د.سهام عبد الباقى محمد تكتب : وداعًا ثقافة "ضل راجل"

د.سهام عبد الباقى محمد تكتب : وداعًا ثقافة "ضل راجل"
د.سهام عبد الباقى محمد تكتب : وداعًا ثقافة "ضل راجل"
 
  وداعًا ثقافة "ضل راجل" 
د. سهام عبد الباقي 
باحثة أنثروبولوجية -كلية الدراسات الافريقية العليا-جامعة القاهرة
فى ظل إرتفاع سن الزواج للشاب والفتاة وزيادة درجة وعى الفتاة المصرية وسعيها لتحقيق أحلامها،وما تطمح إليه وزيادة ثقتها وإعتزازها بقدراتها وإمكانياتها تلاشت الكثير من المقولات المأثورة شعبيًا التى كانت تزيد من تبعية المرأة المصرية للرجل وتربط وجودها بوجوده،منها تلك المقولة التى صاغها لنا المثل الشعبى المصرى الشهير"ضل راجل ولا ضل حيطة" وقد ظل هذا المثل الشعبى لعقود من الزمان يعكس جزء هام من معتقداتنا وقيمنا ومعايرنا التى ترفع من فكرة وجود الرجل فى حياة المرأة حتى وأن كان وجود شكليًا وسطحيًا، وإن لم يؤدى أدواره المنوط بها فى حياتها.والرجل المقصود فى سياق المثل هو الزوج.وقد تغير هذا الفكر وتلاشى بتلاشى الصورة النمطية التى رسختها القيم المجتمعية فى وجدان الأثنى والتى تجعل فكرة الزوج وتكوين الأسرة هو الشغل الشاغل للفتاة حتى لا يٌنظر إليها نظرة إزدراء. ولم تعد الفتاة المصرية هى تلك الفتاة التقليدية التى تنتظر حصولها على شهادة التخرج حتى تحصل على زوج مناسب أو غير مناسب لتدخل القفص الذهبى أو تتخلى عن دراستها تكريسًا لتلك الفكرة وتحقيقًا لهذا الهدف الذى كان يمثل أخر درجات الطموح واقصى امنيات الفتاة العربية بشكل عام فى فترة زمنية معينة.حيث أدت الأوضاع الاقتصادية غير المواتية فى مجتمعاتنا إلى توجه كثير من الفتيات إلى سوق العمل لتعول نفسها وأسرتها فكثير من الأسر يكون العائل لها هو الفتاة رغم وجود الأبن فى بعض الأحيان لكنه يكون مشغولا ببناء نفسة إقتصاديا بهدف الزواج، والإستقلال عن الأسرة. بينما تظل الغالبية العظمى من الفتيات أكثر وفاء وألتزامًا تجاه أهلهن، وتظل أدوارهن تجاه أسرهن ممتدة قبل،وبعد الزواج بحكم طبيعتهن الحانية ومشاعرهن المرهفة ووفائهن الشديد. كل هذه الادوار التى أصبحت الفتاة العربية تقوم بها جعلتها أكثر استقلالية، وأكثر عمقا ونضجا فلم تعد ثقافة "ضل الرجل" تشغلها أو تؤرقها حيث إستبدلتها بثقافة "البحث عن الذات" واكتشافها فاتجهت نحو العمل حتى بلغت أعلى الدرجات الوظيفية،وحرصت على تحصيل العلم وبلغت أعلى الدرجات العلمية،وأثقلت نفسها بالخبرات العملية اللازمة لسوق العمل وأثبتت كفاءتها. فلم يعد وجود الزوج أو عدم وجوده يٌمثل لها أزمة كبيرة لأنها إختارت أن تتحرر من كل الأفكار التى من شأنها أن تضعفها وتهز ثقتها.إختارت أن تبدأ بنفسها وتستكمل مسيرتها بالزواج إن كان متاحًا لها بالكيفية التى تناسبها. أصبحت الفتاة تتباهى وتفتخر بأنها "عزباء" تحيا لذاتها، وتدعم أسرتها وتنجح وترتقى،وتتبنى قضايا مجتمعها،ربما لم تسلم الفتاة من بقايا ثقافة تقليدية  وبعض الكلمات المسمومة من القريب أو البعيد  لخلخلة ثقتها بنفسها،وكسر فرحتها بالمكاسب التى تحققت لها بفضل"قيمة العزوبة" ،ولأشعارها بأن كل ما حققته لا قيمة له طالما أنها لم تتزوج. والواقع أن أمثال هؤلاء موجودين بكل الطبقات والثقافات ومهمتهم الأولى كسر القلوب، والخواطر بما يحملون من قسوة وغلظة وخبث. فالانسانية رجل وأمراة  أن قرروا الإرتباط والإقتران إستئنفا المسيرة معًا وأن أرتضوا العزوبية ،فسيقوم كل بدوره فى الحياة ككيان مستقل بذاته له كامل الاحترام، والخصوصية غير أن الثقافة الشعبية لا تكترث كثير بعزوبية الرجل بقدر إهتمامها بعزوبية الفتاة. وبصفة عامه أصبحت الفتاة العزباء فى واقعنا الإجتماعى والثقافى هى رمز للنجاح والطموح وعنوانًا للأناقة والجمال فأكثر الجميلات فضلن العزوبية عن زواج بلا حب،بلا رغبة، بلا تكافوء، وأصبحت عزوبتهن مصدر فخر لهن والقوة الكامنه التى توجههن صوب كل جميل من فن وعلم وأدب وابتكار ولتسقط كل الشعارات البالية، بعد أن إختارت الفتاة المصرية والعربية أن تستظل بعلمها وثقافتها وخدمة مجتمعاتها والنظال من أجل الأوطان.