البرلمان يفتح ملف هجرة الأطباء للخارج.. موضة الاعتداء عليهم وضعف الأجور أخطر الأسباب.. وإحجام الأوروبيين عن دراسة الطب ومهارة الطبيب المصرى أبرز عوامل الجذب.. وعلى عبد العال يطالب بحل مشكلة نقص الأطباء

تُعد هجرة الأطباء المصريين إلى الخارج من أخطر التحديات التى تواجه تطوير وتحسين الخدمة الصحية فى مصر، وتعود تلك الظاهرة لأسباب عديدة منها عوامل طرد داخلية أبرزها عدم تلقى الطبيب التقدير المعنوى من جانب المجتمع، ولا التقدير المادى نظير عمله بالمستشفيات الجامعة والحكومية التابعة لوزراة الصحة، وعوامل جذب خارجية، تتمثل فى ارتفاع الأجور والمرتبات فى دول أوروبا والخليج، إلى جانب ما تعانيه تلك الدول من عجز فى أعداد الأطباء نتيجة إحجام الشباب هناك عن دراسة الطب.

 

df708df6b6.jpg

على عبد العال ومجلس النواب

 

رئيس البرلمان يوجه الحكومة بحل المشكلة ومواجهة إغراءات الهجرة
 

من جانبه وجه الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، الحكومة بسرعة حل مشكلة نقص عدد الأطباء فى المستشفيات والوحدات الصحية.

وعقب عبد العال، على بعض البيانات العاجلة خلال الجلسة العامة للبرلمان المنعقدة بتاريخ 10 ديسمبر الماضى، بشأن نقص عدد الأطباء، قائلا: "مشكلة نقص الأطباء سببها أن هناك استقالات كثيرة جدا، وهناك إغراءات للأطباء المصريين للهجرة للخارج".

وتابع رئيس البرلمان: "تكلمنا فى هذه المشكلة كثيرا، وأعتقد أنه كان هناك قرارا فى السبعينات أو الثمانينات صادر من وزير الصحة بأنه يجوز للطبيب أن يعمل بعد ساعات العمل الرسمى بمقابل رمزى، وأعتقد أن هذا الأمر مهم جدا وسهل ولا أرى فيه مشكلة، ما السبب فى تعطيل هذا القرار؟، هذا السعر الرمزى، انتهى العمل الرسمى الساعة 2 أو 3 أو 4 ممكن تشتغل عمل خاص فى المستشفى، ودا بيحصل فى كل العالم، وبكدا الطبيب بعد انتهاء العمل الرسمى يمارس عملا خاصا فى المستشفى، والطرفان يستفادا".

واستطرد رئيس مجلس النواب: "على الحكومة أن تدرس هذه القضية وتحاول أن تنفذ هذا القرار وتطلعه من الأدراج، أه الطبيب هيمشى ومنقدرش ندفع مرتبات أكثر من ذلك، لكن توجد وسائل كثيرة لتحسين الدخول".

 

311ec60d73.jpg

المهندس ياسر عمر

 

عوامل الجذب
 

من ناحيته قال المهندس ياسر عمر شيبة، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، إن هناك عدد من العوامل التى تسببت فى انتشار ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج، لافتا إلى أن شباب الأطباء يبحثون عن أفضل فرص العمل بعد التخرج، فضلا عن الثورة التكنولوجية فى مجال التواصل الاجتماعى التى جعلت التواصل مع الدول الخارجية أكثر سهولة وأصبح العالم كتابا مفتوحا.

وأشار إلى أن دول الخليج العربى وأوروبا، خاصة (فرنسا - ألمانيا - إنجلترا - إيطاليا)، تفتح أبوابها للأطباء المصريين، نظرا لما تُعانيه تلك الدول من عجز فى خريجى كليات الطب والناتج عن إحجام الشباب الأوروبى عن دراسة الطب نظرا لصعوبته وتكلفته المرتفعة، موضحا "خاصة أن الشاب فى أوروبا يعلم أنه سيعيش حياة كريمة دون أن يُرهق نفسه فى دراسة الطب".

وأضاف عمر، أنه فى ظل استمرار العجز المتزايد فى الأطباء بأوروبا فتحت تلك الدول المجال لضم أطباء من دول أخرى، مشيرا أيضا إلى أن مهارة الطبيب المصرى فى التخصصات الدقيقة مثل جراحات القلب والمخ والأعصاب، تجعله هدفا مرغوبا فيه بتلك الدول وبأجور مرتفعة مقارنة بأجور الأطباء فى مصر.

 

29b99b9c04.jpg

أطباء يجرون عملية جراحية

 

عوامل الطرد
 

وأوضح وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، أن هناك أيضا عوامل داخلية تُساهم فى انتشار تلك الظاهرة وتفاقمها، واستطرد "وأخطرها غياب الوعى المجتمعى بأهمية مهنة الطبيب، وفى الفترة الأخيرة زادت وقائع الاعتداء على الأطباء داخل المستشفيات الجامعية والعامة"، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى غياب المقابل المعنوى هناك ضعف فى المقابل المادى الذى يتقاضاه الأطباء العاملين فى المستشفيات العامة والحكومية فى مصر.

وأضاف عمر، أن هناك من يستغل كل ذلك للنفخ فى النار وإثارة حالة من الفوضى إلى هذا الملف الحساس، قائلا "هنا يأتى دور مواقع التواصل الاجتماعى، هناك متآمرين يسعون إلى تأجيج الأزمة ويستغلون السوشيال ميديا لبث روح الإحباط لدى الأطباء ليتركوا مصر ويهاجرون".

 

وضع استراتيجية عاجلة للحد من هجرة الأطباء للخارج
 

وأشار النائب ياسر عمر إلى أن الحكومة مُطالبة بتوفير عوامل جذب داخلية للحد من هجرة الأطباء، وتحسين الظروف المعيشية وظروف العمل لهم، ورفع الوعى المجتمعى بأهمية مهنة الطبيب والحد من ظاهرة الاعتداء على الأطباء وتوفير الحماية لهم، كما لفت إلى دور القطاع الخاص فى المساهمة فى حل الأزمة عبر إنشاء الجامعات الخاصة وتخريج عدد أكبر من الأطباء خلال العام.

وبدوره أكد النائب طارق متولي، نائب السويس وعضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن هناك أزمة كبيرة يعيشها القطاع الطبي في مصر بعد الاستقالات المتوالية لعدد كبير من الأطباء اعتراضا علي مرتباتهم، وهو ما أدي إلي استقالة 4 ألاف طبيب حتى الآن خاصة أطباء المناطق الريفية، مشيرًا إلى أن ما يزيد من الأزمة هو وجود خلل في توزيع الأطباء بين المناطق الريفية والمدن الحضارية، وكذلك الخلل فى توزيع التخصصات الطبية.

 

2cd8028e17.jpg

نقابة الأطباء

 

وأوضح "متولى" أن السبب وراء الاستقالات الجماعية للأطباء من المستشفيات الحكومية يرجع إلى ضعف رواتب الأطباء وعدم تقديم بدل عدوى مناسب لهم، وكثرة حالات الاعتداء على الأطباء بالمستشفيات وبيئة العمل غير المؤهلة، وكذلك ضعف فرص الدراسات العليا وتكاليفها المرتفعة مقارنة بدخول الأطباء، إضافة إلى منع الإجازات بدون مرتب ما يضطر الطبيب الراغب فى تكوين أسرة إلى تقديم استقالته والهجرة حتى يتسنى له العمل بالخارج لعدة سنوات.

وأضاف أنه رغم إعلان منظمة الصحة العالمية أن الحد الأدنى لعدد مقدمي الرعاية الطبية هو 3.4 إلى كل ألف مواطن، إلا أنه في مصر وصل عدد مقدمي الرعاية الطبية إلى 2.2 إلى كل ألف مواطن في مصر، وهو ما يعد مؤشر خطر على المستشفيات والمواطنين المصريين.

وأكد النائب أن الحل لا يكمن في زيادة عدد المقبولين في الجامعات الحكومية بكلية الطب، أو فتح العديد من الكليات الخاصة في نفس المجال لسد العجز في الأطباء، فالمشكلة ليست في أعداد الخريجين، مطالبًا بوضع استراتيجية عاجلة وسريعة لوقف نزيف وهجرة الأطباء إلى الخارج، مضيفًا أن 60%من الأطباء المصريين يعملون بالمملكة العربية السعودية وحدها، وأن ما لا يقل عن 25 ألف طبيب يعملون بالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وكندا.

 

0860701717.jpg

مصطفى مدبولى وهالة زايد

 

وفى السياق ذاته تقدم النائب عادل بدوى، بطلب مناقشة عامة، حول سياسة الحكومة بشأن سد عجز الأطباء فى مختلف الوحدات الصحية على مستوى الجمهورية، لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين.

وأوضح بدوى، أن هناك عددًا من الوحدات الصحية على مستوى الجمهورية تعانى من عجز فى الموارد البشرية، والأجهزة الطبية، وبالتالى لا تستطيع أن تقدم سوى الإسعافات الأولية فقط، فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار الخدمة الطبية فى القطاع الخاص، مما يشكل صعوبة على محدودى الدخل فى التداوى.

وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الفترة الأخيرة شهدت اهتمامًا كبيرًا من قبل القيادة السياسية بالمنظومة الصحية، وانعكس هذا الأمر جليًا على الخدمة، ولكن لابد من ترجمة هذا الاهتمام فى صورة قرارات على أرض الواقع، مطالبًا بحصر شامل لنسبة العجز على مستوى الجمهورية، وفقًا لقاعدة بيانات دقيقة، ومن ثم وضع أفكار خارج الصندوق لجذب الأطباء للعمل فى الوحدات، من خلال خطة شاملة لإعادة التوزيع على مستوى الجمهورية بما يضمن سد العجز.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع