فلسطين والعرب مركزية متبادلة.. الدبلوماسية المصرية والعربية نجحت فى تحقيق زخما دوليا للقضية.. الفصائل بحاجة لمزيد من المرونة فى مفاوضات الهدنة لحماية المنكوبين بغزة.. وتحالفاتها الإقليمية تضع حلم الدولة فى خطر

فلسطين والعرب مركزية متبادلة.. الدبلوماسية المصرية والعربية نجحت فى تحقيق زخما دوليا للقضية.. الفصائل بحاجة لمزيد من المرونة فى مفاوضات الهدنة لحماية المنكوبين بغزة.. وتحالفاتها الإقليمية تضع حلم الدولة فى خطر
فلسطين والعرب مركزية متبادلة.. الدبلوماسية المصرية والعربية نجحت فى تحقيق زخما دوليا للقضية.. الفصائل بحاجة لمزيد من المرونة فى مفاوضات الهدنة لحماية المنكوبين بغزة.. وتحالفاتها الإقليمية تضع حلم الدولة فى خطر

جهود كبيرة بذلتها الدبلوماسية المصرية، منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان الإسرائيلى على غزة، فى أكتوبر الماضى، حيث ارتكزت على عدة مسارات متوازية، منها الوصول إلى صيغة من شأنها تحقيق وقف إطلاق النار، بينما اعتمدت فى مسار آخر، البعد الإنسانى، عبر الإصرار على تمرير المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، فى حين كان المسار الثالث، وهو الأهم على الإطلاق، متجسدا فى عدم إغفال حق الفلسطينيين فى تأسيس دولتهم المستقلة، وهو الأمر الذى سعى الاحتلال إلى تقويضه، عبر دعوات من شأنها تصفية القضية من جانب، وتشتيت انتباه العالم عنها، من خلال التركيز على التهديدات التى تلاحقها من قبل الفصائل الفلسطينية، من جانب آخر.

ولعل الحديث عن الجهود المصرية فى المسار الثالث تحديدا، اعتمدت نهجا قائما على تحقيق توافقات دولية، حول الثوابت، التى تقوم فى الأساس على الانتصار للشرعية الدولية، وهو ما تجلى فى أبهى صوره فى الدعوة إلى قمة القاهرة للسلام، والتى شهدت حضورا دوليا طاغيا، للتأكيد على رفض دعوات التهجير، والإصرار على دخول المساعدات، مع تعزيز حق الفلسطينيين فى تأسيس دولتهم المستقلة ذات السيادة، فى الوقت الذى حققت فيه إجماعا إقليميا، حول هذه الثوابت، خلال القمة العربية الإسلامية بالرياض، مما ساهم فى إضفاء قدر من الشرعية للموقف المصرى ومن وراءه الموقف العربى الداعم للقضية الفلسطينية.

ويعد الموقف المصرى، ذو الصبغة العربية، متجليا فى العديد من المشاهد، سواء المرتبطة بالحالة اللحظية للعدوان على غزة، أو فيما يتعلق بالقضية برمتها، منها تحقيق التوافق بين المواقف العربية ونظيراتها الدولية، من قلب القاهرة، بينما نجحت فى تحقيق الإجماع الإقليمى من قلب الرياض، بالإضافة إلى التنسيق المصرى القطرى فى إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار، وصفقة تبادل الأسرى، ناهيك عن تعزيز الثنائية المصرية الأردنية، فى إطار جوارهما لموقع الصراع، فى التصدى لدعوات التهجير، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وكذلك لموقفهما الرافض لاقتحام مدينة رفح الفلسطينية، بالإضافة إلى التنسيق فيما بينهما فى مختلف القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينى، فى إطار تكاملى، فى ضوء مسؤولية مصر السياسية من جانب، والرعاية الهاشمية الأردنية للمقدسات الدينية فى مدينة القدس من جانب آخر.

وبالنظر إلى المعطيات سالفة الذكر، نجد أن ثمة مركزية متبادلة، بين العرب وفلسطين، فالقضية هى أولوية المنطقة العربية، بينما تبقى الأخيرة هى الظهير الأقوى لفلسطين، بحكم الهوية المشتركة، والجوار الجغرافى، ناهيك عن التاريخ الذى يزخر بمشاهد عربية للدفاع عن القضية سواء فى ميادين المعركة أو فى المحافل الدبلوماسية، وهو ما بدا بوضوح فى النجاحات الكبيرة التى تحققت لصالح القضية خلال الأشهر الماضية، فيما يتعلق بالحديث المتواتر داخل العديد من الدوائر الدولية، حول ضرورة الاعتراف بفلسطين، ناهيك عن حرص المسؤولين الدوليين على التنسيق مع القوى العربية، حول المستجدات فى غزة، وهو ما يعكس الزيارات المتعددة التى شهدتها القاهرة، على سبيل المثال، خلال الأشهر الماضية، من قبل مختلف قادة العالم.

الحقيقة سالفة الذكر تمثل أهمية كبيرة فى اللحظة الراهنة، ينبغى الالتفات إليها من كافة أطراف المشهد الفلسطينى، فى ظل توجه بعضها نحو التمسك بتحالفات، منها العلاقة بين حركة حماس وإيران، قد تتعارض، ليس فقط مع مصالح الإقليم، وإنما مع المصلحة الفلسطينية نفسها، سواء فيما يتعلق بالقضية، جراء إثارة مخاوف دول الجوار جراء تلك التحالفات التى تراها بعضها تهديدا لأمنها، أو حتى فى إطار عالمى، على خلفية خلافات كبيرة بين الغرب سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة مع تلك القوى الإقليمية غير العربية، وهى القوى التى باتت تتحدث بوضوح غير مسبوق عن أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية من أجل تحقيق استقرار مستدام.

وفى الواقع، تزايد المخاوف جراء التوجهات التى تتبناها الفصائل الفلسطينية نحو تعزيز علاقاتها مع قوى إقليمية غير عربية، يمثل حجر عثرة، أمام مستقبل القضية الفلسطينية فى اللحظة الراهنة، خاصة وأن الأخيرة تسعى إلى استخدام الحركة، لتحقيق مصالحها، وإدارة صراعاتها سواء فى المنطقة أو على المستوى الدولى، وهو ما يساهم فى تعثر مفاوضات الهدنة والتى تبدو الفصائل فى حاجة إلى قدر من المرونة فى إدارتها لحماية آلاف المنكوبين، خاصة وان استمرار الأوضاع يمثل خطرا داهما على آلاف الفلسطينيين الذين باتوا فى مواجهة صريحة مع الموت منذ ما يقرب من ستة أشهر، أن لم يكن عن طريق أداة القتل الإسرائيلية، فسوف يكون جوعا، فى ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية الناجمة عن العدوان.


الفصائل الفلسطينية، وفى القلب منها حركة حماس، تبدو بحاجة إلى إدراك حقيقة مفادها أنه لا سبيل للانتصار إلى القضية الفلسطينية، سوى بالتوجه نحو محيطها العربى، والذى يمثل الغطاء الشرعى لها، فى ضوء ما تحقق بفضل الدبلوماسية العربية، وعلى رأسها المصرية، فى تحقيق اختراقات كبيرة فى المواقف الدولية، بفضل ما تحظى به من نفوذ وتأثير، وثقة دولية كبيرة، تمكنت من بنائها خلال السنوات الأخيرة، عبر خطوات إصلاحية متواترة، سواء فى الداخل، أو من خلال تعزيز علاقاتها بمختلف أطراف المعادلة الدولية تارة أخرى.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع