القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (5) بقلم عمرو الزيات

القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (5) بقلم عمرو الزيات
القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (5) بقلم عمرو الزيات
نماذج من القصة الشاعرة:
- اغتصاب في وادي الأجنة – محمد الشحات محمد
  كادتْ بطاطين المعارض أنْ تغطّي صفحة الترويسة الأولى ..؛ مع التشفيرِ .. أعْلنتِ المؤسسةُ الشّهيرةُ "رعْ كرَى" عنْ أصْعبِ الأحلامِ ..، قارئة البطاطين استغلّت فرصة الإعلانِ ..، 
قَدَّمتِ الشهادةَ مِنْ مصبّ "الملتقى" ..، 
بدأتْ "كَرى" عملية الفرْز، استقرتْ ..؛ 
كان تصويتُ المسابقة اختراع السرِّ ... 
كيفَ نُركّز الأحلام بعد النومِ في غصْن الحواديتَ المباركة التي وردتْ قبيل "أوادم" المستقبلِ، ارتفعت على سقّالة الإبداع مِنْ تحتِ البطاطينَ الصغيرةِ ..، 
أرْغمَ الجمهورُ نوابَ القروضِ، فسارع التفتيش محمولا إلى مستخدم المتسابقين، تردَّد الصّبيانُ ..؛
شاشات المقاوم لم تعد تقوى على عرْض الحوادث..؛ سيرة "الدكتورِ صبري" شقّها بردُ الغوايةِ، أُقحمتْ بينَ العناوين، ارتدتْه خيوط بطانيةٍ في المعرض النتّيِّ ..،
 قالتْ "رعْ كرى":
سلْ عنْه قارئةَ الخطاطيف الجريحة ..،
فجأةً غابتْ "كروتُ" الشاشةِ، انطلقتْ على الفَوْرِ المنابرُ:
هَا هنا يمضي الضميرُ، يُسجّلُ التاريخُ، والأجيالُ تشهد معطياتٍ، بينما البُرْهانُ كورونا تُراودُه؛ قِطاراتٌ من النّظَّار تبتلعُ الصيانةَ؛ كلّ ركّابِ المحطةِ في اعتصامٍ؛ موْكبُ "المُومْيا" يُراهنُ حلْقةَ التسريبِ؛ أدمن صفحةِ الجَرَّارِ لمْ يغلقْ إشاراتِ الحسابِ؛ اعتادَ سكّانُ المدينة "زرّ" تعليق المباراة ..، 
استعدَّ الضغطُ؛ كانتْ للرجيم علامةٌ صُغرى ..؛ رئيسُ القسم تصْفعهُ تحيَّةُ هيئةِ الأحلامِ في "الوادي المقدّسِ" ..، ترفعُ الشاشاتُ دعْوى .. تقْشَعرُّ نبوءةٌ ..؛
ضمَّ "اسْكرينُ الشوتّ" فَصْلاً للمروءةِ ..؛ لجنة الإعلانِ لمْ تَدْفعْ "كروتَ الشّحْنِ"، فانقطَع الدليلُ، استشْعرتْ حرجًا .. مع الترويسة البيضاءَ ..، 
قرَّرتِ الأجنة حلَّ مشكلة اختصارِ مراحلَ التنقيطِ ..؛
                سائق "توكتكِ" اغتصب البطاطين، اختفى!
العنوان  يثير في نفس المتلقي  الكثير من معاني الاشمئزاز والغضب وهو مضمون  تلك القصة الشاعرة ، مشاركا بذلك مبدع النص  في رصده وتجسيده لواقع مخزٍ وحالة من الفوضى الاجتماعية نسجت  ظلالها على واقعنا؛ فآض نهارها ليلًا مظلمًا تجوس خلاله عقارب  الحقد التي تحرك بعض الطوائف والنماذج البشرية التي تحركها الحياة لحكمة لها كما تحرك حشر الأرض؛ بيد أن مبدعنا الرائد المؤسس يمعن في السخرية من تلك النماذج فيرمز لها برموز ساخرة ؛  ( قارئة البطاطين ) ، ( رع كري ) ، ( سائق توكتك ) وهي نماذج تجسدت فيها سخرية القدر وحكته في آن، نماذج يجب أن تجتث من الحياة،  إن " ههنا نفس خامدة وقوة راكدة وجبلة باردة جامدة، لا تمتد يدها إلى الثمار تهدلت بها غابات الأشجار، ولا يملأ صدرها حسن الآصال وروعة الأسحار، ولا يستجيش الحياة في عروقها منظر الكمائم تتفتح عن آنق الأزهار أو الغمائم، ترسم في صفحة السماء المقلوبة أبهى الصور أو الخضرة في مستهل الربع، تكاد العين ترى ذيوعها وانتشارها، بل «وثبها»  شجرة إلى شجرة ومن عود إلى فنن، حتى تعود الحقول إلى آخر مدى البصر بحرًا مائجًا من الزبرجد، لا ولا ينبه شعورهم الزهر في الصباح البليل وقد أثقلت أكمامه الأنداء، فتساندت رءوسها كأن سربًا من العذارى على الماء بوغِتْنَ، فتزاحمن تحت ثوب أبيض.
كلا، ليس في كل مفاتن الطبيعة وروائع الحياة ومعانيها ما يحرك تلك النفس؛ لأن باطنه شاعت فيه لعنة السماء، فعاد أشقى الناس بنفسه، وصار لا ينقذه منها ومما منته به من صنوف البلاء إلا أن تهدمه فئوس كاشفي طبقات التراب عنه، وليت تراب الخمول لم يرفع عنه، فقد ولد ميتًا ولم يجد نور الحياة وحرها، ولا أغنيا عنه من جمود طبعه شيئًا، وإن كان وهو ملقى بين أنقاض حياته يتوهم أنه ملهب الموج بسياطه ومدير الأفلاك بتدبيره وحكمته. "