ليس العراقيون وحدهم هم من يرثون و يترحمون اليوم على الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين ، و لكن هناك ايضا خليجيون يفسرون الان هذا التنمر و التوغل الايراني في المنطقة عبر اذرع مختلفة بانه يعزى الى غياب الدور العراقي ، حيث ظلت العراق لوقت طويل بعد ازاحة صدام حسين و اعدامه ممرا للعبور الايراني باتجاه البحر المتوسط ، حيث الحلم التاريخي الفارسي بالتمدد حتى شواطئه ، فالفارسية الايرانية ترنو منذا تاريخ طويل الوصول الى المتوسط و تعزف عن التوجه شرقا عبر افغانستان او شمالا باتجاه القوقاز و بحر قزوين
كل ذلك يفسر لنا بعض مغزى بث قناة العربية لمقابلة طويلة ، تم تجزئتها على حلقات ، مع السيدة رغد صدام حسين ابنة الزعيم الراحل ، و التي مرت بتجارب بالغة القسوة في حياتها ، اظن انها تعافت من تاثيراتها ، لتنفتح بصيرتها الى غد جديد نراه مترعا بالاسئلة و الغموض حول مستقبل هذه المرأة ، و ان كان سيكون لها دور في غد العراق ، و كأن هناك من يذكر طهران ان غريمها السابق له ورثة يمكن تجهيزهم ليعيد التاريخ نفسه
غير انه من المهم التطرق الى مقدمات ، كان لها دور في هذه التوالي التي كان من بينها هذه المقابلة التلفزيونية التي حققت نسبة مشاهدة عالية ، مما يشير الى ان رغد صدام ليست صوت في فراغ ، بل هناك ملايين كانت تتوق الى سماعها و هي تقلب صفحات من تاريخ مطمور كان يتعذر استعراضه و الكشف عنه
ففي لفتة تحمل الكثير من المعاني، وجهت رغد، ابنة الزعيم العراقي الراحل صدام حسين، تهنئة إلى السعودية وشعبها بمناسبة الذكرى الـ 90 لليوم الوطني للمملكة ، وكتبت رغد صدام حسين على حسابها في "تويتر" بهذه المناسبة قائلة: "كل عام والسعودية وشعب السعودية العزيز بخير وعز من الله سبحانه ، و بذلك نجحت رغد في كسر الجليد بينها و بين القيادة السعودية ، ليكون الحصاد هذه المقابلة التي بثتها العربية ، و التي اصابت بعضا بصداع سياسي شديد بعدما تبينوا ان صدام حسين لم يمت لانه انجب ابتنة رغد ، و على الرغم من مقتل ابنيه قصي و عدي ، و ان الخليج يتذكر باسى اهمية ان يعود العراق الى تمترسه في جبهة شرقية تفشل اطماع ايران
جهات في العراق بادرت بالاحتجاج قبل ان تبث هذه المقبلة عبر العربية ، و لكن الكاتب الاردني المعروف صالح القلاب رد عليهم و على انتقادهم اقامة رغد في الاردن في مقاله بموقع الصحيفة الالكترونية ايلاف بعنوان : " المستجيرة " مما جاء فيه : ".. إنه كان على هؤلاء "المحتجين" أنْ ينتظروا ليسمعوا ما قالته هذه التي جاءت إلى الأردن مع أطفالها مستجيرة وأن يستمعوا إلى الأسئلة التي وجهها إليها مندوب فضائية "العربية" .. أمّا أنْ يلجأ هؤلاء إلى التهديد والوعيد إرضاءً لإيران الفارسية وللذين كان بعضهم لاجئون سياسيون في "قم" وفي غيرها في حين بينما أنّ الذين كانوا "يعيشون" في عهد صدام حسين كانوا الأكثر "تبخيراً" له ولحزب البعث وكانوا يواصلون هتاف: "أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة "
عودة رغد صدام حسين للاضواء سيظل مثيرا لجدليات ساخنة في بلد يتربص يه جاريه التركي و الايراني ، و لازالت اوضاعه سائلة و مستقبل وحدته الوطنية محفوف بالمخاطر ، و لكن من بين اخطر ما قالته رغد صدام في هذا الحوار كانت اجابتها على سؤال حول دور سياسي لها قد تلعبه ، فأجابت والابتسامة مرسومة على وجهها: "كل شي وارد، ومطروح على الساحة، كل الخيارات، وكل الاحتمالات"، ما يعني ان رغد قد تمضي على خطى بنازير بوتو في باكستان التي لعبت دورا محوريا بارزا في بلدها باكستان بعدما تم اعدام والدها ، مما كان مسوغا وجاذبا لتعاطف جماهيري واسع معها ، كما يذكرنا ذلك ايضا بـ " كورازون أكينو" الرئيسة السابقة للفلبين وزعيمة الثورة التي أطاحت في 1986 بالرئيس الفلبيني الأسبق فردناند ماركوس اثر تعاطف جماهيري كبير معها بعد مقتل زوجها المعارض للرئيس ماركوس
لا يستبعد كثيرون ان تعود رغد صدام حسين الى العراق ليلتف حولها عراقيون متشوقين الى زمن صدام ، و لكن من الواضح ان اجندة رغد السياسية لن تكون اطلاقا بمثل ديكتاتورية والدها ، و لكنها قد تبشر العراقيين بنهج جديد لتحظى ليس فقط بتاييد عراقي ، و لكن ايضا بتاييد اقليمي و ربما دولي
غير ان عودة رغد الى العراق قرار تتخذه عدة اطراف ، و ليس رغد وحدها ، خاصة في هذا الظرف العراقي السائل الذي ينذر بتطورات اقليمية دراماتيكية