صفوت عطا الله يكتب : أصل الحكاية والرواية

صفوت عطا الله يكتب : أصل الحكاية والرواية
صفوت عطا الله يكتب : أصل الحكاية والرواية
 
 
 
مقدمة:
عجيب أمر هذا الكوكب العريب في هذا العصر الحديث، فلم تعد الكرة الأرضية بلدان متباعدة أو مساحات شاسعة أو محيطات هائلة أو أراضي واسعة أو أنهار طويلة وجبال شاهقة أو وديان عميقة وطرق صعبة بل تحولت الكرة الارضية إلى قرية صغيرة تسمع بكاء طفل داخل غرفته أو شجار زوجين مخدعهم أو أطفال يلعبون بل ترصد كل لحظة وحدث ولمسة وهمسة وعطسة بكل دقة واتقان، نرى الغرائب والعجائب والأحداث دقيقة بدقيقة، وأنت جالس على الأريكة، ممسك بذلك الشيطان الصغير المسمى بالمحمول ربما نسبة إلى ما يحمله من أسرار وأقوال وأحداث وأخبار تتناقل بسرعة البرق يتأثر بها وتؤثر فيه سواء شاء أو لم يشأ.
منذ الزمن البعيد حيث تتباعد البلاد والأوطان ولا توجد وسائل الاتصال ونقل المعلومات كانت الأخبار تصل للخلق والعباد بعد مرورها عبر الزمان والمكان بشكل مختلف عن الحقيقة والواقع حيث تتغير وتتبدل حسب المزاج والأهواء حسب مرورها عبر الأفراد سواء بالتهويل أو التضخيم أو التهوين والتقليل لهذا نجد الرواية بها مبالغات كبيرة أو تكون ناقصة مبتورة.
هذا يتوقف على نوعية الفاعل وأمانته وصدقه وعلمه وثقافته وعقيدته لهذا يصبح كتابة التاريخ ورصد الأحداث صعبة جدا لهذا أصبح المؤرخين الصادقين قليلين بينما يكثر التأويل والتحوير والتحريف للأخرى فنقع بين التصديق وعدم التصديق فيكون النقاش والجدل على مدى صحتها وإنكار حدوثها.
أتذكر عندما كنا في القوات المسلحة خاصة في مادة الاتصالات وكيفية نقل المعلومات والرسائل أثناء الحروب والعمليات نقوم بعمل تجربة بين الطلاب، نبدأ بإعطاء أول فرد رسالة أو معلومة معينة وعليه أن ينقلها إلى زميله سراً ثم نتوالى نقلها عبر عدة أشخاص إلى أن تصل إلى الآخر وبعدها نفحصها ونقرأها فنجدها مغايرة ومختلفة تماما عما نقصده لأنها بالطبع تم تداولها بين أفراد مختلفين حسب العلم والثقافة والمزاج وهنا كان لابد من وضع معايير وضوابط وألفاظ وكلمات في الرسالة بعيدة عن التبديل أو التغيير أو الاحتمالات.
ما اقصده من تلك المقدمة هو التطبيق العملي عما يحدث في عالمنا الآن حيث ابتليّ هذا العالم ببعض رؤساء أبعد تماما من رعاية مصالح شعوبهم بالحفاظ على أمنهم وسلامتهم او تحقيق حياة كريمة أفضل لكل فرد وضح ذلك أثناء تناقل الأخبار والأحداث سواء عن جائحة كورونا التي أصيب بها العالم منذ ثلاث سنوات أو الحرب الأوكرانية ومدى تأثيرها السلبي على شبر وبقاع المسكونة كلها.
وحيث أنني لست ضليعاً أو خبيرا أو محللاً سياسياً ولكن بطريقة بسيطة أحاول شرح ما يحدث بطريقتي الهزلية ولغتي الحلمنتيشية وكلماتي الفكاهية توضيح ما يجري رغم تعقيدها وتداخلها وتشابكها وأنا متأكد من كثيرين متحير من امره رغم كثرة الأخبار والأحداث ليل نهار ينقلها وسائل الإعلام والميديا الغير صادقة أو أمنية لسبب بسبيط لأنها حسب هوى ومزاج وغرض وهدف ناقلها ومروجها فلم نعد نعلم أو نعرف من هو الالم والمعتدي ومن هو المظلوم سؤال يتردد الآن بقوة هل حقاً الرئيس الروسي يدافع عن أمن ومصالح بلاده وحماية حدوده وأراضيه أم هو معتدي ومحتل ومجرم وغاصب.
هل الرئيس الأمريكي حامي الحمى والمدافع الأول عن حقوق الإنسان والسلام العالمي أم هو محرض ومثير للشغب في العالم ويسبب ضرراً بالغا لشعبه بالتصرفات الهوجاء المتسرعة، هل الرئيس الأوكراني بطل قومي يدافع عن بلده وشعبه ويقاوم المحتل الروسي أم هو دمية وألعوبة في يد الغرب والأمريكان وسبب في خراب وتدمير وتشريد شعبه.
بكل صراحة اختلط الحابل بالنابل وتتشابك وتتعقد النوايا والمصالح والعالم في غيبوبة تامة متحير من أمره كأنها قوي خفية شيطانية تلعب به وتحركه كما تشاء وتوصله إلى حافة الانهيار والهاوية والانتحار الجماعي والخراب والدمار للمعمورة كلها فلم تعد الحروب سبب في قتل فقط بل يموت الآن من الجوع والعطش ومن يفلت من هذا أو ذاك يقع فريسة للأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية.
في ظل فشل وضعف هيئة الأمم المتحدة التي أنشئت لحل تلك المشاكل والازمات والنزعات بالطرق السلمية وقفت متفرجة مكتوفي الأيدي ترسل عبارات تهدئة فقط بعكس ما حدث أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام  1956م فكانت كلمة الحق والقوة لدولة عظمى مثل أميركا في مجلس الأمن 
أجبرت كل من انجلترا وفرنسا واسرائيل على الانسحاب يكشف لنا مدى عظمة وأخلاقيات وحكمة هؤلاء الرؤساء العظام الذي كان يقسم بالمحافظة على سلامة وأمن وحدود شعبه بصدق وحقيقة، للأسف الآن الكل مذنب ومدان يجب محاسبتهم ومحاكمتهم إن أمكن أو على الأقل سحب الثقة منهم لفشلهم الذريع وعدم استطاعتهم تحقيق السلام والحياة الكريمة لشعوبهم.
 
 
 
أحداث أوكرانيا في الميزان:
قبل الخوض في أحداث أوكرانيا نلقي الضوء أولا على دولةأوكرانيا فهي دولة تقع في شرق اوروبا تحدها روسيا من الشرق وبولندة والمجر وسلوفاكيا من الغرب والبحر الأسود من الجنوب وبيلاروسيا من الشمال ورومانيا ومولدوفا من الجنوب الغربي يوضح لنا أنها دولة محورية كمعظم الدول التي كانت حليفة لروسيا أو التابعة لها لذلك ترجع أهميتها وكان يعتبر الاقتصاد الأوكراني في المرتبة الثانية بالاتحاد السوفيتي حيث يعتمد على الزراعة والصناعة وتعتبر بحق سلة الحبوب للعالم كله وعاصمتها "كييف" وعدد سكانها 42.5 مليون منهم 77.5% أوكراني أما الروس فتقدر أعدادهم بنسبة17.5% ورئيس البلاد الحالي فولوديمير زيلينسكي، انفصلت عن الاتحاد السوفيتي عام1991م والرئيس من مواليد25 يناير 1978م اوكراني يهودي الديانة كان يعمل بمهنة التمثيل الكوميدي ومنتج يشغل منصب الرئيس منذ عام 2019م وقد بدأ في ممارسة السياسة بإنشاء حزب سياسي عام 2018م اكتسح الانتخابات وبين يوم وليلة تحول الممثل الكوميدي وعمره 44 عاما بزعيم وبطل قومي في نظر شعبه حيث استخدم وسائل التواصل الاجتماعي والميديا في التأثير على عقول الشعب واكتسب التأييد بتلك الطريقة الحديثة وأغلب الظن لقلة خبرته السياسية وقع فريسة سهلة في أيدي الغرب والأمريكان وكان سببا لإثارة الأزمة والمشكلة بينه وبين روسيا وجر البلاد إلى حرب غير متكافئة ثم غلى مواجهة خاصة بعد نفاد صبره وهياج الروس لتأديبه وابتلاعه.
 
 
 
أساس المشكلة:
منذ استقلال أوكرانيا 1991م والتحول الحاد من النظام الشمولي الاشتراكي الشيوعي إلى التعددية الديموقراطية والرأسمالية والأحلام الوردية حدث صدام وشرخ وصراع أغرى كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو للتقرب إلى الدول التي استقلت من الاتحاد السوفيتي وأغرتها للانضمام إليها بتقديم المساعدة والعون مما أدي إلى قلق وتوتر العلاقات مع الشقيقة الكبرى روسيا وهذا منطق طبيعي مما أدى إلى انفجار شعبي عام 2004م في أوكرانيا وغضب عقب الانتخابات حيث أطلق عليها ثورة البرتقال نسبة إلى الأعلام البرتقالية التي كانوا يرفعونها وقتذاك وهو نفس الأسلوب والطريقة التي اتبعها البعض في العالم العربي تحت مسمى الربيع العربي عام 2011م في تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن وكان القاسم المشترك في كل ذلك دور المخابرات الأمريكية وتوالت الأحداث بعد ذلك حتى عام 2014م قيام أحداث شغب ومظاهرات شعبية شابة للربيع مطالبة بطرد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش لمماطلته وتأجيل الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي مما أسفر عن سقوط ضحايا ما بين قتيل وجريح بالمئات وكانوا من المعادين لروسيا مما دفع روسيا لضم شبه جزيرة القرم لحدودها السياسية واعلان استقلالها عن اوكرانيا وعقب انتخابات الرئيس الحالي زيلينسكي عام 2019م ومحاولاته احياء الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ورفض الرضوخ للمطالب الروسية لعدم الانضمام كان اللطمة الثانية والتأديب القاسي بالإعلان عن قيام جمهوريات في المناطق المتمردة عن أوكرانيا وضرب البنية التحتية وتدمير المطارات في جميع أنحاء أوكرانيا منذ 24/2/2022 وهنا استيقظ العالم وبدأ في البحث عن أسباب الحرب والصراع ولا يعلم أنها نتيجة حتمية للمناوشات والتوتر وصراع منذ 2004 وحتى الآن.
وبدأ الإعلام تسليط الضوء حسب الرواية الأمريكية والغرب بالتهويل والتضخيم والمبالغة وتصوير روسيا بالدب الروسي المفترس والمعتدي والمتوحش والمعتدي لتأليب دول العالم وهكذا اختلط الأمر علينا بين مؤيد ومعارض.
المهم الحقيقة المؤلمة والمؤسفة من كل هذا هو الشعب الأوكراني الذي دفع الثمن غاليا والهروب الجماعي والنزوح من جحيم الحرب حيث تخطى 4مليون نازح خلاف الخراب والدمار وتوقف الحياة والزراعة وبداية دق طبول الحرب العالمية الثالثة تلوح بالأفق والتهديد باستخدام القنابل النووية ودمار العالم كله مما أوقع المسكونة في رعب جنوني وخوف وتهديد يقترب من جائحة أخرى مثل كورونا اللعينة وبدأ التأثير السلبي وتوابع الزلزال على الكرة الأرضية تأثر بها أصغر فرد في أبعد نقطة في لقمة عيشه وحياته وارتفاع أسعار الوقود بشكل متزايد.
 
 
 
آراء الخبراء والمحللين:
ظهرت فئة من الخبراء والمحللين بعدة آراء مع التحليل والفحص لتلك الأحداث فمنهم من حاول تشبيه بوتين بالرئيس العراقي صدام حسين أثناء غزو الكويت وتحالف القوى الدولية بالتصدي له وتدميره وهزيمته وتحرير الكويت ثم نهايته بالغزو الأمريكي للعراق محاولين اسقاط ذلك السيناريو على مستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفئة أخرى حاولت عمل مقارنة بين ما حدث في أفغانستان أثناء الاحتلال الروسي وقيام أميركا بدور رئيسي بتكوين مقاومة أفغانية ومساعدتهم وتسهيل ذهاب المجاهدين المسلمين بتمويل سعودي مما أدى إلى ظهور القاعدة وحركة طالبان الذي انقلب السحر على الساحر بعد ذلك وكانت أحداث سبتمبر 2001 مثال صارخ عقب ذلك الغزو الأمريكي الذي استمر قرابة عشرين عاماً في أفغانستان والانسحاب المهين أوائل العام للأمريكان ومن المتوقع انزلاق الروس في مستنقع اوكرانيا مما يؤدي إلى هزيمتها نهاية الأمر.
رأي ثالث بدأ رصد التدخل الخارجي من بعض المرتزقة والتي حاربت مع الدواعش في العراق وسوريا وليبيا ومحاولة تجميعهم وارسالهم إلى أوكرانيا لمقاومة الغزو الروسي مما يؤدي إلى تحويل أوكرانيا إلى مرتع ووكر جديد للإرهاب الحديث في قلب أوروبا وتكون مسرح للعمليات مثلما كان يحدث في سوريا.
أغلب الظن من كل الرؤى والتحليل أن الرئيس الروسي بوتين أذكى ويعلم جيداً ما يقوم به من تصورات وتطورات جارية والحدود والاهداف الذي يرغب تحقيقها وهي تحييد أوكرانيا وإبعادها عن الانضمام لحلف الناتو ولن يتورط أكثر من ذلك ولن يسمح بالوقوع في مستنقع المقاومة والعمليات الإرهابية كما يعلم أيضا قدرته على تحمل العقوبات الدولية خاصة الأمريكية.
 
 
 
الخلاصة المفيدة للمعضلة العظيمة:
حسب رأيي المتواضع ولا يخرج من حيز الشطحات والتخاريف ولكن يدعو للتأمل والتفكير ومحاولة الاستيعاب بما يجري من حولنا من أحداث وأمور تبدو أمام الناظر العادي مختلفة لمن يديره لنا في الغرف المغلقة.
فمنذ اجتياح جائحة كورونا للعالم هدأت وتيرة الحروب وبؤر الصراع وأنخفض صوت المدافع والمعارك خلال الثلاث سنوات الماضية وضح أن الجماعات الإرهابية والدو اعش والمرتزقة في حالة كامنة وحالة من التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق كما يحدث في القاعدة وحركة طالبان الآن وحيث لا نسمع عنهم شئ حالياً وهذا لا يعني أنهم قد تم القضاء عليهم.
وكذلك قل الطلب على السلاح والمعدات وأدى إلى كساد وغلق مصانع السلاح وانخفاض الانتاج علاوة على تأثير الاقتصاد العالمي ايضا.
هنا تمخض الفكر الشيطاني وتجار السلاح إلى اللعبة المفضوحة المكشوفة وافتعال أزمة أو حرب كي يعيد الحياة إلى آلات الحرب وانتعاش سوق السلاح وكانت الفرصة الذهبية ذلك الدمية والممثل الهزلي السابق من عينة زيلينسكي رئيس أوكرانيا ودفعة لجر شكل الدب الروسي وإثارته وتغذية النعرة القومية الأوكرانية وعليه جاء رد بوتين القاسي وتصفية الحسابات بالحرب عليه وأيضا الرئيس بايدن وبعد انسحابه المهين من افغانستانيريد تجميل الوجه واعادة مجد الأمريكان واستعراض القوى لحماية الضعفاء بدأت التمثيلية البايخة بأطلاق الإشاعات والتحذيرات بقرب هجوم نووي وحرب عظمى ثالثة واصبح الجميع في حيص بيص وعند المحك والحرب تراجع حلف الناتو وأميركا من التدخل والمغامرة والوقوع في حرب حقيقية وأكتفى بالتنديد والمعارضة وتوقيع العقوبات فقط ومنع استيراد البترول من رؤوسنا مما أدى إلى ارتفاع أسعاره بصورة مبالغ فيها وبالتالي يزيد الدخل للدول المنتجة حتى تصل للذروة واطلاق اشاعة أخرى عن سعي روسيا شراء أسلحة من الصين وبين الفتي والتحليل يظهر التنين الصيني ويقترب من اللعبة بقوة وبدأ الرعب والخوف يدب في أوصال وقلوب الدول والإسراع إلى تأمين حدودها وتجبرها على البحث والتكالب في عقد الصفقات وشراء السلاح والذي بدأت عجلة المصانع في انتاجها لتعويض ما فقد على الحرب هكذا أموال تتدفق من ارتفاع البترول ومصانع تنتج السلاح فتعود الحياة للانتعاش في الدول العظمي بعد أيام الضنك والجفاف ووقف آلة الحرب فترة كورونا ولا ننسى صفقة السلاح أيام الرئيس ترامب للسعودية وكيف تم استغلالها الآن في الحرب مع الحوثيين وتم التجهيز لصفقات حرب أخرى بمعرفة الرئيس بايدن تلك هي اللعب مع الكبار.
وللأسف والمحزن والمبكي هي الدول الفقيرة التي تدفع الثمن من أرواحها وحياتها وتشريد الأبرياء بسبب غباوة حكامها ورؤسائها المتهورين.
هكذا تظهر لنا أزمة أوكرانيا وروسيا التي حدثت وأغلب الظن سيتم الاتفاق بينهما ولكن تأثير تلك الأزمة سيمتد لمدى واسع النطاق على العالم كله في سوق السلاح والاقتصاد العالمي بصورة جديدة وظهور اللاعب الأساسي وهو التنين الأصفر الصيني وهذا هو مربط الفرس وأصل الرواية والحكاية.