تأتى الانتخابات الرئاسية وسط أجواء إقليمية شديدة التعقيد، بسبب العدوان الإسرائيلى المجرم على غزة، والذى يستقطب الاهتمام من قبل المصريين رسميا وشعبيا، فضلا عن أن العدوان كان كاشفا عن مخططات ومحاولات معقدة، بجانب أنه كشف عن حجم التحديات التى واجهتها الدولة طوال أكثر من عقد، وهى تحديات يعرفها المصريون ويدركون خطورتها، وتمثل إحدى دوائر التهديد والخطر، والتى تستدعى تعاملا دقيقا بجانب العمل فى كل الملفات المتشابكة.
المصريون يعرفون هذا ويتعاملون معه، مثلما تعاملوا مع تحديات سنوات سابقة، ومع هذا فإن الانتخابات الرئاسية استحقاق دستورى، يفرض نفسه، وسط وضع استثنائى، ومع هذا اعتاد الشعب المصرى التعامل مع كل الأحداث والاستحقاقات طوال الوقت، وإن كانت الانتخابات هذه المرة تأتى بعد مرحلة انتقالية طالت وعبرت خلالها مصر تحديات إرهاب وأزمات إقليمية ودولية، وحروب، ومع هذا فقد كان تصويت المصريين فى الخارج أكبر من المرات السابقة، بما يعكس التفاتا وإدراكا لأهمية الالتفاف حول الدولة.
صوت المصريون بالخارج فى الانتخابات الرئاسية بحرية تامة ودون توجيه، خاصة أن الهيئة الوطنية للانتخابات حددت قواعد العملية الانتخابية وتوقيتاتها منذ البداية وأعلنت البقاء على مسافة واحدة من كل المرشحين، كما أن الإعلام أتاح فرصة لكل المرشحين فى التعبير عن آرائهم سواء فى الملفات الاقتصادية والسياسية والخارجية، أو طرح برامجهم واختلافاتهم.
ثم إن الحوار الوطنى فتح الباب لنقاش وتنوع سياسى ومدنى وأهلى، كما أتاح فرصة للنقاش وطرح أفكار اقتصادية وسياسية بعد مرحلة انتقالية، يفترض أنها تقود لمرحلة أكثر إتاحة للمشاركة وتوسيع المجال العام، وتنشيط الأحزاب والمنظمات الأهلية والمدنية، وساهم فى إدارة التنوع فى المجتمع، بما يفتح الباب لمزيد من المشاركة.
وعلى مدى المرحلة السابقة نجح المصريون بفضل تماسكهم وثقتهم وصبرهم ووعيهم فى التفرقة بين اختلافات طبيعية فى الآراء والتفاصيل، وبين الاستماع إلى منصات ولجان اعتادت أن تمارس العداء والكراهية، وهذه اللجان الآن تعبر عن مصالح جهات وأجهزة، فشلت طوال أكثر من عقد فى تخطى حملات تدعم الإرهاب وتحرض على قتل المصريين، ونفس هذه الحملات الآن تتحالف مع هجوم إسرائيلى على الدولة المصرية لمواقفها الحاسمة مع القضية الفلسطينية وخطوطها الحمراء ضد التصفية والتهجير، وعندما يتوحد تنظيم الإخوان مع العدوان الإسرائيلى على غزة فى مهاجمة مصر يمكن معرفة الخيوط الرابطة بين داعش فى سيناء، ومخططات الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من غزة، والذى تتصدى له مصر على مدى سنوات.
كانت هزيمة الإرهاب فى سيناء فشلا لأول فصول مخطط الإخلاء والتصفية والتوطين، ونتذكر أن منصات الإخوان لم تكن فقط تدعم الإرهاب، لكنها حرضت على قتل المصريين، كل هذا بتمويل أجهزة وجهات، باعتراف من شاركوا فى العمل بهذه المنصات وانشقوا عنها. واليوم تواصل منصات ولجان الإرهاب هجومها، وتمارس حربا بالوكالة لصالح العدوان، لعلمهم ان مصر هى التى تعرف مفاتيح القضية وتتعامل معها منذ عقود بقوة وحسم، تعرف الحرب وتدير الملفات بكل تعقيداتها، وبالرغم من ذلك يصر تنظيم الإرهاب على ترويج الأكاذيب.
المنصات الإخوانية وأصدقاء الإرهاب فشلوا وخسروا رهاناتهم وخسر ممولوهم بالرغم من إنفاق عشرات الملايين من الدولارات، على منصات تحمل أسماء متعددة، لكنها معروفة، كما سقطت أكاذيب بهلوانات الحروب بالوكالة، وكان الفشل بسبب وعى المصريين، الذى ساعد فى مواجهة وهزيمة الإرهاب ، كما أنه ساهم فى تخطى أزمات وتحديات كبيرة، لأن المصريين الذين تحملوا تحديات اقتصادية وتهديدات إرهابية، يعرفون أن الحفاظ على الدولة أولى خطوات مواجهة المشكلات، ولهذا كانت مشاركة المصريين بالخارج فى الانتخابات، مؤشرا على الوعى بالتفرقة بين التنوع والاختلاف، وبين الإنصات لأصوات مهمتها نشر الكراهية والفتن، وحشرات إلكترونية نشاهدها ونشمها ونراها، عجزت ولا تزال عن تحقيق أى خطوة .
ويستعد ملايين المصريين لإنهاء مرحلة انتقالية وبدء مرحلة جديدة أكثر اتساعا وتنوعا، بالمشاركة فى الانتخابات والاختيار الحر، لصالح الدولة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع