إدوارد فيلبس جرجس يكتب : مقدمة كتابي " خواطر عن الكلمة "

 
 
 قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت أنا أشك؛ إذاً أنا أفكر؛ إذاً أنا موجود. بالتأكيد لا توجد أي فرصة لأي شك حتى في حرف واحد في خواطري عن الكلمة؛ لكن أقول: أنا أفكر؛ أنا أكتب؛ إذاً أنا موجود.  كل من يمسك بالقلم في أي مجال من الكتابة العقلية البناءة يشعر معنويا وفكريا وحياتيا بوجوديته من خلال القلم وبدونه يتملكه إحساس طفل ضاع من يد أمه في زحام السوق. كتبت الكثير من الروايات والقصص القصيرة والمقالات والأعمدة ؛ لكن كنت دائما أشعر بأن شيءً ما ينقصني ؛ شيء تحكمه الحقيقة والتأمل والخيال معا ؛ حقيقة الوجود وبصيرة التأمل والخيال نحو أحداث حدثت وبُنيت عليها عقيدتي التي أؤمن بها لأشعر كأنني أعيش هذه الأحداث الآن ؛ دائما كانت تراودني فكرة الكتابة عن الكون والخالق وهو الله بالتأكيد؛ لكنني أستخدم تعبير " الخالق " لإحساسي بأنها كلمة ضخمة وعظيمة عظمة من صنع أعمدة السماء التي لا نراها والمخفية عن أعيننا البشرية وأساسات الأرض التي لم يصل أحد لغورها؛ عظمة خلق السماء بكل أنوارها وعظمة خلق الأرض بكل مياهها ومخلوقاتها وعظمة خلق الأنسان بكل عضو من أعضائه وكل عضو فيه يثير الدهشة حتى الأظافر التي نقلمها بين وقت وآخر ؛ عظمة محبته للإنسان فخلقه ووضعه في الجنة التي أعدها له مسبقا ؛ من المؤكد أن الخالق أعظم وأعظم بكثير من كلمات قلمي الضعيفة ولا يرتقى أي فكر مهما بلغ إلى مدى هذه العظمة لأنها خارج حدود القياس بكل وسائله. قررت أن أحول اتجاه القلم؛ حتى ولو لمرة واحدة لفكرة ألحت وغزت عقلي رأيت فيها الأجمل والأقرب بالنسبة لي؛ كلمات غير عادية ؛ تحمل عظمة غير محدودة ولا يحدها شيء ؛ نرددها دائما  وقبل أي صلاة وفي أوقات كثيرة نحتاج لأن نقولها بعمق الإيمان والاقتناع ؛ قصدت أن أضيف إلى جانب الإيمان كلمة الاقتناع بكل قوتها ؛ فالاقتناع بالعقائديات يكون إما بالسالب أو بالموجب ؛ أن أقتنع تماما أو لا أقتنع تماما ؛ فما بالك لو كان ما أتحدث عنه هو تحديد المصير بالنسبة لآخرة الإنسان ؛ جميعنا أو معظمنا مؤمن بالوراثة أي بالموروث الإيماني ؛ ومن أين جاء هذا الموروث ؛ جاء من الأباء والأجداد وأجداد الأجداد ؛ آمنوا فطوبى لهم ؛ لكن أنا في عصر غير عصرهم ووقت غير وقتهم وفكر غير فكرهم ومجتمع غير مجتمعهم وأقصد به المجتمع العالمي ؛ فإن آمنت فقط بالموروث الديني فليس هناك طوبى لي ؛ وسيسألني الله يوم القيامة لماذا تعلمت؟! ؛ لماذا لم تقرأ في الإنجيل المقدس وتفهم وتقتنع وعقب كل قراءة تقول آمنت بالموروث وبقناعتي بما قرأته وفكرت فيه ووجدت الحقيقة والصواب يحيطانه من كل جهة وجانب ولا منفذ يمكن أن يتسرب منه أي شك ؛ أكررها ثانية " أضفت كلمة الاقتناع جانب الإيمان بالموروث ليكون لي طوبى الإيمان وطوبى الاقتناع " وما نرجوه منهما سواء في حياتنا في الدنيا أو رجاء الآخرة . فكري واقتناعي كله سيكون حول " بسم الآب والأبن والروح القدس إلاه واحد.. آمين "؛ وبين قوسين " خواطري عن الكلمة " أعتقد أنني لن أكون مخطئاً لو قلت إن هذا هو إنجيلنا كله وإيماننا كله واقتناعي كله؛ بالتأكيد لن أكون أخطأت بوضعي كلمة اقتناعي بصيغة المفرد فالموضوع يخصني وحدي وهو معطياتي يوم الحساب لأنني لا أستطيع أن أؤمن واقتنع لأحد بالنيابة عنه أو يؤمن ويقتنع أحد بالنيابة عني. إيماني واقتناعي بالثالوث المجمل بالله واحد آمين؛  كلمات كل كلمة فيها بمفردها لها معنى وقوة وكلها معا يجمعها ارتباط أزلي واحد هو " الله " ؛ ارتباط أزلي لا نعلم مداه أو حدوده فالمدى غير محدود والحدود غير محدودة ؛ بالنسبة لحدودنا نحن البشر أقول بدأ بخلق السماء بأنوارها والأرض وما فيها وما عليها وخلق أول إنسان وخطيئته التي أفقدته ونسله الأبدية وصولا إلى الأبن الكلمة الذي أرسله الآب متجسدا بالروح القدس ليكتب للبشرية الفداء وامتدادا حتى النهاية أو اليوم الأخير وأبدية بلا نهاية ؛أبدية سيقرر استحقاقنا لها من عدمه الأبن الكلمة في مجيئه الثاني ؛ نعم أبدية لا نعلم مداها أو حدودها لأنها خارج حدود العقل البشري وكلها تخضع لرجاء لا يخيب أبدا في محبة الله . نعم قررت أن أدون خواطري عن الكلمة أي الأبن أو الأقنوم الثاني في الثلاثية المشمولة بواحد بفكر واقتناع مبني على أساس عقيدتي التي أؤمن بها دون تعرض لأي عقيدة أخرى لأنه أيضا من مبادئي احترام عقائد ومذاهب الآخرين كجزءً من عقيدتي لإيماني التام أن جميع البشر خلقهم الله وتحت يد الله وهو المتصرف الوحيد في كل ما يدينون به أو يؤمنون به وليس لأي إنسان سلطان أو توجيه لأي إنسان آخر فيما يؤمن به أو يدين به وقولي أي إنسان بالتأكيد ليس المقصود به توجيهات رجال الدين وهذا هو عملهم الذي يؤدونه باقتناع تام للإرشاد وتقريب المفاهيم الدينية وليس كحكم وظيفي ؛ هم الذين اختاروا طريقهم بأنفسهم ؛ وهو في الحقيقة طريق متعب وعليهم أن يتحملوه لأنه اختيارهم ؛ أقول أنه ليس لأي إنسان سلطان على آخر في فكره أو معتقده الديني وأتمنى بأن يكون هذا هو  فكر الجميع وما يجب أن يكون عليه الإنسان في هذا المجتمع المترامي الأطراف شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ؛ المجتمع العالمي كله ؛ فكر الإنسان وارتباطه بالله وارتباطه بالإنسانية التي تفرض على أي إنسان أن يؤمن بعقيدته ويحترم عقائد الآخرين سواء كانت عقائد من السماء أو حتى فلسفات مختلفة ؛ فكر مبني على وصية السيد المسيح  " حب قريبك كنفسك " ؛  وفهمنا من تفسيره لهذه الوصية بأن القريب هو كل إنسان معي على الأرض وفي المجتمع بصرف النظر عن هويته الدينية أو انعدامها أو لونه أو جنسه أو غناه أو فقره أو مركزه الاجتماعي " انسان وفقط " ؛ لأن الله أحب الجميع ؛ ويمطر على الجميع ويشرق شمسه على الجميع ويرزق الجميع ؛ وهو الذي سيحاسب الجميع في النهاية ؛ وأعتقد أن أول ما سيُحاسبنا عليه ؛ هو إنسانيتنا بالنسبة لبعضنا ؛ وما همست به هذه الإنسانية في أذاننا؛ هل أنت أخي وأنا أخيك ؛ أم أنا أبغضك لأنك لست من جنسي أو لوني أو عقيدتي ؛ بالذات العقيدة التي يرى البعض في اختلافها مركزا لتجمع الكراهية والبغض والتمييز وأحاديث لا تنتهي عن الآخرة بشقيها ؛ الجنة لمن وجهنم لمن !!! ؛ فكر أجد فيه أنه خارج عن نطاق هذه العضو الذي  وضعه الله داخل رؤوسنا لينطلق منه الفكر ؛ فهل من المعقول أن يتحول الفكر إلى  أفكار غريبة لا نجني من وراءها سوى رؤية ضبابية قاتمة لأي إنسان يخالفنا في العقيدة ؛ لا أعتقد أن الله كان يقصد هذا ؛ لا أعتقد أن الله يريدنا أن نسلب منه حق إلهي في تقييم الإنسان سواء كان يدين بعقيدة أو لا يدين أو ماذا يعبد أو لا يعبد ؛ لأن الله منحنا منذ البداية حرية الاختيار ؛ منحها لأول الخليقة آدم وترك أمامه الباب مفتوحا على مصراعيه بأن يخالف الوصية أو لا يخالفها ؛ ترك الباب مفتوحا أمام قايين وهابيل فيما يقدمونه من تقدمة تُقبل أو لا تُقبل ؛ لم يمنع قايين من قتل هابيل غيرة وحسدا لكن عاقبه أشد العقاب على جريمته ؛ ترك الباب مفتوحا أمام الجميع حتى الطوفان ؛ لكن الجميع عدا نوح وأولاده اختاروا الطريق المظلم ؛ ترك لهم الباب مفتوحا على مصراعيه لا يحكمه سوى ضمائرهم الذاتية ؛ لكنهم اختاروا موت ضمائرهم فأنزل عليهم عقوبة الغرق بالطوفان ؛ أود أن أقول في هذا السياق ؛ لا أظن أن " نوح " كان بارا بدرجة 100% ؛ لكن الله برحمته رأى أنه حتى لو كان باراً بنسبة 50% يعطيه فرصة عظيمة للحياة هو وعائلته والتناسل إلى شعوب وأمم ؛ لكن بالتأكيد لا يجب أن نغفل أن أصل الخليقة هما آدم وحواء وإننا نحمل نفس جيناتهم وإن خفيت عن أعين العلماء. هكذا أراد الله أن يكون مع الجميع؛ يعلم أنه لا بشر بلا خطيئة؛ ولذا يستخدم ميزان رحمته مع عدله وهو لا يختل أبدا؛ لكن أعتقد أنه لن يتسامح في خيار الإنسانية لأنه وأعتقد إلى حد كبير أنها الوحيدة التي لم يضعها موضع الخيار؛ لأن الإنسانية لا تقبل نسبة مئوية؛ أما أن تكون 100% أو لا تكون !!؛ وستكون أول سؤال في الآخرة أو سؤال نجاح ورسوب كما نسميه في حياتنا الأرضية؛ هل كنت أم لم تكن؛ هل كنت إنسانا مع الإنسان؛ أم كنت " لا ". كم أتمنى أن تكون علامة الجميع في الإنسانية في الدنيا هي 100%؛ حتى نُعطي لباب الرأفة والرحمة أن يُفتح على مصراعيه. سأكتب كلماتي أو بمعنى أدق خواطري عن " الكلمة "الذي أؤمن به وكأنني أكتبها لنفسي فقط؛ يقرأها من يحب أن يقرأها ويؤمن بها أو لا يؤمن كمبدأ أحترمه وأؤمن به تماما أن العقل والفكر لا وصي عليهما في الأمور العقائدية. كلماتي أو خواطري لن يحكمها سوى فكري الخاص والمرجع الذي لا مرجع سواه فيما يتعلق بالعقيدة التي أؤمن بها وهو الإنجيل المقدس. في الحقيقة أنا رفضت فكرة أن يراجع هذا الكتاب أي أحد مع احترامي لجميع من يقتربون من تفسيرات العقائد من قريب أو بعيد ؛ لأن كتابي هذا ليس تفسيرا أو شرحا ؛ لكنه مجرد خواطر وتعليقات على أساسيات مصدرها الإنجيل المقدس والإيمان به ؛ وأقول حتى لو رأى البعض أنني أخطأت في كلمة أو جملة أو معنى ؛ قد يكون خطأ ًمن وجهة نظره ؛ لكني احترمه مثلما احترم كل كلمة كتبتها ؛ لأنه نابع من فكري وما أؤمن به ؛ هذا الفكر لا يوجد أحد قيما عليه ؛ وإلا أصبح مهزأة وليس فكرا ؛ أما هؤلاء الذين كرسوا حياتهم للتربص وليس لهم عمل في الحياة سوى التربص بأي كلمة ليحولوها إلى خطأ وأخطاء فلا مكان لهم فيما أفكر؛ لي رصيد كبير من الروايات والقصص القصيرة والمقالات والأعمدة تقول أن كل كلماتي تبحث دائما عن إنسانية الإنسان وفيها العقائد تتعانق تحت سماء واحدة ربها هو المسئول عن الجميع ولسنا نحن سوى بشر ؛ لأننا جميعا منذ بدء البشرية وحتى النهاية نوزن في الأرض على ميزان واحد كحفنة تراب ؛ لكن أمام الله فلنا جميعا ميزان آخر هو المسئول عنه .  سأحاول أن تكون كلماتي بسيطة لأقصى درجة لأنها موجهة نحو هدف واضح لا يحتاج إلى الالتفاف بالكلمات كنوع من الفلسفة في أمور قوتها تكمن في بساطة الإيمان بها فيتحول هذا الإيمان إلى قوة راسخة في العقل لا تزحزحها أعتى الحروب الشيطانية؛ وبساطتها أيضا تعطى فرصة للاستيعاب، حتى لو قرأها أي إنسان بسيط التعليم يفهمها كما هي لأنه في الحقيقة العقيدة لا تحتاج إلى فلسفة الفلاسفة ولا تعقيدات تقود إلى الغموض والالتباس في الفهم؛ لأن الله دائما واضح كل الوضوح فيما يعلنه لخليقته. قصدت أن أرفق أجزاءً كاملة " إصحاحات كاملة " من الكتاب المقدس لأني كما قلت هو المرجع المضبوط من أول كلمة لآخر كلمة وهو المصحح الوحيد لأي خاطرة أكتبها وحتى تكون كلماتي البسيطة مدعومة بالمرجع الذي لم ولن يتغير أبدا وحتى تكون الفكرة أو الخواطر تسير مع الحقيقة؛ وأيضا على اعتبار وأقولها لا كإدانة لكن مجرد افتراض أن البعض لم يقترب من الكتاب المقدس وبالصدفة أمسك بهذه الخواطر وإذا فهمت على أنها إدانة يجب أن أكون أنا أول من أدان. أيضا لكي تكون مصدراً للتصحيح لو أحس أي قارئ أن في هذه الخواطر بعض الخطأ فتكون بين يديه المستندات الكافية من داخل الكتاب المقدس؛ سأسير سريعا مع العهد القديم؛ مجرد مقتطفات وتعليقات لأصل في النهاية إلى ما قصدته من البداية. في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله؛ وهذا كله رأيناه وتعلمناه وحفظناه من وفي كل نعمة نطق بها السيد المسيح وكل عمل له يشهد شهادة حقيقية ثابتة كالبيت الذي بني على الصخر بأن الكلمة مع الروح القدس يرقدان في حضن الله الواحد.                                                                                    
 ملحوظة: قصدت أن يكون التكرار كثيرا في الخواطر أو آيات ونصوص الإنجيل المقدس؛ هي تفرض نفسها في سياق الحديث أو المفهوم حتى مع اختلاف العناوين لأن المصدر واحد والموضوع كله منذ بدايته وحتى نهايته يدور في جوهر واحد هو لب إيماننا؛ فالذهب في قلب الصخور هو ذهب وعندما يُستخلص منها هو ذهب أيضا؛ فإن وجدتم كلماتي المتكررة صخورا؛ خذوا الذهب منها؛ أما الصخور فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجمني بها. أقولها من باب الدعابة لأني لست أحب أن أكون متجهم الوجه نافر عروق الجبهة وأنا أكتب خواطري عن بساطة الإيمان بالكلمة.