د. علي حرب : "كان مجال التعليم هو أول عمل مارسته في لبنان كشف امامي التشوهات التي أصابت اطهر واخطر رسالة تتولى صناعة الأجيال ومستقبل الوطن"
أجرته الاعلامية: هيام عبيد
من الحوار
:
- في كندا كانت فترة الخصب والغزارة في الكتابة والتأليف حيث تضاعفت زخم كتاباتي في مختلف حقول الثقافة.
-حاصل على الإجازة التعليمية وعلى دبلوم الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانيةوعلى شهادة التأهيل والدكتوراه من الجامعة الحرة في بروكسيل ـبلجيكا .
متقاعد مقيم في مقاطعة كيبيك الكندية ..
هو الذي تخطي العوائق في مجالات
العمل المختلفة
في التعليم والتربية
والصحافة والبحث
التاليف والفنون الادب ...
د.علي حرب مواطن كندي من أصل لبناني
حاورته هيام عبيد.
* الحديث عن البدايات
- في مقدّمة هذه البدايات، أوجه لك شكري لاستضافتك وتقديري لجهودك ودأبك على إنجاز هذه المقابلة.
أما في بداياتي فأقول: منذ تفتّح الوعي لديّ، كنت مسكونًا بهاجس الخدمة الاجتماعية، عن طريق التنوير. اطّلعت عميقًا على برامج ومناهج ومسيرة الأحزاب الوطنية وغير المحلية، وقرّرت بعد التمحيص فيها، أن انتمي إلى حزب الثقافة لتحقيق ما يجيش بداخلي من آمال ورؤى. أسّست عدة نواد ثقافية وفنية، انتسبت إلى الحركة الكشفية مبكّرًا، والتي اعتبرها أهمّ مدرسة شبابية تطبيقية للتربية والمعرفة وتنمية المهارات وترسيخ قيم الصدق والأخلاق والتعاون وتهذيب السلوك والتدريب على العمل التشاركي، وعلى فنون الالتزام والقيادة، كما التحقت بمؤسسة حقوق المرأة والطفل مع الاتحاد الأوروبي، التي منحتني بدورها مزايا البحث والتنقيب والنقد الموضوعي الهادف...
* قلمك والفكر والإنسان؟
- اعترف بأن ما أحاط بي من ظروف النشأة والتعليم والعمل، وإدماني على القراءة والمطالعة والبحث، ولهفتي على خوض التجارب المعرفية الثقافية المختلفة، هي التي شحذت فكري وأينعت بذور إدراكي وبرت قلمي وهيّأتني للانغماس في شؤون الفكر بعامة، وقضايا الإنسان كيفما كان وأينما وجد.
تحوّلت أقصى مُتَع الحياة عندي، إلى انتظار أوقات الغروب للجوء إلى حديقة مكتبتي، استنشق عطور أزاهيرها الفوّاحة من صفحات الكتب المتكاتفة والمتعانقة مع بعضها، على الرغم من تنوّعها واختلافاتها في الشكل والمضمون والمصادر.
هذه الرفقة الأمينة وفّرت لي أجمل السهرات، وأنا أعارك قلمي وأسكب حبر أفكاري وآرائي على بياض الورق.
وفي كل الساحات التي تركتُ توقيعاتي على أرصفتها، كان الهمّ الإنساني منقوشًا على وجوهها.
كان الإنسان، وأمنه وسلامه ورقيّه وخير الإنسانية، هو القطب الجاذب لعقرب بوصلتي، مهما كان ميدان عملي.
* أعمالك؟
- تعدّدت وتنوّعت مجالات الأعمال والمهام التي قمت بها، ويمكنني اختصارها بالحقول التالية: التربية والتعليم العام والجامعي، والإعلام بجوانبه المكتوبة والمرئية والمسموعة.
ويتراءى لي، فيما استعرض مسار عملي الطويل، والمحفوف بكل أشكال المعاناة، أنني كنت مرصودًا لخارج أرض وطني، من أجل أن أنجز ما يمور في داخلي واتشوق إليه. وربما كان ذلك، بدافع ذاتي لديّ يحضّني دومًا على الانعتاق من هذا النفق المظلم والمشحون بغرائز الطائفية والمذهبية والمحسوبية والفساد المستشري في كل جوانب الحياة، والذي كان يشكّل صدًّا مانعًا أمام أي حراك يهدف إلى خلق الوعي والتغيير لدى المواطنين.
* التعليم:
- كان مجال التعليم هو أول عمل مارسته في لبنان، كشف أمامي التشوّهات التي أصابت أطهر وأخطر رسالة تتولى صناعة الأجيال ومستقبل الوطن. حاولت عبثًا تمرير بعض مبادئ الإصلاح والتعديل، وكنت اصطدم دائمًا بجدار العقليات المتحجّرة والبيروقراطية المتحكّمة في النفوس والعقول، فقرّرت الخروج.
* أولى محطاتك في بلاد الاغتراب إلى أين اتجهت؟
- كانت دولة الكويت، هي أولى محطاتي الاغترابية، حيث تعاقدت مع مدرسة عربية خاصة، عريقة ومرموقة بسمعتها ومكانتها، هي "مدرسة الجميل"، وقمت بتدريس اللغة العربية لطلاب المرحلة الثانوية لمدة سنتين، ثم عُهد إليّ إدارة قسمي المتوسط والثانوي، التي توليّتها طوال ما يقرب من ربع قرن، تمكّنت عبرها، من تحقيق أفضل ما كنت أصبو إليه من نجاحات وتميّز على صعيد التفوّق المدرسي والتربوي.
* يبدو واضحًا أن عملك في الكويت لم يقتصر على المجال المدرسي التعليمي والإداري؟
- لم يقتصر عملي في الكويت على المجال المدرسي التعليمي والإداري، إنما سعيت حثيثًا، لمدّهِ بروافد أخرى، من منابع الثقافة، فانضممت إلى فريق عمل "مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية"، كاتبًا ومراقبًا للنصوص، ومساعدًا لمدير المشروع، حيث قدّمت هذه المؤسسة لأبناء وطننا الكبير، منذ ثمانينيات القرن الماضي، أفضل وأرقى البرامج التلفزيونية التي شكّلت نوعية فارقة في البرامج الهادفة، والتي توجّهت لتثقيف الناشئة وتوعية أبناء المجتمع .
* وماذا عن مؤسسة "هلا للإنتاج الفني"؟
- تعاونت طويلًا مع "مؤسسة هلا للإنتاج الفني" في هذا المجال، وكتبت لتلفزيون وإذاعة الكويت مجموعة كبيرة من البرامج والمسلسلات الدرامية الاجتماعية.
* عالم الصحافة...عالم الصور والخبر والبحث بالأعماق؟
- دخلت ميدان الصحافة، وترأست القسم الثقافي في مجلة "اليقظة" الكويتية الأسبوعية، التي كانت في ذلك الحين من أوسع المجلات السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية انتشارًا في جميع دول الخليج العربية. وعملت ما أمكنني لتخصيص مساحة دائمة للشأن الثقافي في المجال الإعلامي، لتأخذ الثقافة حصتها وحقّها إلى جانب الشؤون السياسية والاقتصادية والإخبارية، وسرعان ما تحوّل الباب الثقافي في المجلة إلى منتدى أسبوعي للحوار والنقاش، استقطب شريحة واسعة من المهتمين والقرّاء.
* في حياتك المهنية عدة محطات وكل محطة لها لون؟
- أما المحطة الاغترابية الثانية، فكانت هذه المرة في فريتاون عاصمة سيراليون الإفريقية، حيث كُلّفت بمهمة المستشار التربوي للمدرسة
الثقافي الأسترالي بعنوان: "وطن في الغربة - شؤون وإنجازات"، ودوّنت قراءات للكثير من الكتب، وقدّمت العديد من كتب الأدباء والمفكّرين ..
* ختام الحوار، ماذا يجد القارئ في ما تقدّمه؟ دروسًا وفلسفة في الثقافة؟
- أختم لقائي معكم فأقول: قد يجد القارئ في ما قدّمت ضالته لما ينشده ويبحث عنه، وقد يسمع منه الغافل ناقوس يقظته، وقد يستدلّ بأنواره من فقد سبيله، وقد يرى آخرون وجوههم في بعض مراياه...فإذا تحقّق ذلك فإنما يكون من فيض نعمة الله عليّ، ومما علّمتني إياه الثقافة من دروس في فرح العطاء، ونشوة النجاح في المسعى لأداء رسالتها وإحياء روحها وترسيخ أصولها ونشر قيمها في اليقظة والوعي والنهضة، من أجل التنمية الذاتية والمجتمعية، الشاملة والمستدامة...
مع شكري وتحياتي وتقديري لعملكم الإعلامي المتقن.