مريم نجيب تكتب: الاخوان وقرار القدس الذي اهان امريكا وعزلها عالميا !!

مريم نجيب تكتب: الاخوان وقرار القدس الذي اهان امريكا وعزلها عالميا !!
مريم نجيب تكتب: الاخوان وقرار القدس الذي اهان امريكا وعزلها عالميا !!

تصورت جماعة الإخوان أن القرار الأمريكى، الأحادى الجانب الذى رفضه العالم أجمع، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يمكن أن يشكل لها مخرجاً مهماً من أزمتها الراهنة، يساعدها على خداع الرأى العام العربى والإسلامى، ويعطيها شهادة ميلاد جديدة بأن تجول وتصول مرة أخرى باسم القضية الفلسطينية، تدعو إلى ضرب المصالح الأمريكية وإحراق السفارات الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة، وتنشر الفوضى من جديد فى العواصم العربية، لعلها تتمكن فى غمار هذه الفوضى من أن تسيطر على الشارعين العربى والإسلامى، أو النفاذ إلى الحكم فى أى بلد عربى. عينها الدائمة على مصر رغم أن المصريين جربوا حكم الجماعة لمدة عام، واكتشفوا أبعاد وجهها القبيح، عندما تسيطر على مفاصل الدولة وتعمل على إقصاء الجميع بقسوة بالغة كى تنفرد بالسلطة، وتشن الحرب على القضاء، ابتداء من المحاكم الابتدائية، التى تم إغلاقها بالجنازير، إلى المحكمة الدستورية العليا، التى تم حصارها، وتحرق جميع أقسام الشرطة وتنهب محتوياتها كى يسيطر الهلع على الناس ويغيب الأمن وتشن حربها على القوات المسلحة، تستعين على ذلك بجماعات الإرهاب القاعدة أو داعش لا فرق . والواضح للجميع أن جماعة الإخوان لم تتعلم شيئاً من أزمتها الراهنة عندما دعت بالفعل، عقب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلى إشعال الحرائق فى كل مكان، وتدمير المصالح المصرية والأجنبية وتمزيق القوات المسلحة، واعتبارها العدو الأول الذى يتحتم تشويهه والتشهير به وكيل الاتهامات الجزافية له، رغم الإنجازات الضخمة التى يحققها الجيش لمصلحة شعبه فى مجالات التنمية المختلفة، فضلاً عن معركته الكبرى ضد جماعات الإرهاب وأولها جماعة الإخوان، هدفها من ذلك إضعاف الدولة المصرية وإضعاف الروح المعنوية لقواتها المسلحة، وتفكيك الجبهة الداخلية وإحباط المصريين فى فترة يحتاج فيها المصريون إلى تعزيز وحدتهم وتحقيق المزيد من التضامن العربى، وشد أزر القوات المسلحة كى تنهض بمهامها . ولأن العالم بكامله يتضامن مع العرب فى رفضهم القرار الأمريكى الذى يعارض الشرعية والقانون الدولى ومقررات مجلس الأمن والجمعية العامة، فإن المعركة فى الأغلب سياسية تتطلب حشد كل الجهود الدولية لمنع أي دولة من إصدار قرار يماثل القرار الأمريكى وإدانة القرار الأمريكى، أمام مجلس الأمن ودمغه بالعدوان على حقوق الشعب الفلسطينى واستباق التفاوض المباشر بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى باعتبار القدس من قضايا الحل النهائى، التى لا يجوز فيها إصدار قرار أحادى الجانب يفرض واقعاً جديداً على الأرض، ولأن العالم بكامله يدين قرار الرئيس ترامب ويرفضه تصبح المهمة الأولى لمصر والعرب الحفاظ على هذا التأييد العالمى، الشامل، وهزيمة القرار الأمريكى داخل مجلس الأمن، وإثبات أنه قرار منعدم، لا ينتج أثرا،ً وليس كما تطالب جماعة الإخوان بنشر العنف وإعادة الروح إلى جماعات الإرهاب، بعد أن كادت تلفظ أنفاسها، ومن ثم فإن كل الدعاوى تهدف إلى إحياء العنف والإرهاب تحت شعارات المقاومة، وهى دعاوى خبيثة تهدف إلى خفض هذا التأييد الواسع الذى يحظى به العرب فى قضية القدس، الذى يكاد يشمل العالم أجمع . ثم ما الذى تريده جماعة الإخوان من نشر دعاوى الفتنة والعنف وإحراق المصالح العربية والأجنبية أكثر من تخريب البلاد وتجريدها من كل صديق، وتجريف مواقفها من كل عناصر القوة، وأظن أن أقصر الطرق لتحقيق هذه الأهداف هو الدعوة للعنف والكراهية بدلاً من اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتقويض أى شرعية للقرار الأمريكى وحصاره بحيث يظل معزولاً فى إسرائيل والولايات المتحدة إلى أن يتم إلغاؤه أو تعديله .

ولا أعرف إن كانت جماعة الإخوان، التى اتخذت قضية فلسطين والقدس منذ بداية تاريخها السياسى وعبر 80 عاماً من العمل السرى، ذريعة للحكم والوصول إلى السلطة، تدعو للقتل والعنف والاغتيالات دون أن تحرر بوصة واحدة من أرض فلسطين التى جعلتها ذريعة وساحة لتدريب عناصرها .

   بكل اسف تتصور جماعة الإخوان أنها يمكن أن تعاود أسطوانتها الفاشلة  مرة أخرى، بعد أن عرفها المصريون، وتأكدوا من أن هدفها الوحيد هو الوصول إلى السلطة، وأن فلسطين لم تكن بالنسبة لها أكثر من ساحة تدريب على أعمال القتال أو العنف، وبرغم أن الجماعة عاودت التجربة نفسها فى أفغانستان فلم ينجح الأفغان العرب فى الوصول إلى السلطة وأخفقت الجماعة الإسلامية، التى هى فى الأصل أحد أجنحة جماعة الإخوان فى تحقيق أى من أهدافها، تتصور جماعة الإخوان أن الفرصة ربما تكون سانحة للمرة الثالثة بعد قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية، لكنه عشم إبليس فى الجنة، لأن المصريين أدركوا أبعاد اللعبة، وكشفوا تاريخ تآمر جماعة الإخوان مع إدارة أوباما فى أحداث ثورة يناير، وظهر للعالم أجمع حجم المؤامرة فإن الهدف الوحيد لجماعة الإخوان هو الوصول إلى السلطة .

 أن الحساب الدقيق لنتائج قرار الرئيس الأمريكي ترامب نقل السفارة_

 الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإضافة شرط تعسفي إلى حل الدولتين يعطي لإسرائيل حق الرفض أو القبول لهذه التسوية يؤكد أن العالم بأكمله يرفض قرار الرئيس الأمريكي الأحادي الجانب الذي يخالف كل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وقواعد القانون الدولي، ويشكل انحيازاً سافراً لإسرائيل يسقط دور الولايات المتحدة كوسيط في عملية سلام الشرق الأوسط، وأغلب الظن أن القرار سوف يظل معزولاً لا يسانده أي من دول العالم، والواضح أنه ما من دولة أوروبية سوف تحذو حذو الولايات المتحدة باستثناء دولة التشيك التي تدرس إمكانية نقل سفارتها إلى القدس، بما يؤكد أن القرار الأمريكي سوف يبقى قراراً منعدماً لا ينتج أي أثر يذكر، وأن ترامب قد أضر بمكانة الولايات المتحدة بقراره غير المشروع الذي يرفضه العالم أجمع، ويمتنع عن تنفيذه بصورة واضحة ومعلنة، أكدت وجود شرخ عميق في العلاقات الأوروبية الأمريكية يصعب اندماله في المستقبل القريب.

وكما لقى قرار ترامب معارضة كاملة وصريحة في الاتحاد الأوروبي لقى القرار هزيمة مرة في مجلس الأمن، حيث أدان القرار 14 من 15 عضواً في مجلس الأمن رغم محاولات نيكي هايلي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة تبرير قرار الرئيس ترامب بأنه مجرد اعتراف بالأمر الواقع، وأن الولايات المتحدة لم تنتصر لطرف على حساب طرف آخر في قضية ترسيم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، وأن حجم ونطاق القدس يتحدد في مفاوضات الحل النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بينما يتحفظ سفير بريطانيا في الأمم المتحدة على قرار ترامب مؤكداً أن بلاده تتعامل مع القدس الشرقية على أنها جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن القرار الأمريكي لا يساعد على إحلال السلام في الشرق الأوسط، وأنه لا نية بالمرة لأن تنقل بريطانيا سفارتها من تل أبيب إلى القدس، بينما أكد رياض منصور المراقب الفلسطيني في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة فقدت بهذا القرار قدرتها على أن تكون وسيطاً نزيهاً في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، لأن حل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون ممكناً بدون حل مشكلة القدس ولأنه لا دولة فلسطينية دون أن تكون القدس، الشرقية عاصمة لهذه الدولة. وليس هناك أدل على هزيمة الرئيس الأمريكي من أن يجمع مجلس الأمن، بإستثناء عضو واحد هو الولايات المتحدة على إدانة القرار الأمريكي وتوافق الجميع على عدم تنفيذه احتراماً للشرعية والقانون الدولي لأن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل كان يتطلب بالضرورة اعترافاً بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية في نفس التوقيت. وكما لحقت الهزيمة القاسية بترامب في اجتماع مجلس الأمن واجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الذي عقد في بروكسل وحضره بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل، لحقت الهزيمة بالرئيس الأمريكي داخل اجتماع القمة الإسلامية الإستنثنائية التي عقدت في إسطنبول التي حضرها ممثلو 48 دولة إسلامية بينهم 16 ملكاً ورئيساً، أصدرت إعلاناً يؤكد في أول بنوده ضرورة اعتراف العالم بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ورفض قرار ترامب المنفرد لأنه قرار لاغ وباطل يقوض جهود السلام ويصب في مصلحة التطرف والإرهاب ويهدد الأمن والسلم الدوليين ويشجع سلطة الاحتلال على مواصلة سياسة الاستعمار والاستيطان والتفريق العنصري. ومن وجهة نظر الرأي العام العالمي يشكل القرار سقوطاً مدوياً للرئيس الأمريكي وهو من وجهة نظر الجارديان قرار أخرق جعل التوصل لحل الصراع العربي الإسرائيلي أكثر صعوبة، ويشكل يوماً حزيناً بالنسبة للقانون الدولي وللفلسطينيين، ولكل مهتم بالتوصل إلى حل سلمي في الشرق الأوسط، وبالنسبة للفاينانشيال تايمز قرار خطير جعل الجميع ضد الرئيس ترامب، بما في ذلك حلفاؤه المقربون ووفر بيئة خصبة للمتشددين والمتطرفين، وقلل من شأن الولايات المتحدة، وجعلها غير مؤهلة لوساطة نزيهة بين إسرائيل والفلسطينيين ! وبرغم أن ردود الفعل الغاضبة شملت كل المدن الفلسطينية، وغطت التظاهرات كل الشوارع في الضفة وغزة والقدس، وسقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى رغم التزامها الحد الأدنى من العنف، إلا أن حساب الخسارة يؤكد أن أول خاسري المعركة هو الرئيس الأمريكي ترامب الذي أهان الدولة الأمريكية في عزلتها المزرية الراهنة، وجعل قراراتها موضع سخط العالم وازدرائه، والخاسر الثاني هو الشعب الإسرائيلي الذي أسلم قيادته لبنيامين نيتانياهو دون أن يفطن إلى خطورة شراهته في سرقة حقوق الآخرين، لكن أكبر الفائزين هو الشعب الفلسطيني الذي استطاع رغم هبوط درجة العنف أن يحفظ للقضية الفلسطينية وهجها وقدرتها على إقناع دول العالم، وأظن أن بين الكاسبين الكبار الأزهر الشريف الذي أصبح منارة للحرية والإباء ومرجعية رشيدة لوسطية الإسلام وشجاعته بهذا الأداء المتميز، وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي رفض الامتثال لضغوط الإسرائيليين، وخلق لنفسه موقفاً مستقلاً عن الولايات المتحدة.