تقاس حضارات الشعوب بما تتركه من فنون و علوم و ثقافات و الفن وسيلة إبداعية نضالية إنسانية للتعبير عن كل شيء ،، و للفن أيضا دور في توثيق كل ما يحدث من إيجابيات و سلبيات ؟ لماذا يريد البعض بنا أن ندخل في عزلة و نفي داخلي بتشجيع الفن الذي يخالف العادات و التقاليد المصرية في الشكل و المضمون.
إن الفن في مصر الأن لا يعبر عن المجتمع و لا يرقي به و لا يشع بالنور و الحياة و الجمال إنما هو تشويه و إفساد متعمد للذوق العام و غزو ثقافي لا يمت لنا بصلة و لله الحمد أن هناك من يستنكر بشدة هذا الإسفاف و بكل الصدق و الإحترام و التقدير أثمن ما قام به نقيب الموسيقيين هانى شاكر حيث أنه أصدر تنبيها على كل المنشآت السياحية والبواخر النيلية والملاهى الليلية والكافيهات بعدم التعامل مع مطربى المهرجانات ،، و قد لاحظت ردود الفعل بين مؤيد و معارض ! نعم هناك معارضون لهذا القرار و للبيان الذي أصدرته النقابة !
و قبل أن نتحدث عن وجهة النظر المعارضة لوقف أغاني المهرجانات نعرض لكم البيان الذي أصدرته النقابة و الذي جاء فيه : إنه فى إطار الجدل المجتمعى الحاصل على الساحة المصرية و وجود شبه اتفاق بين كل طوائف المجتمع على الحالة السيئة التى باتت تهدد الفن والثقافة العامة بسبب ما يسمى بأغانى المهرجانات و التى هى نوع من أنواع موسيقى و إيقاعات الزار و كلمات موحية ترسخ لعادات و إيحاءات غير أخلاقية فى كثيرٍ منها و قد أفرزت هذه المهرجانات ما يسمى بي ( مستمعى الغريزة ) و أصبح مؤدى المهرجان هو الأب الشرعى لهذا الانحدار الفنى و الأخلاقى و قد أغرت حالة التردى هذه بعض نجوم السينما فى المساهمة الفعالة والقوية فى هذا الإسفاف هذا و قد أوضح نقيب المهن الموسيقية أن شروط عضوية أو تصاريح النقابة بالغناء ليست قوامها صلاحية الصوت فقط و لكن أيضًا هناك شروطًا عامة يتوجب أن تتوافر فى طالب العضوية أو التصريح و هى الالتزام بالقيم العليا للمجتمع والعرف الأخلاقى و اختيار الكلمات التى لا تحض على رذيلة أو عادات سيئة و أن لجنة اختبار الأصوات مجرد مرحلة أولى ثم ينعقد المجلس للنظر فى باقى الشروط و أكد الفنان هانى شاكر أنه لا يقبل ما حدث مؤخرًا من تجاوز بالألفاظ فى حفل أقيم باستاد القاهرة من أحد هؤلاء و هو حسن شاكوش و التعدى بكلمات تخالف العرف القيمى و تتعدى على الرواسخ الثابتة للمجتمع المصرى و أنه و مجلس النقابة سوف يعيدون النظر فى كل التصاريح بالغناء أو عضوية النقابة فى ضوء المعايير و القيم التى يقبلها المجتمع هذا و قد جاءت بعض ردود الأفعال مخيبة للآمال و خرج علينا البعض يعترض علي قرار منع مطربي المهرجانات من الغناء بالإضافة للفنان محمد رمضان بحجة أن هؤلاء استطاعوا أن يحققوا نجاح باهر و ملايين المشاهدات و حضور جماهيري قوي في حفلاتهم بعشرات الآلاف ،، الشيء الذي اعتبره البعض معيارا للتفوق ؟! و الحقيقة أن هناك من نجح في تحقيق مشاهدات أكثر بكثير من أغاني المهرجانات و علي سبيل المثال لا الحصر الافلام الإباحية و هناك من كون ثروات أكبر عن طريق تجارة المخدرات و هناك من حصل علي شهرة كبيرة لارتكابه جريمة شنعاء و هكذا .. و لا نستطيع ان نقول عن هؤلاء أنهم حققوا نجاح لمجرد أن ذاع صيت أحدهم أو أصبح من الأثرياء طالما جاءت شهرته عن طريق انحراف في السلوك أو الأخلاق ،، كذلك حال مغني المهرجانات لا نستطيع أن نصفه بالناجح لمجرد أنه يملأ الدنيا صخبا و ازعاجا و يلوث السمع و البصر و يتسبب في تدني الذوق العام و تقديم هذا الهراء الذي لا يمت للفن بصلة ! اين دور الإعلام في التصدي لهذه الظاهرة ؟ لماذا لا نسمع صوتا لأصحاب العقل منهم ؟ لماذا لا يعطون الفرصة لأصحاب المواهب بالظهور بينما يعطون الفرصة للمدعين بدلا من المبدعين ،، أين دور المثقفين و العاملين في هذا المجال و اين دور الدولة و قصور الثقافة و المعاهد المتخصصة ! أين دور الفن و الثقافة مما يحدث الآن في مصر ! و الغريب أن من تخصصوا فيما يسمي بأغاني المهرجانات أصبح لهم من يدافع عنهم و يريد أن يحسبهم علينا فنانين رغم صوتهم العالى و نبرته الزاعقة الشاذة و المزعجة ! و لا أتذكر متي بدأت هذه المهزلة بالتحديد و كيف هبت علينا هذه المخلوقات من كل حدب وصوب ليحاصروننا بكلماتهم السوقية و الالحان البائسة و الأصوات التي تخلو من أي جمال و يضربون بجهد جهيد حتى يتحقق لهم ما يريدون وسط صمت الفاهمين و الدارسين و الموهوبين الذين اختاروا العزلة و الصمت بحسن نية و العجيب أنه عندما تكلم نقيب الموسيقيين و بدأ يأخذ خطوة جيدة لمحاصرة مدعين الفن فجأة ظهر المشككون و بمنطق مغلوط دافعوا عن الغناء الهابط لدرجه تجعل صاحب الذوق الرفيع يراجع نفسه و يشك فيها ،،
حنان شلبي