كيف يكون العيش لامرأة امتحنت بجميع أنواع الفقد والألم، امرأة لم تتمكن من عيش الدنيا منذ سنوات طويلة تحاول الوقوف على أقدامها مع ألم زوجها في ذاك البيت العتيق . في هاتين الغرفتين فتحت عينيها وعانقت أحزانها وعانقتها .. غرفتين مثل الدانتيل الذي حيك بحبكة منتظمة وحبكتين معكوستين في ظل رجل مريض.. كانت نوبات البكاء قادرة على الشفاعة للزمن ...
هكذا كانت تبدو لي الحياة عبثا وسرابا كلما حاولت الإقتراب منها إبتعدت .. في هاتين الغرفتين كبرت إبنتي الكبرى وكبرت معها أحلامي الوردية . استمررت في تلوين أحلامي باللون الأصفر .. وبعض الأحلام جنون ومحال .. والشيء الوحيد الذي كنا نملكه ولانخاف فقده هو الخوف والهجر وضياع الأمنيات .. هكذا كنت ، أحلم بالهروب من سجني ..
وحينما أدركتُ كُنـه الأشياء التي اقوم بها على نحوٍ مُحبب ومُمِـيت عَـرفتُ أنّ ثَمة شيءٌ جديد يدفعني للهاوية . سمعت أن الباب يفتح بهدوء .تماما كما كنت اغلق المقصورة السرية في الجزء الخلفي من رف مكتبتي . أجبرت على الذعر الذي استولى على حلقي وتحول نظري إلى المدخل . أقف هناك في الظلام . أبدو وكأنني في انتظار حدوث شئ ما .صامتة . وغضبي المكبوت يدفعني لإجراء خطوة حتى لا أشل . لكني وقفت هناك في الظلام .. مع عدم قدرتي البائسة للوقوف إليها ومقاومتها وأخيرا تقول : آثار الرماد السامة التي كانت تملأ الهواء بالمكان أمس وبعد .. أنا أنفد من اللغة وهناك الكثير من القصة لتخبرني بفتح جلدي في قلبي النازف ، وأنا في قضبان طمست رماد آلاف الأميال في ثانية واحدة قبل الاستقرار فوق المشهد تحت الأنقاض ، كما مشيت ضعيفة على طول خطواتي مختلطة بالرماد وحفيف النسيم يضرب على طول شوارعي المهجورة ،فارغة غير معروفة .
===================
بقلم : هدى حجاجي أحمد