أخبار عاجلة

الشاعر محمد الماغوط.. الغائب الحاضر في اورنينا للثقافة والفنون في حمص

الشاعر محمد الماغوط.. الغائب الحاضر في اورنينا للثقافة والفنون في حمص
الشاعر محمد الماغوط.. الغائب الحاضر في اورنينا للثقافة والفنون في حمص

نفذ ملتقى اورنينا للثقافة والفنون  ندوة ثقافية بعنوان الانزياح اللغوي والغموض في شعر محمد الماغوط بمشاركة ثلة من المحاضرين المتميزين وذلك في ثقافي حمص وبحضور جماهير من اهل الثقافة شعراء وكتاب واعلاميين ومهتمين بالشان الثقافي لنتعرف على هذا الشاعر المتفرد

هو محمد احمد عيسى الماغوط

شاعر واديب سوري

من أبرز شعراء قصيدة النثر او القصيدة الحرة في الوطن العربي 

ولد في سلمية بمحافظة حماة

..12 ديسمبر 1934 سلمية  سوريا

تاريخ ومكان الوفاة  3 أبريل 2006

دمشق سوريا سبب الشهرة الأدب الساخر

 من مسرحياته كاسك ياوطن

ومن افلامه: الحدود

 انه شاعر الربابه والشوارع والازقه شاعر الهوامش والمهمشين المتفرد في الشعر العربي المعاصر  والشاعر الذي ظل نفورا لم تستطع جماعة او حزب ان تسجنه في  اطارها  

الماغوط بن الحداثة الشعرية اللبنانية  هو أحد اهم رواد قصيدة النثر العربية  وشاعر التسكع من دون منازع أحدث ديوانه الأول  حزن في ضوء القمر

 صوت بلادي كانت حاضرة وسجلت مجريات الندوة

 

 

الانزياح والغموض في شعر محمد الماغوط 

الدكتور أسامة المتني

تحدث في بداية الندوة قائلا:يعد الشاعر محمد الماغوط من رواد القصيدة النثرية في الوطن العربي شاعر في كل  نصوصه وتفاصيل حياته فهو مدهش متفرد الأسلوب والموهبة فجاءت لغته مشتعلة دائما بقارئها تلسعه كلماتها كألسنة النيران ترجه بقوة فيقف القارىء امام ذاته ناقداباكيا ضاحكا مسكونا بالالم والأسئلة كتب الماغوط الخاطرة والقصيدة النثرية والرواية والمسرحية وسيناريو المسلسل التلفزيوني والفيلم السينمائي وفي كل  كتاباته حزين إلى أخر الدمع عاشق إلى حد الشراسة باحث عن الحرية يقدم نفسه عازفا منفردا وطائرا يحلق خارج السرب لايستعير لغته من احد ولا يابه إلا لنفسه في انتمائه وعشقه وعلاقته بالناس والأمكنة يسافر كل يوم إلى نفسه وذكرياته بذلك أحزانه وأوجاع ه ويستعيد صور أحبته وأصدقائه وعذابات عمره وقد

تميز الماغوط بأسلوبه عن غيره من الشعراء حيث شق طريقامختلفا عن الآخرين فاستطاع ان يضبط العناصر الفنية في اللغة داخل النص الأدبي  مستخدما ابرز التقنيات في قصيدة النثر كتقنية (الانزياح والغموض والتكرار)ليوضح لنا الصورة الغجائعية وازمة الذات التي عاشها حاملا هموم كل الذين شردوا وتبعثرواهنا وهناك راسما صورة حزينة عن نفسه في اغلب نصوصه إذ ولد من تراكيبه وادواته اللغوية إفرازات الصورةالمنشودة والانفعالات المقصودة والانطباع النابع من الذات ليحتضن القارئ بحرارة وشوق وشغف اما ظاهرة الانزياح اللغوي في نصوصه فهي كثيرةجدا كاللواء في الصحراء يهدي التائهين كلما أدلهمت السماءمعبرا عن تجربته الشعورية المتوقدة ليشكل صورا ايحائية تعبيرية من خياله المجنح الذي يسبح الإبداع في كنفه ففي بداية مجموعته الشعرية حزن في ضوء القمر يقول : أيها الربيع المقبل من عينيها/أيهاالكناري المسافر في ضوء القمر خذني إليها/قصيدة غرام اوطعنة خنحر /فانا متشرد وجريح/أحب المطر وانين الأمواج البعيدة /قل لحبيبتي ليلى /إنني مريض ومشتاق/ألمح آثارأقدام على قلبي /دمشق ياعربة السبايا الوردية/

نلاحظ ان الشاعر ابدع في تحقيق الانزياحات الواردة في النص الشعري وهذه الانزياحات :الربيع المقبل من عينيها وأنين الأمواج وأثار الاقدام على قلبي نجد ان كل هذه العبارات انزاحت من معناها الحقيقي لتعطي معنى مجازيا مشبعا بشاعرية بسحر المتلقي وتشعره بالدهشةوالاحساس المثير حيث أراد الماغوط أن  يمنح اللغة صفة من صفات الإنسان لخلق جو من الغرابة والمفاجئة فاستخدم أسلوب النداء ووصف حبيبته وصفا رومانسيا جميلا وبهذا يرمز بها إلى أرض وطنه الذي طالما تغنى به ووصفه بالمعشوقة التي لاتفارق ذاكراته فالماغوط رسام بالفطرة تخرج الصورمن بين يديه في كامل بهائها وأصالتها متشحة بثوب البساطة المعقدة حيث يحبك من ادواته الفنية البسيطة صورا ذات قيمة فنية عالية مماجعله ينجح في تحويل المعاناة الداخلية إلى قصائد لها حضورها الاسر الجميل فجاءت صورهمعبره عن تجربته الشعورية لتشكل مجمعة مخاض العصر ومأساته في ست درجات وهي( الألم ٠السأم٠الحزن٠الغربة٠الضياع٠)واللفت عند الماغوط اصتفاؤه الكبير بأداة التشبيه وكأنه يريد بالشعر إلى بساطته وبراءته الأولى والتشبيه المرسل الذي يركز عليه الشاعر يتصل بحضور الأداة او غيابها

ويعد الشاعر محمد الماغوط من ابرز الثوارالذين حرروا الشعر من عبودية الشكل ودخل ساحة العراك حاملا معه في مخيلته ودفاتره الأنيقة بوادر قصيدة النثر مبتكرا مبحرافكان لايفكر بالضوابط النحوية لحظة الإبداع الشعري وتركيب الكلمات  يعتمد على عمق ثقافته ومن خلال الانزياح استطاع الشاعر ان يظهر لنا القيم الجمالية في شعره ٠٠حزن في ضوء القمر ٠٠حيث تقوم العنونة على المفارقة ولكن  الشاعر لا يجعل المتضادين متنافرين بل يستخدم تقنية الصهر بحيث يكون الحزن  حالا في ضوء القمر والقمر يحتوي الحزن مشكلا من عنواناته  صورة القصيدة التي تدور في فلكها جزئيات تتفاعل مع باقي صور  القصيدة لتحقق شعريتها

 

 

الماغوط وشرف الريادة

الاستاذعطية مسوح تحدث قائلا:

إن ابرز رواد قصيدة النثر ولدوا في ثلاثينات القرن العشرين وهم مجموعة من السوريين إسماعيل عامود 1930ونذير المظمة 1930والياس الفاضل 1932ومحمد الماغوط 1934ويمكن ان نذكر من بينهم يوسف الخال المولود عام 1916وهومن عائلة سورية استقرتفي طرابلس وبما ان ثلاثة روادهذا النمط الشعري الجديدعواد٠٠  عامود٠٠ الماغوط ٠٠هم من أبناء السلمية فإننا نستطيع ان ننسب قصيدة النثرالعربية إلى هذه المدينة السورية ذات الدور المتميز في ثقافتنا الحديثة لقد ووجهت قصيدةالتفعيلة بالرفض او الاستهجان من معظم شعراء قصيدة البحر التقليدية وكثيرمن القراء الذين اعتادت أسماعهم على الشعر العمودي ثم فرض شعر التفعيلة نفسه ندا لقصيدة البحركذلك وقف معظم شعراء البحر والتفعيلةضد قصيدة النثر ورفض كثيرون منهم وضعها في خانة الشعر معتبرين اياها نثرا رفيعا او خواطرأدبية جميلة وهذا الموقف المتطرف الرافض قصيدة النثرقابله موقف متطرف أيضا وبالرغم من الاصوات المتطرفةمن هناوهناك فإن لوحة الشعر العربي المعاصر تتكون كما أشرنامن ثلاثة انماط متعايشةلم يؤثر على غيره تأثيراسلبيا لقد

جاءت تسميةقصيدة النثر التي نستخدمها اليوم بارتياح حصيلة لكثيرمن الجدل وإذا تاملنا هذه التسميةفسنجدها دقيقة جدافهي تعبر عن صفات تجمع هذا النمط من الإبداع بالشعروصفةتبعده عنه فقصيدة النثر تشارك الشعر في كل خصائصه واهمها التكثيف والعمق الوجداني والتعبير المجازي واناقة العبارة والكلمة المشحونة بالطاقة الإيحائية مما يضعها في خانة الشعر ويجعلهاقصيدة توازي قصيدتي البحر والتفعيلةولكنها تفارق الشعر الذي اعتادته الاذن العربية بغياب عنصرالموسيقا فتحمل صفة من صفات النثرومن هذا يمكن القول بان تسمية قصيدة النثر هي تسمية منصفة ولعل قارىء شعر الماغوط يجد ان القضيةالتي شغلت حيزه الاكبرهي قضية الحرية كان شاعرا حرالابمعنى انه يكتب بحرية بل بمعنى أنه يكتب للحرية من يقرا ديوانيه الأول والثالث يجد ان التذمرهو السمةالغالبةعلى قصائدهماواذا كان التذمر الذاتي نزعة تغلب على الشعر الرومانسي العربي بعامة فإن تذمر الماغوط ليس رومانسيا ولاهو ذاتي إنه تذمر الوجدان الجمعي وأن جاء بصيغة فردية لناخذ مثلا القصيدةالتي تحمل عنوان ديوانه الأول (حزن في ضوء القمر )إنها تصلح انموذجاللوجدان الجمعي المتشح بوشاح فردي او للتماهي بين الشخصي والعام في وجدان الشاعرووعيه يبدأ على هذاالنحو:أبها الربيع المقبلمن عينيها أيها الكناري المسافر في ضوء القمر خذني إليها قصيدة غرام اوطعنة خنجر فأنا متشرد وجريح٠٠ثم من دون جسر اووسيلة انتقال يناجي دمشق فيوهم القارىء ان المراة التي احتلت صدارة القصيدة هي دمشق ذاتهالكن امعان النظر يقود إلى أن هناك إمرأة حقيقية اومتخيلةوهناك دمشق التي يؤلم واقعها الشاعر وان الحزن الذي سببه المرأة وملاذ الشاعرمنه المراة ايضايتعاظم في الذات ويعم لتكون دمشق المنهكة العاجزة عن حمل ماضيها المجيدهي نبعا للحزن ايضاوليغدو الشخصي عاما في  النهاية

وفي الفرح ليس مهنتي الصادرعام1970ترتقي نبرة التذمر مع تصاعدالنضج الفني ويرتقي التصاق الخاص بالعام لتكتمل صورة لبيدق الشاعر الماغوط الشعرية بوصفه ابن عصره وشاهد مآسيه التي غدت طبعا تكوينيا موروثالامكتسبا:

آه ياحبيبتي

عبثااسترد شجاعتي وبأسي

المأساة ليست هنا

في السوط او المكتب او صفارات الإنذار

إنها هناك

في المهد ٠٠في الرحم

فاناقطعا

ماكنت مربوطا إلى رحمي بحبل سره بل بحبل مشنقة

اما وقفتنا مع ديوان (غرفة بملايين الجدران)فهي فقط مع هذا العنوان المتفردالي يعطي القارىء جرعة أولى تنبئه بالحنظل الذي سبجرح فمه ويحرق كبده نعم ملايين الجدران تحول بين العربي والحرية  فالعربي لايعيش في قفص يمكنه ان يطلق بصره من خلال شباكه ولا في زنزانة ذات جدران أربعة بل هي ملايين الجدران التي ليس أمنعها جدران الحكومات فالمجتمع هو الاكثر ظلما هو الذي يرسم لك حدود عقلك وسلوكك والويل إن خرجت عن تقاليده ومعاييره الحجرية والماغوط شاعرحتى في نصوصه غير الشعرية يلمس القارىء في كتبه وسامة اللفظ وعمق المعاني وانفتاح الدلالة وإدهاش المجاز والانتقال من  المادي إلى المعنوي ومن المجرد إلى المحدد ومن التفاصيل إلى القضية الكبرى كل ذلكفي حاضنة التذمر والتمرد والرفض هذه الحاضنة هي الرحم الذي تولد منه المشاعر والانزياحات فتكتسب المفردة شحنتها وتغادر اوتكاد دلالتها المعجمية هكذا روح الماغوط تنثر أنفاسها في كل ما كتب كأنهاdnaالشعرترقد في كل كلمةكما ترقدdnaالجسدفي كل خليه

                       

 

 

رواية المرجوحة(الارجوحة)

الأديب نبيل باخص تحدث قائلا:

اذا رغب احد ما ان يعرف سيرة محمد الماغوط فإنه سيجدهابثبوته في كتاباته وخصوصا في روايته الوحيدة(ألأرجوحة) التي كتبهافي العام1974فما أن تقرأبعض سطور من هذه الرواية ستكتشف أن (فهد التنبل)هومحمد الماغوط نفسه وأن (غيمة)المراة التي أحبها بجنون هي سنية الصالح التي أصبحت زوجته لاحقاوهي الجرح الذي لايندمل ابدا منذ رحيلها في العام 1985وربما كان سبب انكساره ومرضه وإدمانه الكحول هو غياب سنية صالح المفجع من حياته في روايته الوحيدة ألأرجوحة يتذكر امه بجنان على عكس علاقته بوالده فيقول عنها (والدتي كانت إمرأة قوية وصلبه علمتها الحياة أن تعتمد على نفسهافي تربيةأبنائها ولقد أصبيت ركبتهاوهي في الثامنة عشرة من عمرها واثر ذلك لم تعدتسنطيع طيها إطلاقا وكانت كثيرة الحركة واذكر أنها زارتني في أيامها الأخيرة في دمشق وكان عمرها يتجاوز الثمانين لكن شعرها ظل يصل الى أسفل ظهرها وكان الجواهري في زيارتي وقد أصيب بالذهول من حديثها وفهمها للحياة حتى انه كتب عنهاخمسة ابيات فيهالكنني اضعت هذه الأبيات ولا اعلم شيئا عن مصيرها اما والدي كان رجلا مسالماوفقيرا وقضى حياته في الحصاد والعمل في اراضي الآخرين كأجير وهذا ماجعل والدتي تفرض سطوتها على المنزل امي كانت امراةجميلة وشاعريةفي طبعها تحب الزهور لكن حنانهاوحبها لنا لم يمنعها من ان تكون صارمة حين يتطلب الامر امي اعطتني الحس الساخر والصدق والسذاجة وروؤية العالم كحلم قابل للتحقق٠٠تصور حين سجنت لاول مرة في سجن المزة جاءت من السلمية للبحث عني والاطمئنان على صحتي وهي لم تزر دمشق من قبل ركبت البوسطة ٠٠

اما زوجته يقول عنها (في حياتي كلها لم اتفق معها نحن من عالمين مختلفين عالمها رومانسي حالم روحاني صوفي بينما كان عالمي يغوص بالوحل والأرصفةوالشوارع والقسوةمع ذلك كانت حياتنا جميلة وقال عنها في روايته الأرجوحة إلى ان جاءت غيمة واحكمت اللجام الحريري بين القواطع وجكت باظافرها الجميلة الصافية قشرةالتابوت وبريق المرآةواغلقت كل الشوارع ولملمت كل اوراق الخريف ووضعتها في انبوب المدخنة للذكرى ولكنه يرددها كالكروان مئات المرات في اليوم:إن حياتي من دونها لاتساوي أكثر من علبة ثقاب)كانت سنية أمي ومرضعتي وحبي ومرضي وكان رأيها اساسيا فيما اكتب فإذا كتبت شيئا وترددت امامه ولوللحظة كنت امزقه واعيد  كتابته اما اذاقالت حلو فكنت احس بالطمأنينة إنها قارئي الأولى ومعلمتي الاولى في الشعر وفي الحياة حين كانت مريضةجلست وهي على فراش الموت اقبل قدميها وقالت لي عبارة لن انساها أنت أنبل إنسان في العالم

كتب على شاهد قبرها :هنا ترقد الشاعرة سنية الصالح أخر طفلة بالعالم)

 

 

 

الماغوط رائد القصيدة الشفوية

الشاعرة رولا الحسن تحدثت قائلة:

حاول كل من الشعراء بندر بن عبد الحميد ونزيه ابوعفش وعادل محمود ومنذر مصري في بداياتهم تشكيل ملامح قوية لاتجاه إبداعي جديد في القصيدة النثريةوهذا الاتجاه هواتجاه القصيدةالشفويةبحسب الناقدمحمد جمال باروت هذه القصيدة تطرح تساؤلات الإنسان في المدينةالعربية المعاصرة حيث تلتقط بدقة ورهافة شديدتين توتر الحياة اليومية وكونها ٠٠شرائحها٠٠صيرورتها٠٠لحظات الإنسانية المستمرةالتفاصيل اليومية التي تشكل الكائن ضمن عجلة الحياة الدائرة ٠٠المشاعر المتناقضةالمواجهة والهروب والتعبير عن كل ذلك لتكون القصيدة في النهاية وجدانا لكل ذلك لقد كانت قصيدة الماغوط إنتاجها فنيالمشاعر المتعفنين البرجوازيين الصغاراليومية في الحياة المدنيةالمعاصرة مقتحما ارضا بكرلم يقتحم مجاهلها احد قيله فقد كتب عن حياة لها سمة الصعلكة  حياة الهامشي فينا ٠٠المخبىء المسكوت عنه ٠كتب عن الجنس والخوف والتسكع ٠٠الحانات  ٠٠التبغ ٠٠البطالة ٠٠احلام الشباب انكسارات الخذلان وذلك عبر قاموس شعري بلغة بسيطة ببساطة الإنسان المدافع عن كرامته والحالم بعالم أكثر عدالة ورحمة

استطاع الماغوط بطريقة مختلفة ان يترجم هذه المشاعر فيناوينقل فينا هذه الحياة المليئة بالضجيج والتناقضات والتفاصيل المنهكة من جعل الكلام العادي اليومي المستهلك إلى حقل الكلام الشعري مطل بخلفية روما نتيكية وهنا يمكن ان نشير إلى ان الماغوط استطاع ان يحقق توافقا مابين التقنية والتجربة الداخلية

الماغوط قدم نموذجا لتجربة شعرية ملتصقة أشد الالتصاق بالشارع الوطني بالقضايا المطروحة هذه التجربة لم تفجراللغة كما فعل أنيس الحاج وإنما فجرت الكلام اليومي العادي وشخصته بطاقة شعرية عالية واوغلت في تفاصيل تجربة أنسانية عميقة استطاع الماغوط ان يكشف ملامحها

 

 

 

 شخصية الماغوط واثرها على الشعر

الاستاذ ريمون كبرون رئيس ومؤسس ملتقى اورنينا للثقافة والفنون تحدث قائلا:

مالذي فعله الماغوط بنا؟كيف صار لهذا الشاعر المتشردعلى الأرصفة ان يصنع للعراة تاجا من الوحول وأجنحة للحلم والتمرد؟من أي منجم عميق نبش كل هذه الكنوزمن الالام والشكوى والمرارة؟ومن اي فاكهة غامضة اخترع كل هذه الكيمياء؟من عصير الحياة المره؟وكيف صنع من عجينة الموت اليومي كل هذه التماثيل مثل خزاف سومري ذاهب الى الأبدية

قبل نصف قرن جاء إلى مائدة الشعرجائعا فقلب الطاولة على الجميع ثم صفق الباب وراءه وخرج كأي مغن جوال يشكو الام العزلة وخراب الروح حزينا الى حدود الصراخ ووحيدا مثل بدوي تائهفي الصحراء في ليلة مظلمة وها هو يهتدي الى بوصلة الشعرويقذف حممه الى كل الجهات بكل وحشية دخل غابة الشعر بفأس حادة أخذ يحطم الاشجار الغالية لم بكتف ببعضةأغصان يابسة لإشعال موقدة بل أراد أحراق الغابة بكل مافيهاغير ابه باحتجاجات فقهاء البلاغة واصحاب المساطر الدقيقة في توصيف ماهو شعر وماليس شعراهكذا جمع الماغوط في شخصيةواحدة حرية الغجري وترحاله الأبدي وريبة البدوي وشكوكه وانفته ولعل هذه الثنائية فضلا عن خجله الريفي هي جوهرشخصية هذا الشاعر المتمرد الذي لم يألف جدارا ليستند إليه حيث ولاشيءيربطني في هذه الارض سوا الحذاء

وهو حين يكتب إنماينحني علىالورقة البيضاءكمن يريد نحر الكلمات بمبضع جراح وكانه يريد صنفعنا جميعا كما كان والده يصفعه في طفولته

فاللغة في مختبره الخاص هي أداة انتقام من كل أحزانه وآلامه لذلك فهو يستنفر كل عناصرهامانحاإياهانكهة الثمارالناضجة لغة حامضةتترك طعمها بين الأسنان

رجل بلا طقوس حزين وسوداوي وبائس لكنه طفل صغير وحين جاء الى الكتابة لم يغكرانه يخترق خطوط التماس وتقاليدالكتابة  فقد كتب احزانه بالدرجة الأولى ولم يعلم انه كان قنبلة موقوتة انفجرت شظاياها ورغم بؤس طفولته في مدينته السلمية إلا أنها نمت فيه حس التمرد حين فتح عينيه على مقابر خاصة للاغنياء ومدارس خاصة للاولادهم فيما كان أبناء الفلاحين الفقراء يذهبون إلى الكتاب قال:الخوف الشيء الوحيد الذي أملكه ولدي في اعماقي احتياطي من الخوف أكثر مماعند السعودية وفنزويلا من احتياطي النفط

بذور التمرد لديه كانت موجودةولكنه لم يكن صداميا كان أسير عزلته واجمل أيامه التي عاشها مع البدو في الصحراء يرعى الماشية وعندما سئل عن أبرز مراياشخصيته في الكتابة أجاب: الكوميديا السوداء التي انتشلتهامن المرارة من البيئة التي نشات فيها من مفارقات حياتي  من الشارع وطفولتي

هذا وقد سجلت الندوة عدة نقاشات من الحضور ساهمت في اغناء محاور الندوة