د. مريم المهدي تكتب: مصر دور محوري لقيام دولة فلسطينية

د. مريم المهدي تكتب: مصر دور محوري لقيام دولة فلسطينية
د. مريم المهدي تكتب: مصر دور محوري لقيام دولة فلسطينية

 

نجحت مصر فى وقف اطلاق النار فى الاراضى العربية المحتلة .. بعد ايام من العدوان المتواصل من قوات الكيان الصهيونى ضد المدنيين فى غزة .. وقرار وقف اطلاق النار الذى دخل حيز التنفيذ امس  هو نتاج جهد مصرى دولى  تواصل على مدار الايام الماضية بالتعاون مع الحكومة الاردنية  والدول العربية التى اتفقت ارادتها لأول مرة  منذ فترة طويلة لوقف العدوان، ووقفت سندا للجهود الدبلوماسية المصرية التى لم تنقطع  على   مدار الايام العشر الاخيرة

 

 ظلت مصر تقوم بدور حيوي ومحوري فيما يخص القضية الفلسطينية ، وتعد الدولة المصرية «القلب الصلب للقضية الفلسطينية والعالم العربي» وهذا الأمر على مدى التاريخ منذ 1948، مروراً بـ"1967" وانتهاءً بحرب النصر في 6 أكتوبر 1973، برعم  أن هناك البعض اعتقد تخلي مصر أو ابتعادها عن ملف القضية الفلسطينية بعد 73 وهذا افتراءا  لم يحدث إطلاقاً. 

 « فعندما وقعت فلسطين على اتفاقية سلام جزئية مع فلسطين، كان لمصر الدور الرئيسي فيها، وكذلك الأمر عندما قامت إسرائيل بالاعتداء على الفلسطينيين عام 2004 كان لمصر الدور المحوري والقوي الداعم للأشقاء في وقف إطلاق النار».

 أن المشهد الحالي والدور المصري في وقف إطلاق النار في غزة، هو أكثر فاعلية ومختلف عن المواقف المصرية السابقة ، فعلى مدى 11 يوماً استمر العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وفي تلك المدة لم تهدأ مصر يوماً في دعم الأشقاء، موضحاً أن الموقف المصري كان متميزًا للغاية؛ حيث تمسك بالثوابت القومية الفلسطينية وهي إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67، ولعل تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أن تولى رئاسة الجمهورية حتى اليوم لم تخرج عن هذا الإطار في كافة المحافل الدولية والأمم المتحدة.

 «منذ الاعتداء الإسرائيلي الأخير على غزة، لم تتأخر مصر وقيادتها في التجاوب لنداء الشعب الفلسطيني، وجاءت توجيهات القيادة السياسية على الفور بفتح معبر رفح لنقل حالات الإصابات، ولعل مشهد وقوف سيارات الإسعاف أمام المعبر كان مشرفًا للغاية».

 أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا في ملف القضاء على الإرهاب ما أعطى دفعة قوية لمصر لإحراز نجاح في عدد من الملفات المحلية والإقليمية الهامة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

 

 

*  انطفاء شعلة القضية الفلسطينيه و صراعات الدول العربيه والمنطقة :

ففى السنوات الماضية فقدت القضية الفلسطينية بريقها بسبب  انتشار الصراعات فى الدول العربية  وحدوث حرب أهلية فى أكثر من بلد.. وحالة الانقسام  الداخلى الفلسطينى .. وأصبحت هذه الدول ساحة مفتوحة للتدخلات الاجنبية فى شئونها.. واصبحت الفصائل الفلسطينية لاتملك قرارها ولكنها رهينة لمن يدفع لها.. ولكن هذه الاحداث الاخيرة اعادتها الى مقدمة القضايا الرئيسية للامة العربية   وعادت  الى مكانتها  الطبيعية فى مقدمة القضايا الاساسية لنا.

فحلم كل عربى مسلم ومسيحي انهاء الاحتلال الاسرائيلى واقامة الدولة الفلسطينية على كامل الاراضى العربية المحتلة وعاصمتها القدس الموحدة .. وهو الحلم الذى طال ويحتاج الى موقف عربى موحد بعيدا عن المزايدات السياسية .. والجعجعة التى تخرج  من هنا وهناك  فى محاولة لسرقة اى جهد حقيقى لتحرير الارض المحتلة وعودة كل اللاجئين من الشتات الى قراهم ومدنهم ومنازلهم.

 

 

 * مصر بتحركاتها الدبلوماسية  أجبرت الإدارة الأمريكية المتعالية قبول المبادرة المصرية :

 تحركات مصر  الدبلوماسية  مدعومة بموقف عربي موحد  أجبرت الادارة الامريكية الديمقراطية المتعالية منذ  توليها المسئولية  ان تطلب هي وقف إطلاق النار وقبول المبادرة المصرية وأن يخرج وزير الخارجية ويوجه الشكر للقيادة المصرية..

 وعليه فإن جهود الوساطة المصرية أسفرت عن وقف متبادل للقتال الإسرائيلى الفلسطينى. وذهب وفدان أمنيان مصريان إلى إسرائيل والأراضى الفلسطينية للعمل على تثبيت الهدنة، ومتابعة إجراءات تنفيذها، والاتفاق على إجراءات لاحقة، من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة.

هذا هو الكلام النظرى، أما ما حدث، عمليًا، فهو أن مصر أوقفت آلة القتل الإسرائيلية، وأسكتت أصوات القذائف، ووضعت حدًا لسقوط الضحايا ومحاولة تسوية غزة بالأرض، وأتاحت لسكان القطاع الاحتفال بعيد الفطر، بأثر رجعى، وأن يرددوا تكبيراته، فى الثانية صباح أمس، الجمعة: «الله أكبر... الله أكبر... ولله الحمد».

بعد حصيلة الضحايا فى قطاع غزة وصلت إلى ٢٣٢ شهيدًا، بينهم ٦٥ طفلًا و٣٩ سيدة، وأكثر من ١٩٠٠ جريح. فيما قتل فى إسرائيل ١٢ شخصًا، بينهم جندى واحد، و٣ عمال أجانب، واثنان من عرب ٤٨. ما يعنى أن آلة القتل الإسرائيلية أسقطت ٢٠ ضعف ما أسقطته آلاف الصواريخ، التى انطلقت من قطاع غزة. وفوق ذلك، قال جيش الاحتلال فى بيان، أصدره أمس، الجمعة، إنه قام بتدمير أكثر من ١٠٠ كيلومتر من الأنفاق فى القطاع، ونحو ٧٠ قاذفة صواريخ، وعشرات المنشآت التى يستخدمها الجناح العسكرى لحركة «حماس»، بحسب البيان، بالإضافة إلى عدد من المبانى التى تستخدمها الحركة فى إدارة شئون القطاع.

 

موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي الأمنى المصغر، «الكابينت»، على الهدنة، بعد تفاهمات مع مصر:

اللافت، أن المعارضة الإسرائيلية، التى كانت تمتنع عن انتقاد الحكومة وقت الحرب، وتقف دائمًا إلى جانبها حتى عودة الجنود إلى منازلهم، كسرت القاعدة هذه المرة، وكتب يائير لابيد، الخميس، فى حسابه على «فيسبوك» أن «هذه الحكومة فشلت فى كافة المجالات. فشلت فى تحصين البيوت، وفشلت فشلًا ذريعًا فى الإعلام». واتهم لابيد، المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، حكومة نتنياهو بأنها «فضّلت الحفاظ على حكم حماس من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية».

فى هذا السياق، وافق المجلس الوزارى الإسرائيلى الأمنى المصغر، «الكابينت»، على الهدنة، بعد تفاهمات مع مصر. وبعد اجتماع استمر ٣ ساعات، وقال، فى بيان، إنه وافق بالإجماع على «قبول المقترح المصرى لوقف إطلاق النار من قبل الطرفين وبدون أى شروط». وأشار إلى أن ذلك سيدخل حيز التنفيذ فى ساعة سيتم تحديدها لاحقًا. والأرجح، هو أنه ترك لمصر تحديدها، لأنها هى التى أعلنت عن بدء سريان الهدنة فى الثانية صباح «فجر» الجمعه

لم تكن هناك أى ضغوط أمريكية، كما زعم البعض. بل العكس هو ما حدث، ودفع الرئيس الأمريكى جو بايدن، لأول مرة منذ دخوله البيت الأبيض، إلى إجراء اتصال تليفونى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء الخميس. وقال البيت الأبيض، فى بيان، إن الرئيسين ناقشا خلاله الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، واتفقا على التواصل المستمر بين فريقيهما حتى النهاية.

كانت الرؤى متوافقة بين الرئيسين بشأن ضرورة إدارة الصراع بين كافة الأطراف بالطرق الدبلوماسية، ليس بسبب عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ولكن لأن الرئيس الأمريكى لجأ إلى مصر محاولًا إنقاذ مصداقيته، بعد أن دهس شعارات حقوق الإنسان، التى أطلقها وأعلن فى أكثر من مناسبة أنها ستقود سياسته الخارجية، بتعاميه عن قيام آلة الحرب الإسرائيلية بقصف المدنيين والمناطق السكنية ومقرات وسائل الإعلام. 

 

 

* الرئيس الأمريكى أسقط، أيضًا، الراية التى دخل البيت الأبيض وهو يحملها: 

راية «عودة أمريكا» إلى المنظمات الدولية، وتغليب الحلول متعددة الأطراف فى حل الأزمات. وأفشل محاولات إصدار بيان عن مجلس الأمن، أربع مرات، وسيجهض مشروع القرار الذى قدمته فرنسا، مساء الثلاثاء الماضى، بالتنسيق مع مصر والأردن، وقوبل برفض أمريكى مبدئى. 

مرغمًا، أو هذا هو ما نعتقده، أشاد بايدن بدور القاهرة فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وهى إشادة مستحقة، سبقه إليها الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، الذى أعرب عن تقديره لموقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، «الذى يعبر عن حقيقة مصر ودورها العروبى فى دعم الشعب الفلسطينى والدفاع عن حقوقه حتى قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». وما بين التنصيص ننقله من بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

 

 

 

* ضرورة اقامة دوله فلسطينيه مستقلة :

مصر، كما قال الرئيس الفلسطينى، «كانت وما زالت السند القوى والمدافع عن حقوقنا الثابتة والتاريخية، وعلى رأسها المقدسات الإسلامية والمسيحية». والشىء نفسه، تقريبًا، فعله إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، الذى قدم «الشكر والتقدير للسيسى على قراره بدعم إعمار قطاع غزة»، وأكد أنه «يعكس الالتزام القومى المصرى تجاه القضية الفلسطينية».

الهدنة، كأى هدنة، مؤقتة. والمعركة، أساسًا، على الهوية وفرض السيادة، وبقاء الوضع على ما هو عليه، ينذر بتكرار ما حدث. ولا سبيل إلى استقرار دائم إلا بالتوصُل إلى تسوية سياسية تعيد للشعب الفلسطينى كامل حقوقه المشروعة وأولها إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.