رئيس التحرير يكتب : القادة العرب بين مطرقة أمريكا وسندان روسيا

رئيس التحرير يكتب : القادة العرب بين مطرقة أمريكا وسندان روسيا
رئيس التحرير يكتب : القادة العرب بين مطرقة أمريكا وسندان روسيا
إن موسكو تمتلك القدرة على القيام بحالات محددة من حضور القوة ولكنها تفتقر إلى الحجم والعمق اللازمين للعمليات الاستطلاعية الأكثر تطلبا . إنها تعوض أوجه القصور  هذه عن طريق التعرف على الفرص المتوفرة التي يؤمنها التعبير السياسى واستغلالها بينما تحاول الحد من التكاليف والالتزام  ، أن روسيا تفتقر ايضا إلى قدرات القوة الناعمة في المنطقة  بالمقارنة مع الغرب بينما أسست روسيا محطة عربية لروسيا اليوم  (شبكه الروسية RT ) إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت جهود القوة الناعمة لروسيا فى المنطقة العربيه تلقى صدى في الشرق الأوسط بنفس الطريقة التى لقيتها جهود مماثلة في أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة ؟  أن روسيا تستفيد إلى الحد الأقصى مما لديها ولكنها تفتقر إلى العمق على المدى البعيد وبالتالى هى تلجأ إلى انتهاج الحوار الاستراتيجى القصير الأمد بين الحاضر والمستقبل المباشر . تسعى روسيا ايضا إلى الانتفاع من قلق القاده العرب  من الدعم غير الملائم  من جهه الولايات المتحده والغرب والتصورات بشأن ضعف الولايات المتحدة نظرا  لامتعاض  الاخيره من تحدى الانخراط العسكرى الروسى فى سوريا  مما يزيد من نفوذها السياسى فى المنطقه وأيضا تحجيم دور الولايات المتحده فى المنطقه كما أننا وفى هذا السياق علينا نؤكد أن معظم علاقات موسكو ببلاد الشرق الأوسط علاقه كلاسيكيه لا تنخرط بنفس المقدار فى قضايا حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطيه كما تفعله الحكومات العربيه لهذا فإن دول الشرق أوسطية تتعامل مع روسيا لانها تستطيع ذلك لكن هذه ليست بالضرورة تحالفات طويله الأجل  لقد تشبثت  روسيا   بالاضطراب فى الشرق الأوسط فسلطت الضوء  على ما تعتقد أنه حالات الفشل فى السياسات الغربيه وعدم  جدارتها  بالثقه من أجل تقديم نفسها  للقاده  العرب على هيئه البديل الجدير بالثقه عن الولايات المتحده  لكن هذا الموقف هو تناقض بالفعل لما بحدث على ارض الواقع فقد تقدم روسيا نفسها على هيئه قوه محافظه فى الشرق الأوسط وإنما خارجها  قوه تخريبيه كما هو الحال من   تتدخل عسكرى روسى  فى اوكرانيا وفرض شروطها على مائده المفاوضات  كما تسعى لزعزعة الاستقرار فى أجزاء أخرى فى أوروبا على حدود اوكرانيا مثل  بولندا ورومانيا هذه التدخلات العسكريه الروسبه المباشره فى الخارج شملت خلال  العقود الماضيه 6 بلدان هى كوسوفو ، اوكرانبا ( شبه جزيره القرم )  وجورجيا والشيشان وافغانستان فيما يعد تدخل روسيا العسكرى فى سوريا هو  الاول من نوعه الذى يتم فى الشرق الاوسط ...  الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا  على روسيا وزياده حده الخناق على بوتين قد  تنذر بحرب عالمية ثالثة تحلق اشعاعاتها النووية فوق أجواء المحيطات والمدن الامريكيه والاوروبيه  ، العالم الان يشهد تحولا خطيرا فالبعض يتخيل أن الإمبراطورية الأمريكية لم تعد اللاعب الوحيد على الساحة الدولية ولا هى المتحكم الأوحد بالعالم فيما بدأت القوى الكبرى المنافسة وذات الاطماع  تدرك ذلك وتحل مكان الولايات المتحدة حيثما تقهقرت وتراجعت فهذا ليس معناه انهيار واشنطن او الامبراطوريه الامريكيه وإنما قد تتراجع هيمنتها الدوليه خطوه وظهور أقطاب أخرى تلعب على الساحة الدولية 
ويرى البعض أن الحرب الروسية الأوكرانية هي لحظة تاريخية فاصلة بميلاد نظام دولى جديد وهذا ربما يفسر المواقف المترددة لبعض الدول العربية كالسعودية  والإمارات ومصر  إذ رغم أنهم حلفاء لامريكا وبينهم علاقات استراتيجية بعيدة المدى  الا أنهم يخشون من إغضاب روسيا  والمعسكر الشرقي المساند لها رغم تاريخها وملفها الأسود سواء فى حرب 1967 ونكسه 5 يونيه بين مصر واسرائيل  او وجود  قواعد عسكرية  غرب القناة وبعض المدن الاستراتيجية وعدم السماح للسادات بدخول القواعد الروسية إلا بإذن مسبق من الكرملين مما اصابه غضبا قرر على اثرها طرد الخبراء الروس والقواعد العسكريه وانهاء وجودهم وحقق نصر اكتوبر المجيد....    
لهذا اتمنى ان موقف الشرق الأوسط لا ينبثق من رهانات على هذا  المعسكر  أو ذاك إذ أن الجميع يدركون أن الانتصار العسكري محسوم لمصلحه موسكو مهما قاوم الاوكرانيون بينما الانتصار المالى والاقتصادية معقود لمصلحه واشنطن وبروكسيل وحلفائها مهما حقق بوتين من انتصارات عسكرية على ارض الواقع .