أردوغان يثير الفتنة بين الأتراك بتدخله فى ليبيا.. أحزاب تعارض القرار.. وسفير تركى: رئيس تركيا يبحث عن طرق لنقل الإرهابيين من إدلب إلى ليبيا.. والنظام يحاول كسب المعارضة وإقناعهم بأهمية إرسال قوات إلى طرابلس

أردوغان يثير الفتنة بين الأتراك بتدخله فى ليبيا.. أحزاب تعارض القرار.. وسفير تركى: رئيس تركيا يبحث عن طرق لنقل الإرهابيين من إدلب إلى ليبيا.. والنظام يحاول كسب المعارضة وإقناعهم بأهمية إرسال قوات إلى طرابلس
أردوغان يثير الفتنة بين الأتراك بتدخله فى ليبيا.. أحزاب تعارض القرار.. وسفير تركى: رئيس تركيا يبحث عن طرق لنقل الإرهابيين من إدلب إلى ليبيا.. والنظام يحاول كسب المعارضة وإقناعهم بأهمية إرسال قوات إلى طرابلس

جاءت محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل الحصول على الموافقة البرلمانية بشأن الدخول العسكري في ليبيا، والتي اعتبره المحللون مجرد تحصيل حاصل نتيجة سيطرة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الداعم لأردوغان على الأغلبية في البرلمان، وذلك عقب الموافقة على الاتفاقية الأمنية والعسكرية والآخر بشأن الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط مع حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج.

وذلك في محاولة لاستعادة الحلم العثمانلي في السيطرة على الدولة الليبية، ومواجهة الجيش الوطني الليبي في طرابلس كمصدر من تلويح القوة التركية في البحر المتوسط، تحت شعار حماية المصالح التركية في البحر المتوسط، وما هي إلا لاسترضاء الأطماع التركية المتمثلة في الجانب الاقتصادي من ثروات ليبيا وغاز المتوسط، واقتصاديات السلاح، وإعادة الإعمار التي تسيطر عليها الشركات المملوكة لأسرة لأردوغان كما ظهر في العديد من التقارير الإعلامية وكذلك دعم آخر معاقل تنظيم الإخوان الإرهابى والمتمثل في حكومة السراج، وهو ما ظهر الحاجة للتعرف على المشهد الداخلي في تركيا وموقف الأحزاب السياسية من القرارات الأردوغانية حول الدخول العسكري في ليبيا، وخاصة حزب الشعب الجمهوري الذي أصبح يتمتع بدرجة عالية من القبول الشعبي التركي.

التدخل التركي في ليبيا يشبه غزو أردوغان لسوريا 

لم تكن دعوة الرئيس التركي رجب أردوغان للبرلمان للانعقاد والتصويت على مشروع القرار التركي بالدخول العسكري إلى ليبيا، والتي وصفها بأنها تلبية لدعوة حكومة الوفاق، والتي كان من المقرر لها السابع أو الثامن من يناير، ولكنه تقدم إلى 2 يناير القادم، والذي كان قد صدق على اتفاق التعاون الأمني والعسكري التركي مع حكومة فايز السراج، ولكن إرسال قوات عسكرية يحتاج إلى قرار برلماني منفصل.

حيث تطلبت العملية العسكرية التركية "نبع السلام" موافقة البرلمان أيضاً، والتي وصفتها المواقع التركية بأنها شهدت دعم من الأحزاب السياسية، في محاولة لإكسابها الشرعية، وتم تمرير مذكرة تمديد التفويض الممنوح لرئاسة الجمهورية بشأن العمليات خارج الحدود في العراق وسوريا لمدة عام، ووقّع عليها كل من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، وحزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية الموالي لأردوغان، وحزب "إيي"، وتصويت كافة الأحزاب السياسية في البرلمان التركي بالموافقة على المذكرة، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي،  والذي أدان بدوره رئيس حزب الشعوب الديمقراطي اليساري المعارض في تركيا، سزائي تمالي، بدء العملية العسكرية ضد ما يسمى الوحدات الكردية الإرهابية بشمال سوريا، كما دعا في وقت لاحق الأحزاب السياسية فى تركيا بالدخول في تحالف ديمقراطي من أجل هدم ما أسماه بالفاشية اسقاطاً على الرئيس التركي، كما وصف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بأنه وزير الحرب الداخلية.

وأرجع المحللون السبب وراء هذا الرفض هو انتماء الحزب الكردي، وقيام وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بعقد اجتماع مع رؤساء الأحزاب المعارض لاطلاعهم على خطة العملية، ومحاولة اقناعهم بأنها للحفاظ على أمن تركيا من الهجمات الخارجية، كذلك أجرى أردوغان اتصالات هاتفية بزعماء جميع الأحزاب، وأعرب لهم عن شكره لدعمهم العملية.

موقف الأحزاب السياسية من قرار التدخل العسكري في ليبيا

واتسمت العلاقات بين الأطراف السياسية التركية بالانقسام، عقب تأثرها السلبي بالانتخابات العديدة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، وانقسمت الأحزاب السياسية في تركيا إلى قطبين رئيسيين، "تحالف الشعب" (يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية) و"تحالف الأمة" (يضم حزبي الشعب الجمهوري وإيي)، هذا بالإضافة إلى حزب "المستقبل" الذي أسسه أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق في حكومة أردوغان والمستقيل عن حزب العدالة والتنمية، والمتوقع أن يصبح حزب علي باباجان، المزمع إنشاؤه في يناير 2020، البديل الأقوى لحزب العدالة والتنمية أمام الناخبين. 

وعليه فاختلفت الأحزاب في تحديد موقفها من قرار التدخل العسكري في ليبيا، والتي أظهرت تغيرات نسبية في موقف بعض الأحزاب من عملية "نبع السلام" في سوريا. ومن الطبيعي أن يعلن حزب العدالة والتنمية (الحاكم) وحزب الحركة القومية الداعم والحليف لأردوغان ذو الأغلبية البرلمانية عن موافقتهم على العملية العسكرية في ليبيا، حيث أكد رئيس حزب "الحركة القومية" التركي، دولت باهتشلي، أن أعضاء حزبه في البرلمان سيصوتون لصالح مذكرة التفويض المتعلقة بإرسال قوات إلى ليبيا، ودعم أعضاء حزبه وعددهم ٤٩ عضو من إجمالي ٦٠٠ عضو لهذه الخطوة خلال جلسة البرلمان الطارئة المقرر لها ٢ يناير المقبل، وكان البرلمان التركي دخل في عطلة لغاية 7 يناير عقب مداولات الموازنة.

فيما أعلنت أحزب المعارضة وعلى رأسها الشعب الجمهوري، وحزب الخير، والشعوب الديمقراطي الكردي، رفضها الاتفاق الأمني والعسكري من قبل، والتي تم تصديقهما من البرلمان.

حزب الشعب الجمهوري: مشروع القرار التركي لن يجلب إلا مزيدا من الأضرار لتركيا

انتقد كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الأكبر في تركيا، مشروع قانون إرسال قوات تركية في مهام عسكرية إلى ليبيا، متسائلاً عن شرعية قرار يستبيح "إراقة دماء الجنود الأتراك خارج البلاد".، ووصف القرار بأنه يفتقر للعمق والتاريخ والخبرة في وزارة خارجية، المبنية على دعم تنطيم الإخوان"، معتبرا أن السياسة التركية في الشأنين السوري والليبي "ستجلب المزيد من الأضرار لتركيا".

كما أعلن نائب رئيس الكتلة الحزبية أوزجور أوزال، أن حزب الشعب الجمهوري سيعارض للنهاية مذكرة إرسال جنود إلى ليبيا، وسيتم عرضها على البرلمان، موضحا أن الجنود الأتراك ليس لهم مكان في صحاري ليبيا، واصفاً الأمر بأنه انجرار نحو الحرب الداخلية الليبية، مشيراً أنه يجب تشكيل السياسة الخارجية لتركيا وفقًا للمصالح الوطنية، وليس وفقًا لمن هم مقربين من الإخوان، وللامتدادات السياسية، وتساءل حول مدى دخول الأسلحة والذخائر ضمن السلع والخدمات المقدمة للدول الحليفة؟ إلى جانب نقل طائرات بدون طيار التي ترسل إلى ليبيا.

حزب الشعوب الديمقراطي الكردي: الاتفاق بمثابة مذكرة حرب 

وصف الاتفاق بأنه "بمثابة مذكرة حرب" و"ضيق في الأفق السياسي والدبلوماسي"، معللاً أن وقت توقيع الاتفاقية يتزامن مع ما أسماه بالحرب الداخلية في ليبيا، مما سيجعل تركيا طرفاً عسكرياً في الصراع، وهو ما يتنافى مع الحل السياسي الذي تدعو إليه القوى الدولية، إلى جانب الاختراقات التي قام بها نظام أردوغان للاتفاقات الدولية وقانون حظر الأسلحة من خلال إرسال كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة الثقيلة، كما جاء في البيان، وأن بموجب الاتفاق سيتم إرسال الأفراد والعسكريين مما يعني الاشتراك الفعلي في الحرب، وأشار البيان أيضاً إلى أن الأراضي التي تضمنها اتفاق الحدود البحرية الموقع مع ليبيا لا تقع تحت سيطرة حكومة طرابلس، وتخضع 70% منها لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

 

حزب الخير: الاتفاق يزج بالجيش التركي في حرب لا علاقة لنا بها

 

وصف أحمد كامل أروزان، رئيس العلاقات الدولية بحزب الخير المعارض، الموقف التركي بأنه لحماية أخر معاقل الإخوان المسلمين الإرهابية والمتمثلة في حكومة السراج، ومحاولة إضفاء الشرعية على حكومة السراج التي تتفق وحكومة الأسد التي تعارضها تركيا، كما أعلن مسبقاً في بيان للحزب عن رفضه للاتفاقية والتي كانت بمثابة اتفاق للتدريب العسكري كما حدث عام 2011، ولكنها تختلف عنه في أنها محاول للزج بالجيش التركي في الصراعات الداخلية لليبيا.

حزب المستقبل والموقف الوسطي من القرار

واتخذ رئيس حزب "المستقبل" المعارض، رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، موقفاً وسطاً بين الموافقة على الاتفاقيتين المبرمتين مع حكومة السراج في ليبيا ووصفها بأنها "خطوة مهمة على الطريق الصحيح." وأضاف أنه يجب أن تنفذ تركيا هذا الاتفاق دون أن تعرض البلاد لخطر عسكري، ويجب اتخاذ الخطوات العسكرية بحذر شديد" في إشارة إلى المساعي التركية لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، والانجرار إلى خضم الحرب الأهلية الليبية، بينما تشير تصريحاته إلى محاولة كسب مؤيدي حزب العدالة والتنمية ورفض مشروع أردوغان بعمل قناة اسطنبول، والتي يعقبها محاولات تأييد القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية تحت دعوى دعم الحكومة، وكأنه حزب معارض بشكل سوري.

مناقشات برلمانية تركية تكشف تلاعب اردوغان في نص الاتفاق الليبي - التركي

وفي مداخلة للنائب والسفير التركي السابق في إيطاليا أيدين عدنان سيزين، في البرلمان يوم 21 ديسمبر 2019 حول اتفاق الدفاع التركي الليبي، إدعى أن مواد الاتفاق الليبي التركي تهدف إلى تجاوز المجلس التشريعي في إرسال قوات إلى الخارج، مشيراً إلى أن الاتفاقية تتخللها كلمة "منظمات الأمن والدفاع" و "المدنيون من المنظمات الأمنية" في محاولة لإفساح الطريق أمام شركة "SADAT" الأمنية التركية الخاصة، كما اتهم سيزين حكومة أردوغان بالبحث عن طرق لنقل الجهاديين في منطقة إدلب السورية إلى ليبيا.

وأضاف النائب التركي والسفير السابق لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أحمد أحمد كامل عروزان، في الجلسة البرلمانية نفسها، أن النسخة التركية للاتفاقية تختلف عن النسختين العربية والإنجليزية حيث أن النص التركي فقط يشمل "مدنيين من المنظمات الأمنية"، وأشار أنه في حالة وجود خلاف، يجب أن يحتكم للنص باللغة الإنجليزية.

الحكومة التركية تحاول جذب المعارضة

لم تستسلم حكومة أردوغان للمعارضة، بل عملت على محاولة اجتذابهم لصفها، حيث بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة إقناع المعارضة التركية بالموافقة على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، والمقرر التصويت عليه من قبل البرلمان، وطلب وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو من زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال كليجدار أوغلو، تحديد موعد لبحث الأمر، وهو ما قابله موافقة من كليجدار أوغلو، على أن يكون اللقاء الإثنين المقبل بالعاصمة التركية أنقرة.

في محاولة لتركيا للحصول على التفويض الشعبي، للحصول على الضوء الأخضر الشكلي من تصويت البرلمان، لبدء الدخول العسكري إلى لييبا، والدخول في نفق مظلم.

وترى التقارير الإعلامية أن هذه الخطوة ما هي إلا حملات إعلامية لمحاولة تركيا التغطية على إرسال الحكومة التركية بشكل فعلي لقوات مرتزقة عبر جسر جوي انطلق خلال اليومين الماضيين، فقد تم نشر تقارير إعلامية حول تدشين تركيا جسرا جويا مباشرا بين اسطنبول ومطار المعيتيقة العسكري قرب طرابلس لنقل المقاتلين السوريين بصفة مرتزقة خاضعين لأوامر قيادات الجيش التركي، وبلغ إجمالي هؤلاء المقاتلين الذين وصلوا بالفعل خلال اليومين الماضيين هم بحدود 1000 مقاتل ، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الموقف الداخلي التركي من الأحزاب السياسية وسياسة أردوغان 

قام محمد علي كولات، مدير شركة الاستطلاعات "ماك"، بنشر دراسة تفيد بأن هناك ما لا يقل عن 25% من الذين صوَّتوا لصالح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة تحولوا إلى شريحة المترددين، ولكنها لن تذهب إلى أحزاب المعارضة.

هذا بالإضافة إلى 10-13% يمتنعوا عن التصويت، وبالتالي فقد فقد حزب العدالة والتنمية تصويت 35% - 38% من إجمالي الناخبين المؤيدين للحزب، ولكن لن يكون الحزب البديل هو حزب الشعب الجمهوري، بل سيتم التوجه لحزب من الأحزاب المحافظة، وربما ستتوجه الأنظار إلى حزب المستقبل أو حزب على باباجان المنفصلان عن حزب العدالة والتنمية، والذي يحاول الأول أن يجد له شعبية على أرض الواقع التركي من خلال عدم المعارضة الشديدة لقرارات الحزب الحالي ولكن اتخاذ الموقف الوسط بين تأييد حكومة أردوغان واللعب على قضايا داخلية أكثر تأثيراً في الناخب التركي، فلم يتخذ موقف حاسم من الرفض العسكري واكتفى بالتحذير.

فيما كشفت صحيفة "زمان" التركية الناطقة بالعربية عن نتائج استطلاع رأي حديث، لحزب الشعب الجمهوري المعارض، أوضح ارتفاع نسبة الراغبين في التصويت للحزب في الانتخابات، وحصلت على التصويت الأعلى في 11 بلدية كبرى، مقابل 7 بلديات كبرى فقط تدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم.

أكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض المسؤول عن الإدارات المحلية، سيد تورون، ارتفاع نسبة الأصوات المؤيدة لحزب الشعب الجمهوري، مشيرًا إلى تراجع نسبة الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في 11 بلدية كبرى.

وأضاف أنه وفق نتائج الدراسة التي أعدها الحزب المعارض حول رغبة الناخبين في التصويت للأحزاب؛ فقد حصل حزب العدالة والتنمية الحاكم على 32.4% من الأصوات فقط، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 35.1%، أما حزب الحركة القومية المتحالف مع أردوغان فقد حصل على 10%، وحصل حزب الخير على 9.4%، وحصلت الأحزاب الأخرى على 3.2% من الأصوات.

و يبدو أن محاولات حكومة أردوغان لم تكتف بتمرير مشروع القرار من خلال الأحزاب الموالية، بل عمدت إلى محاولات جذب المعارضة من خلال مقابلة الأحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري الذي أصبح يتمتع بوجود شعبي في تركيا، عقب فوزه في انتخابات بلدية إسطنبول السابقة، مما قد يمثل ضغط سياسى على أردوغان في المرحلة المقبلة، ويضع تساؤلاً حول مدى تأثير قرار إرسال القوات العسكرية والذي لا يعدو غير مجرد اكساب الدعم العسكري الموجود بالفعل في ليبيا الصورة الشرعية، على صورة أردوغان في الداخل التركي.

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع