بعيداً عن جنسيّتها وانتمائها السياسيّ ومذهبها الدّينيّ.....
والجمال كما يُقال في المثل لايخبئ نفسه....
والجمال البشريّ سيّد الجمال كلّه......
وجمال الشّكل هو جزء من الجمال العام.....
المذيعة الأولى التي شاهدناها وأحببناها على شاشة التّلفاز بالأبيض والأسود في قناة لبنانيّة يتيمة وهي( tl ) تلّة الخياط ....
شاهدناها أيّام الحرب الأهليّة في خاصرة بلدنا لبنان الشقيق....
حينما اقتنينا التّلفاز بهوائيّه الشّامخ(الأنتيل) في آواخر السّبعينات كانت صورة هذه الحسناء هي الأولى لمذيعة أخبار أنيقة تظهر لي وأنا في مرحلة الطّفولة وبداية المراهقة....
كم تأمّلت محيّاها الهادئ وحركات يديها الخجولتين وأصابعهما المنضبطة!
كم حاولت رسم وجهها الحسن وأخفقت مرّات ومرّات وأنا العاشق للرّسم!
كم كنت معجباً بتقديمها لنشرة الأخبار وبنطقها الصحيح لمخارج الحروف وبنبرة صوتها العذب...!
لقد جعلتني هذه الأنيقة بثغرها الجميل وأنا التلميذ الصّغير أعشق لغتي العربيّة الفصيحة وأفاخر بها....!
كم كنت معجباً بابتسامتها المدروسة أحياناً وجديّتها الواجبة أحياناً أخرى دون تكلّف أو تصنع....!
كم كنت معجباً بلباسها الأنيق المحتشم بلونين أجبرنا عليهما هما الأبيض والأسود.....!
مذيعة جميلة لطيفة محبوبة مثقّفة قارئة أخبار ممتازة ومحاورة ذكيّة ناجحة وإنسانة راقية....
لم تكن قادرة وهي المرهفة الإحساس إخفاء دموعها في المواقف الإنسانيّة زمن الحرب الملعونة التي تستدعي منها ذلك....
ودائماً حينما أشاهد مذيعة تقدّم نشرة أخبار أقارنها بالإعلاميّة القديرة سعاد قاروط العشي فهي بقناعتي قدوة للإعلاميّات المذيعات....
ولا شكّ بأنّها متفوّقة بمشاركاتها ببرامج تلفزيونيّة مختلفة وكانت هذه المذيعة ورقة رابحة فيها كلّها....
تحيّة لك أيتها الإعلاميّة القدوة سعاد قاروط العشّي وأنت ترقدين في حضن ذاكرتي ومازال صوتك يتمسّك بمسمعيّ ويأبى أن يُفلت منهما....
وحماك الله وسقى زمانك الجميل الجميل كجمال محيّاك وصوتك وروحك.