د. محمد ضباشه يكتب : مخاطر القلق العام على التنمية الشاملة

د. محمد ضباشه يكتب : مخاطر القلق العام على التنمية الشاملة
د. محمد ضباشه يكتب : مخاطر القلق العام على التنمية الشاملة
قمنا في دراسة سابقة لنا عام 2005 بوضع إطار نظري حول نظرية جديدة للقلق وبناء مقياس لتحديد مستوى القلق الموضوعي والدافع والعصابي لمعرفة عند أي مستوى يكون القلق طبيعيا ويعد ضرورة من ضرورات الحياة ومتى يكون هذا القلق دافعا للإنجاز والإبداع والابتكار وعند أي مستوى يكون عصابيا يشتت الفكر ويكون معوقا لاستمرار الحياة بطريقة سوية  تساهم في التنمية  بطريقة طبيعية .
وقد عرفنا القلق  بأنه حالة من التوتر الانفعالي المؤلم الناتجة عن خبرات وأحداث مؤلمة داخلية أو خارجية تسببها البيئة يعبر عنها في سلوك انفعالي غير طبيعي بغية السيطرة على الموقف وتخفيف التوتر  .
وبناء عليه توصلنا إلى أن القلق الطبيعي من موقف ما يزول بزوال الموقف المسبب له كالقلق على الصحة أو النجاح الدراسي أو على أي أمر من أمور الحياة العادية ويكون القلق في هذه الحالة لا يتخطى الحدود الدنيا كدرجات على المقياس  ، أما إذا تخطى هذه الحدود عند البعض ولم يصل الى حدود القلق العصابي بناء على التجارب الميدانية فسرنا هذا على أنه قلق دافع يدفع صاحبة لمزيد من الانجاز والابداع والابتكار سواء كان هذا في المجال العلمي أو الأدبي ويعد حافزا على النجاح وتخطي الصعاب  ويكون هذا المستوى من القلق شخصي ولا يمكن اعتباره قلقا عاما لأنه لا يتخطى شخص بعينه أو مجموعة أشخاص في حدود المكان والزمان الناتج عنه خبرات مؤلمة وعلى الدول أن تبحث عن هؤلاء الأفراد في كل مجال من مجالات الحياة لأن لديهم طاقات لو تم استغلالها بطريقة علمية صحيحة لتحولت  الحياة إلى الأفضل بفضل ما يقدمونه من ابتكارات وابداعات تساهم بشكل كبير في التنمية وزيادة الدخل القومي    .  
أما الشعور بالقلق نتيجة الهلع والانزعاج المفرط بخصوص الشأن العام وتعرض البلاد للحروب  والإرهاب والأزمات الاقتصادية والسياسية الطاحنة والكوارث الطبيعية والفقر وغياب العدالة الاجتماعية وتدني مستويات المعيشة  وعدم الرقابة على الأسواق  فإن القلق يعد عاما وشائعا بين أفراد تلك الدول مما يكون له آثار سلبية  قد تؤثر على التنمية وعلى السلوك العام   .
ونظرا لما يمر به عالمنا العربي من أزمات في سوريا وفلسطين والعراق وليبيا ومصر ولبنان واليمن والجزائر ودول أخرى في الوطن العربي فقد عكست تلك الأزمات بظلالها على الصحة النفسية لدى كافة المواطنين العرب في تلك الدول وأصبح الشعور بالقلق على المستقبل أمرا غير طبيعيا كالخوف من فقد الحياة بسبب الإرهاب والجوع والفقر ونقص المياه وتدني الخدمات العامة التي تقدم للمواطنين في مجال الصحة والتعليم والبطالة  وعدم فتح قنوات إتصال بين المواطنين والسلطات الحاكمة في تلك الدول للاستماع إلى معاناتهم كل هذا ادى إلى حدوث تلك الظاهرة التي لو تم كبتها لفترات طويلة لتحولت إلى قنابل موقوتة سوف تنفجر في أي لحظة  وهذا ما يوضحه  الجانب الانفعالي للقلق الذي يحول السلوك السوي إلى سلوك غير مرغوب فيه يمكن ان يدمر الشخص ذاته او من حوله   . 
  لذا يجب على من  بيده اتخاذ القرار أن يضع هذا في الحسبان ويعلم أن هذا القلق يعيق مسيرة التنمية وأن تراعي تلك الدول الأحوال المعيشية للمواطنين وتوفير السلع والخدمات بأسعار تكون فى متناول الجميع لتخفيف حدة هذا القلق ولا يصعد مستواه إلى أعلى  فيكون كما اشرنا سابقا معول هدم وصيد ثمين للأفكار المتطرفة والإرهاب  . 
وعليه لابد من رؤية  لاتخاذ العديد من التدابير اللازمة لتخفيف حدة هذا الشعور بالقلق عند الغالبية العظمى من أفراد الشعوب العربية وعلى الأقل توفير الحد الأدنى من الأمن والأمان  لكافة المواطنين حتى لا نعود إلى عصور التدهور والتخلف لأننا لم نعتمد على نتائج البحوث العلمية في اتخاذ أي قرار يخص الجانب النفسي للمواطن العربي الذي يعد حجر الزاوية لأي تنمية مستقبلية نطمح في الوصول إليها .