سقطت مصر من قمة المجد الفني، فمن أغنية الأطلال لسيدة الغناء العربي ام كلثوم،،،، إلي أغنية بحبك يا حمار لسعد الصغير،،،، ذلك كان العنوان الكبير لسقوط مصر إلي قاع الضعف الفني والفوضى الأخلاقية، وكان رهان الأعداء دائمًا علي حالة التجويف والتجريف الذي أصاب الوعي المجتمعي في مقتل.
لم يكن ذلك صدفة، بل نتاج تخطيط محكم بتفريغ العقل الجمعي المصري من جينات حضارته وثقافته المميزة والتي تمثل نقطة ارتكاز وتماسك وقوة صلبة لاستقرار الوطن، حدث الغزو من كل الاتجاهات وضربت عوامل التعرية العقل المصري، فالوهابية كانت تمثل نقطة الارتكاز الأيدلوجي عبر إقامة منصات ثقافية لها، ومعها ثقافة الانفلات الفني والأخلاقي في كل الاتجاهات، ومن هنا حدث كوكتيل داخل العقل المصري جعله في حالة تشويش وارتباك وتوهان.
ولذلك راهن الأعداء علي استمرار مصر في حالة الموت، وانه لا يمكن آن تكون هناك حالة ديمومة مرة أخري لذلك العقل، وان المستقبل هو اختلاط "الحابل بالنابل" وحالة فوضى أخلاقية ستعم المجتمع وستكون عائق كبير أمام أي محاولات لاستفاقته من غيبوبة الوعي وتقوده إلي طريق الصحوة والبناء.
ولكن هؤلاء الأعداء دائمًا رهانهم علي الحالة المصرية خاسر لأنهم يتعاملون معها علي أساس إنها حالة يمكن إخضاعها للتخطيط العلمي والمؤامرات المحكمة ، ولم يعلموا إلي الان إنها حالة استثنائية لا تخضع لمعايير الحسابات والتدابير، لان ما يقودها هو موروث غير قابل للموت وهو الموروث الحضاري المتمثل في الجينات الفرعونية المتوارثة وان ضعفت لكن موجودة وقادرة علي النهوض.
قبل آن نتكلم عن مسلسل الاختيار 2 ومعه أخواته من الأعمال الفنية الدرامية الرائعة لابد آن نرجع قليلًا إلي الخلف وما حدث من سيمفونية تاريخية في المتحف الحضاري ونقل مومياوات ملوك وملكات مصر ذلك الحدث لم يكن عمل حضاري أو فني أو سياحي وعلمي كما صوره الكثيرين، بل كان رد محطم للأعداء بأن مصر التي دبرتم لها المؤامرات والمخططات لكي تفرغوها أو تخرجوها من حضن حضارتها وتنقضوا عليها، ما زالت حيه أبيه شامخة داخل ثوب تلك الحضارة ولا يمكن إطلاقا موتها.
وبعدها بأيام جاء مسلسل الاختيار 2 وخلال حلقتين فقط وصل عدد المشاهدين إلي الملايين، هذا المسلسل أعاد مصر العظيمة مرة أخري، فالعمل الدرامي متكامل الأركان في كل أبعاده ويضاهي بل وينافس أعظم الأعمال في العالم، فجميع المختصين أشادوا بعظمة الأداء والطرح والترابط في الأحداث والإخراج والتصوير، ورسالة ذلك المسلسل لا تقل عن رسالة المتحف الحضاري المصري للأعداء بأننا نراقب ونتابع ونعلم ونعرف ما تفعلونه وستفعلونه، وأنكم فاشلون، وان الدراما المصرية رجعت بقوة مرة أخري في كل بيوت الوطن العربي لتساهم في استعادة الذهنية العربية والعقل الجمعي المصري من براثن الرجعية والفوضوية .
وظهور الفنانة شريهان هو تجسيد حي لما اكتبه، فتلك الفنانة العظيمة هي بنت الفن المصري الجميل وسليلة استعراضاته الراقية، قد مرت بظروف من المنظور العلمي والطبي هو موت لها، فما حدث في عمودها الفقري هو ما حدث في العمود الفقري للفن المصري، وما حدث لها من أمراض سرطانية، هو ما ظهر في أغنية بحبك يا حمار فهي حالة تشخيص لما مر به الفن المصري الذي راهن الجميع علي موته، لكن ظهورها مرة أخرى وكأنها في سن الصبايا والحيوية وبذلك الجمال، هو أيضا ظهور الفن المصري بعد حالة السبات والمرض التي مر بها
مصر قادرة وقادمة وستكون كما قال عنها الجنرال الذي ساهم في انتشالها من مرض الموت " مصر ام الدنيا وهتبقي أد الدنيا"