احتفلنا يوم ٦ من الشهر الجاري بذكرى نصر حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.. فرحنا فرحة عارمة ارتسمت على وجوهنا وأثلجت قلوبنا جميعًا.. أحاديث شهود العيان والخبراء والإعلاميين التى تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة تستحق عن جدارة أن نشيد بها.. وسط هذه الأجواء الجميلة تذكرت الضربات الموجعة لمؤسسات الدولة على يد الخونة والعملاء بتوجيهات من «رعاة البقر» وحلفائهم عقب 25 يناير 20011.. تذكرت أيضًا النغمة السخيفة التى ظهرت ضد قواتنا المسلحة من شخصيات وفئات ومنظمات وحركات وجماعات لا تعرف للوطنية عنوانًا ولا للوطن قيمة ولا للهوية أى معنى.
كما رأيت «المرتزقة» فى هذه الأثناء وللآن يسبون ويلعنون الجيش ويتهمون قياداته باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.. رأيتهم يرفعون شعارات دنيئة تطالبهم بالرجوع الى سكناتهم ليعث هؤلاء المرتزقة فى البلاد فسادًا ويتمكنون من تطبيق السيناريو الأمريكى التى أعلنت عنه كونداليزا رايس «الفوضى الخلاقة».. وهو نفس المخطط الذى تأكدنا من تطبيقه فى كل من: «العراق وتونس وليبيا واليمن وسوريا».. المجلس العسكرى بقيادة المشير محمد حسين طنطاوى – وزير الدفاع آنذاك – فهم واستوعب المؤامرة «القذرة» ضد مصر.. صبر الرجل وتحمل بذاءات «السفلة» التى نالت من المؤسسة العسكرية على مضض حتى تنتهى هذه الغمة ويكشف اللثام عن أعداء الداخل الذين شاركوا أعداء الخارج فى هدم الوطن.. وحانت اللحظة.. وها هم الآن فى غياهب السجون انتظارًا لحكم القضاء.
وسط هذه الأجواء المشحونة ضد الجيش والشرطة..كنت أذهب بين الحين والآخر إلى ميدان التحرير لأستكشف ماذا يجرى.. ملامح المؤامرة كانت واضحة.. رائحة الخيانة كانت تنبعث من شعارات وهتافات ولافتات ونشاطات «العملاء» فى الميدان.. رأيت وسمعت حينها شخصًا تافهًا يُدعى حازم صلاح أبوإسماعيل وهو يعتلى منصة فى هذا المكان ويُحرض أنصاره على «احتلال» مبنى الإذاعة والتليفزيون-حسب وصفه البذئ-الذى تمادى فيه حين قال لهم بالحرف الواحد: «لو الجيش تعرض لكم..اسحقوه» !! .
كنت متأكدًا من أن مخابراتنا «حورس» كانت موجودة فى قلب الميدان ووسط المتظاهرين بعد أن اطلعت على التفاصيل الكاملة لفصول المسرحية..كانت تعرف الشباب البرئ وتتركهم يُخرجون طاقاتهم كيفما يشاءون.. وكانت أيضاً ترصد وتسجل كل صغيرة وكبيرة للخونة سواء أكانت من شباب مثل: «6 أبريل والاشتراكيين الثوريين والسلفيين والإخوان وأمثالهم».. أو من القيادات السياسية والثقافية والإعلامية التى جندتهم دول بعينها ومنحتهم أمولاً ضخمة ثمن خيانتهم.. لم يدرك الخائنون أن المخابرات كانت تنسق مع جيشها وشرطتها وشعبها للقيام بواجبها نحو بلدها.. ارجعوا إلى طريقة إلقاء القبض على الجاسوس الإسرائيلى «إيلان جرابيل» وسط ملايين المصريين فى محيط الميدان حتى تتأكدوا مما أقوله.. مخابراتنا استطاعت أيضًا فى هذه الفترة من «تهكير» منظومة «حيتس» الإسرائيلية للصواريخ أثناء الفوضى التى عمت الشارع.. الأمر الذى أعقبه مباشرة زيارة «أوباما» لإسرائيل للاطلاع على ما حدث لمنظومة صواريخ تل أبيب.. وهذا ما كشفت عنه فى مقال بتاريخ 27-أغسطس-2014 تحت عنوان «والله.. حقيقة مش كذب ولا افتراء».
تطرقت إلى هذه الحقائق عزيزى القارئ بمناسبة 6 أكتوبر لأصفع بها أولاً: وجه من ُيصمم على وصف قواتنا المسلحة بــ «العسكر» وكذلك كل من رفع لافتات وكتب شعارات تُسئ إليهم.. وأيضًا كل من شكك فى نية ونزاهة ووطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى تجاه بلده.. ثانياً: لأهنأ نفسى وبلدى بالنصر العظيم الذىحققه جيشنا الباسل بتخطيط سابق من «عبد الناصر ورجاله» بقيادة بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات على جيش إسرائيل الذى لا يُقهر كما زعم الصهاينة.. ثالثا:ً لأترحم على روح شهدائنا فى كل المعارك التى خاضوها دفاعا عن تراب مصر وكرامة المصريين.. رابعاً: لأنقل للقارئ معلومات من أرشيف وزارة الدفاع الإسرائيلية تضمنت شهادات لقادة وحداتهم وبعض ضباطهم الذين شاركوا فى الحرب.
الإعلام الإسرائيلى كشف عن حالة الهلع والتخوف والجبن التى اعترت الجنود الصهاينة خصوصاُ الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لخوض هذه الحرب.. وأوضح عقيد يدعى «أمير رؤوبنى» قائد الكتيبة 68 التى كان يتشكل معظم مقاتليها من قوات الاحتياط والتابعة للواء «جولانى» بالمنطقة الشمالية فى هضبة الجولان المحتلة حالة السخط التى انتابت قواته ضد قيادتهم بسبب ما رأوه من بسالة المقاتل المصرى وشراسته.. موضحاً أن سيناريو الحرب بهذه الضراوة لم يكن متوقعاً بالمرة.. وأضاف: تفاجأت فى الثانية من ظهر يوم السادس أكتوبر من خلال اتصال لاسلكى يعلن عن بدء قصف الطائرات الحربية المصرية للأهداف الإسرائيلية فى سيناء مع مشاهدة للقوات وهى تعبر قناة السويس.. حينها صرخ أحد جنودى: «لقد جاءوا إلينا وسوف يذبحوننا»، وبعدها انقطع الاتصال وبدأنا نواجه سيلاً عارماً لا يمكن وصفه من قوات الدفاع الجوى المصرى.. هذه شهادة العدو.
فى شهادة أخرى داخل كتاب بعنوان «حياتى» لرئيسة وزراء إسرائيل «جولدامائير» قالت فيه: «لن أكتب عن الحرب- من الناحية العسكرية- فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكننى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى.. وسيظل معى باقيًا على الدوام».
أما موشى ديان-وزير الدفاع الإسرائيلى- فقال: إن الحرب قد أظهرت أننا لسنا أقوى من المصريين وأن هالة التفوق والمبدأ السياسى والعسكرى القائل بأن إسرائيل أقوى من العرب وأن الهزيمة ستلحق بهم إذا اجترأوا على بدء الحرب هذا المبدأ لم يثبت.
شهادات كثيرة اعترف بها هؤلاء المجرمون تؤكد جميعها عظمة وبسالة وشجاعة المقاتل المصرى.. وقد تجلت كل هذه الصفات فى موقف هذا المقاتل بعد 25 يناير مروراً بــ 30 يونيه وحتى اليوم.. فتحية من القلب لقواتنا المسلحة وشرطتنا وشهداء الوطن الذين يضحون بدمائهم وأرواحهم حفاظاً على تراب مصر وحماية شعبها.. ختامًا نشكر جميع الدول العربية وفى مقدمتهم «السعودية» على موقفهم العظيم فى هذه الحرب المقدسة.