جاكلين جرجس تكتب: الإنسان محور التنمية

جاكلين جرجس تكتب: الإنسان محور التنمية
جاكلين جرجس تكتب: الإنسان محور التنمية

   التركيبة الإنسانية دائمًا ما تكون معقدة فقد سطر عنها الفلاسفة فى الكتب و المجلدات أن الإنسان هو محور الارتقاء والنماء فى أى مجتمع وهو حجر الأساس لأي مشروع حضاري حتى وإن اختلفت رؤى الفلاسفة إلا أن  منهاجيتها  تتفق على مبدأ واحد ألا وهو: أن بناء الإنسان هو نقطة الانطلاق في بناء أيّة حضارة وهو ضمانها وطوق النجاة لأى مجتمع يسعى للتقدم و الحداثة ليكون فى مصاف الدول المتقدمة من المؤكد أن المجتمعات تتغير و شخصيتها تختلف باختلاف البيئة و الثقافة و المنطقة الجغرافية و المراحل الاقتصادية و السياسية التى تمر بها البلاد و يتأثر بها العباد لذلك يحدث التغيير الاجتماعى و يّعرف المفكرون حول النظرة العامة لماهية التغير الاجتماعي و هو : كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الوظائف والقيم والأدوار الاجتماعية خلال فترة محددة من الزمن ،وقد يكون هذا التغير إيجابياً أي تقدماً وقد يكون سلبياً أي تخلفاً ، وقد يكون سريعاً ومفاجئاً أو بطيئاً وتدريجياً أو زيادة أو نقصان ... أي ليس هناك من اتجاه أو نمط محدد للتغير الاجتماعي .و فى تأملنا واقع الشخصية المصرية فإننا سوف نجد أن العناصر المشاركة فى بنيتها تتميز بالتنوع، هذا التنوع أنتج شخصية أكثر عمقاً وأكثر امتلاكاً بقدرة تكيفية عالية، خاصة مع وجود التنوع الجغرافي، وتعدد الدين والثقافة وطبقات التاريخ الحضارى الأمر الذى أدى إلى تنوع المخرجات فأصبحت الشخصية المصرية قادرة على تقديم مواقف وسلوكيات متنوعة.

   الشخصية المصرية لديها  مخزون حضارى عريق، وبالتالى فإن البحث فى جوهر الشخصية القومية المصرية له أهمية من أجل استقراء السمات الأساسية لها وملامح التغيير التى طرأت عليها ، يبدو جليًا أن تردى الأوضاع المجتمعية فى مصر يعود إلى أسباب عديدة وملاحظ أنها تفتقد تماسكها وقوتها، إلى جانب أنها تعاني من تآكل مناعتها الثقافية ، وقد نتج عن ضعف الثقافة عدم القيام بدورها في ضبط التفاعل الإجتماعي، و توجية سلوكيات البشر في مختلف مجالات الواقع الاجتماعي - مع الأسف - لقد فرض واقعنا المعاصر سياقاً جديداً ، فلم نجد أنفسنا أمام الصفات الإيجابية المعروفة عن المصريين الذين يتسمون بالشهامة والتسامح وغيرها، بل تم احلالها و استبدالها  بسيل آخر من الصفات السلبية وعلى ما يبدو أن الشخصية المصرية ستشهد تغيرات أخرى في المستقبل خاصة مع انتشار القنوات الفضائية وتنوع المحتوى الذي تقدمه .

    نحن الأن أمام تحدى كبير يحتاج إلى تكاتف كل مؤسسات الدولة و القوة الناعمة فى مصر على رأسهم وزارة الثقافة وتليها المؤسسة الدينية ثم الإعلام، و كل اشكال القوة الناعمة، عليهم أن يعملوا بشكل متناغم و متوازن ليشكلوا ما يسمى بـ"الوعي المجتمعي" لننجو بأولادنا و نصل بهم إلى بر الأمان .

    وهو ما نفذه السيد الرئيس السيسى عندما أتخذ خطوات جادة ليرسو بنا إلى شط الحداثة و التقدم فى جمهوريتنا الجديدة بداية من تدشين البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، وإنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب، إلى جانب استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030 و ما تضمنته من محاور عمل فيما يتعلق بالصحة والتعليم وتحسين الدخول، وعلى الرغم من ذلك، علينا أن نقف أمام ملاحظات عدة حول مسألة بناء الإنسان المصرى كأولوية عمل الحكومة باعتبار أنه كنـز الأمة الحقيقي وهو جوهر " الجمهورية الجديدة" ويجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعـد محاولات العبث بهـا ،فالإنسان هو أيقونة الجمهورية الجديدة  ؛ وليستجيب لمشكلات الحاضر وتحديات المستقبل

 

  جاءت تلك المشروعات الثقافية التى  شهدها قطاع الثقافة خلال 7 سنوات الماضية لم تكن هى الإنجازات الوحيدة بل تم الانتهاء من 96 مشروعًا إنشائيًا بخلاف الأنشطة والبرامج والمهرجانات والفعاليات بإجمالي تكلفة تخطت 1.9 مليون جنيه، إضافة إلى افتتاح 61 موقعًا ثقافيًا خلال الفترة بين عامي 2018 و2020 على مسارح محافظات الجمهورية، بخلاف 85 ألف نشاط ثقافي لتعزيز القيم الإيجابية داخل المجتمع ومواجهة التطرف و110 آلاف نشاط ثقافي لتنمية المواهب ودعم المبدعين و28 ألف نشاط ثقافي لتحقيق العدالة الثقافية. وتم إعادة هيكلة الجهاز الإداري ومشروع التحول الرقمي وشبكة البنية المعلوماتية و افتتاح 20 موقع ثقافي على مستوى الجمهورية خلال الفترة بين عامي 2018 و2020 ، و كان لوزارة الثقافة دورًا ايجابيًا و فعالًا خلال جائحة كورونا التي ألزمت العالم بإجراءات صارمة، فأطلقت مبادرة "خليك في البيت ..الثقافة بين ايديك"، وذلك على قناتها عبر يوتيوب، وسجلت 38.5 مليون زائر، تفاعل منهم وشاهد العروض 2.6 مليون مواطن بإجمالي عدد ساعات مشاهدة تخطى حاجز الـ190 ساعة ؛ كما أنضمت وزارة الأوقاف لرحلة التنوير بإصدارها  سلسلة "رؤية"، التي تهدف لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم المغلوطة في ضوء الكتاب والسنة، واجماع العلماء، بعيداً عن الغلو والتطرف.

    و من خلال تلك الرؤى و الجهود المبذولة  يظهر جليًا تضافر وترابط جميع أجهزة الدولة مع خبرة مؤسسات المجتمع المدنى ليتحول الشعب من ناقم على الحياة متشبعًا بقيم و عادات و ثقافات مغايرة عن ثقافة مجتمعنا إلى مدافع عن مشروع الدولة التنموي المطروح من قبل الإدارة السياسية و شريك أساسى و فعال فى إستعادة الهوية الغائبة و القيم المفقودة .