أسبوع كامل وأنا أبحث عن حقيقة المشاهد والصور البشعة والشنيعة للعنف والقتل والتنكيل ضد جماعة الروهينج المسلمة فى بورما أو مانيمار.. والمفاجأة أنَّ «معظم» ما يتداوله الناس على مواقع التواصل الاجتماعى من فيديوهات وصور للمجازر كان غير حقيقى ومعظمه مفبرك، وبعضه حقيقى من تغطيات قديمة لكوارث كالزلازل والأعاصير والتسونامى والحرائق، التى حدثت فى دول أخرى غير بورما، ونشر وتداول تلك المشاهد والصور له هدف سياسى بعيد عن الإسلام كدين.
صحيح أن مسلمى الروهينجا يتعرضون لاضطهاد وعنف، يرجع الى دعوات انفصالية عن الدولة، ولنظر غالبية البورماوبون لهم على أنهم ليسوا من السكان الأصليين.. والروهينجا ليسوا هم كل المسلمين فى بورما، فهم لا يمثلون أكثر من مليون نسمة من حوالى ستة ملايين مسلم فى بورما، وما تمارسه السلطات وبقية الأعراق ضدهم ليس لكونهم مسلمين، فهناك مسلمون منخرطون فى المجتمع البورمى، ويعيشون بلا مشكلات.. هذه حقيقة تحاول قوى دولية وإقليمية التغطية عليها.
ولو نظرنا على الخريطة لوجدنا أن دولة بورما تجاور الصين والهند وبنجلاديش وتايلاند، وتأجيج الفتنة فى هذه المنطقة، ربما يكون به الهند والصين الماردان اللذان يهددان قوى كبرى فى العالم. فشل النزاع حول إقليم كشمير فى إشعال حرب كبرى بين الهند وباكستان، وفشلت دعاوى انفصال إقليم التبت عن الصين، فربما تصلح الفتنة الجديدة فى اشعال المنطقة بشرارة تخرج من بورما وينفخ فيها «معظم» المسلمين فى العالم بلا وعى أو دراية بحقيقة ما يحدث فى بورما التى يسكنها جماعات عرقية مختلفة تصل الى 135 جماعة تختلف فى العادات والتقاليد والثقافات.. واللغات وأيضاً فى الديانات والروهينجا واحدة من هذه الجماعات العرقية، لا يُنظر اليها على أنها طائفة «مسلمة»، والخلاف معها ليس خلافاً طائفياً لكنه خلاف عرقى، نشأ على خلفية دعوات للانفصال عن الدولة وتتعرض جماعة الروهينجا دون غيرهم من المسلمين المنتشرين فى ولايات بورما الى اضطهاد، باعتبارهم ليسوا من السكان الأصليين، وتشمل صور الاضطهاد اعمال العنف التى تمارسها السلطات عند المواجهات، وتعنت الدولة معهم ومنعهم عن العمل فى القطاع الصناعى، وتحريض الجماعات الأخرى على حرق محاصيلهم وزراعاتهم ومواشيهم، دون حماية أو تدخل من السلطات الأمنية، وتفرض الدولة رقابة مجحفة على طباعة الكتب الاسلامية، وتمنع استخدام مكبرات الصوت فى رفع الأذان فى المساجد وتمنع الحكومة مسلمى الروهينجا من أداء فريضة الحج الا لعدد قليل جداً، وتفرط السلطات فى استخدام العنف مع الروهينجا عند أى مواجهات..هذه هى صور لاضطهاد الروهينجا «المسلمين» فى بورما.. أما فيديوهات وصور قطع الاعناق وسحق العظام وتكسير الاطراف، حرق الأحياء والجثث، فإنها مقتطفات من أفلام ومشاهد من حرائق وزلازل وأعاصير.. ومواجهات ومداهمات فمعظمها مزور ومفبرك، وبعضها حقيقى حدث فى بورما وفى دول أخرى غيرها.. وهذه هى الحقيقة، بعيداً عن تزييف المزيفين.
bakier@hotmail.com