صفوت عطا الله يكتب: عدت يا يوم مولدي

صفوت عطا الله يكتب: عدت يا يوم مولدي
صفوت عطا الله يكتب: عدت يا يوم مولدي

بحلول يوم الخامس عشر من شهر يوليو 2020 بلغ عمري سبعون عاماً بالكمال والتمام ومضى قطار العمر على محطات الحياة حلوها ومرها ونجاحها وإخفاقها ومن الملفت في تلك اللحظة انتصاف العمر بين 35 سنة في العزوبية ومثلها في الحياة الزوجية مما يجعلني منصفاً بالحكم على الحياة وكلما اقترب المرء من أعتاب الشيخوخة أصبح أكثر قدرة على التأمل والحكم على ظواهر وبواطن الأمور أكثر حكمة وهدوءاً وتروياً، ولا أجد سوى حكمة سليمان باطل الأباطيل الكل باطل وقبض ريح ولا منفعة تحت الشمس أو ما هي حياتكم إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل أو بعض أشبار تقاس أو شبه ظل سريعاً ما يزول أو أزهار جميلة تجف وتذبل.

يتردد دائما في داخلي أقوال أو أمثال أو اقتباسات قرأتها أو سمعتها عن خريف العمر لتكون علامات مضيئة تضئ الطريق حتى يرسو على الميناء بسلام وراحة ويصبح سيرة أو أثر طيب ويتلخص حياة الإنسان سواء طال العمر أو قصر سوى عبارة عن خط صغير لا يتجاوز بضعة سنتيمترات توضع بين تاريخ الميلاد وتاريخ الانتقال من هذا العالم تسطر على الشواهد وهي محاطة بالزهور والرياحين كلما تذكره الأهل والأحبة.

 

أجمل الأقوال:

حين يتقدم العمر نخسر حاسة البعد لصالح حاسة البصيرة، تتراجع قوتنا الجسدية لصالح قدرتنا الفكرية، يختفي اللون الوردي من وجنتنا لتفوح رائحة الورود من كلماتنا.

تتراجع أنانيتنا لصالح اكتساب محبة من حولنا.

يقل تفكيرنا في الدنيا ويزيد تفكيرنا في الحياة الأبدية، إذ مع تقدم العمر نحن لا نخسر، نستبدل الخسائر بأرباح شكر لكي ارب ويمضي العمر يا عمري وأشعر في الأيام يوما سوف يجمعنا وأن الحب رغم البعد سوف يزور مضجعنا وأن الدهر بعد الصد سوف يعود يسمعنا ويمسح في ظلام العمر شكوانا وأدمعنا.

 

 

خير الأمثال في مجمل الحياة:

من بلغ الستين أشتكى من غير علة .. ولو بلغ السبعين يبقى محتاج فلة.

المتغطي بالأيام عريان

هي دامت لمين ياهابيل

مايملا عين إبن آدم إلا التراب

ماورا الصبر إلا القبر

لو كان الدعا بيجوز ما  خللى صبي ولا عجوز

كلعا عيشة وآخرها موت

الكبر وكبرنا والعقل ما كملنا

قضت العمر في قهر .. هو العمر كام شهر

القديمة تحلى ولو كانت وحله

قسموا القسايم خدت أنا كومي قالوا مسكينة .. قلت من يومي

طول ما إنت طيب تكتر صحابك

سلامة الإنسان في حلاوة اللسان

الدهر من طبعة غدار لكن على العاقل أكتر .. والسعد يأتي بالأقدار والرزق مقسوم ومقدر

 

 

أهم الأحداث يوم 15 يوليو

عام 1099 سقوط القدس في أيدي الفرنجة أثناء الحروب الصليبية.

عام 1840 توقيع معاهدة لندن بين كل من بريطانيا والنمسا وبروسيا وروسيا والدولة العثمانية والجيش المصري في عهد محمد علي بعد هزيمته في معركة نافارين البحرية.

1948 صدور قرار مجلس الأمن بوقف الأعمال العسكرية في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني عليها.

1958 إعدام رئيس وزراء العراق نوري السعيد بعد الثورة على الملكية في العراق.

1958 إرسال الأسطول السادس الأميركي إلى لبنان بعد طلب الرئيس كميل شمعون لإخماد التوتر بها.

1965 الجزائر تتقدم بطلب للانضمام إلى جامعة الدول العربية بعد استقلالها عن فرنسا.

1994 إسرائيل والأردن توافقان على إجراء محادثات سلام.

2016 قيام محاولة انقلاب عسكري في تركيا للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وللأسف فشل.

2018 فوز فرنسا ببطولة كأس العالم لكرة القدم بعد تغلبها على كرواتيا للمرة الثانية بعد عشرين عاماً.

 

من مشاهير مواليد 15 يوليو

1904 مولد الفنان المصري سراج منير.

1927 مولد الأديب المصري ثروت أباظة.

1946 مولد السلطان حسن بلقية سلطان بروناي.

1949 مولد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس وزراء دولة الإمارات.

1950 يوم السبت الموافق 15 يوليو مولد العبد لله صفوت عطالله كاتب هذا المقال.

 

 

مناسبات دينية يوم 15 يوليو

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد نياحة القديس الأنبا بيشوي الرجل الكامل حبيب مخلصنا الصالح، كذلك نياحة القديس الأنبا كاراس السائح حبيب كل الناس.

ومن الأحداث الجارية يوم15 يوليو 2020 جنازة راهب فاضل قديس معاصر وكاهن مشهور بعد أن أدى رسالته على أكمل وجه عاش لشعبه وكنيسته وله مواقف وطنية عندما كان يخدم بالقدس اثناء فترة الاستنزاف مع إسرائيل وهو الراهب القمص أنجيلوس الأنطوني الذي ذاع صيته وشهرته وفضائله عند خدمته بكنيسته مارجرجس بقرية صفط الشرقية بإلمنيا من عام 1976 ثم قام بتأسيس دير مار بقطر بن رومانوس بناحية الخطاطبة وكان لي شرف لقائه وفرصة التبارك منه عدة مرات وفي إحدى المرات سمعته شخصياً وهو يتحدث عن نبوءة عن ما سوف يحدث ويجري في مصر من إنقلاب وفلتان وانقلاب ووصول الجماعة الإرهابية الإخوان للحكم وسقوط ضحايا كثيرة مثل مذبحة ماسبيرو والاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومواصفات الرئيس المنتظر خاصة علامة ثقل اللسان وذلك قبل أحداث 25 يناير 2011 بسنوات طويلة وعندما سألته صراحة عن المدة التي تستغرق تصرفاتهم وأعمالهم التخريبية الإرهابية لم يحدد ولكنه ببعض كلمات معدودة قال لن تطول وفعلاً تحققت أقواله بحذافيرها من أعمال مشينة واعتصامات وفرض القوة والتهديد والترهيب والإجرام واستيلاء محمد مرسي على رئاسة الجمهورية ولم أكن أعلم عن العملية الجراحية التي أجراها في لندن للشفاء من آثار نتجت لوعكة صحية وكذلك ما جرى من انتفاضة شعبية للإطاحة بالحكم الإخواني والتخلص من رموز الدولة الدينية في 30 يونيو 2013 ومحاربة الدولة الإرهاب والعمليات التخريبية وقتل رجال الداخلية والأقباط، وقد ذكرت كل ذلك بجريدة صوت بلادي في حينها.

 

 

مواصفات مواليد 1950

لعل من حسن الحظ أن يكون جيل 1950 جيلاً مميزاً في تاريخ البشرية عكس مواليد كل الفترات السابقة واللاحقة حيث عاصروا ومروا بكل ما هو سئ ومؤسف وأيضاً كل ما هو جميل وحسن وقد تم وصفها وشرحها من أحد الكتاب في كلمات يمكن تلخيصها في الآتي:

في الصغر لبسنا المريلة البيج ( تيل نادية ) وقمنا بتجليد الكراريس باللون الأزرق أو الأبيض الشفاف.

كانت المعيشة أكثر سهولة وبساطة وكنا نرى يفط على المنازل ( للإيجار ) وكان سعر الخروف حوالي 200 جنية وإيجار الشقة لا يتجاوز عشرة جنيهات وكانت سمة الرضا والقناعة والراحة النفسية واضحة تماماً.

العلاقات الاجتماعية والأسرية والمجاملات وتبادل الزيارات وحلاوة اللسان والقفشة والضحكة الرايقة سر التآلف والمحبة والمشاعر الطيبة الراقية.

عاصرنا ملوك كالملك فاروق ورؤساء بدءاً من محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي وعدلي منصور وعبد الفتاح السيسي.

عاصرنا حروب 1956 ( العدوان الثلاثي على مصر )، والنكسة عام 1967 واحتلال سيناء وعاصرنا النصر في حرب أكتوبر 1973 وشاهدنا التحول الاقتصادي من الرأسمالية للاشتراكية ثم التحول لعصر الخصخصة والعودة للسوق الحر.

عاصرنا حرب لبنان وسقوط شاه إيران وعودة الخوميني والدولة الدينية وحرب العراق وإيران وغزو العراق للكويت وحرب الخليج وغزو أميركا للعراق والجهاد في أفغانستان وسوريا وظهور القاعدة وطالبان وداعش.

لبسنا البنطلون الشارلستون والسوالف العريضة.

شاهدنا موضة الميني جيب والميكروجيب ثم موضة الجينز ثم إنتشار ظاهرة الحجاب والنقاب.

أكلنا بسكويت ماري وشيكولاته كورونا ولبان شكلتس وأيس كريم الأمريكين وجروبي وحديقة الحيوان وحدائق الأسماك والميريلاند وبرج الجزيرة.

شاهدنا أفلام الأبيض والأسود وسينما ألوان سكوب وعاصرنا التليفزيون وبدء الإرسال ونهايته في الساعة الحادية عشرة مساءً وكان التليفزيون قناتين فقط.

رأينا واستمعنا لبرنامج حول الأسرة البيضاء وربات البيوت وأدهم الشرقاوي وأيوب المصري وعذراء الربيع والسلطانية وشاهدنا مسلسل القط الأسود وسمارة والشبح.

كنا نذهب للسينما كل يوم خميس أو حفلة عشرة صباحاً لمشاهدة أفلام طرزان وميكي ماوس وصوت الموسيقى وذهب مع الريح وصوت وقصة حب والمؤثرات الصوتية في الزلزال.

الأفلام الهندية مثل كلهم أولادي وسانجام وسوراج والفيل صديقي ومسرحيات عبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي وعادل خيري وفؤاد المهندس والفرق المسرحية كفرقة الريحاني وإسماعيل ياسين وشاهدنا النادي الدولي ونادي السينما لدرية شرف الدين وسمير صبري وعاصرنا عمر الشريف وفاتن حمامة وأنور وجدي وعماد حمدي وليلى مراد وشادية وهند رستم وشكوكو وثريا حلمي.

قرأنا الجرائد أهرام وأخبار وجمهورية ومجلات سمير وميكي والبعكوكة وعاصرنا مشاهير الأدب والصحافة والقصة من نجيب محفوظ وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي ويوسف أدريس وأحسان عبد القدوس.

عشنا عصر الكرة الذهبي لحنفي بسطان وصالح سليم ورفعت الفناجيلي وعادل هيكل وسمير قطب والضظوي ومحمد لطيف وحسين مدكور وعلي زيوار وعبده نصحي ويكن والخطيب وحسن شحاته محمد صلاح.

وعاصرنا فاتنات السينما نجلاء فتحي وناهد شريف وشمس البارودي وسهير رمزي وميرفت أمين ونادية الجندي ورشدي أباظة وفريد شوقي ونور الشريف ومحمود عبد العزيز ومحمود ياسين.

كنا نلعب الكونكان، والكومي والولد يكوش والشايب والكرة الشراب في الشارع والمشي على الكورنيش مع الترمس والذرة المشوي.

أدركنا كبار السن وحكمتهم وأمثالهم وقصصهم الشيقة والأساطير والعملات من المليم والتعريفة والقرش والجنيه.

عاصرنا التطور والتقدم الرهيب في كل شئ وركبنا التروللي باص والترام ومترو مصر الجديدة والأتوبيس النهري ومترو الأنفاق والكباري والمحاور والطرق السريعة.

شاهدنا التليفون أبو منفلة والتليفون أبو قرص والتليفون أبو زراير.

كنا نذهب إلى السنترال لمجرد إجراء مكالمة من محافظة لمحافظة حتى الماجيك جاك والماسينجر والمحمول لأي نقطة وبقعة في العالم.

كتبنا على الألة الكاتبة والكومبيوتر والشاشة والنت والفيسبوك وتويتر وأنستجرام وواتس أب.

كما كنا محظوظين فعلاً في المعاصرة والمشاهدة والرؤية ولا أظن أن يأتي جيل بكل تلك المواصفات والواضح أن العالم بدأ في رحلة التقهقر إلى الخلف أو التوقف عن الاستكشاف والاختراع بسبب ذلك الفيروس اللعين ( كورونا ) فلم يتخيل إنسان على الكرة الأرضية مرورها بهذا الموقف الغريب الشائك المحير وأصبح شغله الآن هو محاربة ومكافحة هذا المرض الفتاك وبالتأكيد يؤثر سلباً على فكر العلماء والمخترعين.

مازالت تدور في خاطري الذكريات الجميلة التي عشتها في عمري وأفكر دوماً في هذا الطفل الذي يطاردني حتى آخر العمر ولا أجد ما يعبر عني سوى كلمات الشاعر الكبير كامل الشناوي غناء المطرب الرقيق فريد الأطرش:

عدت يا يوم مولدي

عدت أيها الشقي

الصبا ضاع من يدي

وغزا الشيب مفرقي

ليت يا يوم مولدي

كنت يوماً بلا غد

ليت أنني من الأزل

كنت روحاً ولم أزل

أنا عمر بلا شباب

وحياة بلا ربيع

أشتري الحب بالعذاب أشتريه

فمن يبيع .. فمن يبيع.