قمنا فى دراسة سابقة لنا عام 2005 بوضع إطار نظرى حول نظرية جديدة للقلق وبناء مقياس لتحديد مستوى القلق الموضوعي والدافع والعصابي لمعرفة عند أي مستوى يكون القلق طبيعيا ويعد ضرورة من ضرورات الحياة ومتى يكون هذا القلق دافعا للإنجاز والإبداع والابتكار وعند أى مستوى يكون عصابيا يشتت الفكر ويكون معوقا لاستمرار الحياة بطريقة سوية.
وتم تعريف القلق على أنه حالة من التوتر الانفعالي المؤلم الناتجة عن خبرات وأحداث مؤلمة داخلية أو خارجية يعبر عنها في سلوك انفعالي غير طبيعى بغية السيطرة على الموقف وتخفيف التوتر . وبناء عليه أسفرت النتائج على أن القلق الطبيعى من موقف ما يزول بزوال الموقف كالقلق على الصحة أو النجاح الدراسى أو على أى أمر من أمور الحياة العادية ويكون القلق فى هذه الحالة لا يتخطى الحدود الدنيا كدرجات على المقياس ، أما إذا تخطى هذه الحدود عند البعض ولم يصل الى حدود القلق العصابى بناء على التجارب الميدانية فسرنا هذا على أنه قلق دافع يدفع صاحبة لمزيد من الانجاز والابداع والابتكار ويعد حافزا على النجاح وتخطى الصعاب ويعد هذا النوع من القلق شخصي ولا يمكن اعتباره قلقا عاما لانه لا يتخطى شخص بعينه أو مجموعة أشخاص فى حدود المكان والزمان الناتج عنه خبرات مؤلمة.
أما الشعور بالقلق نتيجة الهلع والانزعاج المفرط بخصوص الشأن العام وتعرض البلاد للحروب والإرهاب والأزمات الاقتصادية والسياسية والكوارث الطبيعية والفقر فإن القلق يعد عاما وشائعا بين أفراد تلك الدولة التى تعرضت الى الكوارث التي تم ذكرها.
ونظرا لما يمر به عالمنا العربي من أزمات فى سوريا وفلسطين والعراق وليبيا ومصر ولبنان واليمن ومناطق ودول أخرى فى الوطن العربى فقد عكس هذا على الصحة النفسية لدى كافة المواطنين العرب فى تلك الدول وأصبح الشعور بالقلق على المستقبل وخوفا من فقد الحياة أمرا لا مفر منه ولذا يجب على من بيده اتخاذ القرار أن يضع هذا فى الحسبان ويعلم أن هذا القلق يعوق مسيرة التنمية وعليه أن يضع العديد من التدبير لتخفيف حدة هذا الشعور بالقلق عند كافة أفراد الشعوب العربية حتى لا نعود الى عصور التدهور والتخلف لأننا لم نعتمد على نتائج البحوث العلمية فى اتخاذ أى قرار يخص الجانب النفسي للمواطن العربى والذى يعد حجر الزاوية لأي تنمية واستقرار نخطط الى الوصول اليه .