علا الشافعى تكتب عن موضوع "الحب" فى مهرجان برلين السينمائى الدولى.. 3 مخرجات يقدمن تجارب فريدة وغنية بالمشاعر المركبة.. وأفلامهن تتنافس على جائزة "الدب الذهبى" فى الدورة الـ73

رغم الأزمات العنيفة التي يمر بها العالم، والضغوطات الاقتصادية، والخوف المنتشر، والترقب لما هو آت، تلك الأمور التي تنعكس بشكل أو بآخر على طبيعة بعض الأفلام التي تشارك في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ73 التي بدأت من 16 فبراير وتتواصل حتى 26 من الشهر نفسه، إلا أن "ثيمة" الحب في بعض الأفلام داخل المسابقة الرسمية تلفت الأنظار بشكل كبير، فهناك أكثر من ثلاثة أفلام عرضت حتى الآن تدور أحداثها حول قصص حب وعلاقات مختلفة ومركبة.

أول هذه الأفلام "يوما ما سنقول كل شيء لبعضنا البعض" للمخرجة إيميلي آتف، والفيلم الكوري "حيوات ماضية" للمخرجة سيلين سونج، وفيلم "إنجبورج باخمان - رحلة في الصحراء" للمخرجة الألمانية مارجريت فون تروتا.. ثلاث مخرجات كل منهن تروي عن الحب من وجهة نظرها.

بالطبع يتصدر الفيلم الكوري المشهد، من حيث الإشادة النقدية، ولكن كل مخرجة هنا تروي بحساسية شديدة عن الحب وبعضهن انطلق من أحداث مر بها وشكلت جزءًا من حيواته، ومشاعره.

Someday We Will Tell Each Other Everything
Someday We Will Tell Each Other Everything

 

المخرجة الألمانية مارجريت فون تروتا اختارت أن تواصل تقديم السينما التي تفضلها عن شخصيات ملهمة في الحياة، حيث سبق أن قدمت فيلما وثائقيا عن المخرج المخضرم السويدي انجمار برجمان، وفيلما روائيا آخر عن الفيلسوفة الألمانية حنا أرندت، واليوم تشارك بفيلمها الروائي الطويل الذي يتنافس على جائزة الدب الذهبي عن حياة الشاعرة والكاتبة المسرحية النمساوية إنجبورج باخمان، التي ارتبطت بعلاقة معقدة وشديدة الصعوبة بالكاتب والروائي السويسري ماكس فريش.

 تلك العلاقة المسمومة التي تشكلت بين اثنين مبدعين.. غيرة "فريش" من إشعاع باخمان.. ليس بسبب موهبتها وتألقها فقط -فهي تبدو كالشمس تخطف الأنظار في كل مكان تحل فيه- لكنه يغار منها ويرغب في الاستحواذ عليها كلياً.

Someday We Will Tell Each Other Everything
Someday We Will Tell Each Other Everything

 

السرد في الفيلم  يسير في خطين متوازيين، ما بين علاقتها بماكس فريش في الماضي، وذهابها في رحلة إلى صحراء مصر، في محاولة لاسترجاع روحها والاستشفاء من تلك العلاقة المرضية، وبغض النظر عن الأخطاء الكارثية في كل الجزء المتعلق بالتصوير في مصر في تلك الفترة التاريخية بدءًا من الديكور والأزياء واللهجة التي تأتي خليطًا ما بين المغربية والشامية، إلا أن مخرجة الفيلم استطاعت الإمساك بتفاصيل شديدة الخصوصية في حياة تلك الكاتبة الكبيرة التي دمرت روحها تلك العلاقة المسمومة، حيث قررت الإفلات منها ومن بيته ومدينته زيوريخ، لتعود إلى روما وشمسها وحيويتها ومكانتها فيها كشاعرة ومترجمة وامرأة وروح حرة لا تعرف سوى الانطلاق.

أما الفيلم الثاني فهو للمخرجة الألمانية - الفرنسية ذات الأصول الإيرانية إميلي آتف "يومًا ما سنقول كل شيء بعضنا لبعض" الفيلم مأخوذ عن رواية دانييلا كرين، وتدور أحداثه في صيف عام 1990، بعد وقت قصير من سقوط جدار برلين، في ريف ألمانيا الشرقية السابقة.

past lives
past lives

 

تبدأ الأحداث مع ماريا التي تجسد دورها مارلين بورو فتاة على وشك أن تبلغ 19 عامًا، تعيش مع صديقها في مزرعة والديه، حياتها الأسرية غير مستقرة والدها تركها هي وأمها وذهب ليتزوج بفتاة  فتاة في العشرينات من عمرها، ماريا تحاول الاستمتاع مع صديقها يوهانس (سيدريك إيش) وأسرته تعشق القراءة ولا تهتم باستكمال دراستها، وفجأة تنخرط في علاقة عاطفية وشهوانية مع Henner (Felix Kramer)، صاحب المزرعة التي تجاورهم وهو في الأربعينات من عمره، وبحسب تصريح المخرجة الصحفية "أن صنع هذا الفيلم كان سيكون بمثابة انتحار لو كنت رجلاً"، موضحة أن فيلمها "غير قابل للهجوم"، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنها "ناشطة نسوية صريحة للغاية وتناضل لسنوات من أجل النساء خلف الكاميرا وأمامها، كما توضح أنها قرأت الكتاب قبل 10 سنوات وتمكنت من الحصول على الحقوق التي كانت مملوكة لشخص آخر، وتروي كيف كانت مفتونة بمنظور الشابة ورغباتها وقدرتها على التحرر من قيود المجتمع.

وفي فيلمها الجريء تقدم آتف موضوعًا شديد الحسية والجرأة حول حياة تلك المراهقة وبلوغ سن الرشد، وتروي من خلال بطلتها الجامحة عن تجربة عاطفية جامحة تشكل وجدان البطلة بشكل مع فقدانها لبراءتها واكتشافها الحياة بكل تناقضاتها في مرحلة عمرية مبكرة.

تتفاوت مستويات الأفلام الثلاثة فنيًا، ويظل الفيلم الكوري "حيوات ماضية" محلقًا في منطقة خاصة حتى الآن، وفي انتظار المزيد من أفلام مهرجان برلين التي تعرض ضمن المسابقة الرسمية وتتنافس على الدب الذهبي.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع