ذكرى تحرير سيناء.. "فرحانة" بدوية تجاوزت التسعين قاومت الاحتلال بسيناء.. لقبت بـ"أم الجميع".. كانت تحمل خرائط وأوراق من أبطال المجموعات النضالية من صحراء سيناء للقاهرة.. وعقيدتها أن مصر يحميها جيشها من أى عدو

  • انضمت لكتيبة العمل الوطنى من أبناء سيناء

  • كانت تنقل ما ترى وتوصل رسائل ومعلومات وخرائط من أبطال المقاومة على الأرض

  • بيع القماش ساعدها في التنقل

  • كانت تسير 10 ساعات متواصلة للوصول لهدفها

  • رسالتها للشباب: لا تنخدعوا بالإغراءات وكونوا على حذر من مخططات هدم الوطن

يطلقون عليها فى سيناء "أم الجميع" هى الحاجة فرحانة حسين سالم، وتعرف باسم "أم داود"، من سيدات قبيلة الرياشات بسيناء .

أم داود التى تجاوز عمرها التسعين ربيعا لا تزال ذاكرتها تحفظ بقوة يوميات النضال والمقاومة وقت أن كانت فى ريعان شبابها من خلف لثامها الأبيض تحفظ كلمات السر بين مجموعات فدائية وسيرا على أقدامها لمسافات بعيدة تسير من أجل توصيل ما خف حمله وغلا ثمنه من خرائط وأوراق تحمل معلومات يرسلها أبطال المجموعات النضالية من صحراء سيناء لمقر صنع القرار فى القاهرة .

السيدة التسعينية تعد واجهة لكثير من الشباب ومن يبحثون عن معانى الوطنية يحرصون على زيارتها فى شقة تقيم فيها مع ابنها "عبدالمنعم" الموظف بديوان عام محافظة شمال سيناء، فى حى ضاحية السلام .

تقول إن عملها تاجرة للقماش كان هو سر دورها الوطنى، حيث عملت في شبابها بتجارة الأقمشة وكانت تسافر بتصريح من الصليب الأحمر من سيناء الواقعة تحت الاحتلال وتعبر غرب القناة .

وانضمت لكتيبة العمل الوطنى من ابناء سيناء وحصلت على تدريبات على كيفية الحصول على المعلومات ونقل ماتشاهده في معسكرات العدو الصهيوني بكل دقة .

وأوضحت انها لا تجيد القراءة والكتابة ولكن ذاكرتها تحفظ بدقة كل ماترى حتى أشكال الكلمات تستطيع أن تعيد رسمها كما رأتها، وعندما ترى مشهد ترسمه على الرمل حتى يثبت فى ذاكرتها ولاتنساه لحين توصيل تفاصيله .

وقالت إن مهامها تنوعت ما بين نقل ماترى وتوصيل رسائل ومعلومات وخرائط من ابطال المقاومة على الأرض وهى كانت تتجول فى سيناء بحكم انها تحمل بضاعة للبيع، ومن ماحصلت عليه صور ووثائق لمعسكرات بمنطقة ياميت وخريطة مطار الجورة، وكانت للوصول لهدفها تسير بـ ال10 ساعات متواصلة واذا ماحل الليل تواصل سيرها فى الصحراء بشكل طبيعى لمعرفتها بخطوط النجوم واتجاهاتها.

وتابعت أن من المصادفات فى حياتها أن أسرتها هجرت من سيناء فى أعقاب نكسة 1967 وأقامت فى مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، ثم هاجرت إلى مديرية التحرير بالبحيرة وكان لهذه الهجرات دور فى صقل خبرتها فى مجال تجارة الملبوسات البدوية والأقمشة.

واكدت انها خلال أداء دورها كانت تفخر انها ابنة قبيلة وتؤدى دور وطنى وكان رموز النضال من مشايخ سيناء يعرفون هذا وتشير إلى أن أول من رشحها للقيام بهذا الدور الوطنى الشيخ «حسين أبو عرادة» الذي كان يجاورهم اثناء إقامة أسرتها  بمديرية التحرير، وخلال خط سيرها كانت تتنقل من القاهرة مرورا بالسويس ثم أبوزنيمة بجنوب سيناء ثم الجفجافة بوسط سيناء فمدينة العريش، ثم منطقة الشيخ زويد، لتمارس نشاط التجارة فى العلن وتأدية الدور الوطنى فى السر، وفور انتهاء كل مهمة كانت رسالتها المشفرة لزملائها المناضلين فى سيناء برقية ترسلها  للإذاعة تذاع عبر برنامج تقول فيها «أنا أم داود أهدى سلامى إلى إخوانى وأخواتى فى الأراضى المحتلة»، وعند سماع هذه البرقية فى سيناء يقوم المجاهدون بتوزيع الحلوى ابتهاجا بنجاح العملية، وكتابة سطر جديد فى سجلات بطولات أبناء سيناء.

وتتذكر كيف أن المخابرات الإسرائيلية اشتبهت فى أمرها و اقتادوها لمكتب مخابرات إسرائيلي فى منطقة كرم أبو سالم، وتم استجوابي، وكانت المفاجأة أنهم يريدونى أن أعمل معهم، فتظاهرت بالموافقة، وطلبوا منى تجنيد مجموعة فى القاهرة، فوافقت، وقالت : "بعد أن عدت إلى القاهرة لم أعد إلى سيناء أبدا بعد هذه الواقعة إلا بعد تحريرها، حيث لازلت أقيم فى مدينة العريش".

وتشير السيدة أم داود، إلى انها دائما تشعر بالفخر كلما حقق الجيش المصرى انتصارا ولديها عقيدة قوية أن مصر يحميها جيشها من أى عدو.

وقالت رسالتى لكل الشباب أن لاينخدعوا بكل الإغراءات ويكونوا على حيطة وحذر من مخططات هدم الوطن التى يريدها العدو أن تتم بأيديهم لذا يجب أن يكونوا دائما حذرين .

وبدوره قال عبدالمنعم إبراهيم نجل السيدة فرحانة حسين، انه سعيد وفخور أن والدته السيدة البدوية البسيطة أدت دورها بكل رضا واقتدار ومحبة لوطنها.

واشار إلى انه وقت أن كانت والدته تعبر المسافات كان هو طفل دون العاشرة من عمره وفى بعض رحلات السفر يرافقها ويذكر انه كيف كانت تجعله يبكى إذا ما اقتربت من نقطة تفتيش إسرائيلة حتى تنشغل بملاطفته وإسكاته أمام جنود الاحتلال وهى بكل جراءة وقوة تحمل فى كيس الملابس أسرار وأوراق مهمة.

وتابع قائلا انه بعد أن وصل لمرحلة متقدمة من عمره بدأت تتكشف أمامه حقائق عن والدته التى كانت كتومة ولاتخبر أحد بسرها حتى أقرب الناس لها، مشيرا إلى انها كانت بعد وفاة والده تقوم بتربية ابنائها بكل كد وعرق ولاتحصل على أى مقابل لدورها .

وعن يوميات والدته وهى فى هذا العمر قال انها تجلس فى غرفتها وأحيانا تخرج للجلوس فى الهواء الطلق ودائما أكثر ما يسعدها أن تجد أحد يطرق الباب ليسأل عنها ويذكرها بيومات نضالها .

واشار إلى أن منزلهم أصبح ابوابه مفتوحه أمام كثيرين من مجموعات شباب ورموز من سيناء يقومون بزيارتها بين الحين والأخر للاستماع لحديثها والاطمئنان عليها .

 

 

 

المناضلة فرحانة ام داود (1)
المناضلة فرحانة ام داود (1)

 

المناضلة فرحانة ام داود (2)
المناضلة فرحانة ام داود (2)

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع