لا يزال اقتصاد بريطانيا والتضخم والأسعار تمثل أزمة لحكومة ريشى سوناك، وعلى الرغم من انخفاض معدلات التضخم إلا أن الكثير من الأسر لم تنته معاناتها، خاصة مع الأخذ فى الاعتبار وعواقب وباء كورونا وعدم الاستقرار العالمى الذى دفع الناس إلى حافة الهاوية، الأمر الذى تسبب فى جعل البريطانيين أصحاب الصحة العقلية الأسوأ.
ووفقا لصحيفة ديلى ميل، حذرت الدكتورة سارة هيوز الرئيس التنفيذية لمؤسسة "مايند" الخيرية من أن الوباء وأزمة تكلفة المعيشة فى بريطانيا وما يترتب عليها من عدم الاستقرار قد يدفع الأشخاص المعرضين للخطر إلى الانتحار. وأضافت: "نحن قلقون حقًا، هذا يبدو وكأنه عاصفة كاملة نحتاج إلى السيطرة عليها، وقالت إنه على الرغم من معاناة بريطانيا النفسية، فقد سقطت القضية من جدول الأعمال السياسى".
وقالت هيوز: "لقد تعافينا من الوباء، وتعرضنا لأزمة تكاليف المعيشة ولا يمكننا التقليل من تأثير الحرب فى أوكرانيا وعدم الاستقرار العالمي. تساهم كل هذه الأشياء بشكل كبير فى الضعف الذى نمر به جميعًا بدرجة أكبر أو أقل"، وتابعت: "ما نعرفه هو أنه بعد الانهيار المالى فى عام 2008، ازداد عدد الأشخاص الذين يقتلون أنفسهم، ولا نريد أن يحدث ذلك مرة أخرى".
وعند سؤالها عما إذا كانت الصحة العقلية قد تراجعت عن جدول الأعمال السياسى فى السنوات الأخيرة، قالت هيوز: "أعتقد تمامًا أن الأمر قد حدث"، وأشارت إلى أن الجهات المعنية بالصحة العقلية فى الحكومة تحتاج إلى تحسين طرقها فى اكتشاف ومعرفة الناس المعرضين للخطر فبل أن تتدهور صحتهم العقلية.
ولفتت هيوز إلى أن خدمات الأطفال يجب أن تكون لها الأولوية لأن الشباب ليسوا محصنين ضد تأثير الأزمة العالمية، وقالت: "الصحة العقلية للأطفال اليوم هى الصحة العقلية للأمة غدًا يجب أن نكون أفضل"، وتابعت أنه على الرغم من مرونة الأطفال النفسية إلا أنه لا يجب التقليل من تأثير الأزمة العالمية عليهم.
وتأتى تعليقاتها بعد أن وجد تقرير حديث لمكتب التدقيق الوطنى (NAO) أن ملايين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية يواجهون مشكلات فى الحصول على العلاج الذى يحتاجونه أو يواجهون فترات انتظار طويلة.
وقال مكتب العيادات الوطنية إنه بينما زاد عدد الأشخاص الذين يتلقون الرعاية بشكل عام إلى 4.5 مليون فى إنجلترا، لم يتم تحقيق بعض الأهداف ولا تنطبق حتى على الجزء الأكبر من علاج المرضى الداخليين أو المجتمع.
ويوجد ما يقدر بـ 1.2 مليون شخص على قائمة الانتظار للحصول على خدمات الصحة العقلية المجتمعية من هيئة الصحة الوطنية، مع ما يقدر بثمانية ملايين آخرين من المفترض أن يحصلوا على استشارات للصحة العقلية، لكنهم ليسوا على اتصال بعد.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: "نستثمر 2.3 مليار جنيه استرلينى إضافية سنويًا فى خدمات الصحة العقلية، حتى يتمكن مليونى شخص إضافى من الحصول على الدعم الذى يحتاجون إليه، بما فى ذلك 345 ألف طفل وشاب".
وتابع: "نحن نستثمر أيضًا 150 مليون جنيه استرلينى فى المخططات التى تعالج الضغوط على مسارات الرعاية الصحية العقلية العاجلة والطارئة المحلية، وما يصل إلى 100 سيارة إسعاف جديدة للصحة العقلية لدعم الأشخاص الذين سيتم رعايتهم بالقرب من المنزل، بما فى ذلك دخول المستشفى مثل منازل الأزمات والملاذات الآمنة وخدمات التدريج".
وأشارت الصحة البريطانية إلى أنه يوجد 287 فريقًا لدعم الصحة العقلية فى حوالى 4700 مدرسة وكلية فى جميع أنحاء البلاد، ويقدمون الدعم للأطفال الذين يعانون من القلق والاكتئاب ومشاكل الصحة العقلية الشائعة الأخرى، وسوف يرتفع هذا إلى ما يقرب من 400 فريق بحلول أبريل.
وتاتى التحذيرات من تدهور الصحة العقلية للبريطانيين بالتزامن مع تحذيرات من حكومة سوناك بأن الأزمة الاقتصادية ومشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة التى يعانى منها البريطانيون ودفعت الكثير منهم للجوء إلى بنوك الطعام طلبا للدعم، لم تنته بعد على الرغم من انخفاض معدلات التضخم للشهر الثالث على التوالى.
وقال مكتب الإحصاء الوطنى (ONS) إن معدل التضخم السنوى الذى يقاس بمؤشر أسعار المستهلك انخفض إلى 10.1%، مستمراً فى انخفاضه من 10.5% فى ديسمبر وأعلى مستوى له فى أكتوبر الماضى عند 11.1% وتوقع الاقتصاديون فى مؤسسة "سيتى" انخفاضًا طفيفًا إلى 10.3%.
وكان الانخفاض الأخير مدفوعًا بالانخفاض المستمر فى أسعار البنزين والديزل لسائقى السيارات فى بداية العام، فضلاً عن تراجع أسعار الرحلات الجوية والحافلات بعد ارتفاع حاد فى ديسمبر، كما تراجعت أسعار المطاعم والمقاهى والوجبات الجاهزة، فى حين انخفضت تكلفة الأثاث مع إعلان تجار التجزئة عن مبيعات يناير.
وقال مكتب الإحصاء الوطنية إن هناك مؤشرات أخرى على أن التكاليف التى تواجه الشركات كانت ترتفع بشكل أبطأ مما كانت عليه فى الأشهر السابقة، مدفوعة بانخفاض أسعار النفط الخام والكهرباء والبنزين، ومع ذلك، على الرغم من الانخفاض الأخير فى القراءة الرئيسية، لا تزال الأسعار مرتفعة بالنسبة للمستهلكين ولا تزال تتسارع بواحد من أسرع المعدلات السنوية منذ عام 1981.
وأظهرت أحدث أرقام أن معدل التضخم فى الطعام والشراب انخفض بشكل طفيف من 16.9% فى ديسمبر إلى 16.8% الشهر الماضى، وهى واحدة من بين أسرع المعدلات منذ أواخر السبعينيات. كما أدى ارتفاع أسعار الكحول والتبغ إلى زيادة الضغط على التضخم، عقب التخفيضات الموسمية للأسعار فى ديسمبر.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع