قدمت الهيئة العامة لقصور الثقافة مجموعة مميزة من الكتب المهمة فى تاريخ الثقافة المصرية أطلقت على هذه السلسلة "الهوية" وكتب الشاعر جرجس شكرى، أمين عام النشر بالهيئة يقول فى مقدمة السلسلة "الشخصية المصرية وملامحها عبر العصور المختلفة، التى تعاقبت على هذه الأمة، كانت الشغل الشاغل للمؤرخين والباحثين، وأيضًا الأدباء، فكما بذل فلاسفة الإغريق أعمارهم قبل الميلاد فى البحث عن قضايا الوجود، أنفق هؤلاء حياتهم فى البحث عن ملامح الشخصية المصرية".
"فجر الضمير" لـ برستد كيف سيطرت مصر على العالم بأخلاقها
كان برستد مشغولا بمصر وحضارتها، لذا قال فى مقدمة كتابه، "فى حياة الصياد فى عصر ما قبل التاريخ، الذى كان يكافح بين ذوات الثدى المتوحشة الهائلة التى كانت تحيط به، بدأ يسمع همسًا من عالم جديد كان ينبثق فجره فى باطنه، وكان هذا الهمس بمثابة بوق جديد يختلف عن همس ألم الجوع أو الخوف الذى يشعر به الإنسان للمحافظة على كيانه، وإذ لم يكن يقتصر هذا البوق على تحريك إحساس واحد فحسب تاركا كل المشاعر الأخرى هادئة مطمئنة، بل حرك لأول مرة كل العوامل النفسية معا. فما هو المنبع الذى خرجت منه كل هذه الأصوات الباطنة، وكيف اكتسب تلك القوة الآمرة فى حياة الإنسان الفردية، وكيف أنها نهضت حتى أصبحت قوة راسخة مسيطرة فى المجتمع الإنسانى؟ لاشك أن ذلك كان تقدما عظيما وتغييرا أساسيا.
ونحن نكرر هنا أن كل هذا التقدم كان رحلة اجتماعية تقع مراحلها الأخيرة فى متناول مدى ملاحظاتنا، لأنها حدثت فى العصر التاريخى أى فى العصر الذى ظهرت فيه الوثائق المدونة، وقد ساعدنا حل رموز اللغات الشرقية القديمة على قراءة ما وصل إلينا من السجلات المكتوبة فكشفت لنا عن فجر الضمير وعن الأطوار التى صار بها قوة اجتماعية وتمخضت لنا عن عصر الأخلاق، ذلك العصر الذى مازلنا نقف عند أول مرفأة فيه".
وأثبت برستد فى كتابه أن ضمير الإنسانية بدأ فى التشكل فى مصر قبل أى بلد بالعالم، وذلك منذ نحو 5000 عام، أما مترجم الكتاب الدكتور الكبير سليم حسن، والذى أصدر الترجمة فى سنة 1956، فقال فى تقديمه عن فجر الضمير، إنه "يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول، بل فى مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنسانى بمصر وترعرع، وبها تكونت الأخلاق النفسية، وأخذ الأستاذ بريستد يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية إلى أن انطفأ قبس الحضارة فى مصر حوالى عام 525 قبل الميلاد".
"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"
كتاب المفكر المصرى ميلاد حنا الذى يتكون من "الانتماء الفرعوني، العصر اليونانى الروماني، العصر القبطي، العصر الإسلامي، انتماءات بحكم المكان، انتماء مصر العربي، انتماء مصر للبحر المتوسط، انتماء مصر لأفريقيا" ويقول ميلاد حنا " أن اعتقادى وأن هذه الانتماءات أو الأعمدة السبعة داخلة فى التركيبة الإنسانية لكل مصرى ولكنها منطقيا وطبيعيا ليست أعمده متساوية فى الطول والقطر والمتانة، وإن إحساس المصرى بهذه الانتماءات يختلف من شخص إلى آخر، بل يختلف داخل نفس الفرد من مرحلة إلى أخرى.الفكر المصرى فى العصر المسيحى
يوضح الدكتور رأفت عبد الحميد فى كتابه المهم "الفكر المصرى فى العصر المسيحي" أن القبطية ليست ديانة، فمن الخطأ البين القول بـ"الديانة القبطية" إلا إذا انصرف الذهن إلى الآلة المصرية القديمة، والقبطية بالتالى لا تعنى المسيحية وليست بديلا عنها، ومن ثم فإن كلمة الأقباط تعنى المصريين جميعًا، المسلمين والمسيحيين على السواء، فهذا قبطى أى مصرى "مسلم" وهذا قبطى أى مصرى "مسيحي"، تضم جميعا بين أحضانها البلد العظيم مصر".
ويرصد الكتاب حقبة فاصلة من تاريخ مصر، تمتد ما بين القرنين الرابع والسابع الميلاديين، والتى شهدت تحوّلا كبيرًا فى مجرى التاريخ من العصر الرومانى إلى العصر البيزنطي، أفرز تفاعلا بين التراث الرومانى والتراث اليونانى والحضارات الشرقية القديمة والمسيحيّة.
تحدث الكتاب عن التيارات الفكرية وناقش ما حدث فى تلك الفترة من التحول من عصر إلى عصر، وناقش مكانة مدينة الإسكندرية، وعرض لعدد من هذ التيارات السائدة فى تلك الفترة ومنها السلفية الوثنية، وتيار الفلسفة، وتيار المسيحية المفلسفة.
وعرض الكتاب لـ مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، متوقفًا عند الحركة الفكرية فى المدينة، ومكتبة الإسكندرية، واليهودية والمسيحية، والمسيحية والفلسفة، كما يناقش مصر والمسيحية، ويعرض لـ الرهبانية، وبعد ذلك يتوقف عند الإسكندرية والكنيسة الأثيوبية، وينتى بالحديث عن مصر والعرش البيزنطي.
سندباد مصرى
يطوف كتاب "سندباد مصرى" لحسين فوزى فى تاريخ مقدما رؤية خاصة لحالها عبر مختلف الحقب التاريخية، كما يلقى الضوء على أبرز التحولات والمواقف التى أسهمت فى تكوين الشخصية المصرية.
ويسعى الكتاب أيضا إلى إبراز التضحيات التى قدمها المصريون على مدار التاريخ، وكفاحهم الدائم نحو الحرية والكرامة وحق تقرير المصير.
ويتألف الكتاب من ثلاثة أقسام، الأول بعنوان "الظلام"، والثانى "الخيط الأبيض الخيط الأسود، والثالث "الضياء".
يقول حسين فوزى فى مقدمة الكتاب "لا فضل لى فى هذا الكتاب إلا أن رسمت خطته. ونظمت فصوله تبعا لانفعالاتى الشخصية بتاريخ بلادى، وتركيز فكرى فترات طويلة فى أحقاب ذا التاريخ الذى عشت فى طفولتى نهاية حقبة منه".
نشأة الروح القومية
كتاب (نشأة الروح القومية المصرية.. 1863- 1882) لمحمد صبرى السوربونى ترجمة ناجى رمضان عطية.
يقول الدكتور أحمد زكريا الشلق، فى تقديمه للكتاب، إنه يعد أول دراسة أكاديمية موثقة لمرحلة مهمة وخطيرة من مراحل التاريخ القومى لمصر الحديثة، وهى المرحلة الواقعة بين تولية الخديوى إسماعيل وبين الاحتلال البريطانى لمصر، وإذا تذكرنا أن السوربونى نشرها عام 1924 فمن الممكن أنها كانت دراسة نادرة فى هذا المجال.
ويتألف عمل السوربونى من مقدمة وخمسة فصول، رأى فى المقدمة أن يقدم تمهيدا لموضوع دراسته فى شكل موجز لتاريخ مصر منذ أقدم العصور ليبرر من خلاله "النمط القومى" حسب تعبيره، للمصريين وقدرته على الاستيعاب والمقاومة على مر العصور، ثم ينتقل إلى شىء من التفصيل عند الحديث عن عصر محمد على، الذى رأى فيه رجلا استوعب الدرس العظيم للحملة الفرنسية ووفر لمصر القيادات الضرورية لإدارة أمة حديثة.
ويرى الكتاب أن نشأة الروح القومية المصرية تعود بجذورها إلى عصر محمد على الذى كان يخطط لتأسيس أسرة حاكمة ودولة عظمى مستقلة، ومن ثم فإن القومية تمثلت فى إدراكه للعلاقة بين إنشاء جيش عصرى مصرى وبين أسس الدولة القومية.
والكتاب عندما انتقل إلى دراسة الأزمة المالية والتدخل الفرنسى والإنجليزى فى شئون مصر، انتقد الخديو إسماعيل، ووصفه بأنه رغم أنه بدأ يستكمل مشروع محمد على مستعينا بالأوروبيين فإن لم يمتلك يقظة جده وفطنته، وانتقد إسرافه وسياسة القروض وما جرته على مصر من أزمة مالية أدت إلى التدخل الأجنبي.
فى أصول المسألة المصرية
كتاب "فى أصول المسألة المصرية" لـ صبحى وحيدة، صدر فى سنة 1950 وقسمه المؤلف إلى خمسة فصول، الفصل الأول عنوانه "الفتح العربى"، ويشرح فيه التحولات العالمية التى لحقت بحضارة البحر المتوسط وانتقال مركز التجارة العالمية إلى المحيط الأطلنطى، وهو ما قطع مصر عن علاقتها بالغرب القديم وبقيت بعيدا عن التطورات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية التى حدثت فيه.
والفصل الثانى"حكم المغل"، ويقصد بهم المماليك ونظم حكمهم ووضع الاقتصاد المصرى فى زمانهم وما قاد إليه اضطراب حكمهم من كوارث حلت بالاقتصاد المصرى، وهو يحلل الأسباب ويلقى ضوءً مهما على عصر المماليك ودور المصريين فى ظل هذا الحكم.
الفصل الثالث، عنوانه "الموجة الغربية" ويتناول النهضة الأوروبية الحديثة وعلاقة أوروبا بالسلطنة العثمانية وأثر ذلك فى حياة المصريين خصوصا الاقتصادية تحت حكم محمد على وعباس وسعيد وإسماعيل.
ويناقش الفصل الرابع، وعنوانه "أعراض المراهقة" تأثير الموجة الغربية على حالة مصر الفكرية والاقتصادية والاجتماعية وما عانته البلاد من حالة ضعف وإهمال شؤونها، ويرى فى الصناعة ونهوضها سبيل نهضة مصر وأساس التقدم فى الحضارة الحديثة.
ويعرض الفصل الخامس، وعنوانه "عقدة النقص" للأفكار الفاسدة التى تتحكم فى الحياة المصرية، وأهمها ما يُقال عن تعود الاستبداد والخلط بين الشئون الروحية والزمانية والاعتقاد فى الخرافات والقصور عن الاقتصاد الصناعى والتأرجح بين قيم الشرق وقيم الغرب. ويرى المؤلف أن السبب الرئيسى للظروف الحاضرة التى تعيشها مصر – عام 1950 – ليس إلا فقر الدم الاقتصادى الذى أصابها تحت حكم المماليك.
الشخصية الوطنية المصرية.. قراءة جديدة لتاريخ مصر" للدكتور طاهر عبد الحكيم
يشير طاهر عبد الحكيم فى الكتاب إلى أن مصر شهدت العديد من الثورات العنيفة برغم ما يشاع عن المصريين من المهادنة والاستسلام وكانت أول ثورة فلاحية وقعت فى عام 2280 قبل الميلاد فى عهد بيبى الثانى وهى الثورة التى أمكن تسجيلها تاريخيا وقد استمرت الثورات مرورا باستشهاد المصريين فى ذروة اضطهادهم على يد الرومان بعد دخول الكنيسة المصرية فى صراع وطنى دينى ضد الكنيسة الغربية.
ويقدم طاهر عبد الحكيم فى الكتاب دراسة حول الاستمرارية التى اتسم بها تاريخ مصر الاجتماعى عبر حقبه المختلفة، ويقسم الكتاب إلى قسمين القسم الأول يتناول الشخصية المصرية فى ظل الدولة المركزية والشخصية المصرية فى ظل الملكية الخاصة راصدا رؤية أهم الاتجاهات العلمية الى الدولة المركزية وأسباب نشأة تلك الدولة العتيدة مثل الاتجاه البيئى الذى يعظم من دور البيئة النهرية فى نشأة الدولة المركزية والاتجاه الاجتماعي-الاقتصادى التى تركز على حركة العوامل الداخلية المكونة للظاهرة ويعطى الدور الحاسم لبروز المركزية للانقسام الطبقى فى المجتمع الزراعى البدائى.
ويرى طاهر عبد الحكيم أنه بتحليل مسار النضال القومى المصرى نجده ينقسم إلى حقبتين مختلفتين اختلافاً كيفياً، الحقبة الأولى: هى تلك الحقبة التى كان النضال القومى فى أثنائها يدور فى إطار نظام اجتماعى قوامه احتكار الدولة المركزية لوسائل الإنتاج، والحقبة الثانية هى تلك التى اتجه فيها النضال القومى لإنهاء احتكار الدولة المركزية لملكية وسائل الإنتاج ولإقرار مبدأ الملكية الفردية، وإرساء نظام سياسى ليبرالى، وتشكيل ثقافة علمانية، وفى ضوء هذا التقسيم فإنه يصبح من الممكن اكتشاف نقطة البدء الحقيقية لتاريخ مصر المعاصر.
كتاب "تكوين مصر " لـ محمد شفيق غربال
والكتاب صغير الحجم صدرت طبعته الأولى فى عام 1957، وفى مقدمته يقول محمد شفيق غربال تحت عنوان مصر هبة المصريين "هذا الحديث بداية سلسلة من الأحاديث ترمى إلى عرضٍ متصل لتاريخ مصر خلال العصور الماضية، وموضوعها تكوين مصر، وسوف نسلك إلى ذلك طريقين:وسنحاول — أول الأمر — أنْ نعالج نواحى مختارة، وموضوعات مُنتخبة، مثال ذلك: التفاعل فى تاريخ مصر بين مبدأى الاستمرار والتغير، وعوامل التماسك الاجتماعي، ومكان الفرد فى المجتمع، وأوجه التباين بين المدينة والريف.
ثم نعود فنعالج الموضوع بطريقةٍ أخرى؛ أى من ناحية دراسة اتصالات مصر بالمجتمعات الأخرى الكبيرة، وكيف أثَّرت مصر فى عالم العهد القديم، وفى الحضارة الهيلينية والمسيحية، ثم الإسلام فالعالم الغربي، وكيف تأثرت بكل هؤلاء.
وقد اتخذت عنوانًا لحديثى الأول: «مصر هبة المصريين»، وليس مرَدُّ ذلك إلى معارضة القول المشهور لأبى التاريخ — هيرودوت — حبًّا فى المعارضة؛ ولكن لتوكيد الناحية، أو الزاوية التى سوف نعالج منها الموضوع؛ ذلك أننى أريد أنْ أؤكد عمليات الخلق والنمو، والمحافظة التى نوجزها فى العنوان: "تكوين مصر"، كما أريد أنْ أؤكد أنَّ هذا "التكوين" كان من صنع جماعة من الناس — المصريين — ومن ثم كان العنوان: "مصر هبة المصريين"، وأخيرًا أريد أنْ أؤكد ما فى هذا النتاج، نتاج هذا الخلق — مصر — من صفات الشخصية والرسوخ والانفراد بالذات، هذا النتاج الذى أثَّر بدوره فى تكوين المصريين، ولن تكون مصر التى نعنى بها مصر فى عصرٍ معين، بل خلال العصور كلها، وهذا على الرغم من أننى أعرف أنه ليس فى مقدور الرجل منا أنْ يحيط بالأدوات والدراسات كافة، اللازمة لكل قسمٍ من أقسام تاريخ مصر المعروفة: ألا وهى العصر الفرعوني، ثم اليونانى والرومانى فالإسلامي، ثم العصر الحديث، دع عنك الإحاطة بها جميعًا، بيد أنَّ الإخصائي، والقارئ غير الإخصائي، كلاهما يجد متعةً ذهنية ومغنمًا فى آنٍ واحد لو حاد بين الفينة والفينة عن طريق التخصص؛ الطريق الضيق، واضعًا نصب عينيه أنَّ هناك «مصر» دائمًا، وأنها تسمو فوق هامات الحقب والعصور.
"وحدة تاريخ مصر" لـ محمد العزب موسى
يقول المؤلف فى مقدمة الكتاب الذى صدر فى عام 1972 "مصر هى القاسم المشترك الأعظم فى كل كتب التاريخ. لن نجد كتابا يعرض لأية مرحلة تاريخية دون أن يذكر مصر مرارا بين ثناياه، فهى دائما مؤثرة ومتأثرة.. وإذا افترضنا جدلا – حاليا على الأقل- أن الشعب الذى يسكن مدن مصر وقراها فى القرن العشرين هو امتداد على نحو ما للشعب الذى سكن هذه الديار دون انقطاع منذ فجر التاريخ لكان لنا أن نعتبر هذا الشعب معجزة حقيقية لم يجد الزمن بمثلها.
يقول الكتاب أرى أن هناك ثلاثة ألوان من التعصب ينبغى رفضها (التعصب للإقليمية المحلية على أساس التميز التاريخى والعرقى للمصريين، والتعصب للمشاعر الدينية الذى ياغى التاريخ والقومية معا، والتعصب للفكرة العربية إذ أنكر الشخصية المصرية وجردها من سماتها التاريخية والحضارية الخاصة.
ويقول محمد العزب موسى فى كتاب "حان الوقت للقضاء على تلك الهوة المصطنعة بين تاريخ مصر وعقيدتها وقوميتها، وإزالة ما بين هذه الحقائق الثلاث من حساسية وهمية ومرجعها الجهاد أو التعصب، فالتاريخ المصرى دوحة هائلة متماسكة الحلقات تضرب بجذورها فى أعماق الزمن.
والكتاب محاولة للبحث عن خيط عام يربط بين مراحل التاريخ المصرى ويبرهن على أنه تاريخ شعب واحد لا شعوب متعددة.
المواطنة المصرية.. حركة المحكومين نحو المساواة والمشاركة" لـ وليم سليمان قلادة
ناقش الكتاب فى فصوله (الحركة الدستورية خارج مصر، الصيغة المصرية لحالة الطبيعة، فقه الحكام، فقه المحكومين، الدولة المستقلة، الحملة الفرنسية/ النفى الواقعى للذمية)، ومن القضايا التى يناقشها الكتاب: كيف أمكن للإنسان المصرى أن تكون له حقوق سياسية – أن تكون له صفة المواطنة؟ ويقول الكتاب "هناك حقيقة أساسية فى التاريخ المصرى، وهى أن الانفصال القاط بين الفئة الحاكمة وبين الأهالى المحكومين استمر على مدى مئات آلاف السنين إن خطا أفقيا حاسما، حاجزا سميكا، يقسم الجماعة المصرية على مدى مراحل التاريخ المصرى، وإلى أن نجحت الحركة الدستورية وصار إقرار مبدأ المواطنة - يقسمها إلى شريحتين: أعلى الحاجز يجثم الحكام، يقيمون شرعية حكمهم على أسانيد يمارسون على أساسها إخضاع المحكومين، وتضمن بقاء السلطة فى أيديهم واستمرار تداولها فيما بينهم طبقا للنظم التى أقاموها لتأييد مراكزهم دون اعتبار لرأى المحكومين. هذه الأسانيد والنظم هى مضمون فقه الحكام.
وأسفل الحاجز يقر المحكومون (أهل الأرض) هؤلاء المحكومين يضمهم حرمان من الحقوق السياسية فى ظل اقتصاد ربعى ينزح موارد البلاد لشريحة الحكام سواء فى دولة المركز أو للولاة وأتباعهم المحيطين بهم وهم غير مصريين. ولهؤلاء المحكومين أيضا مفاهيمهم وتوجهاتهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض وبأرضهم وبمستقبلهم وبالحكم. وهى مفاهيم وتوجهات تختلف عما لدى الحكام.
وهكذا فإن تكوين كل شريحة على جانبى حاجز السلطة ومفاهيمها وبنائها القيمى وممارساتها الدينية والعلاقات داخلها وأهدافها ونظرتها إلى نفسها وإلى الآخر وإلى البلد الذى تقيم فيه – هذا كله، يختلف عما لدى الشريحة الأخرى.
ومن ثم فإن الفرق بين الشريحتين جعل شعور نمونات أهل الأرض المحكومين المصريين بالوحدة والتميز والخصوصية أمرا طبيعيا، على أن المحكومين لا يستمرون قابعين أسفل الحاجز فى سكون واستسلام.
"المواطنة والهوية.. جدل النضال والإبداع فى مصر" لـ سمير مرقص.
يتناول الكتاب عددا من الموضوعات منها (المواطنة والهوية، النضال والإبداع) ويتوقف عند عدد من المفاهيم منها مفهوم المواطنة فيقول "تعد المواطنة من أكثر المفردات تداولا فى النصف قرن الأخير، وقد بدأ استخدامها الواضح والصريح فى مصر مع تكرار أحداث التوتر الدينى التى بدأت بوضوح فى نهاية سنة 1970 من القرن الماضي، فبدأ الالتفات إلى المواطنة كقيمة مرجعية حاكمة للعلاقة بين المصريين من المسيحيين والمسلمين من جهة ومن جهة أخرى الوضعية الدستورية والقانونية للمصريين عموما والمسيحيين خصوصا.
ونظرا إلى بداية الالتفات إلى المواطنة قد تزامنت مع إشكالية العلاقات بين المصريين المختلفين دينيا، فإن الكثيرين ظلوا لفترة غير قصيرة يربطون ربطا حصريا بين المواطنة والمسألة الدينية.
ومع مرور الوقت، تبين، بفضل عدد من المجتهدين لمادة المواطنة تاريخيا وديناميكيا سواء فى مصر أو العالم، أن هناك أبعادا للمواطنة متعددة ومتشعبة، تتعلق – بالأساس – بحركة الأفراد على أرض الواقع، فى المساحات: الاقتصادية/ الاجتماعية، والمدنية/ السياسية، والثقافة. ومن خلال هذه الحركة – أقصد حرة أفراد المجتمع فى المساحات النوعية المختلفة – تبلورت العناصر المختلفة التى باتت تشكل فى مجموعها معنى وقيمة المواطنة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع