فاطمة رشدى أول امرأة تؤسس فرقة مسرحية وأول من ابتدعت موضة ارتداء السيدات للبنطلون فى مصر
آسيا داغر صاحبة أول فيلم تاريخى فى السينما.. وروزاليوسف رائدة الفن والصحافة
واجه رواد الفن الأوائل الكثير من المصاعب، ومشوا على الأشواك ليمهدوا طريق الإبداع، وتحملوا الكثير فى وقت كان فيه المجتمع ينظر نظرة دونية للفن والفنان، ولا تقبل العائلات عمل أبنائها فى الفن، بل كانت لا تقبل شهادة الممثل فى المحاكم، وتطلق عليه ألقاب مهينة، وإذا كات هذه هى نظرة المجتمع للفن قديما فلنا أن نتخيل حجم ما واجه رائدات الفن الأوائل اللاتى تحدين العادات والتقاليد وانتصر حبهن للفن على الكثير من الصعاب واستطعن رغم كل الظروف أن يكون لهن دور خالد وفاعل فى تاريخ المسرح والسينما تمثيلا وإخراجا وإنتاجا، وسطرن أسماءهن بحروف من نور فى سجلات المبدعين بعقليات متحضرة ومستنيرة استطاعت أن تواجه الظلام وتنير الطريق للأجيال.
فى السطور التالية نلقى الضوء على رحلة كفاح وحكايات رائدات الفن الأوائل لنكشف قصص « الست الأولة فى الفن».
عزيزة أمير
عزيزة أمير إحدى صناع السينما وروادها ليس فى مصر فقط ولكن على المستوى العالمى، فهى أول امرأة استطاعت أن تقتحم مجال السينما إنتاجا وتمثيلا وإخراجا، لذك أطلق عليها طلعت حرب لقب أم السينما المصرية.
تعلمت عزيزة أمير مبادئ الموسيقى وتولى أحد أقاربها تعليمها وتثقيفها واصطحبها معه إلى أوروبا فأحبت الأدب والفن وترددت على المسارح واستوديوهات السينما، وبعد عودتها تنقلت بين عدد من الفرق المسرحية ومنها فرقة رمسيس وفرقة نجيب الريحانى، وكانت تحلم بالتمثيل السينمائى، وعندما جاء المخرج التركى وداد عرفى إلى مصر أقنعها بإنتاج فيلم يشاركها بطولته، فأنشات فى فيلتها بجاردن سيتى أول استوديو تصوير فى مصر وصورت فيلمها الأول «ليلى» وهو أول فيلم مصرى صامت عام 1927، وقال عنها طلعت حرب: «نجحت فيما فشل فيه الرجال»، حيث كانت أول سينمائية ومنتجة فى مصر والعالم العربى، وبعده قدمت فيلم بنت النيل ولم تكتف بإنتاجه فقط بل قامت بإخراجه وعرض عام 1929، لتكون أول منتجة ومخرجة فى العالم، وأسست شركة إنتاج سينمائى أطلقت عليها اسم إيزيس وأنتجت نحو 25 فيلما منها فيلم «بسلامته عاوز يتجوز» مع نجيب الريحانى عام 1936.
واشتركت عزيزة أمير فى الكتابة السينمائية فى أفلام «الورشة» 1940 و«عودة طاقية الإخفاء» 1947 و«خدعنى أبى» 1952، كما كانت أول من استخدم السينما لخدمة القضايا القومية والوطنية، فأنتجت شركتها أول فيلم يتحدث عن القضية الفلسطينية عام 1948 باسم «فتاة من فلسطين»، وكتبت بنفسها قصة الفيلم والسيناريو وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة سعاد محمد فى أول ظهور لها، وضحت عزيزة فى سبيل حبها للسينما بالجهد والمال وعملت على تشجيع وتدريب الفتيات على خوض هذا المجال، واكتشفت عددا من كبار النجوم وحرصت على أن يتقن المصريون فنيات ومتطلبات السينما حتى يتم الاستغناء عن الأجانب.
بهيجة حافظ
بهيجة حافظ من أوائل الوجوه النسائية التى ظهرت على شاشة السينما وواحدة من رائدات الفن التى وصلت لمكانة لم يصل إليها أحد، وتعددت مواهبها وأبدعت فى العديد من المجالات الفنية، وكانت أول مصرية كتبت المقطوعات الموسيقية التى أذاعتها محطات العالم، كما كانت مخرجة وممثلة ومؤلفة ذاعت شهرتها محليا وعالميا.
وكتبت بهيجة حافظ فى مذكراتها التى نشرتها بمجلة الكواكب عام 1953 تحت عنوان «قصة حياتى»: «أنا بهيجة حافظ ابنة اسماعيل باشا حافظ المولودة فى الإسكندرية سنة 1912، ولدت وقد احتضننى مهد من الحرير ورضعت اللبن من إناء مذهب».
وتابعت: «كنت أعيش فى منزل أشبه بمعهد الموسيقى لأن أبى وأمى وإخوتى كانوا يجيدون العزف على الآلات الموسيقية المختلفة، والحقنى والدى بمدارس الفرنسيسكان ثم الميردى ديو».
سافرت بهيجة إلى فرنسا ودرست الموسيقى واستطاعت فى سن مبكرة تأليف العديد من المقطوعات الموسيقية التى أذاعتها محطات العالم فى أوروبا وأمريكا، وكانت أول مصرية تُقبل عضوةً فى جمعية المؤلفين بباريس وعادت لمصر لتقوم بتدريس الموسيقى لبنات العائلات، وبدأ اسمها يلمع قبل أن تصل سن 17 عاما، وجاءت شركة أوديون وسجلوا بعض القطع الموسيقية التى ألفتها وتم عرضها فى مؤتمرات عالمية وحصلت على عدد من الجوائز.
وعندما عزم المخرج محمد كريم تقديم فيلم «زينب» الصامت وهو من أوائل الأفلام المصرية عرض على بهيجة حافظ التمثيل فيه، فوافقت لتظهر على الشاشة الفضية عام 1930.
وبعدها أسست بهيجة شركة إنتاج وأنتجت وأخرجت عددا من الأفلام الناطقة التى شاركت فى مسابقات عالمية ومنها: «الضحايا، الاتهام، ليلى بنت الصحراء»، وألفت مئات المقطوعات الموسيقية، وأنشئت أول نقابة الموسيقيين، وأصبحت أول نقيبة، وكان لها صالون ثقافى يحضره كبار المفكرين والفنانين.
وبعد فترة خفتت الأضواء عن الفنانة الكبيرة وفى نهاية حياتها ظلَّت بهيجة حافظ طريحة الفراش لسنوات طويلة، لا يطرق بابها إلا القليل، حتى اكتشف الجيران وفاتها بعد يومين.
المطربة نادرة
صوتها يشبه اسمها فهى نادرة وصوتها نادر الجمال، لذلك لقبت بأميرة الطرب وهى إحدى رائدات الغناء فى بدايات القرن الماضى، اسمها نادرة أمين مصطفى وولدت فى 17 يوليو من عام 1906 وبدأت الغناء فى الحفلات حتى ذاع صيتها، وتعلمت العزف على العود، وغنت مع فرقة رمسيس واستمع إليها أمير الشعراء أحمد شوقى، وأعجب بها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وحققت نجاحا منقطع النظير.
ومن أشهر أغنيات الفنانة نادرة، «خدود الورد، غنى معايا يا موج النيل، الياسمين، بين الزهور، فضفض الماء يا قمر، وبكالك يا ليل يشجينى، وأعطنى العود أغني، ولما بدا يتثنى»، وتميزت بالأغانى الدينية والموشحات والأغانى الوطنية، وكانت أول مطربة تغنى للجيش المصرى أثناء خوضه حرب فلسطين عام 1948 «يامصرى قوم احمى الوطن».
فاطمة رشدى
هى أول سيدة تمكنت من تكوين فرقة مسرحية تحمل اسمها، فهى إحدى رائدات السينما والمسرح فى مصر والعالم العربى صاحبة مواهب متعددة ومسيرة زاخرة، حيث قامت بالتأليف والإخراج والتمثيل.
وقدمت للسينما عدة أفلام تصل لـ16 فيلما وقامت بتأليف وإخراج عدد منها، ومثل أمامها فيه محمود المليجى فى أول أدواره السينمائية، واحتل عدد من أفلامها الصفوف الأولى فى قائمة أفضل 100 فيلم فى السينما ومنها فيلم العزيمة.
كانت فاطمة رشدى نجمة عصرها فكانت النساء يقلدنها ويتبعن الموضة التى تبتكرها، ويذكر أنها من أوائل السيدات اللاتى ارتدين البنطلون فى القاهرة وقلدتها النساء حتى انتشرت موضة البنطلون فى مصر.
آسيا داغر
من أهم رائدات الفن اللاتى كان لهن الفضل فى اكتشاف عدد من نجوم التمثيل والطرب والإخراج وقدمت للسينما عددا من روائع الأعمال كممثلة ومنتجة، ولها السبق فى تقديم أول فيلم تاريخى ناطق فى السينما المصرية وهو فيلم «شجرة الدر» الذى عرض عام 1935، وكانت آسيا داغر قد بدأت مسيرتها وعطاءها الفنى قبل هذا الفيلم بسنوات.
ولدت آسيا داغر فى قرية تنورين بلبنان عام 1901، وانتقلت للعيش فى مصر عام 1923 مع أختها وابنة أختها الفنانة مارى كوينى، وفى عام 1927 أسست شركة الانتاج الخاصة بها، وهى شركة لوتس فيلم التى صارت واحدة من أهم شركات الإنتاج الرائدة فى تاريخ السينما، لذلك حازت آسيا لقب «عميدة المنتجين»، وأنتجت أول أفلامها «غادة الصحراء» عام 1929 الذى شاركت فى بطولته، وتوالت الأفلام التى شاركت فيها كممثلة ومنتجة ومنها: «عندما تحب المرأة، بنت الباشا المدير، فتش عن المرأة، المتهمة»، كما أنتجت مجموعة من الأعمال الهامة التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما المصرية ومنها: « اليتيمتان، لو كنت غنى، معلش يازهر، أمير الانتقام، رد قلبى، الناصر صلاح الدين».
وكان لآسيا داغر دور اكتشاف العديد من نجوم التمثيل والإخراج ومنهم، هنرى بركات، حسن الإمام، عبدالسلام النابلسى، وصباح، أحمد مظهر، سعاد محمد وصلاح ذو الفقار وغيرهم.
روزاليوسف
واحدة من أهم رائدات الفن والصحافة، وهى والدة الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس، ودخلت مجال التمثيل فى وقت مبكر من بدايات القرن العشرين لم يكن شائعا فيه دخول النساء هذا المجال، وولدت فاطمة اليوسف فى لبنان عام 1897 وكان والدها تاجر تركى الأصل سافر قبل مولدها، وتوفيت والدتها بعد أن وضعتها فنشأت يتيمة فى أسرة مسيحية تبنتها وأطلقت عليها اسم روز، وجاءت إلى مصر فى سن مبكرة، واكتشفها عزيزعيد وبدأت مشوارها كومبارس ثم انتقلت بين عدد من الفرق المسرحية ومنها فرقة جورج أبيض عام 1912، ثم فرقة رمسيس عام 1923، وكان من أهم أدوارها المسرحية أوبريت العشرة الطيبة، ودورها فى مسرحية غادة الكاميليا، وبعد خلاف مع يوسف وهبى تركت الفرقة واعتزلت التمثيل واتجهت للصحافة وأسست مجلة روزاليوسف التى كانت بداية نهضة صحفية وفكرية وخرّجت جيلا كاملا من الكتاب والسياسيين.بديعة مصابنى أم المبدعين
ولا تكاد تذكر اسم أحد مبدعى الاستعراض والفن والطرب فى مصر إلا وتجد اسمه مقرونا فى بداية حياته باسم صالة وفرقة بديعة مصابنى التى ولدت فى لبنان عام 1892 وبدأت حياتها راقصة ثم جاءت إلى مصر وأسست فرقة للرقص والتمثيل المسرحى، كانت أشبه بمدرسة فنية تخرج منها عدد كبير من الفنانين ومنهم فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال وحورية محمد وببا عز الدين ومحمد عبدالمطلب وهاجر حمدى ومحمد الكحلاوى ومحمد فوزى وإسماعيل ياسين.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع