تُعتبر قضايا الترهيب المالي والسياسي من المواضيع الحساسة التي قد ترتبط بسلوكيات بعض الدول أو الحكومات في إطار تحقيق مصالحها أو ممارسة نفوذها على الأفراد أو المؤسسات أو الدول الأخرى و فيما يتعلق بالإمارات العربية يمكن الحديث عن عدة أبعاد محتملة قد تُفسر مثل هذه السمعة السيئة التي وصمتها عالميا !
اولا الترهيب المالي: يُشير إلى استخدام القوة الاقتصادية أو المالية للضغط على أفراد أو دول لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية و قد يكون ذلك من خلال التهديد بسحب الاستثمارات أو فرض عقوبات اقتصادية أو التلاعب بالمساعدات المالية أو تقديم الرشوة المالية كما حدث فى لبنان
ثانيا الترهيب السياسي: يتمثل في استخدام الأدوات السياسية مثل النفوذ الدبلوماسي و الدعم أو المعارضة في المحافل الدولية أو التدخل في شؤون الدول الأخرى لتحقيق أهداف استراتيجية مثل ما حدث فى ليبيا و مصر و السودان
و للترهيب الإماراتي أبعاد كثيرة و مبتكرة و عجيبة كان اخرها إعلان الإمارات أنها تسلمت من السلطات اللبنانية الشاعر والمعارض المصري عبدالرحمن يوسف نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي و الذي يحمل الجنسية التركية و تسائل الكثيرين عن قانونية القرار بتسليم المعارض المصري إلى الإمارات ؟!و كان عبد الرحمن القرضاوي قد نشر مقطع فيديو صوره في المسجد الأموي في دمشق يحتفي فيه بسقوط الأسد ويعرب عن أمله في "النصر" في البلدان العربية الأخرى التي شهدت انتفاضات ومنها مصر ،، كما حذّر السوريين من "التحديات الشريرة التي يخطط لها العالم أجمع وعلى رأس المخططين والمتآمرين أنظمة الخزي العربي في الإمارات والسعودية ومصر" على حد تعبيره مما اعتبرته أبوظبي "تحريضا على دولة الامارات وزعزعة الاستقرار فيها" كما طالب بعض الإعلاميين المقربين من حكومة السيسي بتسليم عبد الرحمن القرضاوي للسلطات المصرية ! وكانت كل من مصر والإمارات قدمتا ملفي استرداد عبد الرحمن إلى الحكومة اللبنانية مطلع يناير و فى خطوة غير مسبوقة وافقت الحكومة اللبنانية علي تسليم عبد الرحمن القرضاوي الي الامارات و بسرعة و بدون تردد و بدون أدلة موثقة مما اثار الجدل و التكهنات بشأن تقديم رشاوى لبعض المسئولين اللبنانيين لإنهاء عملية تسليم عبد الرحمن للإمارات رغم تحذير النشطاء و منظمات حقوقية باحتمالية تعرضه للتعذيب و التنكيل او حتى القتل ! و تختلف مع الشاعر عبد الرحمن أو توافقه هذه ليست المشكلة لان الموضوع يتعلق بإنفاذ القانون و احترامه و ما قام به يندرج تحت بند حرية الرأي الذي يكفله الدستور المصري و كافة الدساتير و القانون الدولي و لان هناك شرف حتي فى العداء و للخصومة مواثيق شرف لا يعرفها إلا الفرسان و لا تعرفها لبنان ،،
حدثا آخر يعكس سياسة الإمارات التي تهدف إلى ضبط السرديات حولها في المحافل الدولية بما في ذلك الأبحاث الأكاديمية والإعلام ،، تم منع الباحث كريستيان كوتس أولريخسن (Kristian Coates Ulrichsen) من دخول الإمارات العربية و هو أكاديمي متخصص في شؤون الشرق الأوسط خصوصًا دول الخليج العربي و في عام 2014 تصدر اسمه العناوين بعد منعه من دخول الإمارات العربية المتحدة حيث كان من المفترض أن يشارك في مؤتمر أكاديمي يُعقد في الجامعة الأمريكية في الشارقة و قد أثار هذا المنع نقاشًا أوسع حول قيود حرية التعبير في الإمارات وخاصة فيما يتعلق بالأبحاث الأكاديمية التي قد تنتقد سياسات الدولة أو الدول الحليفة لها و يعرف كريستيان أولريخسن بتحليلاته التي تُركز على السياسة الإقليمية لدول الخليج بما في ذلك الانتقادات غير المباشرة لبعض السياسات الإماراتية والخليجية خصوصًا في سياق التدخلات الإقليمية والربيع العربي كما نشر مقالات تتناول الأزمة السياسية في البحرين حيث تناول بشكل صريح القمع الحكومي للاحتجاجات الشعبية هذه التحليلات قد تكون اعتبرتها الإمارات حساسة نظرًا لتحالفها مع البحرين خلاصة موضوع منع دخول أولريخسن هو جزء من نهج أوسع تسير عليه الإمارات للسيطرة على الخطاب العام بما يشمل الإعلام و الأبحاث الأكاديمية و الفعاليات الثقافية ! اما النهج الأخطر التي سارت عليه الإمارات العربية المتحدة مؤخرا هو السيطرة على مؤسسات القضاء فى أشباه الدول لتنكيل بمواطن لا يحمل الجنسية الاماراتية و لا يعيش على الأراضي الاماراتية فقط لأنه ذكر النظام فيها بسوء !
من يدافع عن الامارات و يلتمس لها العذر فى ملاحقة عبد الرحمن القرضاوي لانه معارض و ان والده هو الشيخ يوسف القرضاوى رحمه الله كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين تذكروا انه شاعر و ليس قاتل و كان مستقل عن والده و تنازل عن الجنسية القطرية و جاب دول العالم يدافع عن آراؤه التى يختلف البعض عليها و لم تثبت عليه جريمة غير انه حكم عليه فى مصر عام 2016 بثلاث سنوات لنشر اخبار كاذبة و قبلها فى 2014 بثلاث سنوات بتهمة اهانة القضاء و مثله فى هذا مثل الكثيرون و لم يتم ملاحقة الامارات لهم ! كما تم اعتقال شقيقته علا القرضاوي و زوجها حسام خلف عام 2017 أثناء تواجدهما في أحد المنتجعات السياحية المصرية بالساحل الشمالي للتحقيق معهما بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وتمويل ودعم جماعة الاخوان من جهات خارجية و كان المقصود بها وقتها الدولة القطرية و التي تم الصلح معها لاحقاً و لم نسمع هذه الايام إلا كل الخير عن العلاقات المصرية القطرية لان السياسة فن الممكن و لان عدو الأمس قد يصبح صديق و العكس صحيح فلا تنجرفوا وراء كل ما يقال و لك كل الحق ان تدافع عن الوطن و تقلق و تنحاز لكن بأدب لان الفجور في الخصومة يدمر المجتمعات و يدمر الاجيال القادمة خصوصا بعد ان اصبحت القيم بلا معني و لا احترام للقانون ! فالتربية على القيم تتم بالمعايشة والمشاهدة ،، فاذا اجبرنا على الخصومة فلتكن بشرف حتى تعود لمجتمعنا النخوة و الشجاعة و الاخلاق الطيبة .