"الكتّاب فرسان والفكر ميدان . وكما يلتقي الحافر بالحافر، هكذا يلتقي الخاطر بالخاطر".
*مارون عّبود
لدينا اليوم مجموعة من الخواطر التي تبعث على الأسى والشجون، وتوقظ أماكن الوجع ، وتُذكرنا بأننا ما زلنا نعيش غرباء في أوطاننا، مثل الذين عاشوا (أي ماتوا) ويعيشون (أي يموتون) من أبناء بلداتنا (الحبيبة) وقد استوحينا هذه الخواطر ، من الأحداث التي نمّر بها اليوم ، في هذا الزمن العربي الرديء ومن غيره ....
السياسة والحسابات الخاطئة
السياسة لا تقوم على الحق والباطل والحلال والحرام، والكفر والإيمان ، بل تقوم على المصالح الاقتصادية، وموازين القوى والأوضاع الاقليمية والدولية.
إن امتلاك الحق لا يخّولك إعلان الحرب، وفتح الجبهات مع العالمين ومن يصدم رأسه بالجدار ، يُحطم رأسه ويبقى الجدار.
المغامرات الخاطئة وغير المحسوبة ، هي ضرب من الجنون ،وأن مفاهيم التضحية والشهادة هنا ليست أكثر من عملية انتحار بائسة .
والحكمة تقتضي أن ننحني أمام العاصفة ، والاعتراف بالواقع الجديد ليس عيباً أو هزيمة ، بل هو ذكاء وشجاعة، وأن ربح أي شيء
خير من خسارة كل شيء ، والتاريخ لا يبدأ معنا، ولا ينتهي عندنا . وإننا لسنا من يملك دفّة التاريخ اولا من يصنع أحداثه ، واذا نحن لم نفهم الواقع، وظروف المرحلة، والتغيرات الاقليمية والدولية. ولم تفرّق بين الامنيات والامكانيات، فإن الأمر سينتهي بنا إلى التلاشي، دون أن ينتهي التاريخ، ويتوقف الزمن بزوالنا!...
هكذا عّرفونا على الله
عّرفونا على الله من خلال النص الديني ، فالله خالق هذا الكون و مبرمج نظامه ومزلزل زلازله، وهو الذي يثير البراكين ويخمدها ويفجر الينابيع ويجففها ....
عندما يكون الله قادراً على كل شيء، وفاعلاً لكل شيء ، ومحركاً لكل شيء ، وعندما يكون عالماً بكل شيء ، ومُسجّلاً لكل ما يحدث للبشر ، عند ذلك يُصبح مسؤولاً عن النتائج المترتبة على حدوثه .
وكلّما منحنا الفكر والعلم فرصة لتبرئة الله مما هو مُتهم به ، أوقفناها، وحرصنا على أنه هو الجبار والمزلزل والمسنتقم والقادر والمميت والقّهار، وهو المسيطر والمتجبّر ، والمهيمن والمتكبّر . والُمذلّ والماكر ، وشريك (المؤمنين) في الغنائم!...
تحریر فلسطین
عجبتُ من الذين يُريدون تحرير فلسطين ، قبل أن يحرّروا أنفسهم من الجهل والتخلف والفقر والتعصب الديني ، وقبل أن يحرّروا أوطانهم من الاستبداد والفساد!....
ثقافة الكراهية
في البلدان التي تتعاظم فيها ثقافة الكراهية ، يتم استدعاء حروب الماضي من أجل إخفاء هزائم الحاضر! ...
المتعصّب
هو إنسان بدائي ، يكرر حركات وأفكار غيره ، يعيش حاضراً مصادراً من الماضي، يخاف من مواجهة الحاضر وفشله يقوده الى العنف، وهو كتلة من العقد تضم الفشل والخوف والعنف ! .
هزائم وخسائر
لماذا لا زلنا نتحدث عن الهزائم والخسائر، التي الحقها بنا الآخرون ، ولا تتحدّث عن تلك التي الحقناها نحن بأنفسنا!...
الوطن الحقيقي
لقد تحول حلم بناء وطن حقيقي ودولة عصرية ، على أسس الحرية والعدالة والمساواة، إلى البحث عن أي سبيل ، وآية فرصة لمغادرته.
وجود الله
قد يكون انكار وجود الله ، أهون وأكثر رحمة من القتل والنهب والسلب والسبي باسمه !...
هجره وتهجير المسيحيين
هل يشهد القرن الحادي والعشرين نهاية الوجود المسيحي في البلدان العربية ، كما انتهى وجود اليهود، بفعل الاستبداد والفساد ، وتنامي الحركات الدينية المتطرفة، وما أحداث العنف الديني والطائفي التي تجتاح عدداً من البلدان العربية ، الأّ مؤشرات تنذر بالخطر الداهم.
يعيش المسيحيون في البلدان العربية اليوم على الهامش ، حيث يتم حرمانهم من الوظائف القيادية وحتى العادية، وعدم شعورهم بالأمان والخوف من المستقبل، إذ تنحاز الدولة وأجهزة السلطة الى دين أو مذهب معین ، الى جانب فقدان الحريات العامة وحقوق الانسان .
ويقول الكاتب الكبير (محمد حسنين هيكل ) في هذا الصدد :
"وأشعر ، ولا بُدّ أن غيري يشعرون كذلك ، أن المشهد العربي سوف يختلف إنسانياً وحضارياً ، وسوف يصبح على وجه التحديد أكثر فقراً وأقل ثراء ، لو أن ما يجري من هجرة مسيحي الشرق الأوسط. تُركت للتجاهل ، والمخاوف وان لم يكن لها أساس " :
وينتهي (هيكل ) في تحديده لطبيعة هذا الخطر المحدق متسائلاً : أية خسارة لو أحّس مسيحيو الشرق - بحق أو بغير حق - أنه لا مستقبل لهم ولأولادهم فيه . ثم بقي الاسلام وحيداً في المشرق ، لا يؤنس وحدته غير وجود (إسرائيل) في المنطقة" ... . (راجع مجلة وجهات نظر - القاهرة – العدد 14 مارس 2000).
الثورة والثور
لم تفعل الثورات التي قامت في عدد من البلدان العربية، غيرإستبدال مستبد بمستبد آخر. وتخريب الحياة السياسية. والمجتمعية ، ونشر الاستبداد والفساد ، حتى أنها أرجعت بلدانها نحو نصف قرن الى الوراء، وهذا ما جعل أحد الكتاب يقول :
إن مفهوم (الثورة) عند العرب يأتي من كلمة (ثور) اي انها حالة هياج فقط!.
أخطاء وخطايا...
لم نتوقع أن تقوم جماعة العسكر الانقلابية. وزعماء الأحزاب الوحدوية التقدمية الاشتراكية - كما أطلقت على نفسها - باستغلال السلطة السياسية التي اغتصبتها من أجل مصالحها الخاصة.
وبسبب جهلها وفسادها ، وعماها الفكري والايديولوجي حاربت المفكرين الأحرار وشردتهم ، وادخلتهم إلى السجون والمعتقلات . وتنكّرت لعصر التنوير العربي، الذي بدأ في القرن التاسع عشر ومنجزاته، وأقامت سلطتها على الاستبداد والقمع والفساد.
وبنفس الوقت تغاضت على نشاط الاحزاب والجماعات والميلشيات الدينية والطائفية وتمدّدها ، وهيمنتها على الفكر والمجتمع، بل وصل بها الأمر إلى التحالف مع رجال الدين. وهي بذلك مهّدت الطريق أمام الجماعات الدينية المتطرفة . التي عملت وتعمل على إعادة المجتمعات الى العصور الوسطى . و قمع كل محاولة لبناء وطن حقيقي على أسس الحرية و الديمقراطية.
(بورنو) عربي
اهتم العرب بـ(البورنو) الذي جرى على ألسنتهم ، فألفوا فيه مئات الكتب، وقد أحصى الباحث (د. عمر فرّوخ ) أكثر من ألف اسم وصفة للنكاح عند العرب.
وفي كتاب (تاريخ الخلفاء) للامام جلال الدين السيوطي الكثير من القصص والأخبار حول هذا الموضوع ومنها :
- لما مات الخليفة العباسي (هارون الرشيد) وُجد في قصوره نحو ( 2000 ) جارية. وكان لحفيده الخليفة ( المتوكل ) (4000) آلاف منهن ، وقد (وطئ) الجميع .
ومن المفارقات الغريبة، أن اسم ( الرشيد) قد ورد في النشيد الوطني السوري !...
نجيب محفوظ ( قبطي) ...
حُرم الأديب والروائي المصري الكبير ، وحامل جائزة نوبل العالمية ( نجيب محفوظ) من بعثة إلى فرنسا ، بعد تخرّجه من الجامعة عام (1934) لأن مدير البعثات في وزارة المعارف المصرية آنذاك ( ابراهيم رمزي) ظن أن نجيب محفوظ من الطائفة القبطية ( صحيفة الأهرام 31 يناير 2000 ص 24) من مقال رجاء النقاش (نجيب محفوظ والأقباط) .
الحياة في الماضي
يقول Robert Fisk مراسل صحيفة The independent البريطانية فى الشرق الأوسط:
"لقد نجح الصحفيون الغربيون، الذين يعملون في منطقة الشرق الاوسط ، في الإجابة على جميع الأسئلة التقليدية، التي تتعلّق ببث الخبر وهي ( من. أين . ومتى ) لكنهم نسوا ( لماذا ) لذلك فهو ينصح كل صحافي يتوجه للعمل في منطقة الشرق الأوسط ، أن يحمل معه دائماً كتاباً للتاريخ ، كي يرجع إليه ، ويفهم كيف أن آثار الماضي، عادة ما تكون مطبوعة ، على أذهان وذكريات الناس هناك. وتدفعهم الى العمل والسلوك بطريقة معينة "..
الوطن الحقيقي
على الرغم من كل الشعارات والهتافات الوطنية والمسيرات والمهرجانات الوطنية ، والأغاني والاناشيد الوطنية. فقد فشلنا في بناء وطن حقيقي ودولة عصرية.
المرأة العربية
من المؤسف أن المرأة العربية ، التي تحمل شهادات علمية لا تستطيع أن تتخطّى حدود الحظيرة، لتدافع عن حريتها وكرامتها ، ولا بد من وجود قيادات واعية لضبط الحظيرة . وابقاء عمليه شدّ الحبل بين القطيع والقيادة مستمرة حي يستمر التوازن ، ولا ينتصر طرف على طرف...!
المقاومة وضياع البوصلة
ابان الحرب الأهلية اللبنانية، التي دامت نحو ( (15) عاماً ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء، كان للفصائل الفلسطينية المسلحة الموجودة في لبنان دور أساسي في إشعال هذه الحرب ، عندما حاولت السيطرة على هذا البلد و جمله وطناً بديلاً عن فلسطين.
يقول القيادي الفلسطيني المعروف ( أحمد جبريل) من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وهو من جماعة (الأبوات) ومعروف باسم (أبو جهاد):
" إلى الطريق إلى فلسطين تمتر بـ (جونية) ونحن نسأل لماذا بهذه المدينة المسيحية اللبنانية ، ولماذا لا تمرّ بدمشق أو عمان او القاهرة ،وهل من جواب ! ...
(الحيّة) ومدينة القدس
يقول (خليل الحيّة) القيادي في حركة حماس الاخوانية والسلفية الجهادية : " القدس مدينة اسلامية . (والحية ) بهذا القول يمثل الفاشية الدينية ، وينكر حقوق أتباع الديانات الأخرى في هذه المدينة المقدسة. (تشبيح ديني)!...
الردّة الدينية والصحوة الوطنية .
منذ نحو نصف قرن من الزمان، ظهرت في البلدان العربية (ردّة دينية) خطيرة، انتشرت كالوباء ، وعمّ بها البلاء. وقد تجلّت باشتداد التعصب الديني ، وهيمنة رجال الدين المتعصبين على الفكر والمجتمع، وانتشار أفكار الحقد والكراهية ، وتكفير الآخرين، وانتشار الحجاب والنقاب، واحتقار المرأة . وظهور الميلشيات الدينية والطائفية المسلحة، ومحاربة الفكر والمفكرين الأحرار، وظهور انقسامات حادة في المجتمع.
وقد تفاعلت هذه الأمور الخطيرة معاً ، فكانت (معجزة الارهاب ) التي لا زالت فاعلة ، تعاني منها و من آثارها دول عديدة ، ليس في الدول العربية فقط ، بل في بلدان آخرى متعددة... في المعالم...
وبالمقابل... أصبحنا اليوم بحاجة ماسّة الى (صحوة وطنية) ونهضة حقيقية سياسية وفكرية واجتماعية ، من أجل تعميق الوعي الوطني، ونشر مبادئ الحرية والكرامة، والعدالة و المساواة ، والديمقراطية وحقوق الانسان.
ان ( الصحوة الوطنية ) هي اليوم الضمان الأكيد للشعوب والبلدان العربية لدخول العصر، وبناء وطن حقيقي ، و دولة حرة ديمقراطية ،في ظل القيم الاخلاقية والوطنية والانسانية.