رحلة فى قلب المحطة النووية "كالينين".. تعمل منذ الثمانينات وتولد 4 آلاف ميجا وات كهرباء.. الأجهزة تعمل آليا ورقابة شديدة فى كل مرحلة.. وكبير مهندسى المحطة: مراحل الأمان فى محطة الضبعة لا تتوافر فى محطات العالم

رحلة طويلة شاقة من العاصمة موسكو حتى تصل مفاعل كالينين الشهير والذى يقع على بعد حوالى 200 كيلومتر شمال غرب موسكو، فى منطقة تڤير بالقرب من مدينة أودومليا، فبعد أكثر من ثلاث ساعات من السفر، نجح "اليوم السابع" فى الوصول لمقر المفاعل النووى فى زيارة خاصة نظمتها شركه روساتوم الحكومية، والذى يخضع لرقابة صارمة وشديدة وإجراءات تفتيش دقيقة حتى تنجح فى الدخول المفاعل.

 

حاولنا الحصول على تصريح بتصوير الزيارة وتوثيقها بالفيديو والصور، إلا أن الضوابط الأمنية حالت دون ذلك، وفهمت فيما بعد لماذا يتم حظر التصوير داخل المفاعل النووى "كالينين".. فبمجرد الوصول إلى مقر المفاعل يقدم لك المختصون عدد كبير من النصائح يجب الالتزام بها حرفيًا.. هكذا كانت البداية، كما قدموا عددا كبير من النصائح المهمة خلال التواجد داخل المحطة منها الالتزام بخط السير المحدد والتعليمات والتوجيهات التى سيقدمها لك مرشد الزيارة أو المسئول عن جولتك بالمصنع.

الزميل إسلام سعيد أمام المفاعل

الزميل إسلام سعيد أمام المفاعل

 

وبحسب المعلومات التى قدمها مسؤول الزيارة فإن مفاعل كالينين الروسى الشهير، يعمل منذ الثمانينات ويعطى قدره كهربائية تبلغ أكثر من 4000 ميجا وات، وهو مشابة لمحطة الضبعه النووية، إلا أن محطة الضبعة تتميز عنه فى زيادة وسائل بالأمان، كما ذكر مسئول الزيارة، أن المحطات النووية الحديثة على غرار محطة الضبعة هى الأكثر أمانًا وحماية للبيئة حيث تستطيع تحقيق صفر انبعاثات كربونية ووقف الانبعاثات الضارة والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

 

الجولة التى استغرقت تقريبًا ساعتين بدأت بزيارة مركز التحكم للوحدة الرابعة داخل مفاعل كالينين النووى، حيث يتم مراقبة كل أعمال الإدارة والتشغيل من خلال هذا المركز، كما يتواجد متخصصين وفنيين لا يمكنهم ترك مواقعهم تحت أى ظرف لمراقبة عمل المفاعل والتربينات وتوفير كل المعلومات الدقيقة عن أعمال التشغيل ومراقبة كل جزء من أجزاء المحطة للتأكد من سلامة مراحل العمل.


وجاءت المرحلة الثانية من الزيارة بعمل جولة بمبنى التربينات العملاقة التى تعمل بالبخار. ينتج البخار عن طريق تبخر الماء من خلال درجات الحرارة المرتفعة الناتجة من المفاعل لتشغيل التربينات التى تبلغ قدره التربينة الواحدة أكثر من 1070 ميجا وات، وذلك لتشغيل المولد لإنتاج الطاقة الكهربائية، حيث تعمل كل الأجهزة هنا آليا ودون تدخل للعناصر البشرية، كما أن هناك وسائل تتحكم فى تركيب وفك المعدات لإجراء أعمال الصيانة الدورية.


وخلال لقاء مع روسلان اللييڤ، كبير مهندسى مفاعل كالينين حول الأمان، تحدث عن مياه التبريد وتوفير وسائل التبريد للمفاعل وهو ما يضمن عدم تكرار حادث فوكشيما اليابانى عام 2011، حيث أكد أنه لا يمكن مقارنة التطور التكنولوجى ووسائل الأمان وتشغيل المفاعل "كالينين" بما حدث فى محطة فوكشيما خاصة فى ظل تطور التكنولوجيا النوويه الروسية.


وقال روسلان، إن روسيا تستفيد من أية حادث طارى فى العالم وتقوم بدراسته بشكل دقيق وسبل التعامل معه والدروس المستفاده منه لتطبيق إجراءات جديدة فى التصميمات الروسية التى تمنع حدوثه فى المفاعلات الروسية سواء داخل روسيا أو التى يتم تدشينها فى الدول المختلفة ومنها محطة الضبعة، مؤكدًا أنه تم إضافة العديد من عوامل الأمان لمحطة الضبعة والتى لا تتوافر فى المفاعلات النظيره حاليًا ومن ذلك توفير وسائل إضافية لإمداد محطة الضبعة بأكثر من مصدر للكهرباء من خلال وحدات توليد تعمل بالوقود البترولى، وكذلك توفير وسائل تبريد إضافية كما أن محطة الضبعة تتميز بوجود المياه الكثيرة على ساحل البحر المتوسط مما يجعلها لا تحتاج لابراج تبريد وهذه الإجراءات أصبحت جزءًا من تصميم محطه الضبعة.

 

وتابع كبير مهندسى المفاعل، أن هناك العديد من الرقابة للتأكد من السلامة بما يضمن تشغيل المحطة بالطاقة القصوى وتجنب إية مشاكل وهناك قوانين داخلية فى كل محطه تعتبر أكثر صرامة لضمان أمن المواطنين والعاملين، وضمان توافر كل الأسباب التى تؤمن السلامة.

مفاعل كالبين

المحطة النووية"كالينين"


 وعاد "روسلان" للحديث مرة أخرى عن إجراءات السلامة فى مراحل الإنتاج.. وقال" كل مرحلة تخضع لقاعدة صارمة بالسلامة منها تطبيق إجراءات الحماية من الاشعاعات وهناك مواقع تحمى من وصول أية جرعات إشعاعية وتتمثل فى 5 حواجز تخضع لمراقبة وصيانة دائمة طوال العام، منها ما يتعلق بالوقود النووى حيث قلب المفاعل الذى تتم فيه عمليه الانشطار وتوليد درجة حرارة تصل ل99% من الاشعاعات تحدث نتيجة الانشطار النووى وتظل داخل الوحده دون أن تخرج منها، حيث أن الوقود النووى متواجد وسط أنابيب معدنية محمية وتظل الاشعاعات داخل هذه الانابيب، حتى نسبة الـ1% المتبقية تظل داخل هذه الأنابيب دون أن تخرج للبيئة.

 

وبشأن المخلفات والمياه الناتجة من عملية التبريد والتى لابد من التخلص منها، شدد "روسلان" أنه يتم التعامل معها بأقصى درجات الأمان تحسبًا لوجود نسب إشعاعية حتى لا تتأثر البيئة والناس بمحيط محطات الإنتاج، مؤكدًا أن المياه الناتجة من العملية لا توجد بها معدلات إشعاعية لكن يتم تطبيق المحاذير حيث يتم تصريف المياه فى قنوات خاصة حفاظًا على الأمان.


وفيما يتعلق بالوعاء الذى تحدث فيه العمليات الانشطاريه كشف كبير مهندسى المفاعل النووى الروسى، قال أنه وعاء خرسانى مصمت قطره 45 متر وأقل سُمك به متر واحد ويحوى كل المعدات الموجوده لضمان عدم وجود تسرب.
ومن جانب آخر، أشار إلى أن منطقة " تڤير" التى تتواجد بها محطة كالينين لا تستعمل الغاز الطبيعى لإنتاج الكهرباء وأن 80 إلى 82% من الطاقة الكهربائية تنتج من المشروعات النووية، حيث أن هناك جدوى اقتصادية كبيرة من استغلال المحطات النووية لإنتاج الكهرباء، فالكيلو جرام من اليورانيوم يوفر طاقة كهربائيه تعادل 100 طن من الفحم و600 طن من الوقود البترولى أو 60 طن من الغاز الطبيعى، مضيفًا أن 70 طن فقط من الوقود النووى تكفى لتشغيل المحطه لمدة عام ونصف وهو ما يوفر 7 ملايين طن فحم حجرى، كما أن الكيلو وات من الطاقة المنتجة من الفحم تبلغ واحد روبل تقريبًا مقارنة ب 0.5 روبل أو اقل من تكلفة الطاقة النووية.


وعن الابعاد الاجتماعية لمشروعات الطاقة النووية، قال أن المحطه النووية تساهم فى تنمية المجتمع المحيط وتوفير الخدمات الأساسية، فموقع هذه المحطة عندما تم اختياره لم يكن به نشاط أو مراكز تعليم سوى مدرسة واحدة، الآن أصبحت مدينة متكاملة تضم أكثر من 28,000 نسمة وتتوافر بها كافة الخدمات نتيجه للجهود التى تساهم بها شركة روساتوم لتطوير المجتمع المحلى.


وكشف "روسلان" أنه تم رصد أكثر من مليار روبل خلال 6 سنوات للخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والأنشطة المختلفه فى المدينة المقام بها المفاعل "كالينين" وهناك أحد أهم مراكز العلاج بالطب النووى لتقديم الخدمات للمواطنين، كما يعمل بالمحطة النووية أكثر من 3400 عامل فى صورة مباشرة بالإضافة إلى رقم مماثل من العمالة غير المباشرة.


وبشأن الاستدامة ومواجهة التحديات البيئة، قال أن استخدام الطاقة النووية هو الحل الوحيد للتغلب على التحديات البيئية والتخلص من التلوث والانبعاثات الكربونية من خلال الوصول إلى مصادر نظيفة للطاقه وإن الطاقه المائية والمتجددة لا يمكنها أن تلبى الاحتياجات المتزايدة للعالم من الكهرباء.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع