على مدار أكثر من 100 يوما، سعت القاهرة دون توقف للتوسط لإنهاء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، واستقبلت عشرات من زعماء العالم للتباحث حول إمكانية حماية المدنيين ومنع استهدافهم من قبل قوات الاحتلال وإدخال المساعدات للسكان المحاصرين والتوصل إلى حل لتحقيق الاستقرار فى المنطقة.
وكان من أبرز الجهود الدبلوماسية التى بذلتها السلطات المصرية استضافة قمة القاهرة للسلام فى 2023 فى 21 أكتوبر الماضى - أى بعد أيام من بدء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة- وذلك برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى ومشاركة عدد من زعماء وقادة العالم.
وتزامنت القمة التى مثلت تحركا دبلوماسيا رفيعا مصريا لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية للضغط على الجانب الإسرائيلى، ولمنع اتساع الصراع إقليميا، مع فتح معبر رفح البرى ودخول المساعدات الإنسانية العاجلة والتى رفضت إسرائيل دخولها لتزيد من معاناة أهالى غزة.
كما كان الرئيس عبد الفتاح السيسى من أوائل الزعماء الذين حذروا من اتساع رقعة الصراع لتمتد إلى مناطق ودول أخرى فى الشرق الأوسط، وهو ما حدث بالفعل بعد أن شنت كل من واشنطن ولندن ضربات عسكرية ضد أهداف فى اليمن، ليلقى ذلك بظلاله على الساحة العالمية بأكملها لاسيما مع ارتفاع سعر النفط عالميا وتأثر التجارة مع عرقلة حركة الشحن عبر البحر الأحمر.
وعكفت مصر على التحذير من مغبة توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية فى جنوب قطاع غزة، وأدانت دعاوى المسئولين الإسرائيليين المشجعة لتهجير الفلسطينيين خارج حدود غزة، وهو ما يعد انتهاكا صارخا لالتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ولكافة أحكام القانون الدولى الإنسانى، خاصة أحكام اتفاقية چنيف الرابعة لعام 1949، وشددت مرارا وتكرارا على موقف مصر الراسخ الرفض للتهجير القسرى للفلسطينيين خارج حدود أرضه، باعتباره خطًا أحمر لن يتم السماح بتجاوزه.
وعلى مدار أشهر، ازدادت وتيرة اللقاءات التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع زعماء أمريكا وأوروبا، للتشديد على أهمية إنهاء الحرب ووقف استهداف المدنيين فى غزة.
ومن بين أبرز الذين التقاهم الرئيس السيسى، نائبة الرئيس الأمريكى، كامالا هاريس، والتى التقاها على هامش أعمال "الدورة الـ28 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ" فى دبي.
وشهد اللقاء الذى انعقد فى بداية شهر ديسمبر، التباحث حول تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصةً فى قطاع غزة، حيث عرض الجانب الأمريكى رؤيته فى هذا الصدد، معربًا عن الشكر والتقدير لمصر وقيادتها للعمل الدؤوب المخلص على المساهمة فى التوصل للهدنة حينها وتبادل المحتجزين، بالإضافة إلى دورها المحورى فى تقديم وإيصال المساعدات الإنسانية لأهالى غزة عبر معبر رفح.
وتم التوافق حينها بشأن خطورة الموقف الحالى، وضرورة العمل على الحيلولة دون اتساع دائرة النزاع، فضلًا عن حماية المدنيين ومنع استهدافهم، ورفض البلدين القاطع للتهجير القسرى للفلسطينيين.
كما زار وزير الخارجية الأمريكى، انتونى بلينكن مصر فى إطار جولة شملت عدة دول فى مستهل شهر يناير الجارى، للتباحث حول الأوضاع فى قطاع غزة.
وصرح المستشار أحمد فهمى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن وزير الخارجية الأمريكى نقل تحيات وتقدير الرئيس "بايدن" للرئيس، منوهًا بالجهود المصرية المتواصلة من أجل تهدئة الأوضاع بالمنطقة وترسيخ السلام والاستقرار، وهو ما ثمنه الرئيس، مؤكدًا حرص مصر على استمرار التنسيق بين الجانبين بما يصب فى مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين.
وعلى مدار 100 يوما، لم تتوقف الزيارات الدبلوماسية للقاهرة للقاء المسئولين المصريين وبحث الأوضاع، كما زار عدد من المسئولين معبر رفح الذى يقع على الحدود مع قطاع غزة، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية، اوروسلا فون دير لاين، ورئيسى الوزراء الإسبانى والبلجيكى، وغيرهم من المسئولين رفيعى المستوى وهو ما ينفى ادعاءات الاحتلال الإسرائيلى بإغلاق مصر للمعبر.
وركزت جميع تلك اللقاءات الدبلوماسية على جهود وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، والمساعى لإطلاق حلول سياسية للقضية الفلسطينية.
وجددت مصر مطالبتها للأطراف الدولية المؤثرة، والأجهزة الأممية المعنية وعلى رأسها مجلس الأمن، بالاضطلاع بمسئولياتها تجاه ضمان حماية المدنيين الفلسطينيين فى غزة، ووقف محاولات وخطط دفعهم للنزوح خارج بلادهم، مؤكدة على أهمية التنفيذ الفعلى للقرارين الصادرين عن مجلس الأمن والجمعية العامة فى هذا الشأن.
وكرر من جانبه، وزير الخارجية سامح شكرى، تأكيد رفض مصر التام للإجراءات المتخذة لإجبار الشعب الفلسطينى على التهجير من غزة.
واعتبر شكرى فى مؤتمر صحفى، أن "جميع الخطوات المتخذة من قبل الاحتلال الإسرائيلى تهدف إلى تهجير الفلسطينيين"، مضيفا: "أولويتنا الآن وقف إطلاق النار".
وأكدت مصر على أن هذا الإجراء يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى، وسوف يعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطينى وأسرهم لمخاطر البقاء فى العراء دون مأوى فى مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلًا عن تكدس مئات الآلاف فى مناطق غير مؤهلة لاستيعابها.
كما دعت مصر الأمم المتحدة، والأطراف الفاعلة دوليًا إلى التدخل للحيلولة دون المزيد من التصعيد غير محسوب العواقب فى قطاع غزة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع