حرائق أمريكا: بين العلم والخرافة بقلم : خالد الحديدي

حرائق أمريكا: بين العلم والخرافة بقلم : خالد الحديدي
حرائق أمريكا: بين العلم والخرافة بقلم : خالد الحديدي
عندما تندلع كارثة طبيعية كبرى، مثل الحرائق التي اجتاحت أجزاء واسعة من الولايات المتحدة، يتجه البعض إلى تفسيرها كعقاب إلهي على ذنوب ارتكبها البشر. هذا الربط بين الكوارث والعقاب الإلهي غالبًا ما يعكس فهمًا سطحيًا للأحداث، وجهلًا بالحقائق العلمية التي تُفسر هذه الظواهر.
إن الزعم بأن الحرائق عقاب إلهي يعكس تجاهلًا واضحًا للأسباب الحقيقية لهذه الكوارث، والتي تتعلق بشكل رئيسي بتغير المناخ وسوء إدارة الموارد الطبيعية. العلوم الحديثة أثبتت أن ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، وتغير أنماط الطقس بسبب الانبعاثات الكربونية هي الأسباب الرئيسية وراء هذه الحرائق.
كما أن هذا التفسير يطرح سؤالًا بديهيًا: لماذا لم تشتعل تلك الحرائق في إسرائيل أو في أماكن أخرى يُنظر إليها على أنها تستحق العقاب وفق هذا المنطق؟ إذا كان الله يعاقب بهذه الكوارث، فلماذا تقتصر على مناطق معينة دون أخرى؟ أليس هذا تناقضًا مع مفهوم العدل الإلهي؟
حرائق الغابات ليست ظاهرة جديدة، بل هي نتيجة تفاعل عوامل طبيعية وبشرية. العالم فاروق الباز، على سبيل المثال، يؤكد أن تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري هو السبب الرئيسي لهذه الكوارث. الغازات الدفيئة التي تسهم في ارتفاع حرارة الأرض تؤدي إلى فصول جفاف أطول، ما يجعل الغابات عرضة للاشتعال بسهولة.
ربط الكوارث بالعقاب الإلهي لا يخدم سوى تعزيز الجهل، كما يُعيق الجهود العالمية لمعالجة الأسباب الحقيقية. بدلًا من استغلال هذه الأحداث لتحفيز التعاون الدولي للحد من التغير المناخي، يتم توجيه النقاش إلى مسارات لا طائل منها، تُبعد الناس عن الحلول الواقعية وتُرسخ ثقافة اللامبالاة.
الكوارث الطبيعية ليست رسائل غضب، بل تحذيرات من الطبيعة نفسها. هي دعوة للإنسان لإعادة التفكير في سلوكياته تجاه البيئة، والعمل على تخفيف تأثيراته الضارة على الكوكب.
 
في الختام
من يصر على تفسير الحرائق كعقاب إلهي يُظهر جهلًا بالواقع، ويُقصِّر في حق العقل الذي وهبنا الله إياه لفهم الظواهر. إذا كانت هذه الكوارث تحمل رسالة، فهي أن نتحد كإنسانية واحدة لمواجهة الأزمات بدلًا من الغرق في نظريات لا تخدم سوى تأجيج الانقسامات. الله الذي خلق هذا الكون جعل قوانينه محكمة، والإنسان مسؤول عن احترامها لضمان استدامة الحياة.