تحت عنوان "نتنياهو يقلب موازين التعليم ضد مصر: حرب أكتوبر اندلعت بسبب عدوانية المصريين وليس سيناء".. أصدرت وزارة تربية وتعليم المحتل الاسرائيلي تعليمات جديدة تنص على تحميل مصر المسؤولية الكاملة عن اندلاع حرب أكتوبر 1973، متجاهلة دور الاحتلال الإسرائيلي لسيناء السبب رئيسي للحرب.
وجاء في توجيهات د. أورنا كاتس أتار، المشرفة على دراسات التاريخ بالوزارة: "لن نقبل إجابات تزعم أن إسرائيل رفضت عرض السلام المصري". وتستند هذه التعديلات إلى كتاب المؤرخ يوآف جيلبر، الذي ادعى في كتابه "راحاف" الصادر عام 2021 أن مصر لم تصغِ لاقتراحات السلام، بينما تجاهل وثائق وأبحاثًا أخرى تثبت أن إسرائيل، بقيادة جولدا مائير، رفضت مبادرات السلام المصرية..وذكرت هآرتس أن هذه التغييرات تهدف إلى تعزيز صورة إسرائيل كـ"ضحية دائمة"، وتجاهل أي تحليل نقدي لأسباب الحرب.. مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار محاولات "نتنياهو وكيش" لتغيير الرواية التاريخية، ليس فقط لتشكيل المستقبل، بل أيضًا لإعادة كتابة الماضي.. وخلصت الصحيفة إلى أن هذه التعديلات تثير تساؤلات حول ما إذا كانت كل الحروب التي خاضتها إسرائيل "عادلة وضرورية"، وما إذا كانت الضحايا سقطوا دفاعًا عن الدولة أم من أجل الاحتفاظ بالأراضي المحتلة.. المصدر: هآرتس.
تأتي هذه الادعاءات.. وتلك الأكاذيب.. وهذا التزوير الفج في الوقت الذي تابعنا فيه جميعا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير أهلنا في غزة إلى: سيناء والأردن تحت مزاعم وأحلام لا تمت للواقع والتاريخ بأي صلة لا من بعيد أو قرب.....!!.. وهو الأمر الذي قوبل بالرفض البات من الفلسطينيين أنفسهم ومن المصريين: قيادة وشعبا وكل شرفاء: العرب العالم أجمع.
وحتى تتضح الصورة أكثر.. لابد من الرجوع إلى خطورة ما قاله "ترامب" على الأمن القومي المصري بحسب دراسة أكدها عالمنا الجليل د. جمال حمدن: «من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، من يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير، كان هناك دائما عدو يشكك بطريقة ما فى مصرية سيناء ويطمع فيها بصورة ما، بالضم، بالسلخ، بالعزل»، موضحا: «قد تكون سيناء غالبًا أو دائمًا أرض رعاة، ولكنها قط لم تكن أرضًا بلا صاحب منذ فجر التاريخ».
ثم ينتقل للحديث عن الأهمية الجغرافية والسواحل التى تتمتع بها سيناء فيقول «حمدان»: «بلغ مجموع سواحل سيناء 700 كم من 2400 كم هى مجموع سواحل مصر، فسيناء (61 ألف كم مربع) تشكل 6.1% من مساحة مصر، وتستأثر بنحو 29.1% من سواحل مصر، لهذا ينخفض معامل القارية فى سيناء كثيرًا إذا ما قورن بنظيره فى مصر ككل، ذلك إن سيناء تمتلك كيلومترًا ساحليّا لكل 87 كم2 من مساحتها، مقابل كيلومتر لكل 417 كم2 فى مصر عمومًا». وتنقسم سيناء جغرافياً إلى 3 أقاليم طبيعية من الشمال إلى الجنوب، وسهول واسعة تعرف بسهول العريش والهضبة الوسطى «هضبة التيه»، ثم الكتلة الجبلية المشهورة باسم «جبل الطور»، أما «جبل الطور» أو «إقليم الجبال» الذى يميز الكتلة الجبلية الحقيقية، حيث الصخور النارية البلورية الجرانيتية الصلدة، فهو يحتل الثلث الجنوبى الأقصى والأضيق من مثلث شبه جزيرة سيناء ما بين الخليجين، فهو محدود المساحة، وأقل من ثلث شبه الجزيرة لكنه متميز ومتبلور الشخصية جداً، حيث الجبال المدببة الشاهقة والكتل الجبلية الضخمة الحادة، باختصار إنه نواة سيناء الصلبة وقلعتها المعزولة.
وعن الثروات الطبيعية فى باطن أرض سيناء يكشف"حمدان": أوضح، بما لا يدع مجالا للشك، أننا عندما نقف على أرض سيناء فإننا نقف على أقدم منجم عرفه تاريخ الإنسانية كلها لا التاريخ المصرى القديم فحسب.. وطالب فى نهاية دراسته المتعمقة بأن تكون إعادة تعمير سيناء قطعة رائدة من التخطيط القومى والإقليمى، العمرانى والاستراتيجى، تضع التحدى الحضارى على مستوى التحدى العسكرى. ورسم ملامح حلم هذا التعمير بأن يكون الساحل الشمالى غنيًا بالزراعة، والغربى نشطًا فى مجال التعدين، والشرقى فى مجال الرعى، وأن تكون قناة السويس مزدوجة، ويتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تكون هناك سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية.
في هذا السياق جاء رد الرئيس عبد الفتاح السيسي: «من المهم أن يدرك الجميع أن منطقتنا تضم أمة بأكملها تتبنى موقفًا ثابتًا إزاء تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، أنا هنا في مكاني، ولو غادرته، ستبقى هذه الأمة متمسكة بموقفها الرافض لأي محاولة للمساس بالقضية الفلسطينية».. محذرا من التداعيات الأمنية لمثل هذا السيناريو: "نقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء يعني نقل فكرة المقاومة والقتال من القطاع إلى سيناء، ما قد يجعلها قاعدة لعمليات ضد إسرائيل، وبالتالي سيكون من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وتوجيه ضربات إلى الأراضي المصرية.. ومصر دولة كبيرة حرصت على السلام بإخلاص، لذا يجب ألا يتم تبديد هذا الاستثمار الكبير في السلام من أجل فكرة غير قابلة للتنفيذ".
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله على ضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية، ورفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مشددًا على ضرورة إقامة الفلسطينيين على أرضهم، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عقب اجتماع بين الملك عبد الله ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.. كما أصدرت المملكة العربية السعودية والأردن ومصر وحلفاء عرب آخرون بيانًا الأسبوع الماضي أكدوا فيه رغبتهم الراسخة في حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتعهدوا "بدعمهم الكامل المستمر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه".
وفي رسالة وجهها الأمير تركي الفيصل، سفير السعودية الأسبق لدى واشنطن ولندن، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد دعوته لتهجير الفلسطينيين من غزة: عزيزي الرئيس ترامب، إن الشعب الفلسطيني ليس مهاجرا غير شرعي ليتم ترحيله إلى أراض أخرى. فالأراضي هي أراضيهم والبيوت التي دمرتها إسرائيل هي بيوتهم، وسوف يعيدون بناءها كما فعلوا بعد الهجمات الإسرائيلية السابقة عليهم.
إن معظم سكان غزة لاجئون طردوا من منازلهم في ما يُعرف الآن بإسرائيل والضفة الغربية بسبب الهجوم الإسرائيلي الإبادي السابق عليهم في حربي 1948 و1967. وإذا كان من المقرر نقلهم من غزة، فيجب السماح لهم بالعودة إلى منازلهم وبساتين البرتقال والزيتون في حيفا ويافا وغيرها من المدن والقرى التي فروا منها أو طردوا منها بالقوة على يد الإسرائيليين، لقد سرقت عشرات الآلاف من المهاجرين الذين قدموا إلى فلسطين من أوروبا وأماكن أخرى بعد الحرب العالمية الثانية منازل الفلسطينيين وأراضيهم، وأرعبوا السكان، وانخرطوا في حملة تطهير عرقي. ولكن للأسف، وقفت أمريكا والمملكة المتحدة، المنتصرتان في الحرب، إلى جانب الإسرائيليين، بل وساعدتاهم في عمليات الإجلاء القاتلة للفلسطينيين من منازلهم وأراضيه، ولم ترغب أميركا والمملكة المتحدة في استقبال ضحايا محرقة أدولف هتلر، لذا فقد اكتفتا بإرسالهم إلى فلسطين.
واختتم كاتب المقال قائلا: السيد الرئيس، إن نيتكم المعلنة لإحلال السلام في فلسطين تحظى بإشادة كبيرة في منطقتنا من العالم. وأنا أقترح بكل احترام أن الطريقة لتحقيق ذلك هي إعطاء الفلسطينيين حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير ودولة عاصمتها القدس الشرقية، كما هو منصوص عليه في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و194 وقراري مجلس الأمن 242 و338 ومبادرة السلام العربية.. إن جميع الدول العربية والإسلامية، فضلا عن السلطة الفلسطينية، تقبل شروط مبادرة السلام العربية لإنهاء الأعمال العدائية وإقامة علاقات مع إسرائيل. مائة وتسع وأربعون دولة تعترف بالدولة الفلسطينية. أرجو أن تجعلوا بلدكم الدولة رقم 150. لن يتحقق السلام في الشرق الأوسط دون معالجة هذه القضية النبيلة بعدل ومساواة.
من جانبه، قال السناتور الديمقراطي الأمريكي كريس فان هولن: "اقتراح ترامب بطرد مليوني فلسطيني من غزة والاستيلاء على "الملكية" بالقوة، إذا لزم الأمر، هو ببساطة تطهير عرقي تحت مسمى آخر، إن هذا الإعلان من شأنه أن يعطي ذخيرة لإيران وغيرها من الخصوم في حين يقوض شركائنا العرب في المنطقة". مضيفا: "إنه يتحدى الدعم الأمريكي الحزبي على مدى عقود لحل الدولتين. .... يجب على الكونغرس أن يقف في وجه هذا المخطط الخطير والمتهور"، كما اعتبر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية: "غزة ملك للشعب الفلسطيني، وليس للولايات المتحدة، ودعوة الرئيس ترامب لطرد الفلسطينيين من أرضهم هي دعوة غير مقبولة على الإطلاق". وتابع المجلس: "إذا ما طُرد الشعب الفلسطيني قسرا من غزة، فإن هذه الجريمة ضد الإنسانية من شأنها أن تشعل صراعا واسع النطاق، وتدق المسمار الأخير في نعش القانون الدولي، وتدمر ما تبقى من صورة أمتنا ومكانتها الدولية".
من جهة أخرى، رفضت فرنسا تصريحات ترامب بشأن غزة قائلة إن ذلك انتهاك للقانون الدولي ويؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان في بيان "فرنسا تكرر معارضتها لأي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في غزة، والذي من شأنه أن يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وهجوما على التطلعات المشروعة للفلسطينيين، ويعد أيضا عقبة رئيسية أمام حل الدولتين وعاملا رئيسيا لزعزعة استقرار شريكينا المقربين، مصر والأردن، والمنطقة بأسرها أيضا"، وأضاف لوموان أن مستقبل غزة يجب ألا يكون في إطار سيطرة دولة ثالثة بل في إطار دولة فلسطينية مستقبلية.
وفي إسبانيا، رفض وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس الأربعاء اقتراح ترامب إعادة توطين سكان غزة في أماكن أخرى والسيطرة على القطاع لإنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط". وقال ألباريس للصحافيين "أريد أن أكون واضحا للغاية في هذا الشأن، غزة هي أرض الفلسطينيين سكان غزة ويجب أن يبقوا فيها". وأضاف "غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي تدعمها إسبانيا ويجب عليها التعايش بما يضمن ازدهار دولة إسرائيل وأمنها".
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين تعارض التهجير القسري لسكان القطاع. وقال متحدث باسم الوزارة في إفادة صحفية دورية إن بكين تأمل أن تعتبر كل الأطراف وقف إطلاق النار وإدارة القطاع بعد انتهاء الصراع فرصة لإعادة التسوية السياسية للقضية الفلسطينية لمسارها الصحيح استنادا إلى حل الدولتين.
في نفس السياق، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين الأربعاء إن روسيا تعتقد أن التسوية في الشرق الأوسط ممكنة فقط على أساس حل الدولتين. وأكد الكرملين: "سمعنا تصريح ترامب بشأن إعادة توطين سكان غزة وسمعنا تصريحات من المنطقة ترفض ذلك"، وشدد بيسكوف على موقف موسكو بأن السبيل الوحيد لحل الصراع في الشرق الأوسط هو إنشاء دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل. وقال للصحافيين: "هذه هي الفرضية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذي الصلة، وهذه هي الفرضية التي تتوافق عليها الغالبية العظمى من البلدان المعنية بهذه المشكلة. ننطلق منها ونؤيدها ونعتقد أن هذا هو الخيار الوحيد الممكن"، وفي أستراليا، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي: "موقف أستراليا صباح اليوم هو نفسه مثلما كان العام الماضي، تدعم الحكومة الأسترالية حل الدولتين".

