الفشل يلاحق نتنياهو فى غزة.. رئيس الوزراء الإسرائيلى يفقد ثقة مؤسساته وشعبه.. لجوء ذوى الأسرى لمصر يعكس إدراك الداخل بفاعلية دور القاهرة.. وتغير الموقف الدولى يقوض "شرعية" العدوان على القطاع بسبب وحشية الجرائم

الفشل يلاحق نتنياهو فى غزة.. رئيس الوزراء الإسرائيلى يفقد ثقة مؤسساته وشعبه.. لجوء ذوى الأسرى لمصر يعكس إدراك الداخل بفاعلية دور القاهرة.. وتغير الموقف الدولى يقوض "شرعية" العدوان على القطاع بسبب وحشية الجرائم
الفشل يلاحق نتنياهو فى غزة.. رئيس الوزراء الإسرائيلى يفقد ثقة مؤسساته وشعبه.. لجوء ذوى الأسرى لمصر يعكس إدراك الداخل بفاعلية دور القاهرة.. وتغير الموقف الدولى يقوض "شرعية" العدوان على القطاع بسبب وحشية الجرائم

فى الوقت الذى تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلى اعتداءاتها الوحشية، ثمة حالة من الارتباك، بات يعانيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تبدو فى العديد من المسارات، أولها فى علاقته بالمؤسسات فى الداخل، بينما يقوم المسار الثانى على الحالة المجتمعية، التى تبدو غاضبة، جراء التعامل الحكومى مع العديد من الملفات، منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، فى السابع من أكتوبر الجارى، وحتى حالة الجدل المثارة حاليا حول جدوى العدوان المستمر منذ 24 يوما، وما إذا كانت إسرائيل ستقوم باجتياح برى للقطاع أم لا، فى ظل شكوك حول ما سوف تؤول إليه هذه الخطوة من نتائج، بينما يبقى التغيير الكبير فى المواقف الدولية، تجاه العدوان مسارا ثالثا لتلك الحالة المرتبكة التى يعانيها نتنياهو، فى ظل دعوات عالمية للتهدئة، وضرورة مرور المساعدات، بالإضافة إلى فشل الدعوات التى تبنتها إسرائيل بتهجير الفلسطينيين، وبزوغ إدانات من قبل عدد من المسؤولين الدوليين للجرائم التى ارتكبتها قوات الاحتلال فى القطاع.

وهنا أصبح نتنياهو أمام حالة من الفشل "ثلاثية" الأبعاد، تتجسد فى انقسام الداخل، سواء على مستوى أجهزة الدولة أو فى النطاق المجتمعى، بالإضافة إلى حالة من العجز عن تحقيق الأهداف المعلنة من العدوان على غزة، ناهيك عن تغيير يبدو ملموسا فى "النبرة" الدولية، تبدو فى التحول من الدعم المطلق وغير المحدود لحق إسرائيل فى "الدفاع عن نفسها"، إلى دعوات صريحة للتهدئة، والضغط على الاحتلال للسماح بمرور المساعدات.

ولعل حالة الارتباك التى يعانيها نتنياهو بدت واضحة فى علاقته بمؤسسات الدولة، وأجهزتها الحساسة، وهو ما ظهر إلى العلن فى منشور كتبه على حسابه بموقع "إكس"، ألقى فيها باللوم على جهاز الأمن العام (الشاباك) والاستخبارات العسكرية (أمان) وكافة الجهات الأمنية الإسرائيلية، موضحا أنه لم يتلقى أية تحذيرات بشأن ما حدث فى السابع من أكتوبر، ليعود بعد ذلك لحذف المنشور، بعد حملة انتقادات واسعة لاحقته.

المنشور أثار جدلا كبيرا بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية والمعارضة، حيث دعا عضو حكومة الطوارئ الإسرائيلية المصغرة بينى جانتس الأحد، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التراجع عن التعليقات، بينما طالب زعيم المعارضة يائير لابيد بالاعتذار، مما دفع رئيس الوزراء فى نهاية المطاف إلى حذف التغريدة، والتى كشفت عمق الفجوة، التى خلقتها أزمة غزة، فى العلاقة بين الحكومة وأجهزة الدولة، فى لحظة تبدو حساسة للغاية.

إلا أن انقسام الداخل الإسرائيلى تجاوز فى جوهره العلاقة بين الأجهزة الرسمية، وإنما امتد إلى الداخل المجتمعى، فى ظل ما آلت إليه عملية "طوفان الأقصى" من خسائر فى الأرواح، بالإضافة إلى احتجاز أعداد غير مسبوقة من الأسرى الإسرائيليين، بين جنود ومدنيين ومواطنين مزدوجى الجنسية، بينما تبقى الآمال فى قدرة رئيس الوزراء على تجاوز تلك الأزمة معدومة.

ففى خطوة تمثل "نقطة تحول" كبيرة فى العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية وشعبها، خرج ذوى الأسرى، فى مظاهرة أمام السفارة المصرية، يطالبون بالتدخل للإفراج عن أبنائهم، وهو ما يعكس نجاح الدبلوماسية التى تتبناها مصر، ليس فقط فى إقناع الدول والحكومات بأهمية دورها وقدرتها على تحقيق اختراقات كبيرة فى الملفات الهامة المرتبطة بالقضية، وإنما أيضا فى الوصول بدائرة الإدراك إلى المستوى الشعبى فى إسرائيل، فى ظل فقدان الثقة فى الحكومة ورئيسها، وهو ما يعكس قبولا "شعبويا" فى الداخل الإسرائيلى، بفكرة التهدئة، والتى طالما دعت إليها مصر منذ بداية الأزمة، للتحرك فى الملفات الأخرى، وعلى رأسها ملف الأسرى.

المطالبة بدور مصرى فى ملف الأسرى، فى جوهره يعكس حالة من انعدام الثقة فى نتنياهو، كما أنها تمثل اعترافا ضمنيا بفشل العدوان على قطاع غزة، فى تحقيق أى إنجاز، سواء فى هذا الملف، أو غيره من الأهداف التى سبق وأن أعلنتها قوات الاحتلال، ناهيك عن انعدام الثقة فى قدرة الاحتلال عن تحقيق نتائج كبيرة حال القيام بعملية اجتياح برى.

بينما يبقى التغيير الكبير فى "النبرة" الدولية، تجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة أحد أهم أسباب ارتباك نتنياهو، فى ظل دعوات التهدئة، والضغوط المفروضة عليه فى ملف المساعدات الإنسانية، ناهيك عن الفشل الذريع الذى يلاحق دعوات التهجير، وحتى صدور إدانات للانتهاكات، فى ظل استهداف المدنيين وسقوط ألاف القتلى من الأطفال والنساء، ناهيك عن المستشفيات ودور العبادة، وما يمثله ذلك من جرائم حرب.

دائرة الامتعاض الدولى شهدت توسعا كبيرا، حيث لم تقتصر على العالم العربى والإسلامى، وإنما امتدت إلى الغرب الأوروبى، مرورا بالأمم المتحدة، خاصة بعد تصريحات أمينها العام أنطونيو جوتيريش، حول الجرائم التى ارتكبها الاحتلال، وحتى الولايات المتحدة، والتى أعربت عن توافقها مع الرؤية المصرية فيما يتعلق بالتهدئة والمساعدات ورفض التهجير، وهو ما يمثل صفعة كبيرة لنتنياهو فى ظل تراجع "شرعية" العدوان، فى الداخل والخارج.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع