عايدة محمود تكتب عن: التنمر من أخطر الفيروسات اللأخلاقية

عايدة محمود تكتب عن: التنمر من أخطر الفيروسات اللأخلاقية
عايدة محمود تكتب عن: التنمر من أخطر الفيروسات اللأخلاقية

أصبح التنمر واحد من أخطر الفيروسات اللأخلاقية التى أصابت المجتمعات ويعد التنمر مشكلة لا يستهان بها في حياتنا اليومية والتنمر هو ظاهرة عدوانيّة وغير مرغوب بها تنطوي على مممارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو غيرهم، وتنتشر هذه الظاهرة بشكلٍ أكبر بين طلّاب المدارس، وبتقييم وضع هذه الظاهرة يتبيّن أن سلوكيّاتها تتّصف بالتّكرار، بمعنى أنها قد تحدث أكثر من مرة، كما أنها تعبّر عن افتراض وجود اختلال في ميزان القوى والسّلطة بين الأشخاص؛ حيث إن الأفراد الذين يمارسون التنمر يلجؤون إلى استخدام القوّة البدنية للوصول إلى مبتغاهم من الأفراد الآخرين، وفي كلتا الحالتين، سواءً أكان الفرد من المتنمرين أو يتعرض للتنمر، فإنه معرض لمشاكل نفسية خطيرة ودائمة.

ويمكن أن تكون آثار التنمر خطيرة جداً بل ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة. وتقول موناى أومور الحاصلة على الدكتوراه في مركز مكافحة التنمر، كلية ترينيتي في دبلن، أن هناك أبحاث توضح أن الأفراد سواء كانوا أطفال أو بالغين والذين يتعرضون باستمرار للسلوك التعسفي، يكونون معرضين لخطر الأمراض المتعلقة بالضغط النفسي والتي من الممكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى الانتحار.

ويمكن أن يعاني ضحايا التنمر من مشاكل عاطفية وسلوكية على المدى الطويل حيث قد يسبب التنمر الشعور بالوحدة والاكتئاب والقلق وتؤدي إلى تدني تقدير الذات والخوف من المجتمع والخوف من التعامل مع الأخرين.

 

الانتحار :

هناك رابط قوي بين التنمر والانتحار حيث أدىالتنمر إلى العديد من حالات الانتحار كل عام فى كل المجتمعات ويقدر أن ما بين 15 و 25 طفلا ينتحرون سنويا في بريطانيا وحدها لأنهم يتعرضون للمضايقات.

 

خصائص المتنمرين :

تشير البحوث إلى أن المتنمرين البالغين يكون لهم شخصيات استبدادية، جنبا إلى جنب مع حاجة قوية للسيطرة أو الهيمنة وقيل أيضا أن وجهات نظر المرؤوسين يمكن أن تكون عامل خطر عليهم بشكل خاص.

وقد أظهرت مزيد من الدراسات أنه رغم أن الحسد والاستياء قد يكونان دافعين للتسلط فلا تتوفر الأدلة التي تشير إلى أن المتنمرين يعانون من أي نقص في تقدير الذات (حيث ظهرت نتائج متساوية عن الموضوع، فالمتنمرون عادة ما يكونون متكبرين ونرجسيين) وهذا يعد خلل نفسى ومع ذلك يمكن أيضا أن يستخدم التنمر كأداة لإخفاء العار أو القلق أو لتعزيز احترام الذات عن طريق إهانة الآخرين،

وقد حدد الباحثون عوامل أخرى، مثل الاكتئاب واضطراب الشخصية وكذلك سرعة الغضب واستخدام القوة والإدمان على السلوكيات العدوانية وسوء فهم أفعال الآخرين على أنها معادية والقلق على الحفاظ على صورة الذات، والانخراط في أعمال الهوس أو العنف.

وغالبا أن السلوك العدواني والتنمر له أصل منذ الطفولة

وإذا لم يتم التصدي للسلوك العدواني في الطفولة، فهناك خطر أن يصبح سلوكا اعتياديا وفي الواقع هناك أدلة بحثية تشير إلى أن التنمر خلال مرحلة الطفولة تضع الأطفال في خطر السلوك الإجرامي والعنف المنزلي في مرحلة البلوغ.

وليس من الضروري أن ينطوي التنمر على الإجرام أو العنف الجسدي. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يعمل التنمر من خلال الإيذاء النفسي أو الإساءة اللفظية وفي كثير من الأحيان يمكن ربط التنمر بعصابات الشوارع وخاصة في المدرسة.

قد يكون المتنمرون هم أنفسهم كانوا ضحايا للتنمر.

 

أنواع التنمر :

يحدث التنمر في روتين حياتنا بصور عديدة أبرزها:

-التنمر اللّفظي: أي توجيه لشخص آخر كلمات مهينة ومسيئة تقلل من شأنه أمام الآخرين أو تجعله يشعر بالعيب تجاه أمرٍ ما لا يصح أصلًا أن يشعر بالخزي بسببه، ويحدث فعل التنمر الكلامي عندما يتطفل إنسان على إنسان آخر بهذه الكلمات، دون أن تقوم الضحية باستفزازه أو التفاعل معه بأي طريقة.

-التنمر الاجتماعي: تنمر على مستوى أكبر وأضخم، قليل منا قد يدرك أن أفعال عديدة تنطوي تحت دائرة هذا التنمر، ومن الأمثلة عليها أن تطلب من الآخرين أن لا يكونوا ودودين أو أصدقاء مع شخص معين، أو إحراج شخص ما أمام أعين الناس أو بث الشائعات المغرضة عن شخص أو الإساءة لسمعة شخص ما.

-التنمر البدني: وهو تنمر عبر الإيذاء الجسدي للضحية بأنواع مختلفة من الضرب والإساءة أو جعل شخص يتعثر عن قصد أو دفعه، كما ويشير هذا التنمر إلى كسر أشياء تخص شخص ما فقط لإزعاجه والتكبر عليه، والقيام بإيماءات مهينة ومسيئة.

التنمر الإلكتروني: التنمر نفسه لكن من وراء شاشة وباستخدام الإنترنت أو الهاتف أو غيره من المنتجات الإلكترونية الشائعة حيث يقوم صاحب هذا الفعل بكتابة تعليقات مهينة أو مستفزة أو تطبيق كافة أنواع التنمر السابقة داخل شبكة الإنترنت أي التقليل من شأن شخص ما أو تشويه سمعته أو الافتراء عليه وما إلى ذلك.

 

أسباب التنمر :

عندما ننظر لمفتعلي هذه التصرفات فسوف تشتعل فينا رغبة لكرههم ولكن في الحقيقة من يقوم بهذا الفعل هو نفسه قد يكون ضحية لمشاكل نفسية يخفيها عن الجميع ويعكسها على حياته عبر الإساءة للآخرين.

حسب ما أثبتت بعض الدراسات النفسية، يعكس الناس المتنمرون مشاكلهم النفسية على الآخرين، ذلك لأنهم يريدون أن يظهروا بمظهر معين أمام عين العوام، ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك.

العادة الأكثر انتشارًا لإظهار التنمر، هي التخلص من تأنيب الضمير وعدم الرضا عن النفس عبر تدنيس حياة الآخرين وتخفيضها إلى مستوى حياتهم كي يشعر الشخص ببعض الراحة والاطمئنان لأنه ليس “الوحيد” من يعاني من مشاكله، وهذا في الحقيقة مشكلة أخرى جرى تناقلها بسبب كتمها في كافة المجتمعات، وحلها يبدأ بالإدراك البسيط أنها مجرد مشكلة يمكن العمل.

وأظهرت نتيجة استفتاء بمشاركة الكثير من الناس، أن من يقوم بفعل التنمر لا يمضي وقت كاف مع أسرته، وآخرون من يعترفون بوجود مشاكل عائلية بشكل يومي في بيوتهم، وآخرون من تحدثوا عن تعرضهم لتجارب قاسية وحزينة مثل انهيار عائلتهم أو وفاة شخص ما (بعضهم انعكست هذه الأفعال على حياته الواقعية بعد تأثره لوفاة حيوان أليف في المنزل، دليل على أن هؤلاء الناس لديهم من العاطفة ما لا تتوقعه)، وللأسف يؤكد الاستفتاء نفسه بأن الأشخاص الذين كانوا ضحية التنمر، قد يتحولوا أنفسهم إلى متنمرين على الآخرين.

هذا وتشير بعض الدراسات إلى أن التنمر يحدث بسبب مشاكل شخصية بحتة:

شعور الإنسان بعدم الأمان والضعف، ويكون الإنسان غير راضي عن نفسه ولذلك أحيانًا يسيء للآخرين كي يكونوا بمستواه النفسي كما ذكرنا في الأعلى.

الرغبة بالتسلط أو التحكم في حياة الآخرين، وهي رغبة تنبع من أسباب عديدة، أحيانًا تكون بسبب عدم امتلاك هذا الإنسان لأي رأي أو سلطة منطقية في منزله.

المكافأة التي يحصل عليها المتنمر، لأنه للأسف يحصل في النهاية على ما يريده من الطرف المتلقي لهذا الفعل.

 

آثار التنمر :

علينا أن نتخلص من هذه الأفعال في حياتنا والمساعدة على القضاء عليها، لأنها تترك في الضحايا هذه الآثار:

الشكوى من مشاكل صحية.

الكآبة والقلق (زيادة احتمال إصابة بالرهاب الاجتماعي).

نمو مشاعر متزايدة من الوحدة والحزن.

تغير في نمط النوم والأكل.

قلة الاهتمام في نشاطات كانت ممتعة من قبل.

هذه المشاكل السابقة قد تستمر بالوجود حتى بعد الوصول إلى سن البلوغ.

الانخفاض في الأداء المدرسي أو الجامعي، وانخفاض في معدل أداء الطالب في الامتحانات، وهنالك احتمال كبير أن يُفضِل طالب المدرسة الابتعاد عن الدخول إليها بالكامل أو التغيب عنها كثيرا.

يوجد حالات نادرة يشعر فيها من يتعرض للتنمر برغبة الانتقام العنيف، وهو ما حدث في بعض المدارس خلال التسعينات، وقد انتشرت وقتها حوادث إطلاق نار في المدارس تبين أن العديد منها سببه تعرض المجرم إلى التنمر.

من يشهد فعل التنمر لشخص آخر، قد تظهر عليه آثار هو الآخر مثل زيادة في رغبة التدخين وشرب الكحول واستخدام المخدرات (في المجتمعات الغربية أكثر من غيرها)، وقد يرغبون هم أيضا بعدم الذهاب إلى المدرسة أو قد يعانون من مشاكل نفسية عقلية مثل الكآبة أو القلق المستمر.

 

طرق التعامل مع الشخص المتنمر :

يجب عليك اتباع هذه الخطوات، أو لنقُل يجب أن تتحلّى ببعضها، في حال واجهك شخص متنمر:

كن واثقًا بنفسك دائمًا: لا تدع مَن أمامك يشعر بأنك لا تستحق احترامه، مهما يكن، بل ابقى واثقًا من نفسك ومن أجوبتك وتصرفاتك، واجعله يشعر بذلك، أي في حال بدأ بالتنمر، من الأفضل أن تردّ عليه بلغة التهذيب والاحترام، فهو بذلك سيفقد الأمل في تهديمك.

حاول أن تكون شخصًا اجتماعيا: يعمل المتنمر على جعل ضحيته تشعر بالوحدة، وعندما يكون لديك علاقات اجتماعية قوية، فمن الصعب أن يؤثر عليك شخص غايته جعلك تشعر بالفشل.

كُن حازمًا ولطيفًا في نفس الوقت: لا تدع مجالًا للمتنمر بأن يستفزّك أو أن يتحداك، اكتفِ بلغة بسيطة وهادئة أثناء كلامك. لا تنسَ أنك إذا واجهته بالمثل، فأنت شخص متنمر مثله.

بناء حدود شخصية: يجب عليك بناء حدود مع أي إنسان في حياتك، عندما يعرف كلٌ حدّه؛ لن يتجرّأ على تجاوزه.

وفى النهاية يجب دراسة ظاهرة التنمر فى كل مجتمع  على حسب طبيعته وتتبع المتنمرين منذ الصغر ومحاولة  تقديم العلاج والتقويم النفسى والإجتماعي لهم وكبار التنمرين يجب أيضا عدم تركهم يمزقون بأضافرهم أرواح ومعنويات  ضحاياهم بل يجب أيضا العمل على تقويمهم وكذلك لابد من تغلظ العقوبة القانونية للتنمر للحد من تلك الظاهرة التى أصبحت خطر يهدد المجتمعات وعبس غير أخلاقى لا يمكن السكوت عليه فكلما زاد الوعى والثقافة كلما إرتقى الإنسان فكريا وأخلاقيا وروحيا وإحترم كل الكائنات من حوله وليس البشر فقط.