انتقلت من مدينة طنطا إلى مدينة أخرى؛ لذلك لم أعلم برحيل الأسطى حليم الحلاق، إلا بعد مرور سنة على وفاته!
ولا أنسى دعاءه المؤثر، الذي أهتم ببروزته ورفعه على الحائط؛ ليراه كل زبون، وهو: "راجي عفو الخلاق، الأسطى حليم عبد المسيح الحلاق"!
وكنت أحييه، كلما قابلته، بهذه التحية: "حالاقي مين غيرك يا مزيّن مجالسنا"!
أذكر انني ذهبت، يوماً، إلى محله، فلم أجد سوى مساعده، فانتظرته طويلاً، وكدت أهمّ بالانصراف، فإذا به يدخل المحل، ويقول لي معتذراً: "آسف لتأخري عليك. فقد جاء اقربائي لزيارتي في وقت غير مناسب، إذ كنت في البيت"!
ومازلت أضحك ـ رغم ألمي على فراقه ـ كلما تذكرت حكايته مع أحد الزبائن: فقد جاءه رجل مسنّ كثير التذمر، شديد الاهتمام بطريقة قصّ شعره ولا تعجبه قصة أي من الحلاقين. وهو ألحّ مرة عليه كي يفرق له شعره في الوسط، فقال له: "هذا مستحيل، لا أقدر على ذلك". فصاح به الزبون: "ولماذا لا تقدر؟". فأجابه: "لأن عدد شعرات رأسك مفرد، فلا يمكن فرقها بالتساوي"!
انني أشعر بالاسى على رحيله، وعلى رحيل أي حلاق آخر، فرحيل أحدهم، يعني: اختفاء أحد أنامل الجمال!