح وجائع ونهم للخير كل حين ؛ لذا نسأل الله أن يجعل أيامنا خيراً وبركة وأماناً وسلاماً .
- ما أجمل مناسبة في حياتك ؟
بلا إجحاد وبرغم الألم الموجوع في كل محطاتي .. لكن نعم الله أكثر من ذلك، وكثيرة ومتعددة هي المناسبات السعيدة الأسرية والوطنية والدينية والإنسانية .. إلا أن كل تقدم أحرزه في طريق المعرفة والعلم والمهنة والخير العام ... هو سرور دائم روحي وفكري، ومداد لا ينقطع أثره ابداً.. بل شراهتي ونهمي وطمعي فيه بلا حدود .
- بمن تتفاءل ؟
كل جميل في الكون يدل على مكنون أجمل ينبغي أن نسعى لبلوغه والإحساس به .. والجمال هنا ليس شكلاً .. بل هو فكر وروح وسلوك .. نتمنى أن يشيع كثقافة عامة في المجتمعات الإنسانية كافة .
- هل تجيد لغة مع العربية ؟
بصراحة كنت وما زلت أتمنى أن أتعلم أكثر من لغة خصوصاً الإنكليزية باعتبارها لغة عالمية .. لكن ظروف عديدة حالت دون ذلك .. مع أني درستها منذ الصغر وما زلت .. لكن لم أحصل منها إلا على بعض المصطلحات والمفردات السوقية ، والحديث البسيط العام غير المتخصص ... وأتمنى أن تدرك الدول أهمية ذلك، وتساعد أهل الاختصاصات من قبيل الفكر والتعليم والثقافة والإعلام على تعلمهم الإجباري عبر تقديم كل الوسائل العلمية في سبيل ذلك الهدف السامي .
- ماذا يعني لك الكتاب ؟
الكتاب .. كان وما زال وسيبقى الرفيق الأول بل هو الدليل الأوحد عندي لبلوغ كل هدف أرضي وسماوي ؛ إذ لا عبادة ولا معرفة دون كتاب .. وسيلتنا للكمال، ولا سير على خطى الله جل وعلا إلا عبره ، وقد قال جلاله : اقرأ.
- الحرية ؟
الحرية إحساس جميل ، وتوق راق واعٍ ومسؤول .. يجب ألا يغيب عن الأذهان؛ لأن الاستسلام موت .. والحرية جمال وبقاء ونقاء .. الحرية ليست شعاراً، بل هدفاً واعياً يجب أن يعيشه الإنسان، ولو في داخله، ويختلج في بوتقة تعابيره مهما قسَت الظروف .
- الهروب من الواقع ؟
الهروب من الواقع ضرورة يحتمها الظرف أحياناً .. حتى من الناحية الشرعية الهجرة حق ، ومطلب حياتي .. والهروب هنا يجب ألا يكون نعامياً .. بل هو مرحلي لغرض إعادة ترتيب الأوراق وتغير الوقائع .
- كيف تنظر إلى الأمور بعقلك أم بقلبك ؟
حتى الآن لم يفرز العلم والتجارب والخبرات ما يجعلنا نحس بفارق جلي بين القلب والعقل، وأيهما الأداة الأكثر سيطرة على سلوكيات الإنسان ، لكن لو افترضنا أن القلب وجدان ومشاعر ، و العقل فكر ووقائع ونتائج سنجد ضرورة التوافق والانسجام بينهما لبلوغ الحد الأدنى من المطلوب باعتبار الإنسان روحاً وجسداً .
- لو لم تكن صحفياً ماذا تتمنى أن تكون ؟
الصحافة ليست مهنة للعيش .. لو كانت كذلك لفقدت تاجها المتوجة به كقوة وسلطة رابعة ، بل أنظر إليها كرسالة إنسانية لا تقل عن مهام الأنبياء والفلاسفة والصالحين .. وهنا الطريق والهدف أسمى ،لا يعادله أي ثمن ولا يعلى عليه شيء .
هل هناك حظ ، وهل أنت محظوظ ؟
التوفيق والتسديد الغيبي موجود ومحسوس لكل إنسان بنسبة معينة لا يعتمد عليها بكل شيء ، ولا تصل أن تكون قاعدة علمية يسلم لها كل شيء ، لكني أعتبر نفسي محظوظاً بأشياء ونعم كثيرة جاد بها الله علي .. وأخريات أيضا كثر لم أرها من هذا الجانب المضيء، ونسأل الله السلامة والتوفيق دوماً.
- المدرسة الابتدائية الأولى ؟
الأم والبيت والشارع والزقاق والأقارب والأصدقاء والطفولة والبيئة والجامع والعادات والتقاليد هي محطاتي التعليمية الأولى في الحياة .
أما مدرستي الابتدائية، فكانت المحمدية ،ثم تغير اسمها إلى مدرسة المصطفى الابتدائية .. وكانت في مدينة الحرية، وقد انتسبت إليها عام 1971م، وما زلت أتذكرها بخير، وأعتز بها ،وبمعلميها الكبار أبداً .
- وأي من الطلاب كنت ؟
طوال حياتي، ومشوار دراستي كنت أعتبر نفسي متفوقاً ومتميزاً بكل شيء .. بمعزل عن الأرقام ؛ إذ تلك تعد نتاج ظروف معينة بعضها خذلني وأخرى حققت لي شيئاً ما بحمد الله وشكره بكل الأحوال .
- نصيحة لمن تقولها ؟
أولاً لنفسي، وبعدها لمن يسمع مني .. تمسك بالوعي كقيمة أساسية لكل المعايير الأخرى، ولا تنظر إلى الحياة، وما أنت فيه ليس محطة أبدية، فالدنيا دوارة بطبيعتها، غدارة بمعطياتها ،لا تنام على عطاء حتى تسترده منك .. إلا ما حفظ الرب ..
- من يغلب الآخر الطبع أم التطبع ؟
سؤال افتراضي .. كالدجاجة والبيضة .. لكن الطبع جذري لا نملك من أسراره كثيراً لنفسر .. أما التطبع بمعنى التعلم والتثقف بظروف معينة قد تكون قاهرة .. فيمكن أن يؤثر أحدهما على الآخر ..
- متى قلت أكون أو لا أكون ؟
شعار يكتنفه كثير من النفاق، وربما بعض المشاعر والأقوال المصطنعة ؛ إذ إن الإنسان ضعيف، وجبل على حب الذات والبقاء ؛ لذا فإن ذلك مجرد شعار ؛ إذ إن الظروف هي من تصنع القرارات، وأتمنى أن تكون كل قرارتي صادرة بنية حسنة ، ومتكلة على الله، ومسددة بتوفيق منه بمعزل عن النتائج والنهايات .
- كيف تنظر إلى المعرفة ؟
المعرفة القيمة الحقيقية للإنسان .. وما له سوى ما سعى ، وأشرف السعي هو العلم الذي لا تُراد منه أهداف دنيوية دنيئة ، بل العلم الذي يقودنا إلى الحقيقة .. آه من تلك الحقيقة التي تبعد عنا ملايين السنين، ونحن نحبو إليها بعمر قصير ، وأدوات ما زالت بدائية حتى الآن .
- ماذا تعني لك ثقافة الصحفي ؟
الصحفي الحقيقي بمعنى ليس ناقل الخبر، ولا هو أداة للتثقيف المؤسساتي .. فكل إنسان له أهداف نبيلة يستطيع أن يكون صحفياً، لا سيما في عالم اليوم حيث النت والصحافة الشخصية .. وإذا ما أدرك الصحفي معنى الرسالة وقيمتها أصبح رسولاً من تلقاء نفسه .. هنا تكمن قيمة العمل الصحفي وجماليته.... عند ذاك لا يقارن بالمقابل المادي المنتظر ..
- أي الأعمال تستهويك ؟
القراءة والسفر وأخبار الخير العام، والمشاركة الاجتماعية، والعيش مع الأصدقاء ممن يحبوني وأحبهم .. وقبل ذلك كله الانعزال بيني وبين نفسي في معراج نحو السماء بعيداً عن كل شيء حتى عن نفسي المكبلة بالمادة وأسرها .وهناك بعض أصدقائي ممن يكون رفيقي بتلك الأسفار عبر الحوار والتمني ، ولو عن بعيد .
- متى وقعت في ورطة ؟
الحياة هي بالأساس اختبار : بمعنى إنها ورطة يجب أن نتخلص من براثنها وقيودها .. في سبيل الخير وليس الشر .. هنا تكمن جماليتها .. الورطة هي ضعف يجب أن يقوينا الله على الخلاص منه ..
- ما الشيء الذي يصعب عليك فهمه ؟
الكون وعظمة خلقه ومعانيه وجلاله .. وغفلة الإنسان فيه ..
- كيف يكون الإنسان قوياً ومتى ؟
القوة هي العلم والإلمام بالفحوى، والوعي بالقضية، والسعي بحق لتحقيق المصالح .. متى ما أحطت بذلك كنت قوياً حقاً، وليس زيفاً !!
- متى تكون عصبياً؟
الإنسان ضعيف، وهو مجموعة أحاسيس ومشاعر مرهفة ،كلما فقد أدنى شيء تهتز تلك المنظومة الأخلاقية الباطنة ؛ لتتأثر وتؤثر، وتتجلى بمظهر خارجي .
-متى تقول لا ، وبقوة ؟
الإنسان لو كان بيده، ولزم زمام أمره لقال لا لكل ما يخالف مصالحه الشخصية والأنوية والمرتبطة بهما .. لكنه دوماً يتشبث بالشعار ،وإن أبطن خلاف ذلك .. مع ذاك يمكن أن تتجلى المواقف شيئاً فشيئاً أكبر عند وجود الحرية بشكل أفضل ..
- من يعجبك من نجوم الرياضة ؟
الرياضة خلق وإنجاز متى اتفق ووفّق الرياضي على الإتيان بها وبلوغ مراتبها فقد حصل على لب الآخر وإعجابه .
- هل تحب قول الحقيقة ؟
الحقيقة - بمعناها الضيق - هي المصالح الشخصية الأنوية الذاتية، وخلاف ذاك كل ما يطلق يعد نفاقاً .. أما الحقيقة المطلقة ،فهي التكامل نحو الله ،وتلك مسيرة بلا حدود ،ولا نهايات، وقد أفلح من زكاها ،وعاش بركابها وهواها .
- تصارح بها الآخرين ؟
الصراحة راحة .. وهنا لا نقصد منها تتبع الفضائح الشخصية أو الجمعية .. فذلك سوء خلق واستغلال ضعف الإنسان لمصالح معينة .. لكن الصراحة حينما تكون تربية وأخلاقاً مجتمعية عامة .. يكون اتخاذها نهجاً سليماً وطريقاً أمثل مريحاً ..
- ما علاقتك بالقلق ؟
الخوف من القادم والحالي .. الخوف من كل شيء ، البيئة الاجتماعية هي التي تصنع ذلك الخوف وتوطنه في نفس الكائن ،وتجعله أسيره طوال الحياة .. مع أن بعض الخوف ليس قلقاً ،بل حرصاً على التوازن .
- هل ندمت على شيء ؟
ابن آدم خطاء ، ومسيرتنا يكتنفها كثير من الغموض والدوافع الخفية، مما يجعل الإنسان بعد مدة أو تفكير أو نتائج معينة يشعر بالندم .. وهو إحساس إنساني طبيعي، ويجب ألا يكون مجلداً ، ولا أداة قسوة للآخر بقدر تعلمه من تجارب سابقة .
- كيف تبرهن على أنك موجود ؟
الوعي .. بالأشياء المحيطة ، والتحلي بروح الصبر والجماعة ،ورفع شعار الخير كهدف وحيد، هو الدليل الأنسب لتحقيق الوجود .
- ما الموقف الذي أغضبك ؟
عدم تحقق المصالح الشخصية، والجمعية بمعناها العام دوماً يدعو للغضب .
- ما الحسرة التي تود الإفصاح عنها ؟
العمر الضائع في مسائل تافهة يعد حسرة ملاصقة لمسيرة الوعي والأكثر حسرة وخسارة أنها لا تحد من ذلك الانصياع للتافه من الأمور .
- من أسطورة التدريب ؟
على مستوى العالم أحب تيلي سانتانا البرازيلي وغواريديولا الإسباني .. وآخرين .. أما على المستوى المحلي فأغلب مدربينا أحبهم، وأتمنى لهم أن يبلغوا الأسطورية في التدريب .
أسطورة الهدافين ؟
محلياً أحمد راضي رحمه الله، ويونس محمود .. وكذا آخرون .. أما على المستوى العالمي فميسي وماردونا ( ر) الأرجنتينيان ،ورنالدو البرتغالي ،وروماريو البرازيلي .. وغيرهم !!
ماذا يمثل لك المال ؟
المال مجرد وسيلة لسبل الحياة .. لا قيمة له، ولا سلطان على من اتخذ الحقيقة هدفاً ، والفلسفة وسيلة ..
- ماذا تعني لك الطفولة ؟
الطفولة .. بدايات بريئة، ومرحلة لا يمكن نسيانها ،وهي تشكل اللبنة الأولى لكيانك المستقبلي .
- الصحفي الذي تمنيت العمل معه ؟
الصحافة مهنة ورسالة كل له أسلوبه الخاص ،وهي تفرض عليك زمالات وصداقات قد لا ترغب بها كلها .. لكن العمل له مبرراته .. أما الرسالة الصحفية فإنها تعد فكراً وروحاً وحباً، وهي الأولى في التقييم .. في الزمالة والمسير .. وذلك لا يعني عدم وجود أسماء عديدة تشكل جمالية ومسرات للحياة المهنية .
- المشهد الذي تتمنى رؤيته في الصحافة الرياضية؟
أتمنى أن يكون العمل المؤسساتي هو القابض على مقود التسيير بكل شيء .. فوسطنا الصحفي الرياضي كبقية مؤسسات العراق ينقصه الكثير وينخره أكثر .. نتمنى التوفيق لهم وأن تفتح سبل جديدة للتعبير توازي زمن العولمة ، وتصلح أن تكون إحد أهم أدواته الصحفية ، أما الصحافة الورقية فإلى رحمة الله وإلى الأبد ..
- وجه رسالة إلى الصحفيين ؟
من أراد العيش فإن سبل العيش مشرعة بمجالات عدة .. ومن أراد الوجاهة والسفر فذلك ممكن دون الخوض بما ليس له فيه .. ورحم الله من عرف قدر نفسه فصانها .. ولا أجمل من الإحساس بنقل الحقيقة، أو محاولة صناعة ثقافة الوعي المجتمعي والإنساني .. من أدرك فحوى رسالة الصحافة عاش في كنفها وسعد بين متابعيها ... وإلا فكل شيء زائل ،بل أغلبه سخيف يمثل زخرفاً بلا معان خالدة .
- نبذة عن حياتك الصحفية ؟
عملت صحفياً منذ سنين طويلة رسمياً وهاوياً .. حسب الظرف والإتاحة .. كتبت أكثر من عشرات آلاف الأعمدة الصحفية للصحف المحلية والعربية الورقية والإلكترونية .. ألفت كتباً، وعملت في الإعلام مقدماً ومعداً ومشرفاً .. ومستشاراً، وما زلت أحبو في علم الإعلام والصحافة .. ذلك العلم ذو القمة السرابية كلما تصل محطة تجد نفسك بعيداً عن قمتها الحقيقية .. الأجمل ما في حياتي ومن نعم الله علي التي لا تزول أني ما زالت أكتب ما آراه مناسباً، وما ينبغي العمل به ، وأحسن التعبير عنه .. وهذه نعمة لا تفوقها نعم أخرى .. ؟
- ماذا تقول في الكلمة الأخيرة ؟
الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
لا داعي للغرور ، ولا داعي لبيع المهنة والإنسانية لأسباب ودواع غير إنسانية .. فأنت لست مجرد عربة تقاد، بل لك عقل ووعي، لا سيما لمن يدعي العمل في رسالة الوعي والاحترام والحقيقة ( الصحافة ) .. من عرف نفسه وتجلى بقلمه، فقد عرف ربه وسلك طريقه .. في الختام كنت قبل عقود أطلقت أمنيتن أبديتين الأولى : ( أن أكون على بينة من أمري ) والثانية : ( أن ينتفي الألم العام عن الإنسانية ) .. لم تتحقق أي منهما .. وما زلت سائراً في الطريق لعلي أجد ضالتي .. وعلى الله المستعان ، وهو على كل شيء قدير، وله التسليم .