كانت من عادات الفنان عبد الحليم حافظ الخروج بالليل والتنزه بسيارته وفى إحدى الليالى قاد سيارته وبجواره أحد أصدقاؤه وفجأة أوقفه عسكري المرور فى الإشارة وطلب الرخصة فاندهش صديق عبد الحليم من عسكري المرور وقال له : ألا تعرف عبد الحليم ؟! ولكن عسكري المرور لم يصدق أن الرجل الذى أمامه هو الفنان عبد الحليم حافظ لأنه كان يرتدي الجلباب والطاقية والنظارة فلم تعرفه فطلب صديق عبد الحليم الجالس بجواره أن يغني عبد الحليم ليتعرف عليه عسكري المرور وبالفعل غنى عبد الحليم حافظ أغنية ياسيدى أمرك كلمات الشاعر فتحي قورة ولحن الموسيقار محمود الشريف والتي غناها عبد الحليم حافظ عام 1955 في فيلم ليالي الحب إخراج حلمي رفلة وبطولة عبد الحليم حافظ وآمال فريد وعبد السلام النابلسي ووداد حمدي وسراج منير وصلاح نظمي.
فوجىء عبد الحليم حافظ بتجمع السيارات من حوله ليستمع أصحابها إلى غنائه وهنا تأكد عسكري المرور من هوية الفنان عبد الحليم حافظ فاعتذر بشدة وخشى من زعل عبد الحليم ولكن عبد الحليم طمأنه مؤكدا أنه لم يحدث شىء
طلب عسكري المرور خدمة من عبد الحليم حيث قال له : أنا عملي بعيد عن بيتى ونفسى يبقى قريب من البيت فسأله عبد ال حليم عن عنوانه والقسم الذى يريد أن ينتقل إليه ؟ وانصرف عبد الحليم وعاد إلى شقته
قام عبد الحليم حافظ بالاتصال بوزير الداخلية وفى نفس الأسبوع تم نقل عباس عسكري المرور وتكررت مقابلة الفنان عبد الحليم حافظ لعم عباس فى الإشارة وكانوا يتبادلون كلمات مرحة مليئة بالود وفى يوم عزم عم عباس الفنان عبد الحليم على فرح بنته وفرح عبد الحليم للخبر ولمعرفته باسم العروسة وقاله اسمها عزيز عليه لأنه على اسم اختى ووعده بالحضور
عندما جاء يوم فرح ابنة عمي عباس استقل عبد الحليم حافظ سيارته ومر على جواهرجى واشترى منه طقم دهب كامل ثم ذهب للفرح وما أن وصل للبيت قوبل بحفاوة كبيرة ووجد فرقة فقال لهم عبد الحليم : حافظين لى حاجة يااساتذة ؟ فقالوا : أول مرة تحب ياقلبى وبالفعل غناها عبد الحليم حافظ مع أغنيات أخرى وقدم هديته للعروسة ثم جلس بجوار عم عباس يتجاذبان أطراف حديث ضاحك
يوم 30 مارس عام 1977 توفى الفنان عبد الحليم حافظ وكان عباس عسكري المرور فى العمل وعندما عاد إلى بيته بعد العمل وجد جاره يبكى بشده فقال له مالك يابنى ليه بتبكى ؟ قال : ياعم عباس أنت معرفتش أن عبد الحليم حافظ تعيش أنت؟
بكى عباس بشدة وانعزل عن العالم من حبه الشديد للفنان عبد الحليم حافظ وضعفت قواه العقلية وتم فصله من عمله وظل بجوار قبر الفنان عبد الحليم حافظ يعتنى بالزهور التى فوق القبر وحوله ويقرأ القرآن ويدعى لعبد الحليم بالرحمة والمغفرة ورفض كل المحاولات لإرجاعه إلى البيت وكان يقول : معقولة أسيب الاستاذ وامشي ؟ وظل هكذا لمدة 3 سنوات حتى وافته المنية وتم دفنه فى القبر المواجه لقبر الفنان عبد الحليم كما رغب ووصى حتى لا يفترق عن الاستاذ فى الدنيا أو الآخرة.

