أسرار القاهرة.. ضريح الإمام الشافعى.. أيقونة العشق ورسالة الإمام.. شيده السلطان الكامل الأيوبى 1211م فوق قبر الإمام.. القبة الخشبية محفورة بزخارف نادرة ورائعة وتعد أروع مبانى العصور الوسطى مزينة بكتابات كوفية

أسرار القاهرة.. ضريح الإمام الشافعى.. أيقونة العشق ورسالة الإمام.. شيده السلطان الكامل الأيوبى 1211م فوق قبر الإمام.. القبة الخشبية محفورة بزخارف نادرة ورائعة وتعد أروع مبانى العصور الوسطى مزينة بكتابات كوفية
أسرار القاهرة.. ضريح الإمام الشافعى.. أيقونة العشق ورسالة الإمام.. شيده السلطان الكامل الأيوبى 1211م فوق قبر الإمام.. القبة الخشبية محفورة بزخارف نادرة ورائعة وتعد أروع مبانى العصور الوسطى مزينة بكتابات كوفية

مسجد الإمام الشافعى أبرز المساجد الأثرية فى القاهرة، تبارك به الفاطميون فأصبح أيقونة العشق الروحانى بين المصريين وسيرة الإمام، يزوره المصريين من كل صوب وحدب، يتبارك به المريدون، ولمسجد الإمام الشافعى الذى ولد سنة خمسين ومائة وعاش إلى سنة أربع ومائتين ومات يوم الجمعة آخر يوم من رجب ودفن من يومه بعد العصر، وترك مكانة كبيرة فى نفوس المصريين، حيث يقصده المئات للصلاة، وتذخر أرض المحروسة باحتضان رفاته، وضمن سلسلة أسرار القاهرة، نكشف الستار عن أسرار ضريح الإمام وتثيق مشواره من مكة والكوفة إلى القاهرة.

 

مسجد الإمام الشافى، نسبة إلى محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشافعى القرشي"، قام ببناء المسجد السلطان الكامل الأيوبى فى عام1211م تباركا بالإمام الشافعى وتعظيما لدوره، يقع المسجد فى شارع الإمام الشافعى فى القرافة الصغرى، وتم بناء القبة الخشبية الضخمة للضريح بأمر من السلطان الكامل الأيوبى به وتعتبر هذه القبة من أكبر الأضرحة فى مصر على الإطلاق وتحمل رقم 251 ضمن الآثار الإسلامية بالقاهرة.

 

 القبة الخشبية للإمام الشافعى محفورة بزخارف نادرة ورسوم رائعة، قبة خشبية مزدوجة تعد من أروع مبانى العصور الوسطى وأجملها زخرفة، وتعد قبة الإمام الشافعى من أجمل القباب التى بنيت فى مصر وتعد أقدم قبة خشبية بنيت فى المحروسة.


توثق القبة الخشبية لضريح الإمام تطور الفن فى العصر الأيوبى، يتضح ذلك فى عدد الحنايات الموجودة فى القبة فكما ذكر أهل الاختصاص أن الحطة الأولى من القبة تحتوى على خمس حنايا، والحطة الثانية تضمن سبع حنايا، والحطة الثالثة تضم ثلاث حنايا. وتعد هذه من أهم ملامح التطورفى العصر الأيوبى.


تزخر قبة الإمام الشافعى بزخرفة عدد كبير من المتون القرآنية مثل آية الكرسى، وأحاديث مكتوبة، أهمها ما روى عن النبى محمد "صلى الله عليه وسلم"، حيث تحدث عن عالم سيأتى بعده من نسل عبد مناف، وقد صدق الحبيب حيث قال: "عالم قريش يملأ طباق الأرض علما وهى بالفعل تنطبق على الإمام الشافعى، حيث فتح الله عليه بالعلم والمعرفة" وذلك حسبما ذكر الدكتور عبد الرحيم ريحان خبير الآثار ومدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى أن الضريح مقام فوق قبر الإمام الشافعى مؤسس المذهب الشافعى والمتبقى منه الآن الضريح الخشبى المحفور برسوم رائعة وهذا الضريح المغطى بقبة خشبية مزدوجة يعد من أجمل الأضرحة فى مصر.

 

وعن معالم الضريح يذكر الدكتور ريحان أن تخطيته من مساحة مربعة طول ضلعها من الداخل 15م وله جدران سميكة جدا مما يؤهلها لحمل قبة ضخمة وله مدخل واحد بالضلع الشمالى الشرقى يغلق ببابين بكل طرف من أطرافه، الباب الخارجى له مصراعان من الفضة، والباب الداخلى له مصراعان عرض كل منهما 98 سم وارتفاعه 3م، وأشار إلى أن قبة الامام الشافعى هى أقدم قبة خشبية بنيت فى مصر، يزيد من أهميتها انها ترجع إلى العصر الأيوبى فى عهد السلطان الكامل، وتوجد ثلاثة محاريب فى الجهة الجنوبية الشرقية من الضريح أوسعها المحراب الأوسط.

ويوجد داخل الضريح أربعة تراكيب خشبية للإمام الشافعى وأم السلطان الكامل والسلطان الكامل الأيوبى وأسرة عبد الحكم وهى الأسرة التى استضافت الإمام الشافعى وتعد تركيبة الإمام الشافعى أهم هذه التراكيبات وهو التابوت الوحيد الذى تبقى من عمارة صلاح الدين الأيوبى لتربة الإمام الشافعى وشكله مستطيل وله غطاء هرمى حافل بالنقوش الكتابية بمقدمته كتابة بالخط الكوفى نصها (بسم الله الرحمن الرحيم }وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى{ هذا قبر الفقيه الإمام أبى عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن الهاشم بن المطلب بن عبد مناف.

قام السلطان الكامل الأيوبى، ببناء واجهة المسجد من الحجر، وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية، وله منارة على شاكلة المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن والآبنوس، أما قبة المسجد فهى قبة كبيرة تعد من أجمل قباب القاهرة، وصممت من الخشب وتم كساؤها بالرصاص، وجدرانها من الداخل بالرخام، وفى جدارها الشرقى ثلاثة محاريب.بنيت واجهة المسجد من الحجر، وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية ويمتاز بمنارة على شاكلة المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن، وقبة كبيرة تعد من أجمل قباب القاهرة.

وظل الضريح موضع زيارة السائحين والمصريين للتبرك به، وكان بجوارها مساحة من الأرض قام صلاح الدين الأيوبى ببناء المدرسة الصلاحية بجوار قبر الشافعى، لتكون مدرسة ومسجد، وتم الانتهاء منها فى سنة 1179م، تم تجديد الضريح من قبل السلطان قايتباى، قبل أن يجددها الأمير عبدالرحمن كتخدا، الذى أنشأ فيها سبيلًا على يسار باب القبة، كما يومنا هذا، بالإضافة إلى الخديو توفيق باشا، الذى قام بتجديد المسجد كله، إلى وقتنا هذا.

نقل المؤرخ تقى الدين المقريزى فى خططه بعضا من مناقب الإمام الشافعى، ومنها أن الوزير السلجوقى نظام الملك الحسن بن على بن إسحاق بن العباس الطوسى الملقب بـ "خواجة بزك" (ت 485 هـ)، لما أنشأ المدرسة النظامية فى بغداد، وهى مدرسة متخصصة فى الفقه الشافعى، أراد أن ينقل رُفات الإمام الشافعى من مقبرته بالقاهرة إلى المدرسة النظامية ببغداد، فطلب ذلك من أمير الجيوش بدر الجمالى، وزير الخليفة الفاطمى المستنصر بالله معد بن الظاهر (ت487 هـ)، وجهز له هدايا جليلة.

خرج أمير الجيوش فى موكبه، ومعه أعيان الدولة، ووجوه المصريين من العلماء، وغيرهم، ولما نبش القبر، ثار المصريون، وقاموا برجم بدر الدين الجمالى بالأحجار، إلا أنه أخمد ثورتهم، وبعث يُعلم الخليفة المستنصر بما حدث، فأعاد جوابه بإمضاء ما أراد نظام الملك، وقرأ جواب الخليفة على الناس عند القبر، ليكملوا الحفر حتى انتهوا إلى اللحد، فخرجت من اللحد رائحة عطرة، ووجدوا جثمانه على حالته، فاستغفروا مما كان منهم، وأعادوا ردم القبر كما كان وانصرفوا، وقد كان هذا اليوم من الأيام المذكورة، وتزاحم الناس على قبر الشافعى يزورونه مدة أربعين يومًا بلياليها، حتى كان من شدة الازدحام لا يتوصل إليه إلا بعناء ومشقة زائدة.

كتب أمير الجيوش محضرًا بما وقع، وبعث به، وبهدية جليلة، مع كتابه إلى نظام الملك، فقُرىء هذا المحضر والكتاب بالنظامية ببغداد، وقد اجتمع العالم على اختلاف طبقاتهم لسماع ذلك، فكان يومًا مشهودًا ببغداد، وكتب نظام الملك إلى عامة بلدان المشرق من حدود الفرات إلى ما وراء النهر بذلك، وبعث مع كتبه بالمحضر وكتاب أمير الجيوش، فقُرئت فى تلك الممالك بأسرها، فزاد قدر الإمام الشافعى عند كافة أهل الأقطار وعامة جميع أهل الأمصار بذلك.

ويضيف المقريزى، ولم يزل قبر الشافعى يُزار ويتبرك به، إلى أن كان الأحد لسبع خلت من جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة (608 هـ) فانتهى يوم بناء هذه القبة التى على ضريحه، وهى القبة الحالية التى أنشأها تعظيمًا للشافعى، السلطان الأيوبى الكامل ناصر الدين محمد بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب، خامس سلاطين الدولة الأيوبية، وبلغت تكاليفها 50 ألف دينار مصرى بحسب المقريزي.

وبمقدمة التركيبة الخشبية الحالية لضريح الإمام الشافعى، والتى تعود للعصر الأيوبى، كتابة بالخط الكوفى نصها: "بسم الله الرحمن الرحيم.. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.. وأن سعيه سوف يرى.. ثم يجزاه الجزاء الأوفى.. هذا قبر الفقيه الإمام أبى عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن الهاشم بن المطلب بن عبد مناف..ولد سنة خمسين ومئة.. وعاش إلى سنة أربع ومائتين..ومات يوم الجمعة آخر يوم من رجب من السنة المذكورة ودُفن من يومه بعد العصر"

أكثر ما يميزالقبة الضريحية للإمام الشافعى "العشاري" فوقها، وهو مركب صغير من النحاس مثبت فى هلال القبة، تتدلى منه سلسلة حديدية، فيما اختلفت الآراء فى سبب وجوده، فقيل لوضع الماء والحبوب للطيور، وقيل أنه رمزًا لعلم الإمام الشافعى، باعتباره بحرًا للعلوم، وقيل فى قبة الشافعى عدة أشعار، منها قول الأديب الكاتب ضياء الدين أبى الفتح موسى بن ملهم:

القبة التى تغطى الضريح هى قبة عظيمة، وهى من أجمل قباب مصر، وترتفع عن أرضية الضريح مسافة 27 مترا ويوجد فى زوايا مربع السقف 3 صفوف من المقرنصات تشكل المنطقة الانتقالية من المربع إلى دائرة القبة، بنيت من الخشب لتخفيف كتلة البناء الهائلة التى يحملها مربع القبة، تتكون القبة من ألواح من الخشب مثبتة على 4 أربطة على ارتفاعات مختلفة وتنقسم إلى 5 مناطق.

وتتكون القبة من طبقتين: طبقة داخلية خشبية، وأخرى خارجية من الرصاص، ويوجد وسط الضريح التابوت الذى وضع على قبر الإمام الشافعى، وتابوت والدة الملك الكامل، أما الواجهات الخارجية للضريح فتتكون من 3 طوابق، الطابق الأعلى وقد غطيت الألواح الخشبية بصفائح من الرصاص، أما الطابق الأوسط يزخرف واجهاته صف من الحنيات على شكل محاريب محارية مشعة، أما الطابق الأسفل فقد فتحت فى كل واجهة من واجهاته الأربع نافذة.

ويعلو القبة قارب صغير من النحاس مثبت مكان هلال القبة وهو من أصل البناء واختلفت الآراء فى سبب وجوده، رأى البعض أنه أُعد لوضع الماء والحبوب للحمام، ورأى البعض الآخر أنه قد يكون رمزًا لعلم الإمام الشافعى، باعتباره بحرًا للعلوم، وبالقبة 16 نافذة للتهوية.

من أبرز من دفن فى ضريح الإمام الشافعى من أسرة صلاح الدين الأيوبى هى زوجته الملكة "شمسة"، وابنه "العزيز عثمان"، كما دفن فيه أيضًا الملك "الكامل بن العادل"، وفى الضريح أيضا مقابر أولاد "ابن عبدالحكم"، والعديد من كبار مشايخ وأئمة المذهب الشافعي.

كانت القبة الضريحية للإمام الشافعى طوال العصور موضع التقدير والتعظيم من سلاطين مصر وملوكها وأمرائها؛ فالسلطان المملوكى قايتباى قام بإصلاح وتجديد القبة عام 885هـ/1480م، وقد قام السلطان قانصوه الغورى بإجراء أعمال إصلاح وتجديد بالقبة.

تعرض ضريح الإمام الشافعى للعديد من الشرقات منهت سرقة الباب الأثرى لمقصورة السلطان الكامل الأيوبى الموجودة داخل قبة وضريح الإمام الشافعى بالقرافة الصغرى فى القاهرة، وتعرضت مقصورة السلطان الكامل الأيوبى الموجودة داخل قبة الإمام الشافعى بالقرافة الصغرى فى العاصمة المصرية للسرقة، بعدما تمت سرقة الباب الخشبى للمقصورة والذى يبلغ طوله 70 سم بالإضافة إلى مجموعة من الزخارف الخشبية المعمارية صغيرة الحجم.

وفى 4 ديسمبر 2017، كشف هبوط أرضى بمسجد الإمام الشافعى عن وجود درج من المرجح أنه يؤدى إلى جبانة، وهى امتداد لما تم الكشف عنه أسفل قبة الإمام الشافعى.

تشهد وزارة الأوقاف، طفرة كبيرة فى ملف عمارة المساجد خاصة، مساجد آل البيت والصالحين، حيث تولى الدولة ممثلة فى الأوقاف حيث اهتمام الدولة بترميم تلك المساجد لما لها من مكانة خاصة عند المصريين، فيما خصص مبلغ 20 مليون جنيه قيمة رفع كفاءة قبة الإمام الشافعي.

 

وبحسب الوزارة فإن عملية التطوير والترميم للمسجد وصلت تكلفتها بنحو 13 مليون جنيه بتمويل من وزارة الأوقاف، ويقوم الوزيران ومحافظ القاهرة بتفقد أعمال مشروع ترميم ورفع كفاءة قبة مسجد الإمام الشافعى والتى تتم تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، بتمويل من صندوق السفراء الأمريكى بتكلفة تقدر نحو 20 مليون جنيه.

 

وتعرض مسجد الإمام الشافعى للسرقة 3 مرات خلال 8 سنوات الأخيرة، ففى عام 2009 تمت سرقة حشوة خشبية من داخل المسجد، وفى عام 2014 تمت سرقة 5 حشوات أثرية، وفى 2017 سرق الباب الخشبى لمقصورة السلطان الكامل بالمسجد.

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع