إدوارد فيلبس جرجس يكتب: عناوين من قلب الأحداث

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: عناوين من قلب الأحداث
إدوارد فيلبس جرجس يكتب: عناوين من قلب الأحداث

زيارة الرئيس للتهنئة بعيد الميلاد لها دلالتها.

******************************************

أولاً ، أجمل التهاني وأطيب الأمنيات بعيد الميلاد المجيد ، تهنئة ليست متأخرة ، فنحن نحتفل طوال العام بميلاد السيد المسيح له المجد ، فهو لم يولد بتاريخ وإنما ولادته في القلوب دائما .
هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن زيارة الرئيس للكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد بالرغم من أنها الزيارة السادسة له على التوالي . نقاط كثيرة تستوقفني في هذه الزيارة ، أولا هذا المبنى الكبير الرائع وهو الكاتدرائية الضخمة الجميلة التي أثارت إعجاب العالم كله ، والتي تمت في عهد الرئيس السيسي ، هى ليست مجرد مبنى بل هي لغة واحدة يفهمها الجميع بكل لغاتهم ، لغة المحبة ، وتزامن نشأتها مع المسجد الضخم الرائع والجميل هو أيضا لغة واحدة يفهمها الجميع بكل لغاتهم ، لغة الإخوة وأنه قد مضى عهد التطرف والفتنة والتفرقة ، وأن مصر هي هبة الله على هذه البقعة من العالم ، لتكون صمام الأمن بالنسبة للمنطقة . حضور الرئيس السيسى لاحتفالات العيد ، أصبحت جزءًا من الاحتفالات ، وتنعكس بالفرح على وجوه المشاركين ، ناهيك عن أنها تحمل دائمًا رسالة الوحدة المصرية ، وحدة كانت جزءًا من مصرية المصريين ، ثم تعكرت بفعل أفكار التطرف لكنها عادت بفضل العقول التي تقفز دائما فوق الجهل . دلالات كثيرة حملتها كلمات الرئيس هذه المرة ، وسط توترات إقليمية ودولية كبيرة ، ربما لا يكون القداس مكانًا مناسبًا لطرحها ، لكن المناسبة حملت رسائل سريعة من الرئيس حول ما يجرى . فى دقائق وجه الرئيس التهنئة للمصريين، وأكد أهمية وحدتهم " دى بلدنا كلنا وهتفضل بلدنا كلنا ، لا حد ليه زيادة ولا حد ليه نقص "، كانت هناك أسئلة وتوقعات حول ما يجرى من حولنا فى المنطقة ، من توترات قد تشعل صدامًا فى أى وقت . إيران وأمريكا ، أو تحركات تركيا لغزو ليبيا ، وما يمثله هذا من تهديد للأمن الإقليمى ولأمن مصر بالطبع . قال الرئيس «شايف المصريين قلقانين، انتو قلقانين من إيه. مفيش مجال للقلق ، طول ما إحنا مع بعض محدش يقدر يعمل معانا حاجة ، ولا حد يقدر يجرجرنا هنا ولا يجرجرنا هنا ، واحنا قادرين وفاهمين كويس قوى الإجراء الأفضل اللى ممكن نعمله . كلمات الرئيس راعى فيها طبيعة الاحتفال ، لكنها قدمت إجابات مقتضبة لكنها واضحة على أسئلة مطروحة ، أن أحدًا لن يجرنا لموقف لا نريده ، إننا نتابع ما يجرى بدقة ونتعامل معه وفق سيناريوهات محددة . وكرر نحن نتعامل بشرف ، فى إشارة إلى أن مصر مواقفها ثابتة ، تجاه الحفاظ على الدولة الوطنية وعدم التدخل فى شؤون الغير، وأننا لا نعتدى لكن ندافع عن الأمن القومى بكل الطرق وأن مصر لديها جيشها الذي يعرف كيف يحمى الحدود والأمن ، عيون ساهرة تحرس كل لحظة . هذه هى السياسة المصرية الواضحة ، وتعنى أن مصر جاهزة للتعامل مع كل السيناريوهات ، وأنها لا تنتظر أن تكون رد فعل . تمثل رسائل الرئيس نوعًا من الطمأنة للجمهور، خاصة مع حملات تنطلق من قنوات تركيا وقطر تروج للأكاذيب ، وتسرب تقارير ومعلومات فارغة ، قد تربك عقول بعض السذج . لقد كان قداس الميلاد مناسبة لتجديد أفراح المصريين واحتفالهم معًا ، وفى نفس الوقت كانت كلمات الرئيس المقتضبة تقدم إجابات سريعة على أسئلة خطيرة ، وكل هذا فى جو من الألفة . حرص الرئيس على أن يتناول قضية خطيرة بشكل لا ينقل القلق أو الخوف إلى أى من المصريين وسط احتفالاتهم . مصر مطمئنة وجاهزة ومستعدة بشعبها وجيشها لمواجهة كل الاحتمالات.           
                         

                                  

                                  

زمر وطبل والعروسه راجل.

*************************

زمر وطبل والعروسة راجل ، عنوان كتبته قبل ذلك وأعتقد أنني سأكتبه كثيرا من الآن ، له كل الشكر في انه يضحكني كل مرة أكتبه ويخرجني من عبوسة كعبوسة الشتاء بالرغم من أنني كاتبه ، أنتهزها فرصة وبمجرد أن أضعه على الورق أترك القلم وأرجع بظهري إلى الوراء مسترخيا على المقعد ، وأطلق لخيالي العنان في جولة مضحكة أو مشهد سينمائي من قبحه أنفجر في الضحك كأفلام الهبوط التي نعيشها الآن ، أتخيل حفل زفاف إسطوري يتمناه أي شاب أو فتاة في هذا الزمن تحابا وتواعدا على الزواج لكن وحشية المغالاة في المطالب من أهل الزوج أو الزوجة توقفت بهما عند حدود اللقاء واختلاس قبلة كمحاولة للشعور بأن حياتهما لن تذهب مع الريح وهم ينتظرون اليوم الموعود ، علاقة طبيعية يرضى عنها الله تموت مختنقة تحت غول المغالاة والطمع والجشع ، ينظرون بحسرة إلى الحفل الإسطوري لزوجين من الرجال ، نعم أكررها ثانية  زوجين من الرجال ، زوج راجل وزوجة راجل  ، يمكنني أن أعيدها بصيغة أخرى " زواج المثليين " أو كما يسمونها المثلية الجنسية ، نعم أتخيل هذا المشهد وبعد أن أضحك حتى الإشمئزاز أقول "جتك نيله في خلفتك يا آدم " ، مع الاعتذار للخلفة المحافظة على آدميتها ، ولو أنه نتيجة امتداد الخلفة المنيلة أخشى أن تنكمش الخلفة التي ما زالت متنيلتش ، فالبعض الذي لم يصبه مرض المثلية قد يذهب للبحث عن الروبوت أو العروسة  " صوفيا " لكن لا بأس وعلى رأي المثل العامي " نصف العمى ولا العمى كله " ، صوفيا على الأقل أفضل من زواج المثليين .  أصابتني الدهشة ، عندما التقيت بصديق أعرفه جيدا وأثق فيه تماما ، وقال لي ليه مبتكتبوش عن الحاجات اللي بقت تهدد أخلاقياتنا اللي اتربينا عليها وعقائدنا اللي بنحاول نحافظ عليه ، ليه أولادنا يتعلموا في المدارس الكلام الفارغ دا ، هدأت من ثائرته لكنه حكى لي ما أثار عجبي وخوفي من الغد سواء كنت على الدنيا أو ودعتها إلى غير رجعة ، حكي لي بمرارة عن حفيده الذي لم يزد عمره عن ثماني سنوات وقد سأله ، هل الراجل ممكن يتجوز راجل ؟!  فسأله من الذي قال لك هذا الكلام الفارغ ، فأجابه الصبي أن الأستاذ في الفصل قرأ عليهم قصة الأرنب " الذكر " الذي تزوج أرنب " ذكر " وكانوا سعداء جدا مع بعضهما . تركت الرجل وأنا أسأل نفسي بالفعل ، هل يجوز أن تُقرأ مثل هذه القصة على أطفال في هذا العمر الصغير ، ما هو الغرض منها ، وما هي النتيجة التي يمكن أن نصل إليها من هذا الفكر الشاذ ، هل هذه هي الأخلاق التي يجب أن تربى عليها الأجيال الجديدة ، هل هذا هو الدين أو الأديان التي علمتنا أن هذه الأفعال تغضب الله ، الذي سخط على " مدينة سدوم وعمورة " في العهد القديم لممارستهم هذا الشذوذ فأنزل عليهم النيران لتحرقهم ، هل المثلية بالفعل هى حق من الحقوق المدنية ؟!، أي حق هذا الذي تعافه الحيوانات والثور يأنف من أن يقترب من ثور آخر وأمامه بقرة حسناء من حقه وحلاله !! ، إذا كان البعض تستهويه هذه اللعنة فعلى الأقل يجب ألا تُنشرعلى الأطفال في المدارس ، فالأديان السماوية تنكر هذا السلوك الشاذ وترفضه والطبيعة البشرية السوية تستنكره !!! وكجالية إسلامية مسيحية من حقنا ان نرفض أن تكون المدارس مكانا حتى لمجرد التلميح عنه !!!! .

 

                                                         

التحرش كظاهرة اجتماعية .

************************

لفت نظري ما أثير حول واقعة التحرش الجماعي لفتاة المنصورة ، ليلة رأس السنة ، مجموعة لا تقل عن سلوكيات البهائم خلف فتاتين مثل ثيران فُتحت لها أبواب الحظيرة ، أعلم أن التحرش أصبح من الظواهر القبيحة في المجتمع ، لكن كثرة ما كتب عن فتاة المنصورة بين الصدق والكذب وإعلام لم يعد يفهم ما يجب أن ينشر وما يجب ألا ينشر ، وضع أمامي صورة ليست جميلة بل هي قبيحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لمجتمع نحلم أن يكون جميلا ونظيفا من كل من كل النواحي ، صار من الطبيعى والمتوقع أن يستغل بعض أشباه البشر مناسباتنا سواء الدينية أوالاجتماعية المبهجة فى استعراض حيوانيتهم خاصة مع تنامى ظاهرة التحرش الجماعى التى انتشرت كالوباء ، وهكذا تتحول المناسبة المبهجة إلى فرصة سعيدة لأنصاف البشر، وآكلى لحوم العفة ليشيعوا الفوضى الأخلاقية فى شوارعنا ومياديننا ، مشوهين بذلك أعيادنا وصورتنا ووطننا بحثاً عن شهوة عارمة للانتهاك لا غير . وفى كل مرة تتعالى الأصوات وينادى المنادون ويصرخ الصارخون: «أنقذونا من التحرش» محملين وزارة الداخلية مسؤولية حفظ الأمن وضبط المتحرشين، لكننى أجد أنه من الظلم أن تتحمل هذه الوزارة وحدها هذه المسؤولية، لأن القضية من وجهة نظرى فى الأساس قضية" ثقافة "، ولا أقصد هنا بكلمة " ثقافة " مقدار ثقافة الفرد دنوا أو سموا، فللأسف تنتشر هذه الظاهرة فى قطاعات عريضة حتى فيما بين القطاعات الأعلى " ثقافة "، لكنى أقصد بها هذا المكون الثقافى الوجدانى المشترك فى الكثيرمن أفراد الشعب المصرى ، فمشكلة التحرش من وجهة نظرى لا تعبر عن سعار جنسى محموم فحسب ، وإنما تعبر أيضاً عن أزمة تربية عميقة ، تشترك فى تدعيمها ثقافتنا الشرقية ، وطبيعتنا الاجتماعية ، فما التحرش إلا محاولة اختلاس لذة من كائن " أضعف "  نسبياً ، والأساس فى تلك الظاهرة هو استسهال النهب على التعب من أجل الامتلاك ، وهذه هى المصيبة الكبرى . المتحرش يرى في البنت فى الشارع مطمعاً مجانياً يفرغ فيه شهواته دون اعتبار لقيم العدل والحق والحرية ، ناهيك عن أن فى هذا السلوك المشين شعورا مضمرا بالازدراء من جانب المتحرش للمتحرش بها . الحل لا يكمن في الأمن أو غيره إنما  يكمن فى محاربة هذا المكون الثقافى القمىء الذى جعل المتحرش يفعل فعلته دون وازع ، فلو ربينا أولادنا على قيم الحق والحرية لما وجدنا أحدا يستسهل انتهاب حقوق أحد، أو الاعتداء على حرية أحد، لكننا للأسف نربيهم على "اللى تغلب به ألعب به" و" اللى يجيلك منه أحسن من عينه " و" إن بيت أبوك وقع خد منه قالب" .

 

 

 اللعب على الطريقة الأمريكية .

***************************

قُتِل قاسم سليماني منذ فترة قليلة على يد القوات الأمريكية في العراق ، باستهداف موكبه في مطار بغداد الدولي ، قد يكون مقتله له أكثر من دلالة ، فهو رد على محاولات اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد ، وإطلاق صواريخ على أهداف أمريكية ، صحيح أن الولايات المتحدة ردت بقصف قوات الحشد الشعبي ، لكن تنفيذ عملية القتل لسليماني في بغداد فأنه يحمل نفس الرسالة أنه رد على الأرض . هذا ما قيل وهذا ما يجب تصديقه ، لكن البعض له رؤية أخرى ، يرون أن كل المؤشرات والشواهد والدلائل والتصريحات ترجح وبقوة ان ماحدث بين أمريكا وإيران مؤخراً من قتل الولايات المتحدة لقاسم سليماني القائد الشيعي في العراق وقيام إيران بالرد بإطلاق بضعة صواريخ باليستية على احدى القواعد الامريكية بالعراق ولم يصب أحد ، أن كل ذلك ما هو إلا سيناريو لفيلم أمريكي إيراني مشترك تم إعداده في الظلام بين قيادة البلدين لتحقيق مصالحهم كلا على حدا سواء داخل بلده أو في المنطقة العربية ، وفي الحقيقة أنا لا أستبعد هذا الرأي ، فلو عدنا بضع سنوات للخلف وبالتحديد من نهاية ولاية باراك أوباما الأولى لحكم أمريكا عندما نشر ترامب وقتها ولم يكن قد أصبح رئيسا بعد على تويتر بأن الرئيس أوباما سوف يحاول أن يفتعل أي معركة وهمية مع إيران لرفع شعبيته للفوز بولاية ثانية وهذا ما فعله الان ترامب مع ايران ، وما يزكي هذه الرؤية أن كل التصريحات الصادرة من ترامب الآن تدعو إلى التهدئة وعقد صفقة جديدة مع ايران وانه سوف يساعدها في تقدمها ونموها وكأن شئ لم يحدث وفي المقابل نجد أن ايران اطلقت بعض الصواريخ الباليستية  علي القاعدة الامريكية واوهمت شعبها إنها قتلت 80 جنديا أمريكيا واتضح انه لم يخدش جندي واحد ثم صدرت تصريحات من القادة الإيرانيين تشير انهم اكتفوا بذلك وأنهم اقتصوا لحق قاسم سليماني ثم بدأت تهدأ نارية التصريحات بين الجانبين وأصبحت تدعوا للتعاون لصالح المنطقة ، والشيء الغريب والمريب ان دولة فنلندا التي لها بعض القوات في العراق أعلنت انه تم ابلاغها بميعاد إطلاق الصواريخ الايرانية وكذلك القادة الأمريكيين اعلنوا ذلك كما اعترف قادة إيرانيين ايضا بذلك واكدته جريدة الاندبندنت البريطانية وهذا يرجح ويؤكد انها كانت حرب فشنك مثل الطلقات الفشنك للتهويش وليس الاصابة ليحقق كل طرف مصلحته بالاتفاق مع الآخر بحيث يغطي ترامب على محاكمته وعزله وزيادة شعبيته للفوز بالولاية الثانية وتغطي طهران على المظاهرات الداخلية لديها وربما كانت هناك سقطة خفية لسليماني وأراد قادة إيران التخلص منه وايضا غسيل أيديهم من المجازر التي ارتكبها في حق السنة بالعراق وسوريا وربما هناك ما خفي تم الاتفاق عليه أيضا بين قادة الدولتين . وعموما سواء كانت العملية تمت باتفاق بين الطرفين أو جاءت للتخلص من قاتل من الطراز الأول ، ففي عالم الإرهاب القتل يكون هواية أكثر منها التخلص من عدو ، فإن تصفية قاسم السلماني لا تقل أهمية عن تصفية بن لادن وأبو بكر البغدادي وإن كانوا مثل الحشائش الشيطانية التي تنبت في الأرض ما أن يقتل واحد حتى ينبت عشرة غيره . وأخيرا أقول أن السياسة هي فن السفالة الانيقة كما أطلق عليها الكاتب انيس منصور أو هي الدعارة الشريفة كما أُطلق عليها أنا

****************
إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com

**********************

.