منذ تصدر خبر تفشى فيروس كورونا الأخبار بمختلف أشكالها على الشاشات وفيس بوك وتويتر وحتى محادثاتنا التليفونية، كنا كعادتنا المصرية الخالصة في التعامل مع الأزمات ننقسم ما بين مطمئن وساخر. نبتسم بما لا يتعارض مع الحذر وننام ونحن نفكر كل ليلة ماذا لو ازداد الأمر سوءًا؟ كنا نستبعد أن يكون الفيروس من التوحش بما يصل إلى حد الوباء كما حدث في الأربعينيات من القرن الماضى مع الكوليرا، لكن الأمر الآن يختلف؛ لأنه لا ينتقل عن طريق تلوث المياه الذى كان سببا قويا آنذاك، الأمر يتعلق بكل ما نلمسه أيضا من أسطح معدنية وغير معدنية ومخالطة حاملى الفيروس وهم لا يدرون ولم تظهر عليهم الأعراض بعد. أصبحت القاعدة المثلى هى أنك مصدر محتمل لعدوى الآخرين، والآخرون بالمثل يعدون مصدرًا محتملا لنقل العدوى لك أيضًا.
والحل الوحيد هو مسافة آمنة بينك وبين الآخر تقدر بمتر (100 سم) فكيف يتأتى ذلك؟ بل كيف نمنع أنفسنا من ارتياد وسائل المواصلات بشتى أنواعها، وحتى سياراتنا الخاصة؟ أولادنا كبار السن في عائلاتنا؟ جيراننا؟ صار العالم كل العالم قرية صغيرة شعارها الوحيد هو الرعب من الفيروس الذى لم يتم اكتشاف علاج واضح له ولا يوجد لقاح حتى الآن. صار تتبع أعداد المصابين والمتوفين في الصين هو الشغل الشاغل وتتبع أخباره في إيطاليا أيضا وإسبانيا وغيرها وعدد المشتبه في إصابتهم أيضا في مصر.
النداءات الدولية بالحفاظ على النظافة العامة وغسل اليدين جيدا بالماء والصابون عددا من المرات في اليوم أو تعقيمها بالكحول وارتداء الكمامة كلما خرجنا والقفازات التى تمنعنا من لمس الأسطح المعدنية والابتعاد عن الزحام هو واجب يومي. هكذا تفاقمت الأزمة مع ارتفاع أرقام المصابين والمتوفين في البلاد المختلفة، رغم إجراءاتهم الاحترازية ما دعا الدولة لأن تهب في الوقت المناسب للتعامل باحترافية مع الوضع، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي الذى لم يتوان لحظة عن قرار تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس، فحفظ بذلك أرواح أبنائنا وطمأننا جميعا آباء وأمهات وأجدادا على حبات قلوبنا، وعلى إثر ذلك جاء تعامل وزير التعليم طارق شوقى بقراره التعلم عن بعد. لم تتوقف الحكومة بعد ذلك أو تعمل بشكل منفصل بل تتابع لحظة بلحطة وبشكل عنكبوتى شبكة واحدة تضمن السلامة كلما جد جديد في العالم فيما يخص انتشار الفيروس وتحوراته وتجارب الدول المجاورة المصابة بالوباء فجاء قرار الوزير بالمنصات الإلكترونية وشكل الاختبارات التى ستكون عن بعد أيضا وستكون في إطارات بحثية، وهو ما نعلمه، وجار التعامل معه من قبل الإدارات التعليمية والقائمين عليها كل في مكانه، وفى المجال الطبى صارت المستشفيات خلايا نحل لا تكل ولا تمل وعلى أعلى جاهزية صار الأطباء وهيئات التمريض أبطال المشهد، صارت جهود التطهير هى شغلهم الشاغل في المدارس والأماكن العامة والأماكن الحكومية، جاء القرار بالحفاظ على كبار السن والمرضى بالأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والأورام وأمراض الكلى وأمراض القلب وما يماثلها بالطبع أمراض الجهاز التنفسى كحساسية الصدر والجيوب الأنفية وغيرها في إجازة مدفوعة الأجر هذا غير بقاء الأمهات اللاتى ترعين ذوى الاحتياجات الخاصة والأطفال، حتى سن التانية عشرة. فماذا وجدنا بعد كل ذلك منا كشعب اعتاد الانتقاد والاعتراض؟ هل كنا على قدر المسئولية نحن أيضا؟ رغم إشادة الجميع بأداء الحكومة؟ بالطبع لا. كان هناك من ينزلون ويتواجدون في الزحام دونما كمامات أو قفازات. كان هناك من يرتادون المقاهى والشيشة كانت سيدة الموقف ما دعا الأمن إلى مصادرتها.
وكان هناك من لا يلتزمون ما دعا الحكومة أيضا إلى استصدار أوامر بغلق المقاهى والمحال بعد السابعة مساء. وهنا أتساءل وبشدة لماذا نفعل ذلك ولماذا لا نكون على قدر المسئولية وقدر أداء الحكومة؟ ولماذا لا ننتهج السلوك القويم في التعامل بانضباط أثناء الأزمة التى يحاول بعض الكارهين لمصر من داخلها وخارجها استغلالها، والتى لن تصيبنا إن شاء الله، لأن المخلصين من أبناء الوطن أكثر عددا وأكثر ولاءً لوطنهم وأهلهم. إنه وقت الاختبار الحقيقى لنا كمواطنين تجاه مصر.
وقت محنة تظهر انضباطنا ليس علينا الكثير فقط البقاء بالبيت والالتزام بكل التنبيهات التى يتم تداولها في كل الأماكن في المترو والقنوات المختلفة والمواقع الإخبارية والجرائد وغيرها. فلنبق بالبيت حتى تمر الأزمة ونفرح بالنجاة. دعونا جميعا نشجع بعضنا البعض ونرسل تحية لأداء الحكومة وتحية للأطباء والممرضين والممرضات والمسعفين أبطال المشهد وتحية للقائمين على الأمن من الضباط والأفراد. وكل يد تدافع وتحمى الوطن لنحيا جميعا وتحيا مصر.