نرصد أبرز أعمال المهندس حسن فتحى بالأقصر فى ذكرى وفاته.. أهمها حصول المحافظة على المرحلة الأولى بخطة التطوير.. ومخرج مسرحى: عمارته بسيطة وتراعى عوامل الطقس.. واليونيسكو تجهز المرحلة الثانية.. صور

تحل ذكرى رحيل المهندس التاريخى حسن فتحي المعماري الفنان فى 30 نوفمبر 1989، والذي لا تزال أعماله حاضرة فى مختلف أرجاء مصر، وتدرس أفكاره فى عمارة الفقراء في كافة كليات الهندسة المعمارية حول مصر والعالم أجمع، فهو صاحب نظرية عظيمة فى استغلال العمارة للتهوية والتخفيف عن حياة المواطنين البسطاء بأقل الإمكانيات، كما ساهم فى تأسيس مدن عظيمة أبرزها مدينة القرنة بالبر الغربى.

وتعود قصة حياة وتاريخ المعماري والفنان المصري حسن فتحي، إلى عام مولده فى 23 مارس 1900 فى مدينة الإسكندرية، والذي تخرج فى المهندس خانة - كلية الهندسة حالياً - بجامعة فؤاد الأول - جامعة القاهرة حالياً – حتى أصبح معمارى بارز واشتهر بطرازه المعماري الفريد الذي استمد مصادره من العمارة الريفية النوبية المبنية بالطوب اللبن ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعثماني، حيث تعتبر مدينة القرنة التي بناها ليسكنها أكثر من 3200 أسرة جزءاً من تاريخ البناء الشعبي الذي أسسه بما يعرف بـ عمارة الفقراء.

ومن جانبه، يقول أحمد يوسف الجمل مخرج مسرحى وابن قرية حسن فتحى التاريخية غرب الأقصر، إنه بدأ المعمارى المهندس حسن فتحي أولى خطواته المعمارية عام 1928، حيث كان أول مشروع له هو مدرسة طلخا الإبتدائية التي غلب عليها الطابع الكلاسيكي الذي درسه بكلية الفنون الجميلة، وتضم أعماله الأولى الفترة ما بين عامي 1928 و 1945، وساهم في الهندسة المعمارية العالمية حتى أصبح واضحاً فقط مع انتهاء القرن العشرين، ليراعى فيها حالات الطقس، والاعتبارات بالصحة العامة، ومهارات الحرف القديمة، وجميع تلك العوامل أثرت أيضا على قرارات تصميمه على أساس الهيكل المفقود للمباني القديمة، والذي قام بدمج حوائط من الحجارة الثقيلة وأشكال فناء تقليدية للتوفر التبريد السلبي.

ويضيف أحمد يوسف الجمل، إنه من أهم أقوال المهندس حسن فتحى على مر التاريخ فى حياته:- (هناك 800 مليون نسمة من فقراء العالم الثالث محكوم عليهم بالموت المبكر بسبب سوء السكن، هؤلاء هم زبائني)، وكان يقول أيضاً:- (كمهندس، طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس فإن الله لن يغفر لي مطلقًا أن أرفع الحرارة داخل البيت 17 درجة مئوية متعمداً)، وكان يعلم أن الحداثة لا تعني بالضرورة الحيوية، والتغير لا يكون دائما للأفضل، وأكد على أن شخص لا يستطيع بناء منزله ولكن عشرة أشخاص يستطيعون بناء عشرة منازل لهم.

وفي 23 ديسمبر 2021 حصلت قرية المهندس حسن فتحى التاريخية بمدينة الأقصر، على خطوة هامة بإفتتاح أعمال المرحلة الأولى لتطوير مبانى القرية، حيث افتتحت وقتها وزيرة الثقافة ومحمد عبد القادر نائب محافظ الأقصر المرحلة الأولى لتطوير قرية المعماري الراحل حسن فتحي بالقرنة الجديدة في البر الغربي بعد تطويرها ورفع كفاءتها، وبدعم جهاز التنسيق الحضاري، وقطاع صندوق التنمية الثقافية، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وبإشراف كامل من منظمة اليونسكو.

وفي هذا الصدد يقول حسين النوبى مدير فرع ثقافة الأقصر، إن إعادة إحياء قرية حسن فتحى كان ولا يزال حدث عالمي يعكس مظاهر قوة مصر الناعمة التراثية، حيث إنه تم إفتتاح المرحلة الأولى من التطوير بالقرية بعد مرور 70 عاما من إنشائها على يد مؤسس مدرسة عمارة الفقراء في مصر والعالم، يعبر عن أحد محاور استراتيجية عمل وزارة الثقافة بالحفاظ على التراث، ولذلك كان التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" لترميم وتطوير ذلك النموذج المعماري الفريد لتعود القرية مصدرا للإشعاع الفني والإبداعي، حيث أن الراحل حسن فتحي يقول في كتابه" عمارة الفقراء" القرنة بالنسبة لي تجربة ومثال معاً، وكنت آمل أن تكون القرية عرضاً للطريقة التي يعاد بها بناء كل ريف مصر، وكنت آمل أن يرى الناس كيف يمكن أن يكون الإسكان الجيد رخيصاً فإنه ستوجد بين فلاحينا حركة هائلة للبناء بطريقة أدي العمل بنفسك".

ويضيف حسين النوبى لـ"اليوم السابع"، إنه يتم التجهيز للمرحلة الثانية من تطوير القرية عقب إنتهاء وافتتاح المرحلة الأولى من التطوير، والتى شملت "منطقة الخان" باعتبارها منارة ثقافية وسياحية جديدة في الأقصر، ومركز لتعليم الحرف التراثية والجامع والمسرح وتتخذ مكانها على خريطة السياحة الثقافية، وتم داخلها خلال الشهور الماضية إعداد برنامج ثقافي وإبداعي يخدم أطفال وأبناء البر الغربي ويكون متنفسا لزوار الأقصر، كما شملت الأعمال التطوير والترميم الشاملة الذى حصل عليه مبنى "المسجد" ومبنى "المسرح" داخل قرية المهندس حسن فتحى التاريخية، كما تم مؤخراً ترميم أجزاء القرية بتكليف من منظمة اليونيسكو العالمية التي تتكفل بالترميم والتطوير للقرية للحفاظ على تاريخها العالمي بجنوب الصعيد بتكلفة تصل إلى 750 ألف دولار.

وأكد مدير فرع ثقافة الأقصر، على إنه في إطار الحفاظ على التراث التقليدي والعمارة البيئية، قامت وزارة الثقافة ممثلة فى الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وبالتعاون مع منظمة اليونسكو بالإشراف على مشروع تطوير وترميم قرية حسن فتحي "القرنة الجديدة" بالأقصر، والذي تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه بتمويل من منظمة اليونسكو، وتنفيذ شركة مصرية متخصصة في ترميم المباني البيئية، حيث شملت ترميم وإعادة إحياء مبنى الجامع ، قصر الثقافة ، المسرح ، الخان، فيقع قصر الثقافة علي الشارع الرئيسي المؤدي إلى المسجد وساحة القرية، ويضم مسرح مكشوف وبعض الفراغات أسفل مدرجات المسرح، وقد خضع المبنى لعدة ترميمات وتدخلات على التصميم الأصلي تم تنفيذ أعمال ترميم عام 1983 من قبل حسن فتحي نفسه، حيث تم بناء دعامات للواجهات الشمالية والجنوبية لتحقيق الاستقرار في هيكل المبنى ويعد القصر التابع لوزارة الثقافة مركزا للنشاط الثقافي في القرنة الجديدة ، وسيعزز المسرح الذي أعيد ترميمه حديثا الحياة الثقافية للمجتمع، ولا سيما الشباب والنساء.

ومن الجدير بالذكر إنه يهدف مشروع حماية تراث حسن فتحي في القرنة الجديدة إلى إعادة إحياء وتأهيل وترميم المباني العامة الرئيسية الخمسة التي بناها حسن فتحي في منتصف القرن العشرين، والذي استخدم في بناء المباني الخامات والطرق التقليدية بما شملت من استخدام الطوب اللبن المخلوط من القطن وألياف النباتات والمجفف في الشمس، وذلك إلى جانب المساهمة في توثيق وإحياء حرف البناء التقليدية المتعلقة بالعمارة التقليدية، "وبالأخص المباني الطينية"، وبذلك يكون للمشروع أثر اجتماعي واقتصادي إيجابي على المجتمع المحلي من خلال إعادة التأهيل والتوظيف لتلك المباني التي تم ترميمها، وتشجيع السياحة المستدامة.

وعن الفعاليات بقرية حسن فتحى عقب التطوير بالمرحلة الأولى، يقول يوسف محمود مدير إدارة مكتب مدير عام فرع ثقافة الأقصر، إنه تم تقديم دعم الأطفال داخل قرية حسن فتحى عبر فعاليات ملتقى التراث والاستدامة لأطفال وأهالي القرنة بالأقصر، بملتقى "التراث والاستدامة" لأطفال وأهالي قرية القرنة، والذي ينظمه بيت العمار المصري التابع لقطاع صندوق التنمية الثقافية.

ويضيف يوسف محمود لـ"اليوم السابع"، أن الملتقى شهد تفاعل كبير من أطفال وأهالي القرنة وإقبال على المشاركة في مختلف فعالياته، الأمر الذي يعكس تطلعات الجميع نحو تحقيق أهداف الملتقى في توعية أهالي القرنة من الأطفال والشباب بأهمية التراث وكيفية الحفاظ عليه، وربطهم بثقافتهم البيئية، ويحفزنا على استمرار وتكرار التجربة، وشهدت الأنشطة للأطفال تنفيذ عدد من الورش والجولات الميدانية والفقرات الترفهية، بدأت مع إقامة عدد من الألعاب التفاعلية للأطفال إشراف المدرب "بيبو الحكاء" بمساعدة علياء محمد مسؤولة الفرع، وأعقبها تدريب قراءة الخرائط التخطيطية للقرية النموذجية وتصميمها العمراني مع جولة ميدانية إشراف مهندسة فرح جندي، ورشة الرسم المعماري إشراف مايا لويس، ورشة صناعة الطوب اللبن إشراف بيسان قنديل وهنا محمد، وورشة عمل مجسمات صغيرة بالطوب اللبن إشراف مهندس كريم فهمي، كما تضمنت الأنشطة أٌمسية ترفيهية بدأت مع "حكايات جدتي" قدمتها فرقة الورشة المسرحية، ثم عروض خيال الظل والأراجوز لفرقة ومضة، حيث أن ملتقى "التراث والإستدامة" لأطفال وأهالي قرية القرنة بالبر الغربي بالأقصر ينظمه بيت المعمار المصري.