حرب عمالقة التكنولوجيا وعلماء الفلك حول "الإنترنت الفضائى".. المشروع يوفر شبكة فائقة السرعة لمليارات المحرومين حول العالم.. وخبراء يثيرون الجدل حول تشويهه لمنظر السماء وإعاقة الاكتشافات العلمية

أرسل إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة SpaceX، مجموعة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء كبداية لمشروعه "Starlink" الذى يهدف لتزويد سرعة الإنترنت وتوفيره فى كل أنحاء العالم، ولعل هذا الهدف النبيل من مشروعه أثار بهجة وتفاؤلا من مختلف الأشخاص حول العالم، ولكن ظهر تساؤل فى مجتمع علماء الفلك وهو "هل سنضحى بمنظر السماء من أجل تحقيق هذا المشروع التكنولوجى؟".

 

المشكلة بدأت من هنا

من هنا بدأت القصة وبشكل خاص عندما التقط عالم فلكى فى هولندا لقطات من قطار أقمار "SpaceX" ذات الإضاءة الساطعة وهى تصعد في سماء الليل مؤخرا، وأثار هذا المشهد صيحة بين علماء الفلك الذين يقولون، إن الكوكبة التي تتكون حتى الآن من 60 قمرا صناعيا، والتى قد تنمو فى يوم ما إلى ما يصل إلى 12000، قد تهدد نظرتنا للكون وتوجه ضربة للاكتشاف العلمى".

 

ولم يتوقف الأمر عند ذلك لكن مع تتبع عملية الإطلاق في جميع أنحاء العالم، سرعان ما أصبح واضحًا أن الأقمار الصناعية كانت مرئية للعين المجردة، وهذا سبب قلق آخر للباحثين الذين لديهم بالفعل عليهم إيجاد طرق بديلة للتعامل مع الأجسام التى تشوش صورهم فى الفضاء السحيق.

 

وقال بيل كيل، عالم الفلك فى جامعة ألاباما، لوكالة فرانس برس، إن الناس يبنون توقعات حول ذلك أنه إذا كان لدى العديد من الأقمار الصناعية الحالية هذا النوع من السطوع الثابت، فإنه خلال 20 عامًا أو أقل، ستشاهد العين البشرية عددًا أكبر من الأقمار الصناعية عن النجوم فى السماء".

 

الانترنت الفضائى
الإنترنت الفضائى

شركات التكنولوجيا على خطى SpaceX

وبحسب ما نقله موقع "phys" العلمى فإنه على الرغم من تضاؤل سطوع الأقمار الصناعية مع استقرار اتجاهها واستمرارها فى صعودها إلى مدارها النهائى على ارتفاع 550 كم (340 ميلا) من الأرض، إلا أن مخاوف العلماء لم تهدأ.

 

والحقيقة أنه يوجد حاليًا 2100 قمر صناعي نشط يدور حول كوكبنا، وفقًا لجمعية صناعة الأقمار الصناعية، حيث أوضح جوناثان ماكدويل من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية لوكالة الأنباء الفرنسية، أنه إذا تمت إضافة 12000 شخص آخر من جانب SpaceX لوحدها، فسيتم تفاقم المشكلة فى أوقات معينة من العام ومؤكد نقاط معينة فى الليل.

 

ولم تهدف شركة إيلون ماسك فقط لمشاريع تخص سرعة الإنترنت بل أنه يوجد أفكار شبيهة ومعروضة من قبل بعض الشركات التكنولوجية الأخرى مثل شركة جيف بيزوس صاحب أمازون بمشروعها "Kuiper"، التى ستقوم من خلاله بإرسال 3236 قمرًا صناعيًا فى مدار منخفض حول الأرض.

 

كما عرضت شركة OneWeb المملوكة لشركتى Airbus الأوروبية، وSoftbank اليابانية مشروع مماثل، وذلك بالإضافة إلى بعض المشروعات المشابهى أيضا من Telesat الكندية وLeoSat المدعومة من ممولين من اليابان، وأمريكا اللاتينية وIridium الأمريكية.

 

ايلون ماسك
إيلون ماسك

رد عملاق التكنولوجيا: "أنا بعمل خير"

جاء رد إيلون ماسك على النقاش برسائل متناقضة على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، متعهداً بالنظر في طرق لتقليل انعكاس الأقمار الصناعية، لكنه مع ذلك قال أيضًا إنه سيكون لها تأثير 0٪ على التطورات فى علم الفلك، وأنه ينبغي نقل التلسكوبات إلى الفضاء على أي حال من أجل هذه الاكتشافات.

 

كما أكد أن العمل على إعطاء مليارات من الأشخاص المحرومين اقتصاديًا حق الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة من خلال شبكته هو الخير الأكبر.

 

وقال عالم الفلك "كيل" إنه سعيد لأن ماسك قد عرض النظر في طرق للحد من انعكاس الأقمار الصناعية في المستقبل، لكنه تساءل عن سبب عدم معالجة هذه المسألة من قبل.

 

وأضاف أنه إذا كان علماء الفلك البصرى قلقون، فإن زملاءهم في علم الفلك الراديوي، الذين يعتمدون على الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الأجسام السماوية لفحص ظواهر مثل الصورة الأولى للثقب الأسود الذي اكتشف الشهر الماضي، في حالة من اليأس بسبب ذلك.

 

وأكد أنه يشتهر أصحاب الأقمار الصناعية بعدم عملهم ما يكفى لحماية انبعاثاتهم الجانبية، والتى يمكن أن تتداخل مع نطاقات المراقبة التي يبحث عنها علماء الفلك الراديوي، مضيفا "لا يقتصر الأمر على حماية مصالحنا المهنية فحسب، بل حماية سماء الليل للإنسانية بقدر الإمكان".

 

الاقمار الصناعية
الاقمار الصناعية

كيف سيغير مشروع "Starlink" مستقبل البشرية؟

وفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية يختلف مشروع "Starlink" عن غيره بعدد الأقمار الصناعية الكبير الذى سيتم نشره فى الفضاء، وكذلك وضع كل هذا العدد في مدار أرضي منخفض من أجل توفير إنترنت عالى السرعة، الأمر الذى يشبه وضع كابل في جميع أنحاء العالم، وهدفه هو نقل الإنترنت فائق السرعة إلى منزلك من الفضاء.

 

وتريد شركة "SpaceX" إنشاء نظام عالمي يمنح ثلاثة مليارات شخص لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت حاليًا، إمكانية استخدام الشبكة بسهولة وبطريقة رخيصة، ووصف ماسك المشروع بإعادة بناء الإنترنت فى الفضاء، لأنه سيقلل الاعتماد على الشبكة الحالية لكابلات الألياف البصرية الموجودة تحت سطح البحر والتي تعبر الكوكب، ورحبت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) بالمخطط كوسيلة لتوفير اتصالات الإنترنت لعدد أكبر من الناس.

 

أما عن سرعة الإنترنت بالمشروع فهى أضعاف سرعة الإنترنت الأرضى الحالية "ADSL"، فمن المقرر أن تبلغ سرعة الباقة الأقل سعرًا في المنظومة 10 جيجا بايت في الثانية، في الوقت الذي لن يزيد سعرها على 10 دولارات، فيما تبلغ الباقة الأعلى تكلفة 30 دولارا، وهى باقة غير محدودة الحجم، وتمنح سرعة 12 جيجا بايت في الثانية.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع