مصر لديها دائما قصة ملهمة، تتزامن مع بذل العديد من الجهود الحثيثة لمواجهة التحديات البيئية على المستوى الوطنى والإقليمى والعالمى، مما ساهم تحول القطاع البيئى بدعم من القيادة السياسية، حيث وضع الملف البيئ على قائمة أولويات الحكومة لتحقيق الاستدامة البيئية، وتبرزأهمية المشروعات الخضراء فى دعم الاستثمار والاقتصاد الوطنى، وكان لخطوة دمج البعد البيئى فى كافة قطاعات الدولة، الأثر المباشر والواضح فى تنفيذ الاستراتيجيات والمبادرات المجتمعية، لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، ورفع الوعى البيئى لدى فئات الشعب، حيث ارست وزارة البيئة قاعدة صلبة للانطلاق نحو تعزيز الاستثمار البيئى والمناخى فى مصر، لتحويل التحديات البيئية إلى فرص استثمارية واجتماعية، ونشر مفهوم الاقتصاد الأخضر الدوار بما يضمن حقوق الأجيال القادمة فى الموارد الطبيعية ومستقبل أفضل.
وتأتى قصة مصر الملهمة فى ملف إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام محطات الطاقة النووية، للمساهمة فى خفض الانبعاثات الكربونية بمعدلات كبيرة كأحد حلول مواجهة التغيرات المناخية، والتكيف مع الآثار السلبية لأزمة تغير المناخ، حيث أنه يمكن أن تقترن مفاعلات الطاقة النووية بمحطات إنتاج الهيدروجين لتوليد الطاقة والهيدروجين بكفاءة، باعتبارها مصدر الطاقة الأكثر موثوقية، إضافة لقدرتها الإنتاجية الكبيرة فى توليد الطاقة.
ومن جانبه اكد الدكتورالدكتور عطوة حسين، مستشار بهيئة قناة السويس لشئون البيئة، أن اليورانيوم واستخدامه فى محطات الطاقة النووية الجديدة غير ملوث للبيئة ولا يتسبب فى زيادة انبعاثات الكربون، التى تعتبر العامل الأكبر فى قضية التغيرات المناخية، وما تلقيه من تبعات خطيرة فى العالم كله، لذلك بات استخدام الطاقة النووية فى توليد وإنتاج الكهرباء خيار حتمى، خاصة فى الدول النامية، والاقتصادات الناشئة، التى تحتاج إلى الطاقة لتضمن وجودها على خريطة العالم المتقدم فى المستقبل القريب.
وأشارعطوة، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إلى أنه هناك عائد ايجابى متعدد الاتجاهات لتشغيل محطات الطاقة النووية بعنصر اليورانيوم، أنه مع استخدام وسائل الأمان والحماية يحقق عوائد اقتصادية بالغة الأهمية، حيث أن 630 جرامًا من اليورانيوم تساوى نحو 70 طنًا من الفحم، و140 طنا من الحطب أو خشب الوقود، بل أن كميات الوقود المستهلك والنفايات السائلة الضارة الناتجة من اليورانيوم وزن 630 جراما، تبلغ 126 جرام فقط، بينما تصل إلى 14 طن من الهباب والعوادم فى 70 طن فحم، و60 طنا من الغازات والمركبات الطيارة الملوثة للبيئة، بينما ينتج خشب الوقود المقدر بـ 140 طنا نحو 1.5 طن من الهباب والعوادم.
فيما أكد الخبير البيئى فى ملف الطاقة الجديدة والمتجددة إبراهيم النطار وعضو المكتب التنفيذى للهيئة العربية للطاقة المتجددة بدولة الأردن، أن هناك 10 أنواع من الطاقة المتجددة يتم تنفيذها وتطبيقها كلا حسب الموقع الجغرافى والظروف المناخية للمكان الذى يتم تنفيذه فيها، وبالنسبة للطاقة النووية فهناك مدرستين الأولى تؤكد استداماتها لاعتمادها على عنصر اليورانيوم والسوريوم، باعتباره احد العناصر الطبيعية الموجودة فى الأرض، اما المدرسة الثانية فتعمل على انها متجددة فلابد الا تنضب، ويعتمدون على أن عنصر اليورانيوم تكون له فترة العمر المناصف، حيث أنه عنصر مشع يحتاج لأكثر من 500 سنة أو اكتر ليصل لنصف الاشعاع الخاص به، وعند الاحتراق الكامل لواحد كجم من اليورانيوم، الذى يستخدم فى الوقود النووى، يتم إنتاج طاقة تعادل تلك المنبعثة من حرق 100 طن من الفحم الحجرى عالى الجودة.
وحول محطة الطاقة النووية التى تعمل مصر حاليا على تشغيلها من خلال التشغيل التجريبى اليوم، قال النطار:" تعد طاقة نظيفة لان ليس لها انبعاثات كربونية، وتحتاج درجة عالية من الدقة ووسائل الآمان والحماية، حيث أنها من الجيل الثالث، وهو الأكثر تطورا ودرجة الأمان فيه عالية جدا، ويتكون من 4 مفاعلات بحجم طاقة إنتاجية يصل لـ 4800 ميجا وهو إنتاج عالى جدا، له مردود ايجابى على مصر سواء من هذا الحجم الهائل من الطاقة النظيفة، لتوفير طاقة مستدامة، بما يتناسب مع احتياجات مصر من الطاقة، وتحافظ على البيئة وتنتج طاقة نظيفة من الملوثات، حيث انها تعمل على مدار 24 ساعة يوميا 7 أيام فى الأسبوع، إضافة إلى أنه يتيح وجود فائض للتصدير لدول الاتحاد الأوربى ومنطقة الشرق الأوسط من خلال اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف".
وقال الدكتور حسين اباظة المستشار الدولى للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والخبير البيئي، إن مشروع المحطة النووية فى الضبعة من شأنه التأكيد على دور مصر كدولة رائدة فى الشرق الأوسط وقارة إفريقيا ويضعها على خريطة الدول المتقدمة، وسوف يؤدى إلى تنمية منطقة الضبعة والساحل الشمالى الغربى فى مصر، وخلق رواج اقتصادى من خلال فتح أسواق جديدة أثناء عمليات الإنشاء والتشغيل، سينعكس بالضرورة على أهالى مدينة الضبعة، الذين يستفيدون من تطوير البنية التحتية وتحسين جودة المرافق الأساسية، مثل المياه والكهرباء والطرق والاتصالات والخدمات الصحية والتعليمية.
وأضاف الدكتور حسين أباظة، أنه يعد اليورانيوم مصدر الأساسى للوقود النووى فى المفاعلات النووية، وتعتمد عليه الدول الكبرى، بصورة رئيسية فى الأنشطة النووية التى تنفذها سواء المدنية أو العسكرية، لما له من خواص فريدة تجعله قادر دائما على ضمان استمرار سلسلة التفاعل النووى، ولديه قدرة فائقة على إنتاج كميات هائلة من الطاقة، حال المقارنة مع المصادر التقليدية المعروفة، لكن يظل إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، أحد أهم إنجازات العصر الحديث، نظرًا لتوليدها طاقة مستدامة ورخيصة الثمن، مؤكدا أنه تعتمد على مزيج فريد من أنظمة السلامة النشطة وغير النشطة، التى تجعل المحطة أكثر مقاومة للتأثيرات الخارجية والداخلية، وعلى وجه الخصوص يتم استخدام الوحدة التى تحتوى على "مفاعل الطاقة المبردة بالماء من الجيل الثالث – 1200" من خلال جهاز يستخدم لتوطين الصهر الأساسى للمفاعل النووى، ونظام إزالة الحرارة السلبى من خلال مولدات البخار.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع