عقد وزير الخارجية سامح شكرى جلسة مباحثات مشتركة مع نظيره الصينى وانغ يى تطرقت إلى تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية خاصة فى قطاع غزة والتصعيد الأخير فى منطقة البحر الأحمر، ووقع الوزيران فى ختام مباحثاتهما فى القاهرة على البرنامج التنفيذى للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية خلال 2024 : 2028.
أكد وزير الخارجية أن مصر تستمر فى السعى لتعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق حول القضايا الإقليمية والدولية مع الصين، مؤكدا أن مصر كانت أول دولة عربية وافريقية أقامت علاقات دبلوماسية دائمة وداعمة لمبدأ الصين الواحدة والاستمرار فى السعى لتنمية العلاقات الثنائية وتنسيق بشأن العلاقات الإقليمية والدولية.
أشاد شكرى، خلال مؤتمر صحفى مشترك عقده مع وزير خارجية الصين وانغ يى، فى ختام مباحثاتهما بالقاهرة، بعمق علاقات التعاون التى تربط بين البلدين فى شتى المجالات والتنسيق الوثيق بين مصر والصين حيال القضايا والملفات الاقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ورحب وزير الخارجية بنظيره الصينى الذى يقوم حاليا بزيارة إلى القاهرة المحطة الأولى لجولته الحالية، مشيرا إلى أن المباحثات تناولت تعزيز التعاون المشترك فى كافة المجالات وكذا تبادل الرؤى حول أهم القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بين مصر والصين.
ووصف وزير الخارجية العلاقات بين البلدين بانها "راسخة واستراتيجية" واتسمت دائما بالقوة، مشيرا أن العلاقات بين مصر والصين علاقة استراتيجية شاملة والتى تم إطلاقها عام 2014، موضحا أنه تم التوقيع على البرنامج التنفيذى للشراكة الاستراتيجية الشاملة للسنوات القادمة من 2024 إلى 2028.
ولفت إلى أن المشاورات مع نظيره الصينى تطرقت لمجالات التعاون القائمة على المستوى السياسى وفى مجالات التعاون الاقتصادية، موضحا أن الصين والشركات الصينية لها إسهامها خلال العشر سنوات الماضية فى جهود مصر التنموية فى مشروعات البنية الأساسية فى العاصمة الإدارية وفى العالمين الجديدة والقطار الكهربائى الخفيف وغيرها من المساهمة والاستثمار والجهود التنموية المصرية، موضحا أن المباحثات تناولت آفاق التعاون المستقبلية واستعداد الصين فى استمرار التعاون الوثيق مع مصر لتحقيق المصالح المشتركة للتنمية والازدهار لشعب مصر والصين بالبلدين.
وثمن شكرى الإنجازات الكبيرة التى حققتها الدولة الصينية، معربا عن تطلع مصر للاستفادة من التجربة الصينية لتحقيق التقدم والتنمية فى البلاد، مشددا على أهمية التعاون البناء بين مصر والصين فى العديد من المجالات، مشيرا إلى الأحداث الراهنة على النطاق الإقليمى والأوضاع فى غزة والتوتر فى البحر الأحمر مع استمرار معاناة الشعب الفلسطينى وسقوط العديد من الضحايا بين المدنيين وعملية التهجير والقصور فى توفير المساعدات الإنسانية نظرا للإجراءات المتخذة للكشف عن هوية هذه المساعدات، مما يضع أهالى قطاع غزة فى وضع صعب ومأساوى للغاية.
وأكد شكرى سعى مصر المتواصل فى مواجهة كافة التحديات الراهنة فى المنطقة من حيث الرفض الكامل للنزوح والمطالبة بوقف إطلاق النار الفورى لهذا الصراع العسكرى فى غزة وبضرورة توفير المساعدات بدرجة كبيرة لأهالى القطاع.
وأعرب عن شكره لدولة الصين على دعمها للقرار الذى صدر عن مجلس الأمن 2027 الذى يتيح للأمم المتحدة أن تصبح المسؤولة عن التحقق من المساعدات ما من شأنه أن يسرع من دخولها إلى قطاع غزة، مؤكدا أن مصر ستستمر فى التنسيق والتعاون للتعامل مع أساس القضية وهى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ومن ضمنها إقامة الدولة المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس بما يحقق الاستقرار والأمن لكل شعوب المنطقة.
وقال وزير الخارجية أن الأوضاع الحالية فى الأراضى الفلسطينية ليست وليدة اليوم، وإنما هى وليدة احتلال قائم لسنوات عديدة لم تسفر المفاوضات والمسارات عن تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، مطالبا بضرورة إنهاء هذه الدوائر من العنف والعنف المتبادل التى لها آثارها السلبية على شعوب المنطقة وعلى الاستقرار الدولى، لافتا إلى أهمية التواصل المستمر بين قيادتى البلدين وهو ما حرص عليه كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الصينى شى جين بينج".
ولفت إلى أن مصر تتابع عن كثب القضية التى حركتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل حول ممارسات تنتهك اتفاقيات "الإبادة الجماعية"، مشيرا لحرص مصر دائما حريصة على متابعة ودعم الجهود لإظهار الحقيقة والتحقيق فى أى ممارسات تتم خاصة عندما تنال بهذا القدر من الضحايا من المدنيين.
أكد أن المطلب الآن اتخاذ إجراءات سريعة فى مقدمتها وقف إطلاق النار مراعاة للأوضاع الإنسانية وضرورة الامتثال إلى ما تقره المحكمة الدولية أعلى سلطة قضائية دولية وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح أن تأثير تحريك الدعوى فى المحكمة الدولية يضع الأمور فى نصابها ويعمل على احتواء هذه الأزمة ومنع تصعيدها وحماية الشعب الفلسطينى مما يعانى منه من قتل وإصابات والتهجير القسرى ومنع أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية بإخراج الشعب الفلسطينى من أرضه سواء من الضفة أو غزة.
وقال وزير الخارجية ردا على سؤال حول توسع الصراع فى المنطقة وما يمكن أن تقدمه مصر من أفكار "منذ بداية الأزمة ونحن نحذر من توسع رقعة الصراع، ونطالب بوقف الصراع فى غزة"، مؤكدا أن التوسع فى الأعمال العسكرية وما نتج عن ذلك من أضرار بالغة على الشعب الفلسطينى وعلى المدنيين فى غزة، فنحو 70 % من المساكن هدمت والشعب الفلسطينى بالكامل هجر إلى جنوب قطاع غزة وقلة المساعدات ونفاذها إلى القطاع والوضع الصحى والإنسانى بصفة عامة وتدهوره، بالإضافة إلى التصعيد الحادث سواء على الحدود اللبنانية فى بعض الأعمال المستهدفة لمواقع بالإضافة إلى التوتر فى البحر الأحمر والتعرض لحرية الملاحة كلها أمور تنبئ سواء عن عمد أو خطأ بتوسيع رقعة الصراع والدخول للمنطقة فى حلقة مفرغة من التصعيد الذى له انعكاسات بالغة الخطورة على الأمن والاستقرار وعلى الاقتصاد وعلى حياة الفلسطينيين".
أكد الوزير شكرى على ضرورة وقف إطلاق النار فى غزة والتعامل مع أساس المشكلة وهى قضية الاحتلال وقضية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة الدولة الفلسطينية من خلال توافق دولى وفى إطار توقيت محدد والاعتراف بفلسطين كدولة وبعضويتها الكاملة فى الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الأمر ينهى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ويخرج المنطقة من الدورات المستمرة من العنف والانتقام ويفتح الباب للعيش المشترك والاستقرار والأمن لكافة شعوب المنطقة.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الصينى وانغ يى أن بلاده ومصر ستواصلان تعزيز التنسيق والتعاون لإيجاد حل دائم وشامل وعادل للقضية الفلسطينية، مشددا على أهمية تنفيذ حل الدولتين لفتح آفاق سياسى للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والتعايش السلمى بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلي.
وقال وزير خارجية الصين فى مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الخارجية سامح شكري: أن هناك اهتماما بالغا من المجتمع الدولى بشأن قطاع غزة، لذلك فقد تواصلت مع الوزير شكرى، وأصدرنا بيانا مشتركا بشأن القضية الفلسطينية، وأكدنا ضرورة وقف إطلاق النار الفورى وبشكل شامل والإفراج عن المحتجزين والرهائن من الجانبين وتنفيذ القرارات المعنية للأمم المتحدة وإنشاء آليات للمساعدات الإنسانية ذات الكفاءة وتسهيل قيام السلطة الفلسطينية بممارسة مهامها المنوطة بكامل الأراضى الفلسطينية.
وحول وجهة نظر وسياسة الصين حول الصراع فى قطاع غزة، أكد يى أن بكين تتفهم بشكل كامل وتدعم الموقف المصرى من القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الصراع فى غزة أودى بحياة المدنيين الأبرياء وأدى إلى أزمات إنسانية خطيرة، مضيفا: "الصين تقف دائما إلى جانب العدالة والإنصاف وتعمل سويا مع الدول العربية والإسلامية لوقف إطلاق النار والقتال، وتبذل كل ما فى وسعها لحماية المدنيين، وتبذل جهودا دؤوبة لإيجاد حل شامل ودائم وعادل للقضية الفلسطينية"، لافتا إلى أن القضية الفلسطينية استمرت على مدار 76 عاما ولا يجوز أن تستمر لفترة أطول من ذلك.
وأضاف : "أن الصين ترى أن وقف إطلاق النار والقتال فى أسرع وقت بقطاع غزة أولوية قصوى فوق أى اعتبار"، مشيرا إلى أن الصراع فى غزة أودى بأرواح أكثر من 20 ألف شخص والوضع خطير جدا، ويجب على المجتمع الدولى تركيز كافة الجهود على دفع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين بخطوات عاجلة لإنقاذ أرواح المدنيين.
وشدد على ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية لغزة لأن هذا التزام أخلاقى ولا يجوز أى تأخر فقد تم تدمير البنى التحتية بقطاع غزة بشكل شامل، كما أن هناك مليونى نسمة يقفون على حافة البقاء، فلابد من تنفيذ القرارات بشأن المساعدات وفقا للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولى بإنشاء آليات مساعدات إنسانية لضمان وصول المساعدات بشكل سريع وأمن ومستدام وبدون عوائق.
وأشار إلى أن الحكومة الصينية قررت تقديم الدفعة الثالثة من المساعدات الإنسانية العاجلة لأبناء شعب غزة، قائلا : "إن التدابير المستقبلية فى غزة يجب أن تحترم إرادة الشعب الفلسطينى بشكل كامل، كما أن وقف إطلاق النار والقتال، شرط أساسى لحوكمة غزة، ويعد حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين مبدأ أساسيا لمستقبل غزة، كما أن تعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية ودعم المصالح الداخلية الفلسطينية، طريق واقعى لتنفيذ حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين فى قطاع غزة".
وطالب المجتمع الدولى بضرورة الإصغاء بجدية لدول المنطقة، فالحوكمة المستقبلية فى غزة يجب أن تكون الخطوة المهمة نحو حل الدولتين.. مشيرا إلى أن تنفيذ حل الدولتين طريق لابد منه لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وأكد أن القضية الفلسطينية تعرضت لظلم تاريخى ولابد من استعادة العدل للشعب الفلسطينى قريبا، ولابد من إيجاد حل سياسى وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.. مشيرا إلى ضرورة التمسك بإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
واتفق الوزير شكرى ونظيره الصينى وانغ بى على ضرورة الوقف الفورى والكامل لإطلاق النار، ووقف كافة أعمال العُنف والقتل واستهداف المدنيين والمنشآت المدنية، ورفض وإدانة كافة انتهاكات القانون الدولى بما فى ذلك القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان، بما فى ذلك النقل الجبرى الفردى والجماعى والتهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم، كما تم التأكيد على الدعوة إلى الإفراج عن الرهائن والمُحتجزين من الجانبين، جاء ذلك خلال مشترك صادر عنهم عقب اجتماعاتهم فى القاهرة.
وأعرب الوزيران عن القلق الشديد إزاء الوضع الإنسانى المتدهور فى قطاع غزة، والمعاناة اليومية التى يشهدها أهل القطاع، وتأكيد أهمية النفاذ السريع والآمن والمستدام ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية بصورة كافية إلى قطاع غزة، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فى ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2720 وما تضمنه من إنشاء الآليات الإنسانية اللازمة بالقطاع.
وناشد شكرى ونظيره الصينى المجتمع الدولى والمانحين الدوليين لتقديم كافة سبل الدعم للسلطة الوطنية الفلسطينية لتسهيل قيامها بممارسة المهام المنوطة بها على أكمل وجه بكافة الأرض الفلسطينية المحتلة.
كما أعرب الجانبان عن متابعتهما الحثيثة لتطورات الأوضاع فى البحر الأحمر وأهمية قراءة تلك التطورات ارتباطًا بالأوضاع فى غزة باعتبارها مسببًا رئيسيًا لها، كما أعربا عن القلق إزاء اتساع رقعة الصراع بالمنطقة، مع التشديد على أهمية تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل الوقف الفورى للاعتداءات على قطاع غزة، والعمل على خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة، كذلك أكدا على أولوية تأمين سلامة وأمن الملاحة فى البحر الأحمر.
ودعا أيضا إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولى مسئولياته لخلق أُفق سياسى للسلام بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، والتعايش بين الشعبين، وذلك من خلال البدء فى تنفيذ رؤية حل الدولتين وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، بما فى ذلك من خلال عقد مؤتمر دولى للسلام لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية من خلال إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة والمتواصلة الأراضى على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
كما أعرب كل من الجانبين المصرى والصينى عن تقديرهما للجهود المبذولة من قبل بعضهم البعض لتهدئة الأوضاع فى المنطقة، واحتواء تداعيات الأزمة الإنسانية الراهنة فى قطاع غزة، والعمل على إنهاء الحرب فى غزة ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، ودعم الجهود المصرية لتحقيق المصالحة.
واتفق الجانبان المصرى والصينى على استمرار التواصل والتنسيق لإيجاد حل دائم وشامل وعادل للقضية الفلسطينية وفقًا للمُحددات الدولية ذات الصلة.
وزيرا خارجية مصر والصين
وزير الخارجية سامح شكري ونظيره الصيني
هذا الخبر منقول من اليوم السابع