بمناسبة مئوية ميلاد الفنان محمد رضا

بمناسبة مئوية ميلاد الفنان محمد رضا
بمناسبة مئوية ميلاد الفنان محمد رضا

لا شك أن نجم الكوميديا هو رأس مال وطنه والمحرك الرئيس لقوتها الناعمة، فهو الأقرب لقلوب أهل بلده، يتابعوه ويصدقوه ويضحكوا معه على سلبياتهم لأنه الاقدر على التغيير، والفنان الكبير محمد رضا هو واحد من هؤلاء النجوم الذي أثرى الحياة الفنية وساهم ونجح في محاولات تغيير المفاهيم السلبية لدى رجل الشارع في مصر طيلة حياته الفنية، واليوم وفي ظل تكريم مهرجان الاسكندرية السينمائي في دورته السابعة والثلاثين لمئوية ميلاد محمد رضا نشعر بالرضا أن أخيراً اصبحت مؤسسة بعالمية مهرجان الاسكندرية تكرم نجماً من نجوم الكوميديا وهي مسالة نتمنى أن تصبح عادة مألوفة كل عام لأهمية دور نجوم الكوميديا وتأثيرهم الايجابي في العقل الجمعي الوطني.

 

النشأة والمولد:

كان والد الفنان محمد رضا كثير الترحال بحكم وظيفته في السكة الحديد، وعند انتقاله لأسيوط في قرية الحمرا ولد الفنان محمد رضا عام 1921م، وعند بلوغه عامين، انتقل الوالد لمحافظة الإسماعيلية، وحينما بلغ الطفل محمد رضا عامه الثامن، إنتقل والده لمحافظة السويس التي استقر بها، وفيها قضى الفنان محمد رضا طفولته وشبابه حتى حصل على شهادة البكالوريا عام 1938م.

 

 

علاقته بالفن:

بدأت علاقته بالفن من خلال والده، فبالرغم من أن الأب كان يعمل بالسكة الحديد إلا أنه كان من هواة فن التمثيل، وانضم لجمعية هواة التمثيل بالسويس، وكان يقوم بالكثير من الأدوار في مسرح الهواة بالجمعية وبالطبع كان يصطحب أبنه محمد رضا لحضور البروفات والمسرحيات كل ليلة فارتبط الطفل محمد رضا بحبه للفن منذ نعومة أظافره، ويقول الفنان محمد رضا:

حضوري للبروفات وليالي عرض المسرحيات التي كان يمثلها والدي في جمعية هواة التمثيل جعلتني أقترب من نجمات هذا الزمن أمثال أمينة رزق وعقيلة راتب وزوزو نبيل وزينات صدقي وغيرهن، وذلك لأن مسرح الأقاليم كان يفتقر للممثلات ومن ثم كان يستعين بنجمات المسرح في القاهرة اللواتي كن يشتركن عن طيب خاطر في التمثيل خارج فرقهم المسرحية بالقاهرة.

ويذكر محمد رضا الفنان، تأثير هذه المرحلة التي كان الوالد فيها عضواً بجمعية هواة التمثيل، حيث انضم وهو في مدرسته الابتدائية بالسويس بفرق التمثيل والخطابة وسط ترحيب من أساتذته الذين تنبأوا له بأنه سيكون فناناً عظيماً.

 

 

1938م القاهرة والجامعة:

حصل على الباكالوريا عام 1938م، ويقول: كنت شاب عادي، الفن بالنسبة لي تعلق وهواية لم تمنعني عن مواصلة طريقي الطبيعي في الحياة حيث التحقت بالمعهد العالي للهندسة التطبيقية بجامعة عين شمس ( كلية هندسة عين شمس الحالية بالعباسية ) وكنت أتمتع بلياقة بدنية عالية، فالتحقت بفريق كرة القدم بالجامعة، لكن باحدى المباريات حاولت أن ( أشوط ) الكرة في الجول ولكن جاءت الشوطة في الأرض وتورمت قدماي ونقلوني للمستشفى ومنعني الطبيب من لعب كرة القدم، وبعد عدة أسابيع، التقاني مدرب الملاكمة وأقنعني بأن بنية جسدي تليق بوزن الذبابة وأنه لا ينقصني سوى التدريب، وبالفعل تدربت، وتأهلت لدوري الشباب في الملاكمة، ودخلت المسابقة، ولكن في أول مباراة جاء حظي مع مهندس بوزارة النقل، ولم تكن مباراة وإنما كانت أشبه بثأر وانتقام من هذا المهندس الذي أعطاني علقة ساخنة وصار كل جزء في جسدي يقطر دماً، وانتهت المباراة بفوز مهندس وزارة النقل لعدم التكافؤ، وانتقلت أنا للمستشفى وصارت علامات العلقة الساخنة تحتل كل وجهي وجسدي لشهور، وحيث قررت أن أهجر النشاط الرياضي تماماً وأن لا أعود إليه أبداً.

 

هجرانه للرياضة يدفعه للفن:

شعر بعد هجره للرياضة أن شيئاً ينقصه، كان يذهب لمسارح القاهرة لمشاهدة عروض شارع عماد الدين ويتذكر عشقه القديم للفن وللمسرح، وفي عام 1941م، قرر أن يزور جمعية أنصار التمثيل بالقاهرة،ويقول الفنان محمد رضا: فتنت بالجمعية وأعضائها ومدى علاقات الحب والاحترام بينهم، وقيمة ما يقومون به من عروض مسرحية، فانضممت إليها واصبحت عضواً، وبدأت ببعض الأدوار الثانوية في بعض ما تقدمه من مسرحيات حتى تدرجت لأدوار بطولة كهاوي بدون أجر حتى تخرجت من الجامعة، ولم يكن في ضميري العمل بالفن، وإنما كان بالنسبة لي هواية مهمة مارستها طيلة دراستي بكلية الهندسة، ومن ثم بعد حصولي على شهادة الهندسة سافرت لأهلي بمدينة السويس وتقدمت لشركة آبار الزيوت المصرية التي عملت بها مهندساً عام 1943م.

 

 

فرقة محمد رضا المسرحية للهواة:

حبه للفن وخبرته بجمعية أنصار التمثيل بالقاهرة جعلته يتقدم بطلب في الشركة لتكوين فرقة مسرحية، وبالفعل تمت الموافقة وتكونت الفرقة في عام 1945م وتقدم لطلب عضوية في جمعية هواة التمثيل وصار عضواً بها بعد أن ضم كل أعضاء فرقته بالشركة لجمعية الهواة في السويس.

 

بداية الاحتراف إعلان بمجلة دنيا الفن:

في نهاية عام 1945م أعلنت مجلة دنيا الفن عن مسابقة لاختيار وجوه جديدة للعمل بفيلمين سينمائيين، فتقدم محمد رضا للمسابقة، وبعد ثلاث أسابيع نشرت المجلة إعلانا آخر بأنها بصدد تقليص عدد المتقدمين الذين وصل عددهم إلى 5000 متقدم إلى 500 فقط، ثم بعدها بأسبوعين نشرت إعلانا آخر بتقليص العدد إلى 300، ثم اسبوع آخر ونشرت إعلانا بتقليص العدد إلى ثلاثين، المدهش أن في كل تقليص يظل أسم محمد رضا ضمن الفئة الباقية، حتى جاء يوم الاختبار وكانت لجنة التحكيم مكونة من أمينة رزق وزكي طليمات ويوسف وهبي وصلاح أبو سيف، ونجيب الريحاني وسليمان نجيب، ونجح من الثلاثين متسابق ثلاثة فقط كان ترتيب محمد رضا فيهم الثاني مما جعله يشعر بأنه حصل على شهادة الدكتوراه في التمثيل، وهو الامر الذي جعله يزهد في وظيفته كمهندس بشركة البترول ويقدم استقالته عام 1948م ليحقق طموح أن يكون نجماً في عالم الفن بالقاهرة.

 

 

الفشل في الفن والنجاح في الزواج بالقاهرة:

ظل بعد تقديم استقالته ثمانية أشهر بالقاهرة لم يحرز فيها أي تقدم فني سوى زواجه، ويقول محمد رضا: كانت من أصعب المراحل في حياتي، فتحقيق حلم التمثيل اصبح ضرباً من ضروب المستحيل، وسط هذه الكوكبة العظيمة من النجوم الكبار وقتذاك، ولم أنجز شئ سوى زواجي من زوجتي كريمة، ولكن قبل اليأس بقليل بينما اسير بشارع عماد الدين وجدت المخرج صلاح أبو سيف يسير بجواري فأوقفته وتحدثت معه وذكرته بنفسي وبأني نجحت على يديه في مسابقة مجلة دنيا الفن وطلبت منه أن أعمل معه وحدثته عن اني قدمت استقالتي لتحقيق حلم وجودي في عالم الفن، وبعد الحاح وافق صلاح أبو سيف أن أكون بالأستوديو غداً صباحاً لتمثيل دور ثانوي صغير، ولم أصدق نفسي، وذهبت للأستوديومن السادسة صباحاً، وكان المشهد نهار خارجي والشمس ساطعة، ولما كان الجو شتاء، لم تسطع الشمس، واستمر ذهابي لأكثر من خمسة أيام لعل الشمس تسطع وأقوم بتمثيل دوري لكنها لم تشرق، ولم أجني من هذه الايام الخمسة سوى تعرفي على صديق عمري توفيق الدقن الذي كان يبحث له عن فرصة بالسينما مثلي تماماً والمدهش أنه كان يسكن معي في حي شبرا، الذي طيب خاطري، وصارت صداقة بينه وبيني، وهو الذي عرفني على شلة كبيرة من الفنانين الذين يبحثون عن فرصة ومنهم صبري العزيز وصلاح منصور وغيرهم.

 

 

دخوله معهد الفنون المسرحية:

لم يحرز أي نجاح فني، ومن ثم نصحه أصدقاؤه وعلى رأسهم توفيق الدقن أن يتقدم لمعهد الفنون المسرحية، وبعد مداولات اقتنع محمد رضا بدخول المعهد عام 1949م واستمر بالمعهد لمدة عامين كان يعمل فيها نهاراً بوزارة الشئون البلدية نهاراً والدراسة بالمعهد ليلاً، ثم حدث خلاف بينه وبين احد الاساتذة فلم يتحمل محمد رضا حظه العاثر فقرر أن يستسلم ويترك المعهد ويعود للسويس محملاً بفشله ولكن هذه المرة مع زوجته السيدة كريمة وأن يحاول استعادة وظيفته القديمة في شركة البترول، وبالفعل سافر السويس، ولكن شركة البترول رفضت رجوعه لان قانون العمل بها يمنع عودة المستقيلين، شعر ساعتها وهو المسئول عن أسره أنه مشرد تماماً، ويقول محمد رضا: لم يقف بجواري ودعمني سوى زوجتي كريمة التي اقترحت أن نعود للقاهرة وأن انتظم في معهد الفنون المسرحية الذي تركته وأن أبدأ من جديد.

 

 

العودة للقاهرة والنهوض من جديد:

بعد عودته للقاهرة ودعم زوجته استطاع أن يلتحق بمعهد الفنون المسرحية، وأن يستعيد وظيفته في وزارة الشئون البلدية، بل ويتخرج من المعهد عام 1953م، والمدهش أنه بعد تخرجه مباشرة استعان به المخرج عز الدين ذو الفقار في دور سائق قطار بضاعة في فيلم قطار الليل، كما أنه انضم بعد تخرجه بفرقة المسرح الحديث لزكي طليمات لتمثيل ادوار ثانوية، والتي تركها عام 1958م ليلتحق بفرقة المسرح الحر في أدوار بطولة ثانية.

 

بداية النجومية:

شاهده المخرج نيازي مصطفي وهو يقوم بدور سائق قطار البضاعة في فيلم قطار الليل وأعجب بأدائه الذي دفع نيازي مصطفي عام 1954م لأن يسند له دور المعلم في فيلم فتوات الحسينية أول انطلاقة حقيقية لمحمد رضا ثم فيلم جعلوني مجرماً الذي حصل فيه محمد رضا على جائزة جنباً إلى جنب مع فريد شوقي وهو الأمر الذي لفت الانظار لمحمد رضا من المخرجين والمشاهدين والنقاد، وأيضا الأمر الذي توطدت فيه العلاقة بين فريد شوقي ونيازي مصطفى مع محمد رضا إلى حد أن يقبل محمد رضا وظيفة مخرج ثالث لنيازي مصطفى، إلى جانب تزايد الطلب عليه ليصير أحد أهم نجوم الكوميديا في مصر.

 

 

من أهم أعماله لصالح وطنه مصر:

  1. فيلم عماشة في الأدغال وهو من أهم الاعمال التي اثبتت بها مصر مدى قيمة وأهمية قوتها الناعمة بواسطة رأس مالها الوطني الفني من نجوم الكوميديا.
  2. اعلان التوعية ضد مرض البلهارسيا وكان محمد رضا هو النجم الكوميدي الوحيد الذي له القدرة على أن يصدقه الناس بل وينجح اعلان التوعية لمدةأكثر من خمس سنوات في تقليل عدد المصابين بمرض البلهارسيا.